«البحث العلمى» يرفض الإنفاق على علاجى لسرطان الثدى بحجة تكلفته
اميرة سامى
لم يكن حوارا فقط بل جلسة علمية ثقافية عن مرض من أخطر أمراض العصر وهو (سرطان الثدى) الذى تفشى بصورة سريعة داخل المجتمع المصرى، إلى أن ظهرت لهذا المرض طرق جديدة لعلاجه، وهو الذى يكون بديلا لكل الطرق العلاجية المعتادة من عمليات جراحية، كيماوية، هرمونية أو إشعاعية، وهذا ما قدمته سارة إسماعيل الشحرى الطالبة بالفرقة الخامسة بكلية الطب جامعة الأزهر فقد قدمت علاجا لنوع خطير من مرض سرطان الثدى، والمعروف باسم (سرطان الثدى ثلاثى السلبية).
وهذا أهلها للحصول على المركز الأولى للأبحاث بقسم الكيمياء فى مسابقة نوبل إيجيبت التى نظمتها الجامعة الأمريكية خلال الفترة الماضية والتى شارك فيها العديد من طلاب وطالبات الجامعات والتعليم ما قبل الجامعى، أجرت (روزاليوسف) حوارا معها تكلمنا فيه عن فكرة بحثها العلمى الذى يمثل نقطة إيجابية فى مجال علاج سرطان الثدى الذى يصيب عددا كبيرا من النساء فى سن غير محددة، كما طرحنا عليها العديد من الأسئلة حول ما يتعلق بتجربتها فى مركز نوبل، وهل وزارة البحث العلمى قدمت يد المساعدة لهذا البحث أم لا.. وإلى نص الحوار :
∎ حدثينا من أين أتت إليك فكرة هذا البحث الذى يعد علاجا لأخطر أمراض العصر ؟
- فى بداية دخولى مجال البحث العلمى للأورام كانت دراستى تتلخص فى مدى تأثير السرطان على جينات جسم الإنسان، وكيفية طرق علاجها، لكن ما استوحيته هو اللجوء إلى اكتشاف علاج جديد لهذا المرض الخطير، نظرا لفشل العديد من عمليات الاستئصال الجراحى سواء بالطرق الكيماوية أو الهرمونية أو المشعة، وهذا ما جعلنى أقوم ببحث يعمل على علاج سرطان الثدى ثلاثى السلبية Triple negative breast cancer
وهذا يكون عن طريق فرز نسبة كبيرة من البروتين داخل الدواء حتى يمكن العلاج به فى أى مرحلة من مراحل المرض، لأن الخلايا السرطانية عموما يتم انتشارها بسرعة كبيرة، لأنها عبارة عن ثلاثة جينات معينة داخل جسم الإنسان، إذا تم اجتماعها يحدث المرض مما ينتج حدوث الوفاة، لذلك قمت بتنفيذ فكرة هذا البحث حتى أعمل على إيقاف الجين الثالث من الاجتماع بالجينات الأخرى حتى لا تحدث الإصابة بالمرض.
∎أنت حاصلة على المركز الأول فى أبحاث القسم الكيميائى فى مسابقة (محاكاة زويل) التى نظمتها الجامعة الأمريكية خلال الفترة الماضية، حدثينا عن هذه التجربة وكيف تم اختيارك ؟
- تمت معرفتى بمركز نوبل منذ العام الماضى عندما قمت بحضور العديد من الندوات للأبحاث العلمية التابعة لزملائى فى الجامعة، من هنا جاء حماسى بملء الاستمارات المتخصصة بالمركز، وقاموا بعمل مقابلة شخصية معى وفيها تمت مناقشتى فى كل الأشياء المتعلقة بمجالى الشخصى والدراسى وبعد ذلك تم إبلاغى بالقبول فى مركز نوبل، وهذا بعد ما توافرت لدى بعض المقومات مثل أن تكون لدى فكرة معينة قابلة للتنفيذ، وأن أكون جديرة على تحقيق هدفى، ومن ثم قمت بحضور المحاضرات التى تتكلم عن أخلاقيات البحث العلمى وكيفية طرق كتابته، وبعد ذلك قام المركز بعمل مناقشة للبحث العلمى من كل المقاييس وكانت اللجنة مكونة من عدد كبير من المتخصصين فى جميع المجالات إلى أن تمت مناقشتى حول فكرة البحث التى قمت بها، وكانت النتيجة حصولى على هذا المركز وأنا فخورة به.
