10 مسلسلات من أجل العزلة

الأزمة الوبائية التى نعيشها اليوم تتيح لنا تأملات جديدة. صحيح أن العالمَ بأسْره رضخ لإرادة فيروس «كورونا» وتسمرُ الملايين فى منازلهم أمام التليفزيون تحيط بهم أخبار الفيروس من كل اتجاه، وصحيح أن الفيروس كان بمثابة اختبار حقيقى لقوة وعْينا وتضامُننا والتزامنا ومسئوليتنا إزاء المخاطر التى تحيق بنا، إلّا أن البعض قد يجادل ويَعتبر الظروف الراهنة فرصة لن تسنح له فى المستقبل للعزلة والتأمل والتوحد مع النفس والعودة إلى الذات فى سبيل تشذيبها وفتح آفاق جديدة لها.

 

حينما يتحرر المرءُ من كل ارتباط خارجى للذات ويعيش فى «غرفته الذهنية» بعيدًا عن ضوضاء الحشود، يصبح عدوُّه اللدود هو الزمن متمثلًا فى المَلل، ثم سرعان ما يعكف على الاستعانة بأدوات شتى لقضاء وقته وينكب على القراءة وتعلم أشياء جديدة ومشاهدة أفلام ومسلسلات.

 

ولمّا كان هناك عُرْف عالمى جديد مفاده أن أزمة «كورونا» لن تؤرق مليارات البشر لوقت طويل، فقد رصدت «روزاليوسف» قائمة بأفضل 10 مسلسلات قصيرة، يُمكن مُشاهدتها جميعًا فى أقل من أسبوع واحد خلال فترة الحَجْر الصحى: 

 

 ‏Chernobyl

هناك قاعدة ضمنية بين جمهور المسلسلات مفادها أن أى مسلسل يحمل شعار شركة HBO الأمريكية لن يكون مخيبًا لآمالهم؛ فتاريخ الشركة، منذ تأسيسها عام 1972م، ينضح بالمسلسلات التى لم تخذل جمهورها وبقيت محفورة فى وجدانه مثل مسلسل: (The Sopranos ) الذى لايزال حتى الآن مقياسًا لجودة المسلسلات الأخرى التى أعقبته، وسببًا فى تغير شكل الدراما جذريّا وظهور موجات فنية شديدة الأصالة جعلت الدراما التليفزيونية الأمريكية تنافس نظيرتها فى السينما. أمّا مسلسل (تشيرنوبيل، Chernobyl ) فهو أحد تلك الأعمال التى سيخلدها التاريخ، ليس فقط لأنه يحكى قصة شائكة مثل حادث مفاعل تشرنوبيل النووى، أو لما لتلك القصة من ثقل درامى قلّما رأيناه فى أعمال أخرى مماثلة، بل أيضًا لأن المؤلف «كريج مازن» والمخرج «يوهان رينك» استطاعا رسم صورة دقيقة لأشخاص عاشوا الواقعة وتعاملوا معها عن قرب، فتمت إعادة خَلق اللحظة التاريخية مرّةً أخرى وقفز بالمُشاهد داخلها ليتوحد بكل ما يحيط بتلك اللحظة من رعب يحيق وراء الأحداث كشبح عملاق لا نراه وإنما نشعر به، فأصبح الجمهور يتلقى زخّات الرعب التى تند باستمرار من عيون شخصيات المسلسل طيلة خمس حلقات، لندرك نحن بعد انتهائها أننا مكلفون بالإجابة عن السؤال الذى لا ينفك المسلسل عن تكريره ألا وهو: ما تكلفة الكذب؟! حاولت HBO تعويض جمهورها الذى خُيب رجاؤه من نهاية (Game of thrones) الذى لايزال هو الآخر أحد أكثر المسلسلات الدرامية أصالة وإبداعًا فى التاريخ، فطرحت (Chernobyl) بعد نهاية الموسم الأخير من (Game of thrones)، وحقق نجاحًا مدويّا وحظى بمعدلات مشاهدة مرتفعة، ومع نهاية عرض الحلقة الخامسة والأخيرة يوم 3يونيو 2019م كان المسلسل يحتلّ المرتبة الأولى فى قائمة أفضل الأعمال التليفزيونية على قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDB، والآن يحتل المرتبة الخامسة قبل (Breaking Bad).   

