الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

الذين هزموا «إعاقة» المجتمع!

الذين هزموا «إعاقة» المجتمع!
الذين هزموا «إعاقة» المجتمع!


ترتدى ثوب الزفاف، تكاد خفقات قلبها أن تبلغ مسامع الجميع من فرط القلق، تفكر وتتخيل ماذا سيحدث، تسأل روحها كيف سيمر يومها الأول فى عش الزوجية؟، ربما بدا الأمر أكثر صعوبة، حيث وضعتها الأقدار فى ظروف استثنائية، لكنها ارتضت بها وأحبتها لتحافظ على ذلك الرباط المقدس الذى جمعها بشريك حياتها، كانت الرحلة مليئة بمنغصات كثيرة، وكان الجميع فى حالة من الدهشة، يتساءلون: كيف ستتزوج من رجل ذوى احتياجات خاصة سيعجز حتمًا عن آداء واجباته الزوجية نحوها؟


طلت «أ.م» بثوبها الأبيض أمام الحاضرين، كانت تتكئ على عكازها وبجانبها زوجها يتكئ على ركبته اليمنى فالثنائى مصابان بشلل الأطفال، كانا يسيران بخطوات متقطعة حتى بلغا موضع جلوسهما فى «الكوشة»، مضت ساعات الزفاف بسلام، وغادر العروسان إلى منزلهما، فوجئت «أ.م» بحماتها داخل الشقة، كانت تنتظر عودتهما، وحينما رأتها بادرتها قائلة: «خلى بالك منه، واعمليله كل اللى هو عاوزه»، مؤكدة أن حماتها كانت رافضة لهذه الزيجة منذ البداية مما دفعهما إلى عقد القران دون علمها: «حسستنى إنى خطفت ابنها وماكنتش موافقة عشان عاوزاه يتجوز واحدة سليمة تخدمه، لكن أنا معاقة مش هعرف أعمله حاجة».
 تبلغ «أ» 32 عامًا وزوجها أيضًا، مضت الآن 4 سنوات على زواجها، قضتها فى حب واستقرار وصراع أيضًا: «إحنا الاتنين بنكمل بعض فى العلاقة الحميمية، وتانى يوم بعد الدخلة اتصلت بيهم وقولتلهم العريس كان جمل، لإنهم كانوا معتقدين إننا مش هنعرف نتجوز، كانوا دايمًا يقولوا لينا هو اللى هيخدمك ولا إنتى اللى هتخدميه ولا انتوا الاتنين عاوزين حد يخدمكم، مكنوش مقتنعين إننا شخصين عاديين جدًا، ده غير ان إعاقتنا مش وراثية عشان يخافوا من جوازنا كده».
تؤكد «م» أنها وزوجها يتعاملان فى علاقتهما الحميمية فى حدود أمكانياتهما الجسدية وقدرتهما على الحركة: «بنتعامل على قدنا وبنكون مستمتعين ومبسوطين»، موضحة أنها واجهت مشاكل فى الإنجاب فى بداية الزواج بسبب زيادة وزنها: «الدكتور قالى لازم تخسى عشان عندك تكيسات وخسيت وحملت الحمد لله ومعانا بنوتة عندها 6شهور»، طيلة سنوات الزواج كانت «م» تشعر بضغط  شديد من قبل حماتها التى كانت موقنة بأنها لن تنجب أبدًا، وهذه الثقافة موجودة لدى الكثير من أهالى ذوى الاحتياجات الخاصة الذين يعتقدون أن أبناءهم لن ينجبوا أبدًا اعتقادًا منهم بأنهم لا يتمتعون بأى قدرات جنسية.
وتضيف: « بيعتقدوا إللى عنده إعاقة فى جسمه يبقى أكيد عنده إعاقة جنسية والبنت نفس الكلام»، مضت الأيام ولم يقتنع الأهل بأن العلاقة الحميمية بين الزوجين تسير على ما يُرام، حتى جاء الوقت الذى أعلنا فيه أنهما فى انتظار مولودهما الأول، مشيرة إلى أن والدها كان يرفض فكرة زواجها منذ البداية، وقال لها جملة لم تفارقها حتى اليوم « قالى لو عندك كرامة متفكريش فى الجواز، وكان معتقدًا إنى عاوزة أتجوز عشان العلاقة الجنسية بس، بس لما اتجوزت واستقررت حس إنه غلط فى حقي».