∎ من وجه نظرك العلمية ما السبب الحقيقى وراء الإصابة بهذا المرض الخبيث ؟
- اكتشفت أن السبب الحقيقى هو التغير فى جينات معينة داخل الجسم، أى أن هناك جينات تسمى بالجين (س) وآخر بالجين (ص)، فعندما يقوم الجين (س) بتجربته على خلايا بها جرح الالتئام يأخذ حوالى 16 ساعة وهذا يعتبر نسبة قليلة بالنسبة للمدة الطبيعية، لأن الجين ينتج بروتينا يعمل كمستقبلات على سطح الخلية السرطانية، ويعتبر هو المسئول الرئيسى عن انتشار السرطان، أما من جانب الجيش الذى يرمز له (ص) فهو مسئول عن عملية نمو الخلية السرطانية، وهذا الجين يعمل كمحفز للمستقبلات التى أنتجها الجين الأول حتى يتم تحفيز الخلية وإنتاج خلايا سرطانية.
∎ وما الهدف الرئيسى الناتج من بحثك هذا ؟
- البحث يقوم بعمل زيادة بروتين معين فى الخلية، وهذا البروتين يمنع نمو وانتشار الخلية السرطانية وذلك عن طريق ارتباطه بمساعدة المستقبلات (ع) وهى عبارة عن بروتين لابد من أن يرتبط بالمستقبلات أثناء تحفيزها بالبروتين (ص) حتى تتم عملية التحفيز، وينتج عنه تنشيط الخلية السرطانية، لذلك يكون الهدف الرئيسى الناتج من هذا البحث هو العمل على إيقاف انتشار الخلية السرطانية داخل الجسم البشرى.
∎ متى بدأت فى تنفيذ هذه الفكرة ؟ وكم من الوقت استغرق؟
-بدأت فى تنفيذ فكرة البحث منذ ثمانية أشهر، وكنت فى ذلك الوقت بالفرقة الرابعة، وفى شهر مارس الماضى التحقت بمركز نوبل، ومنذ دخولى للمركز قمت بتحديد الفكرة من كل جوانبها مع تقديم تقرير أسبوعى أسجل فيه كل ما قمت به خلال الأسبوع من دراسات وأبحاث ونتائج، بالإضافة إلى التزامى بحضور المحاضرات التى كانت تقام خلال فترة الدراسة بالمركز.
∎ كيف قمت بتنظيم وقتك بين الدراسة الجامعية ودراسة البحث ؟ وهل هذا كان له أثر سلبى عليك أم ماذا ؟
- كنت دائما أحاول أن أبذل قصارى جهدى لخلق توافق بين مجال دراستى الجامعية وبين تحقيق هدفى فى مجال البحث العلمى، إلا أن الكلية لم تتح لأى طالب التفكير فى مجال آخر غير الدراسة فقط، لكن هذا لم يؤثر على مطلقا لأننى كنت أمتلك قدرة وإرادة للتكيف مع الوضع، وهذا ما أخذته على نفسى منذ بدايتى فى السنة الأولى أن أفعل المستحيل حتى أصل إلى أهدافى وطموحاتى، وكان نتاج هذا أننى أحصل كل عام على أعلى التقديرات، بالإضافة إلى مشاركتى فى العديد من النشاطات والمجالات حيث إنى كنت عضوة فى جمعية الأطباء بطب الأزهر.
∎ ما العقوبات والصعوبات التى واجهتها أثناء تنفيذك للبحث ؟
- واجهت العديد من الصعوبات أثناء إعدادى للبحث فبعضها كانت تتعلق بالوقت والآخر بالجانب النفسى والبدنى، فمن حيث الجانب النفسى عانيت الكثير من الإحباط من لدى بعض الأساتذة لأنهم كانوا يرون أن هذا المجتمع لم يهتم بكل من لديه فكرة للتطوير، فمنهم من أرشدنى للاهتمام بالدراسة والمستوى التعليمى أفضل من التفكير فى عمل بحث من المحتمل أن تكون بدايته الضياع، وكل هذا كان بالطبع يؤثر على العامل النفسى بداخلى، بالإضافة إلى الظروف التى مرت بها البلاد فى الفترة الأخيرة داخل الحرم الجامعى، وبجانب كل هذا إلا أننى كنت أحاول التغلب على كل هذه الصعوبات وأدرك داخل نفسى إن البحث العلمى هو الأمل الأول والوحيد لإخراج البلاد من أزمتها الحالية.
