السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حواديت.. «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم» 31 % من المصريات يتعرضن للعنف سواء البدنى أو النفسى

حواديت.. «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم» 31 % من المصريات يتعرضن للعنف سواء البدنى أو النفسى

ذات ليلة شديدة البرودة فى نهاية السبعينيات استيقظنا على صرخات متقطعة أعقبتها دقات شديدة متتابعة على باب شقتنا لتندفع جارتنا الريفية الشابة بداخل البيت بمجرد فتح الباب وقد بدا عليها آثار الضرب المبرح من زوجها فيما يتعلق أطفالها الصغار بملابسها وهم فى حالة فزع وانهيار.. انتهى الموقف بإقامة الجارة لدينا حتى أتى أهلها وأخذوها هى وأطفالها صباح اليوم الثانى. 



لم أدرك حينئذ ما السبب الذى يدفع زوجًا لضرب زوجته وإهانتها بهذا الشكل وهى المهذبة الهادئة ورغم عودة الزوجة وتعهد الزوج بعدم تكرار ما حدث ومُضى السنوات إلا أن المشهد يتبادر إلى ذهنى عند سماعى عن أى عنف تتعرض له المرأة، 

وما كان استثنائيا بالأمس أصبح معتادا اليوم للأسف وهو ما توضحه إحصائيات منظمة الصحة العالمية بأن امرأة من كل (3) نساء أى ما يعادل 736 مليون امرأة فى جميع أنحاء العالم تتعرض فى حياتها للعنف البدنى أو العنف الجنسى على يد الزوج أو غيره، وأن واحدة من كل 4 نساء شابات (تتراوح أعمارهن بين 15 و24 عامًا) قد تعرضت بالفعل لهذا العنف.

 أنواع العنف ضد النساء

تتعدد أنواع العنف ضد النساء وإن كان الشائع هو العنف الجسدى لأنه سهل الإثبات والرؤية ولكن توجد أنواع أخرى للعنف تترك آثارها المدمرة على المرأة وحسب موقع الأمم المتحدة فهناك 9 أنواع من العنف أهمهم وأخطرهم من وجهة نظرى هو العنف العاطفى ويشمل تقويض شعور الشخص بقيمة الذات من خلال النقد المستمر؛ التقليل من شأن قدرات المرء؛ الشتائم أو الإساءة اللفظية الأخرى؛ الإضرار بعلاقة الشريك/ة مع الأطفال؛ أو عدم السماح للشريك/ة برؤية الأصدقاء والعائلة.

ثانيا: العنف الجسدى ويشمل إيذاء أو محاولة إيذاء الشريك/ة عن طريق الضرب، أو الركل، أو الحرق، أو الإمساك، أو القرص، أو الدفع، أو الصفع، أو شد الشعر، أو العض، أو الحرمان من الرعاية الطبية، أو الإجبار على تناول الكحوليات و/ أو تعاطى المخدرات، أو استخدام القوة البدنية الأخرى. قد يشمل تلف الممتلكات.

ثالثا: العنف الجنسى ويتضمن إجبار الشريك على فعل جنسى والتحرش الجنسى والاغتصاب وثقافة الاغتصاب وهى البيئة الاجتماعية التى تسمح بتطبيع وتبرير العنف الجنسى.

رابعا: العنف الاقتصادى وهو جعل شخص ما معتمدًا ماليًا عن طريق الحفاظ على السيطرة الكاملة على الموارد المالية، وحجب الوصول إلى المال، و/ أو منع الانخراط فى المدرسة أو العمل.

خامسا: العنف النفسى ويشمل إثارة الخوف عن طريق الترهيب؛ التهديد بإيذاء جسدى للذات أو الشريك/ة أو الأطفال؛ تدمير الحيوانات الأليفة والممتلكات؛ «والألاعيب الذهنية»؛ أو الإجبار على الانقطاع عن الأصدقاء والعائلة والمدرسة و/ أو العمل. سادسا: الاتجار بالبشر وهو تملك واستغلال الناس بوسائل مثل القوة أو الاحتيال أو الإكراه أو الخداع. هذه الجريمة النكراء يقع فى شركها ملايين النساء والفتيات فى جميع أنحاء العالم، وكثير منهن يتعرضن للاستغلال الجنسى.

سابعا: تشويه الأعضاء التناسيلية للإناث وهو ما نسميه فى منطقتنا العربية (الختان).

ثامنا: زواج الأطفال بأن يكون أحد الزوجين أو كلاهما أقل من 18 عاما. 

تاسعا: العنف عبر الإنترنت أو العنف الرقمى ضد المرأة ويشمل التنمر الإلكترونى والرسائل الجنسية غير الرضائية والإفصاح عن المعلومات الشخصية.

  شهادات عالمية مؤلمة 

وقد أفادت شهادات ثلث النساء تقريبًا (27 %) اللواتى (تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا) واللاتى سبق لهن الزواج بأنهن يتعرضن لشكل معين من أشكال العنف البدنى و/ أو الجنسى على يد الزوج. هذا بالإضافة إلى أن نسبة 71 % من جميع ضحايا الاتجار بالبشر فى العالم هم من النساء والفتيات، و3 من أصل 4 من هؤلاء النساء والفتيات يتعرضن للعنف الجنسى.

وتتابع الأرقام المخيفة لتوضح أن نسبة 6 % فقط من نساء العالم يبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسى من قبل شخص آخر غير الزوج، ونظرًا إلى ارتفاع مستوى عدم الإبلاغ المرتبط بالعنف الجنسى، فمن المرجح أن يكون الرقم الحقيقى أكبر بكثير.

