الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العادات والتقاليد أهم التحديات التى تواجه "ستات مصر": حقوق المرأة.. الدولة سابقة المجتمع بخطوة

عملت  الدولة المصرية، خلال الفترة الماضية، على تعديل بعض القوانين والتشريعات التى تعطى للمرأة حقها فى العديد من المجالات، فى قانون الميراث وتجريم الختان وقانون التحرش وغيرها، وكذلك التكليفات الأخيرة للرئيس السيسى لعدد من الوزارات لضمان حقوق المرأة، ومنها تكليف وزارة التضامن الاجتماعى بتبسيط إجراءات دور الحضانة واعتماد نظام لضمان جودتها، كذلك تكليف وزارة النقل بتوفير أكبر قدر من الأمان والسلامة للمرأة فى وسائل المواصلات العامة، والبنك المركزى بدراسة الإجراءات التى تنص على منع التمييز القائم على الجنس فيما يتعلق بالوصول للقروض والتمويل لمراعاة الظروف الخاصة بالمرأة الأكثر احتياجًا.



لكن يبقى السؤال: هل يواكب الدور المجتمعى خطوات وإجراءات الدولة لتمكين المرأة، إذ لا يزال التحرر من التقاليد والأعراف أحد أهم تحديات المرأة فى عصرنا الجديد.

جدل مجتمعى

«ست بـ100 راجل».. جملة اعتدنا عليها فى ثقافتنا العربية، لوصف المرأة القوية بأنها مثل الرجل؛ بل إنها تتحمل مسئولية الرجال وتقف أمام تحديات العالم وصعوباته، لكنها جملة تعكس الوجه الذكورى للمجتمع، رغم قتال المرأة الدائم على مدار العصور للحصول على حقوقها المشروعة، وأنها ليست نصف المجتمع فقط؛ بل إنها مسئولة عن تربية ونشأة النصف الآخر، وهى بذلك ليست «ناقصة عقل» مثلما يحاول البعض تفسيره.

ومنذ عام 1919، كانت المرأة المصرية حاضرة على جميع الساحات، تدافع عن حقها فى التعليم والمساواة وفى ثورتها ضد الاحتلال الإنجليزى أيضًا، حتى جاءت ثورة 23 يوليو لتعطى بريقًا من الأمل للمرأة  لاقتناص بعض من حقوقها، فجاءت مشاركتها فى المجال العملى والتعليم والحياة الاجتماعية، إلا أن طموح المرأة المصرية لم يتوقف واستمرت فى سعيها والمطالبة بباقى حقوقوها وحريتها، حتى جاءت ثورة 30 يونيو واتجهت الإدارة المصرية بخطوات ثابتة لتمكين المرأة.

استراتيجية الدولة

شهدنا احتفاء الرئيس عبدالفتاح السيسى الدائم بـ«عظيمات مصر» اللواتى وقفن أمام طغيان الجماعة الإرهابية، وقدمن أرواحهن فداءً لوطنهن، كذلك مرورهن بأصعب الظروف الاقتصادية للبلاد فاستطعن أن يكن داعمًا لجميع القرارات الاقتصادية الصعبة.

هدية الرئيس لـ«ستات مصر»

 جاءت هدية الرئيس السيسى لـ«ستات مصر» مع إقرار الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 واعتمادها كخارطة طريق للحكومة لتنفيذ جميع البرامج والأنشطة الخاصة بتمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا، واجتماعيًا، والحماية من كل أشكال العنف، والتشريعات والثقافة كركائز متقاطعة..  ورغم جهود الدولة لتعظيم دور المرأة المصرية؛ فإنها لاتزال  تواجه العديد من التحديات المجتمعية الأخرى لإثبات جدارتها، ولاتزال الحرب مستمرة أمام العادات والتقاليد المجتمعية.. إلا أن الست المصرية أثبتت قوتها فى كل التحديات السابقة، ولن تتوقف أمام أى صعاب فهى بـ«100 رجل».