∎ ما العوامل التى ساعدتك على تنفيذ هذه الفكرة؟
ـــ كنت دائما على تواصل مستمر مع بعض أساتذة الجامعات المتخصصين والذين يشرفون على الأبحاث بالداخل والخارج، والذين قاموا بإخبارى عن مدى سعادتهم بهذا الاختراع، بجانب بعض أساتذتى بالجامعة منهم من عملوا على تشجيعى فى تنفيذ البحث من الناحية العملية وعلى رأسهم الدكتورة أسماء التى قدمت لى العديد من المساعدات النفسية والمعنوية.
∎ هل تم اكتمال هذا البحث نهائيا؟
ـــ إن البحث اكتمل من الناحية النظرية وتصل نسبة نجاحه إلى 80٪ ويبقى تنفيذه من الناحية العملية حتى يظهر للمجتمع، لأن من غير وجود تطبيق عملى على التجربة سيلقى مصيره مصير الأبحاث السابقة التى ظهرت واختفت فى نفس الوقت.
∎ لماذا لم يتم التعامل على تنفيذه عمليا حتى الآن؟
ـــ لم يتم تنفيذه نظرا لتكلفته العالية لأنه يحتاج إلى أدوات عالية الجودة من معامل كيميائية وأدوات تحليلية مجهزة على أفضل وجه.
∎ هل هناك عروض تم تقديمها لك لتمويل اكتشافك حتى يخرج للنور؟
ـــ لا، لم يتم حتى الآن تقديم يد المساعدة، لذلك أناشد المؤسسات المهنية بالبحث العلمى دعم هذا المشروع لأنه يهدف إلى إنقاذ العديد من المرضى الذين يعانون من هذا الفيروس القاتل الذى تفشى داخل المجتمع بطريقة كبيرة.
∎ كيف ترين دور وزارة البحث العلمى اتجاه مشروعك؟
ـــ أرى أنها مقصرة مع كل المخترعين والباحثين، لأننى قمت بتنفيذ مشروعى اعتمادا على دعم ذاتى، وليس من الوزارة، بالإضافة لبعض المتطوعين الذين تواجدوا داخل مركز نوبل، وكانوا يقدمون دعمهم لنا عن طريق إفادتنا بكيفية عمل بحث كامل متكامل مع طرق تسويقه فيما بعد الانتهاء من تنفيذه، لذلك يجب على هذه الوزارة العمل على معرفة الباحثين ما هى مبادئ وأسس البحث العلمى من خلال التواجهات العلمية، مع تقديم المعامل الكيميائية للباحثين والمخترعين، كما أطالب الدولة بالعمل على تمويل مشروعى البحثى حتى يكون تحت التنفيذ.
∎ ما رسالتك للطلاب والطالبات الذين يستعدون للخوض فى مجال البحوث؟ وما الأولويات التى تؤخذ فى الاعتبار؟
ـــ عليهم بالاهتمام فى تحديد فكرة البحث مع وجود إرادة قوية لتنفيذها مهما كانت الصعوبات، بالإضافة إلى إيجاد مؤسسة عملية تقوم بدعم الأبحاث مع محاولتهم للتواصل مع الضوء الإعلامى حتى يتم النهوض بهم من خلال عرض جميع الندوات وجلسات النقاش.
∎ وأخيرا ما تطلعاتك فى المستقبل؟ وما هى وجهة نظرك حول ما يحدث فى مصر الآن نظرا للأحداث التى لاحقت بجامعة الأزهر فى الفترة الأخيرة؟
ـــ بالنسبة لمستقبلى المهنى والعلمى «أنا اللى هنهض بيه» ولم أيأس أبدا وسوف أكون على اتصال دائم بالتقدم والتطوير حتى أخدم بلدى ومجتمعى لأن البحث العلمى والتعليم يعتبران من أهم مقومات أى دولة فى العالم، أما بالنسبة إلى ما يحدث فى مصر الآن فأنا غير راضية عنه على الرغم من عدم انتمائى لأى تيار سياسى.