‏True Detective

 

عندما تفتح التليفزيون أو حاسوبك الشخصى ويُعرض أمامك عمل يصف نفسه بأنه بوليسى بالتأكيد ستكون أغلب توقعاتك فى محلها: محقق غريب الأطوار يتولى زمام حل جريمة قتل صعبة ثم تحدث له مفاجأة فى النهاية مرتبطة غالبًا بشخصية القاتل، لكن حينما ترى أنك بصدد عمل من بطولة «ماثيو ماكونهى» وصديق طفولته والممثل الفذ «وودى هالرسون» ومن إنتاج HBO أيضًا عام 2014م، ينبغى عليك ألا تتوقع أى شىء.

 

صحيح أن مسلسل (True Detective) يتكون من ثلاثة مواسم، لكن إذا اعتبرت أن الموسم الثانى ليس موجودًا لأنه كان كارثة على صعيد التأليف نظرًا لانسحاب مُخرج الموسم الأول «كارى فوكوناجا» وتولى مبتكر المسلسل ومؤلفه «نيك بيزولاتو» مسئولية الإخراج والتأليف معًا، وهو الأمر الذى جعله مشتتًا ما بين التأليف والإخراج، فسيلوح أمامك عمل شديد الجودة، فالموسم الثالث، وإن لم يكن على قدر جودة الموسم الأول، حقق نجاحًا كبيرًا، سواء بسبب القصة المربكة التى تنكشف خباياها من خلال ثلاث حقب زمنية متباعدة جدّا فيما بينها، أو بسبب أداء النجم «مهرشالا على» والممثل «رولان ويست».. لكن الموسم الأول الذى حمله «ماكونهى» على عاتقه وكان سببًا فى نجاحه الخارق من خلال شخصية «راست كول» التى اعتبرها البعض- ودون مبالغة- أحد أكثر الشخصيات الأدبية خلودًا فى القرن الحالى، نجح بحذق شديد فى دمج مفاهيم فلسفية شديدة الاستغراق فى التجريد مع قصة درامية محبوكة ببراعة، فهو يسير فى خطين زمنيين أحدهما يمثل الحاضر والآخر يمثل الماضى الذى يبدأ بالتحديد مع وقوع جريمة قتل غامضة هزت مقاطعة فيرميليون بولاية لويزيانا، ثم سرعان ما تتداخل الخطوط الزمنية مع بعضها لتحدث الذروة الدرامية فى الحلقة الثامنة والأخيرة.

 ‏Louie

إنه أحد المسلسلات التى لم تُكتشف بعد عند المُشاهد العربى، الأمر نفسه ينطبق على مبتكره ومؤلفه ومخرجه «لويس. سى. كيه»، الذى يُعد أحد أهم أقطاب الكوميديا وفن الـ«ستاند آب» فى العالم، وقد بدأت شبكة FX فى عرضه لأول مرّة عام 2010م، وهو مكون من خمسة مواسم بحلقات قصيرة، ومقتبس عن حياة «لويس» الشخصية ويسلط الضوء على معاناته أثناء تقديم عروضه الكوميدية فى مدينة نيويورك، ولكن فى إطار كوميدى ساخر وقاتم وسريالى أحيانًا. وقد حصل المسلسل على إشادات نقدية واسعة وفاز بجائزتى «إيمى» وجائزة «برايم تايم» وترشّح لجائزتَى «جولدن جلوب».

 

‏Pride and Prejudice

 

إنها القصة الخالدة التى كتبتها الروائية العظيمة «جين أوستن» عام 1813م، والتى تحكى فيها قصة الحب بين «إليزابيث بينيت» والشاب الثرى السيد «فيتز ويليام دارسى» خلال القرن الـ19، ورُغم أن الاقتباسات عادة ما تظلم العمل الأصلى؛ فإن هذا المسلسل الذى التزم فيه المخرج البريطانى «سيمون لونجوتون» بنَص «أوستن» الأصلى، يُعتبر حتى الآن أحد أكثر المسلسلات نجاحًا فى بريطانيا، بل جزءًا أصيلًا فى ثقافتها الشعبية. المسلسل من إنتاج شبكة BBC البريطانية عام 1995م، ومكوّن من 6 حلقات، وكان صاحب فضل كبير فى نجومية العملاق البريطانى «كولين فيرث»، وترشح لعدة جوائز «إيمى» و«برايم تايم»، وقد احتل المسلسل المرتبة 99 من 100 أفضل برنامج تليفزيونى إنجليزى فى القرن العشرين.  