تحديات اقتصادية 

تواجه المرأة تحديات اقتصادية تعوق مشاركتها فى النشاط الاقتصادى (قوة العمل) فنرى أن معدل البطالة بين النساء وصل إلى 32.8 % وفق آخر إحصاءات للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وأن نسبة مشاركة المرأة فى النشاط الاقتصادى لا تتعدى 24 %، ووفق تقرير صدر للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أوضح أن المرأة تعانى من عدم تكافؤ الفرص فى العديد من المجالات بالرغم من العائد الكبير المتوقع تحقيقه فى حالة زيادة مشاركتها فى سوق العمل؛ حيث يتوقع تقرير أصدره معهد ماكينزى، ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى الإقليمى بنسبة 47 % خلال العقد المقبل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفى مصر بنسبة 34 % فى حال تساوت أعداد الرجال مع النساء فى سوق العمل.

وأكد التقرير، الصادر فى أغسطس 2020، أنه رغم تعدد الصعوبات التى تواجه المرأة فى سوق العمل؛ فإنه لا تزال العوامل الاجتماعية والثقافية مسئولة إلى حد كبير عن ضعف مشاركة المرأة فى القوى العاملة وارتفاع معدل البطالة بين النساء، ولا تزال وسائل مشاركة المرأة فى الحياة الاقتصادية تخضع لقيود اجتماعية صارمة، وهو ما أسفر عن وجود خلل فى وضع الإناث فى سوق العمل، هذا بخلاف عدد من المعوقات الأخرى، مثل عدم توافر حضانات مؤهلة داخل بيئة العمل لرعاية أطفال العاملات، وتفضيل الأسر لتعليم الذكور عن الإناث، وارتفاع معدلات الإنجاب، وضعف شبكة النقل العام، والقوانين التى لا تلزم صاحب العمل بعدم التمييز بين الجنسين، بالإضافة إلى عدم كفاية إجازة الأمومة بالقدر اللازم للمرأة بعد الوضع، وتراجع ظروف العمل بالنسبة للمرأة فى سوق العمل خاصة بالقطاع الخاص غير الرسمى،  وضعف تأهيل المرأة.

إجراءات الدولة لحماية المرأة تحطيم أسطورة «للرجال فقط»

منذ عام 1909 بدأ العالم بالاحتفال بيوم المرأة العالمى، فى 8 مارس، وقد عملت الأمم المتحدة على تدشين حملة بعنوان «تحقيق المساواة بين الجنسين بحلول عام 2023» لدعوة دول العالم بتقدير جهود المرأة وتحقيق المساواة فى مجتمعاتهم.

وعلى مدار التاريخ المصرى، كانت المرأة محور الكثير من التغيرات المجتمعية، ورغم مواجهتها الكثير من الصعوبات؛ فإنها  استطاعت أن تثبت جدارتها وكسر قيود مجتمعاتها لنيل حقها فى المساواة، ومن هذه النماذج عدد من النساء اخترن تحطيم أسطورة مهن «للرجال فقط» ليقفن فى مواجهة العادات والتقاليد المجتمعية لتحقيق أحلامهن أو لإثبات مقدرتهن على الوقوف أمام أى صعاب. ومن هذه الأمثلة كانت سارة أحمد دياب، صاحبة «ورشة ميكانيكا» السيارات بقرية أبونبهان بمحافظة الدقهلية؛ حيث أوضحت سارة فى تصريحات صحفية، أنها تعمل فى المهنة منذ 7 سنوات وأنها اكتسبت ثقة من حولها، بعدما أثبتت أن مهنة ميكانيكا السيارات، ليست «للرجال فقط».

وأكدت سارة، الحاصلة على دبلوم تجارة، أنه ليس لديها مجال للالتفات لنظرة المجتمع، ما دامت تحقق خطوات وتثبت للجميع أنها تستحق ثقتهم عن جدارة، بل وتنصح الإناث والفتيات بتخطى الصعوبات والتغاضى عن الادعاءات الذكورية التى تزعم أنهن لسن الأجدر بخوض غمار بعض المهن.