 

 العنف ضد المرأة المصرية 

وبالطبع ليست المرأة المصرية بمنأى عن الأرقام السابقة حيث توضح المؤشرات الإحصائية للعنف ضد المرأة وفقًا لنتائج مسح صحة الأسرة المصرية 2021 بان نسبة %31 من النساء المتزوجات حاليا والسابق لهن الزواج (من الفئة العمرية 15-49) تعرضن لنوع من أنواع العنف الجسدى أو الجنسى أو النفسى على يد أزواجهن خلال عام 2021. وأن نسبة 22.3 % من النساء المتزوجات جاليًا والسابق لهن الزواج تعرضن للعنف النفسى من قبل الزوج خلال عام 2021.

وأن حوالى ربع النساء (25٫5 %) المتزوجات حاليًا والسابق لهن الزواج تعرضن للعنف الجسدى من قبل الزوج خلال عام 2021. وتحاول مصر محاربة العنف ضد المرأة حيث قام المجلس القومى للمرأة بإنشاء وحدات لمناهضة العنف ضد المرأة ليصل إجمالى عدد الوحدات المنشئة 26 وحدة على مستوى الجامعات المصرية. وتم تجهيز عدد (3) وحدات استجابة طبية عيادات المرأة الأمنة» فى مستشفيات الجامعات الحكومية والخاصة ليصل بذلك إجمالى الوحدات الأمنة إلى (8) وحدات تم تدريب جميع طواقمهم الطبية على التعامل مع حالات العنف ضد المرأة.

 الختان

من الأفات التى إبتُليت بها المرأة المصرية هو الختان ورغم انخفاض نسبته بشكل كبير نتيجة الجهود التى تبذلها الدولة منذ التسعينات وزيادة الوعى لدى المواطنين عن خطورته على الفتيات إلا أن تلك الظاهرة مازالت مستمرة وتبلغ نسبة الفتيات اللائى تم ختانهن 14.2 % فى الفئة العمرية من (0-19 سنة) وهى نسبة منخفضة بحوالى 7 نقاط مئوية مقارنة بعام 2014 

 

 محاربة الختان 

أصدرت الدولة القانون رقم 10 لسنة 2021. بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات (مواد جريمة ختان الإناث) وتضمنت التعديلات حذف أى إشارة إلى استخدام المبرر الطبى والمادة 61 وتغليظ العقوبات برفع الحد الأدنى والأقصى للعقوبة وتم استحداث عقوبات مستقلة للأطباء ومزوالى مهنة التمريض وعقوبات أخرى بالمن شأة كما استحدث ووسع نطاق التأثيم ليشمل صور جديدة لتجريم كل أشكال التحريض أو التشجيع أو الدعوى على ارتكاب الجريمة.

وقد قامت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث بإقامة فعاليات بالتزامن مع اليوم العالمى واليوم الوطنى – لمناهضة ختان الإناث»، وأطلقت مراحل جديدة من حملة (احميها من الختان) للعام الثالث على التوالى. وقد استفاد من أنشطة الحملة خلال العام 2021 أكثر من 7 ملايين مستفيد.

إنهاء العنف 

ترى الأمم المتحدة أن هناك عدة طرق للتصرف لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات أولها: الإفصاح والمجاهرة فهناك أقل من 40 % من النساء اللاتى يتعرضن للعنف يطلبن مساعدة من أى نوع ولذلك لا بد من زيادة هذه النسبة حتى تتم المساعدة بشكل جيد.

ثانيا: معرفة المشكلة والعلامات فكما أوضحنا أن هناك أشكالا كثيرة للعنف ضد المرأة ولذلك لابد من معرفة المشكلة والعلامات الدالة عليها حتى يمكن المساعدة.

ثالثا: الإبلاغ عن التحرش الجنسى وهو ما أشك شخصيا فى تحقيقه فإن المرأة يتم تربيتها على عدم التحدث عن هذة الأمور وبالتالى لابد من تربية الأنثى بأسلوب مختلف حتى تستطيع التعبير عن أى تحرش يحدث لها وإن كانت المنظمات غير الحكومية التى بدأت بالظهور فى هذا الشأن قد تساعد بصورة كبيرة الضحية على الإفصاح عن التحرش.

رابعا: تحدى المعتقدات الذكورية بمعنى الابتعاد عن الذكورة السامة التى ترسخ العنف ضد المرأة. 

خامسا: تمويل المنظمات النسائية حيث تعانى منظمات حقوق المرأة من التجريد من التمويل والتهميش والاسكات فى مناطق صنع القرار ببعض الدول. 

سادسا: الدعوة إلى تحسين الاستجابات والخدمات المقدمة للنساء والفتيات اللواتى يعانين من العنف مثل الملاجئ والخطوط الساخنة والمشورة وجميع أشكال الدعم لهن 

سابعا: طلب المزيد من البيانات لفهم الأمر جيدا وتقديم الدعم المناسب للناجيات من العنف.

ثامنا: الضغط من أجل سن قوانين أقوى لمنع العنف والتحرش والتهديدات والتخويف والتمييز ضد المرأة وتاسعا: دعم القيادة النسائية وزيادة تمثيل المرأة فى المناصب القيادية وتعزيز حمايتها فى مواقع السلطة.

وأخيرا عزيزى الرجل ليتك تطبق قول المولى عز وجل فى كتابه الحكيم.

(فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة 229.. دمتم بكل الخير.