 

‏Sharp Objects

 

يحكى المسلسل قصة الصحيفة «كاميل بريكر» التى تعانى من إدمان الكحول وخرجت لتوّها من مستشفى للأمراض النفسية الذى قضت فيه سنواتٍ طويلة نتيجة إصابتها بالاكتئاب الحاد، وتعود لمسقط رأسها فى بلدة ويند جاب بولاية ميسورى لتغطى مقتل فتاتين صغيرتين، ثم تبدأ فى تذكر معاناتها وهى صغيرة، وتتكشف لها الكثير من التفاصيل عن علاقتها الشائكة بوالدتها.

 

يُعتبر هذا المسلسل ذروة إبداع الممثلة الأمريكية «إيمى آدمز»، فقد وصف بعض النقاد أداءها فى هذا العمل بأنه أفضل أداء قدمته طيلة مسيرتها الفنية، كما يُعتبر أحد أهم المسلسلات القصيرة التى عرضتها HBO، وهو من إخراج الكندى «جين مارك فالى»، وتأليف «مارتى نوكسون»، الذى اقتبس القصة من رواية بالاسم نفسه للمؤلفة الأمريكية «جيليان فلين» صاحبة رواية ( Gone Girl) التى اقتبسها العبقرى «ديفيد فينشر» فى فيلم من بطولة «بين أفليك».

 

 ‏Band of brothers

 

إنه العمل الدرامى الوحيد الذى يحتل مرتبة أعلى من (Chernobyl وBreaking Bad) فى موقع IMDB، وهو يحمل توقيع اسمين عملاقين فى هوليوود وهما «ستيفين سبيلبيرج» و«توم هانكس»، اللذان اشتركا معًا من قبل فى فيلم (Saving Private Ryan)، وقرّرا استلهام المناخ العام واستثمار نجاحه فى مسلسل قصير مكوّن من 10 حلقات، واستعانا فى ذلك بحكايات حقيقة جمعها المؤرخ الأمريكى «ستفين إمبروز» فى كتاب استلهم عنوانه من الخطبة الشهيرة التى ألقاها «هنرى الخامس» قبل معركة «أجينكور» فى مسرحية «وليام شكسبير».

 

المسلسل الذى أنتجته HBO عام 2001م، يسلط الضوء على سرّية «إيزى» وهى جزء من الكتيبة الثانية بفوج المشاة المظلى، الذى شارك فى العالمية الثانية؛ حيث يروى المسلسل بشكل مفصل على مدار مآثر السرّية خلال الحرب. بداية من تدريبات القفز فى ولاية جورجيا، وعمليات الإنزال الجوى فى نورماندى، وحصار الباستون، وعملية حديقة السوق، حتى استيلاء الولايات المتحدة على عش النسر فى ألمانيا وسقوط الرايخ الثالث.

 

 ‏The Night Of

 

مسلسل دراما وغموض من إنتاج مشترك بين HBO وBBC عام 2016م، ويروى قصة شاب أمريكى مسلم من أصول باكستانية يدعى «ناصر خان» يؤدى دوره «ريز أحمد»، ومن تأليف «ريتشارد برايس» و«ستيفن زيليان» الذى اشترك فى إخراجه و«جيمس مارش». وقد انبثق المسلسل فى الأصل من مشروع درامى آخر كان من بطولة العملاق بطل مسلسل (The Sopranos)، «جيمس جاندولفينى» إلّا أن وفاته حالت دون ذلك، إلى أن أعطت فى 2013م الضوء الأخضر للمشروع تكريمًا له.

 

يركز المسلسل على التعامل العنيف والعنصرى فى السجون الأمريكية وكيف تتغير شخصية الشاب قبل السجن عن بعده، والبيروقراطية الفاسدة التى تعانى منها السُّلطة القضائية فى الولايات المتحدة، وفى ظل هذا تنقلب حياة «خان» رأسًا على قلب حين يتورط فى جريمة قتل لم يرتكبها، لكن كل الأدلة تشير إلى عكس ذلك وطيلة 8 حلقت، يعكف على تبرئته أحد المحامين، وهو الشخصية التى كان سيلعبها «جاندولفينى» ثم «روبرت دى نيرو»، لكنها كانت من نصيب «جون تورتورو».

