الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أردوغان يسير على خُطى.. مرسى

أردوغان يسير على خُطى.. مرسى
أردوغان يسير على خُطى.. مرسى


 لا يخفى أن التنافس والصراع على السلطة مع الإسلاميين وراء ما يحدث فى تركيا، إضافة إلى أن الحزب لم يعد مرغوبا فى بقائه على الحكم، فهناك قوى خارجية وراء ظهور فضيحة الفساد داخل حزب العدالة والتنمية، وهناك أيضا قوى علمانية قديمة مدعومة من الجيش والإسلاميين، وبعض الأحزاب المحافظة دينيا، وكلها تريد التخلص من حزب العدالة والتنمية المهيمن فى هذا البلد.. المخطط الذى سيسير عليه أردوغان يأتى بعد أن تسببت مواقفه الخارجية فى إحاطة تركيا بعزلة إقليمية نظرا إلى مواقفها من الأزمة السورية وتدخلها فى الشأن الداخلى المصرى، مما جعل أردوغان يدخل فى حالة تخبط سياسى زادت من حدتها الأزمة الحالية التى تواجهها حكومته، واتهم حكومات أجنبية وأجهزة مخابرات إقليمية بالتعاون مع من أسماهم بـ «عصابة داخل الدولة» لترتيب هذه المؤامرة قبل الانتخابات القادمة.
 
يستعد حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا للانتخابات الرئاسية المقبلة، بحملات مضادة وتجميلية بعد الفضيحة السياسية التى اهتزت لها حكومة أردوغان الإسلامية، فى محاولة بدت، حسب مراقبين، يائسة بعد تراجع أسهم الحكومة شعبيا، حتى بين أنصارها الذين فقدوا الثقة فيمن كانوا يعتبرونهم رموزا للإصلاح والنزاهة. فضيحة الفساد التى انتشرت فى تركيا تبدو من أول وهلة وكأنها قضية تقليدية تتحرى فيها النيابة عن مرتكبيها من أصحاب المراكز المرموقة. غير أن الاضطرابات التى تهدد حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قد بدت بوادرها منذ فترة طويلة. وهى تعتبر أحدث تجليات الصراع الدائر بين الفصيلين الإسلاميين الرئيسيين فى تركيا والموحدين حتى الآن تحت قيادة الحزب الحاكم وهما: «حزب العدالة والتنمية» الذى ينتمى إليه رئيس الوزراء و«حركة كولن» الشعبية المؤثرة.
 
إلا أن حركتى «جيزى» و«كولن» هما الآن بحكم الأمر الواقع، إن لم يكن فعليا، شريكتان تجمعهما أهداف مماثلة ألا وهى: مقاومة سلطة رئيس الوزراء التى تكاد تكون مطلقة.
 
يعتبر الزعيم الدينى فتح الله كولن من أقوى خصوم أردوغان، الذى انتقم من محاولة رئيس الوزراء جعل مدارس كولن تحت سلطته، رغم أن الرجل يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من 13 عاما، ولم يجرؤ حتى الآن على العودة إلى تركيا، ويمكن أن نستنتج أن الصراع على السلطة بين أردوغان وكولن وراء فضيحة الفساد التى ظهرت مؤخرا، حيث إن هناك دوافع سياسية لديه لإسقاط أردوغان، واستطاع رئيس الوزراء أن يدرك أنه فى خطر باعتبار أن أعضاء حركة كولن لديهم نفوذ داخل مؤسسات الدولة، بما فى ذلك الشرطة والقضاء، وهذا ما دفعه إلى إزاحتهم متحججا بحملة تطهير يقوم بها من أجل تخليص تركيا من الفساد، ولكن هذه الخطوة عمليا، أكدت أن رئيس الوزراء المرتبك يسعى إلى لملمة الفضيحة من خلال إبعاد كل العناصر التى ستنبش فى سجل العمليات والتجاوزات التى قام بها المقربون منه.
 
وترجع نشأة الحركة إلى سبعينيات القرن الماضى، عندما بدأ مؤسسها والعالم الإسلامى فتح الله كولن، البالغ من العمر حاليا 72 عاماً، يجذب أتباعا له. وشقت حينها رسالة كولن التى كانت تنشر صورة محافظة عن الإسلام طريقها فى تركيا وحققت بعض النجاحات.
 
وتشير بعض التقديرات إلى أن حجم الحركة يصل إلى خمسة ملايين مؤيد على الرغم من تشديد آخرين على أن عدد مؤيديها أقل من ذلك بكثير، ويصل إلى أقل من مليون شخص. ولدى الحركة وسائل إعلام خاصة بها وجامعات ومدارس ومراكز بحوث وشركات، ولها أيضا أتباع كثيرون فى سلكى الشرطة والقضاء. وتبدو الحركة التى تتمتع بجاذبية واسعة النطاق ومصداقية فى الدين الإسلامى كآخر عقبة فى طريق إحكام قبضة أردوغان على السلطة.
 
وقد أصبحت إدارة أردوغان تتخوف من قوة الحركة المتنامية فى العام الماضى عندما قام أعضاء من النيابة العامة، لهم علاقات معها، باستدعاء أحد المقربين منها، وهو رئيس وكالة المخابرات التركية هاكان فيدان للتحقيق. إلا أن رئيس الوزراء منع هذه الخطوة من خلال تمرير تشريع جديد. واعتبر ذلك الأمر بمثابة تحذير ورد عليه بمحاولة غلق شبكة المدارس الخاصة الإعدادية القوية التابعة لحركة كولن؛ وأتت ردة فعل أتباع حركة كولن سريعا، حيث بدأت الصحف التابعة لها بنشر مقالات تهاجم أردوغان الذى أرجأ بدوره خطوة إغلاق المدارس.
 
دخلت المعركة الخفية بين رئيس الوزراء التركى وأقوى رجل دين فى البلاد مرحلة جديدة، بدأت بخروج فتح الله كولن عن صمته بلعنه المسئولين المقربين من أردوغان الذى اتهم المقربين من كولن بخوض عملية قذرة للإطاحة به. ودعا كولن الله لينزل عقابه على المسئولين عن حملة تطهير ضباط الشرطة الذين شاركوا فى تحقيقات فساد فى أول تعليق على القضية التى هزت النخبة الحاكمة فى البلاد وأصبحت تمثل أكبر تحد لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.