الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلاب البيت الأبيض

كلاب البيت الأبيض

ثمَّةَ أسبابٌ لدَى الأمريكان تتعلق بالمشاعر والرّهافة والحُزن والوجد والهَشاشة والحَنين، رُبَّما تكونُ قد ساعدت وبقوّة فى إسقاط «ترامب»، الأشياءُ الإنسانية التى تتخفّى خلفَ الوَجه البراجماتى للأسباب الأخرَى المُعلنة لفوز «بايدن»: أشياءٌ مثل إهانة ترامب للكلاب ولزوجته وللأطفال وللموتَى، مَثلًا كل الذين خانَهم توقّعهم حين انتظروا أن تحسم أصوات العسكريين- معظمهم جمهوريين - نتيجة الانتخابات لصالح «ترامب» لم يدركوا أن  كَشْط المَشاعر وتمزيعَها ونحرَها بإهانة الجندى الأمريكى لن يَنساها لا المواطنُ ولا الجندى، وما اكتسبه «ترامب» فى 2018 من شعبية جارفة بإعادته بعد 65 عامًا  عَشَرات  من رُفات الجنود الأمريكان الذين قُتلوا فى الحرب الكوريّة، الحربُ المنسية، ودفنهم فى الأرض الأمريكية، أضاعَها  «ترامب» بإهانته المُعلنة والسِّرّيّة للجنود، فكثيرًا ما تأذّى الجنودُ حينما كان يلغى زياراته لمَقابر تضم رفات مُحاربين، وكانت محاولاته الفاشلة بتوريط الجنود فى قَمْع المُتظاهرين أثناء اشتعال تظاهُرات «حياة السُّود مُهمة» سببًا فى منح أصوات العسكريين الجمهوريين للديمقراطى «بايدن»، ليس هذا فقط؛ بل ذلك الحدَث المروع الذى عَكّر المَشاعر وحسم النتيجة: فالجدارُ الذى أصَرّ «ترامب» على بنائه بين بلاده والمكسيك لمنع تدفق المهاجرين ومنع دخول المخدرات ورجال الجريمة والذى حُدّدَت كلفته 70 مليار دولار وتم صرف 12 مليارًا منها - من ميزانية الجيش- على الجزء الذى تم بناؤه وأسقطتْ ألوَاحَهُ العواصفُ العاتية ، الجدار الذى من أجل بنائه تم تفجير مقبرة وطنية كبرى أُنشئت عام 1937 وتضم مئات رفات جنود أمريكان واعتبرتها اليونيسكو فى 1967 أثرًا ومَزارًا، كان مَشهد بقايا الجُثث والعظام والجَماجم للجنود الملقاة بجوار البناء والمتطاير بعضها على جوانب الشوارع بأريزونا؛ مَشهدًا مروعًا لم يحتمله لا جندى ولا مواطن، ولم يتحدث عنه الإعلامُ ولم يعتذر عنه الرئيسُ، مَشهدُ إهانة جُثث الموتى وهدم مقابرهم أسقط الرئيسَ، ناهيك عمّا تسبب فيه الجدارُ من فصل أطفال أبناء المكسيكان عن ذويهم ووضعهم داخل معسكرات غير إنسانية واختفاء الكثير منهم  وبيع بعضهم لأسَر أمريكية لا تنجب وقَتل بعضهم الآخر وسرقة أعضائهم.



أمّا مَشهد «بايدن» وقبل إلقائه خطاب النصر، بل قبل حسم النتيجة لصالحه، مشهده ذاك بإعلان عودة كلاب البيت الأبيض التى طردها «ترامب» فى بداية عهده، صور «بايدن» فرحًا  بين الكلاب قد ثمّنها المواطنُ الأمريكى حتى ذلك المتذبذب الذى لم يكن قد حسم صوته بعد، الكلابُ التى طردها «ترامب»، ترامب الذى لا يحب الكلابَ ولا زوجتَه ولا البَشرَ، وكانت هى الفترة الرئاسية الوحيدة التى مُنِعت فيها الكلابُ من دخول البيت الأبيض منذ 120عامًا لم يخلُ المكان منها.

كانت القضايا المرفوعة من نساء «ترامب»، وصورهن وأحاديثهن المتكررة للميديا، صديقات «ترامب» وعشيقاته ضيفات وسائل الإعلام الأمريكية الدائمات واعترافاتهن بكل تفاصيل العلاقة، ثم محاولات «ترامب» لإسكاتهن بدفع مبالغ مالية تارَة أو بالتهديد تارًة أخرى، كل ذلك شكّل ضغطا على أعصاب المواطن، ليس لأسبابٍ أخلاقية - لم يكن كثير من رجال البيت الأبيض على نقيض هذا السلوك  - بل لأسباب إنسانية تتعلق بـ«مالانيا ترامب»، الزوجة المغلوبة على أمرها الهشة المكسورة والمتشظية، زوجة الرئيس المُهانة سرّا وعلنًا ودون استحياء، تلك الصورة ربما قد نَفَر منها كثيرٌ من المواطنين؛  خصوصًا أنها لم تكن امرأة ذات شخصية قوية، ولا ذكية ولا تمتلك قدَرًا من حضور أو ثقافة أو وعى، مثل سابقتها «ميشيل أوباما»، كانت «مالانيا» مجرد زوجة شديدة الجَمال تمّتْ خيانتُها بشكل فاضح، الأمْرُ الذى بدا نقيضًا مع قصة شبيهة لـ«هيلارى كلينتون» التى لم يتعاطف معها أحدٌ حين خانَها «كلينتون» مع «مونيكا»، خيانة كان لها وقعُ انفجار نووى طال حريقه أربعة أرجاء الدنيا صخبًا وحكايات، ورُغْمَ الحريق لم يتعاطف أحدٌ مع «هيلارى» ولم يكره أحدٌ «بيل»، سبحان الله!.>