 

 ‏Maniac

 

بعدما أعلن «كارى فوكوناجا» انسحابه نهائيّا من مشروع (True Detective)، انصب تركيزه على مشروع آخر لأحد إنتاجات شركة Netflix الأصلية، وقرّر الاشتراك فى الإنتاج مع السيناريست «باتريك سومرفيل» الذى عكف على كتابة نص كوميدى عبثى رائع مقتبس من مسلسل نرويجى يحمل الاسم نفسه، لكن النص الجديد كان بطله يدعى «أوين ميلجريم» مصابًا بالفصام ويعانى من عزلة شديدة وضغوط نفسية عارمة بسبب عائلة ثرية تفرض عليه عزلة وضغوطًا نفسية، باعتباره الابن الأضعف والأقل نجاحًا وسط البقية، ثم يلتقى بالصدفة فتاة تدعى «آنى لاندسبيرج» تعانى هى الأخرى من اكتئاب حاد وحالة إدمان متفاقمة بسبب مأساة عائلية زرعت داخلها إحساسًا مستمرًا بالذنب عبر تجربة علاج دوائية جديدة ذات آثار علاجية للمرضى النفسيين.

 

عكف الثنائى «سومرفيل» و«فوكوناجا» على تصوير المسلسل بالكامل طيلة سنة، وعرضته Netflix فى سبتمبر 2018م، وهو من بطولة الموهوب «جونا هيل» والنجمة «إيما ستون»، وقد حقق المسلسل نجاحًا شديدًا وحاز على إشادات واسعة، بَيْدَ أنَّ المسلسل اقتبس فقط الفكرة الرئيسية لنظيره النرويجى، فطيلة الحلقات العشر للمسلسل الأمريكى نرى البطلين يعيشان مغامرات بشخصيات وأجواء قصصية وبصرية مختلفة، ونصبح أمام «قصة داخل قصة» أو «فيلم داخل فيلم».

 

 ‏Big Little Lies

 

فى هذا المسلسل الذى يحمل توقيع HBO هو الأخر، نرى لمحة بسيطة من حياة نسوة مهووسات بالمثالية يتربص بهن شبح الفشل، فنرى الكاتب «ديفيد كيلى» الذى اقتبس المسلسل عن رواية بالاسم نفسه للأديبة الأسترالية «ليان موريارتى»، والمخرج «جينمارك فالى»، وهما يستغرقان فى إيهام المُشاهد بتلك الحياة المثالية التى تعيشها هؤلاء النسوة، ثم سرعان ما ينكشف لنا أن عالم تلك الشخصيات قاتم ومدمَّر. فتلك النسوة يعشن أيامهن فى قلق من أن تُخدش صورتهن المُضيئة سواءً فى عين من يشاهدهن ويحكم عليهن من الخارج أو حتى فى عيون أقرب المقربين لهن، وهو ما يجعلهن يتظاهرن بالكثير من الأشياء غير الحقيقية.

 

المسلسل مكون من 7 حلقات، واضطرت HBO إلى الموافقة على موسم ثانٍ له تحت ضغط جماهيرى واسع، وهو من بطولة «نيكول كيدمان» و«ريس ويذرسبون» و«لورا ديرن» و«زوى كرافيتز»، وقد فاز بـ48 جائزة دولية منها 4 «جولدن جلوب».

 

 

 ‏Angels in America

 

 

اختارت HBO «مايك نيكولز» عملاق المسرح الأمريكى وصاحب رائعة (The Graduate) لـ«داستن هوفمان»؛ لتولى معالجة سيناريو مسلسل عن مسرحية وأوبرا للروائى الأمريكى «تونى كوشنر»، وذلك بعد محاولات استمرت عشرات السنوات وباءت جميعها بالفشل، ثم اختار «نيكولز» العملاقة «آل باتشينو» و«ميرل ستريب» و«إيما طومسون» لأداء الشخصيات الرئيسية ، التى تعانى من مرض الإيدز. المسلسل المكون من 6 حلقات، الذى لايزال حتى الآن يحقق نسب مشاهدات عالية فى الولايات المتحدة وبريطانيا بالتحديد، حاز على جوائز شتّى من مهرجانات مختلفة، منها 11 جائزة «إيمى» و5 «جولدن جلوب».