وفى محافظة أسيوط  استطاعت غادة عادلى ورحمة يوسف أن تحققا حلمهما فى العمل بمهنة النجارة، كاسرتين بذلك القيود الاجتماعية المفروضة على الإناث فى الجنوب المصرى بحكم العُرف والتقاليد.

وقد عملت الطالبتان فى كلية التربية النوعية بجامعة أسيوط على إنشاء ورشتهما الخاصة لتصميم وتنفيذ قطع الأثاث، وتسويقها إلكترونيًا، فى فترة وجيزة، ومع نجاح مشروع الطالبتين ،20 عامًا، ورغم بعض الصعوبات التى واجهتهما؛ فإن رحمة سامى قد أكدت خلال حديث صحفى،  أن عمل فتاتين فى مهنة النجارة كان بمثابة مفاجأة صادمة للمجتمع المحافظ بصعيد مصر، وأنها وصديقتها غادة تواجهان رفض أسرتيهما، الذين يرون أن مهنة النجارة مهنة «ذكورية» لا تتناسب وطبيعة الإناث، لكنهما تغلبتا معًا على مخاوفهما على المستويين العملى والاجتماعى.

وفى المجال الرياضى برز اسم غادة حسام، حارس مرمى النادى الأهلى لكرة اليد، التى حققت مع فريقها بطولات عبر مشاركتها فى مباريات الدورى والكأس، وكأس إفريقيا القارى،  حيث أكدت حسام أن الدور الاجتماعى الذى يحدده المجتمع للمرأة كأم وزوجة ليس عائقًا أمام تحقيقها طموحها، موضحة أنه على الرغم من اضطرارها الاعتزال بشكل مؤقت فى الموسم الرياضى الماضى (2019/2020) عقب إنجاب طفلها الأول، فإنها استأنفت اللعب مع فريقها اعتبارًا من الموسم الرياضى الحالى (2020/2021)، وتعتزم المضى قدمًا لتعويض ما فاتها من بطولات، كما تطمح أن تصبح مدربة المنتخب المصرى لكرة اليد.

كذلك تأتى فاطمة السيد، صاحبة لقب «أفضل أم فى مصر» لعام 2021»، والتى حرصت وزارة التضامن الاجتماعى على تكريمها فى احتفالية الأمهات المثاليات على مستوى الجمهورية.

 ولدى السيدة فاطمة تجربة حياتية ملهمة للكثيرين؛ إذ عملت فى مجال التشييد والبناء منذ عمر العاشرة لتساعد والدها، وعند زوجها ظلت تشارك فى وظائف كانت حكرا على الرجال، مثل سائقة على سيارات النقل، وفى صناعة الطوب الأحمر وقيادة جرارات الحرث فى الأراضى الزراعية ومجال توزيع الألبان، كما استطاعت فاطمة السيد  تحقيق حلمها فى التعليم فاستكملت دراستها حتى حصلت على الشهادة الثانوية وتخرجت فى المعهد الفنى التجارى ثم التحقت بكلية الحقوق لتحصل على الشهادة الجامعية كما ساهمت فى محو أمية أكثر من 300 رجل وسيدة من أبناء قريتها.

هؤلاء السيدات وغيرهن نماذج نراها كل يوم فى محاولة لإثبات أحقية المرأة فى الحياة الكريمة، والسعى الدائم وراء أحلامهن، وإثبات قوى لأحقية المرأة فى تحقيق أهدافها والارتقاء بمجتمعها، وغيرهن من النماذج التى نراها كل يوم فى المناصب السيادية والقيادية واللاتى استطعن أن يثبتن فيها جدارتهن، فهل يرضخ المجتمع لكسر معتقداته وتقاليده وتغيير مبدأ بـ«100 رجل»؟.