مضى عامان على زواج «ش.ح» 35 عامًا، التى تُعانى من شلل الأطفال، بينما يبلغ زوجها 34 عامًا، أصيب بشلل نصفى عقب تعرضه إلى حادث، سقط على أثرة من الدور السابع، تقول: «الحادثة أثرت على رجليه وإحنا الاتنين قاعدين على كراسى متحركة»، تؤكد «ش» أن رفض زواجهما جاء من قبل أهل زوجها فى البداية: «قالوله إزاى هتتجوز واحدة على كرسى متحرك زيك إنت محتاج حد يخدمك، رغم إنى بقوم وبقعد وبتحرك وبعمل كل حاجة فى البيت لوحدى ومش بحتاج مساعدة حد».
مضت 10 أعوام على تعرض زوجها للحادث، مشيرة إلى أنه أثر على العلاقة الزوجية لأنه فقد الإحساس بقدميه: «كان متجوز قبلى وعمل الحادثة وهو مع مراته وكان مخلف، انفصلوا وقابلنا بعض واتجوزنا عن حب، روحنا للدكتور عشان موضوع الخلفة ومكنش قدامنا غير الحقن المجهرى ونجح لإنه كان مخلف قبل كده».
نجحت تجربة الحقن المجهرى بعدما أخبرهما الطبيب بأن نسبة نجاحها تبلغ الـ %95، وأنجب الاثنان طفلهما الأول حيث إن المشاكل التى واجهتهما فى علاقتهما الحميمية جعلت موضوع الإنجاب عسيرًا: «التأثير اللى بيحصل من الحادثة بيكون درجات وبيختلف من شخص للتاني، فى ناس عندها شلل رباعى وقدرت تخلف طبيعي، ومشكلة الخلفة لو مكنتش اتحلت مكنتش هزعل، لإنى اخترت أعيش جزء من حياتى معاه أحسن ما أقعد من غير جواز وميبقاش عندى حياه خالص، ابنى عنده شهر وأنا اللى برعاه لوحدي، وزى ما ربنا رزقنى بيه أكيد هيمنحنى القدرة أربيه وأكّبره».
كان الأمر مختلفًا لدى «س.ح»، فزوجها وحده الذى يعانى من إعاقة فى قدمه، واجهت صعوبات كثيرة وتحديات أوشكت أن تطيح بزواجها للأبد، لكنها استطاعت أن تجتازها بسلام، مضت 10 أشهر على الزواج، وهى الآن على وشك أن تضع مولودها الأول: «حامل فى الشهر الثامن الحمد لله، فى البداية الناس خوفونى وقالولى مش هيقدر يخلف ومش هيقدر يعمل علاقة معاكي»، لم تستمع «س» إلى كلام المحيطين بها، وإنما بحثت على الإنترنت وتطلعت لتطمئن على زواجها وبالفعل استطاعت أن تتجاهل كل الأقاويل التى وجهت إليها والتى اكتشفت أنه ليس لها أى أساس من الصحة.
أخبرها كثيرون أنه جنسيًا من الممكن أن يكون متأثرًا بإعاقته، لكنها علمت من خلال البحث أن المصابين بالشلل النصفى أو الرباعى هم فقط من يتأثرون: «اللى خلانى أخوض العلاقة بشجاعة إن كان عندى خلفية ومعلومات عن الإعاقات المختلفة وتأثيرها على كل واحد، لإن كان عندى أخ معاق وعنده ضمور عضلات فى جسمه كل وتوفى»، تؤكد «س» أن زوجها كان منفصلًا عن امرأة قبلها، وهذا جعل المحيطين بها يشككون فى قدرته على إقامة علاقة حميمية: «قالولى أحاول أوصلها وأعرف سبب الطلاق إيه بس هو صرحلى إنه محبهاش ومكنش فيه بينهم تفاهم».
تتذكر المرأة العشرينية لقائهم الأول، حيث أخبرتها شيققة زوجها الكبرى بأن تراقب طريقة سيره جيدًا قبل أن توافق على الزواج منه: «فى بنات بتحب المظاهر وبتبص للشكل العام وبتبقى عاوزة جوزها مفهوش غلطة، ولما بنكون ماشيين جنب بعض وبقوله يسند عليا بيتحرج أوي»، تجازوت «س» مشكلة تخوفها من العلاقة الزوجية وظهرت مشكلة أخرى، حيث أخبرها الجميع من احتمالية إصابة زوجها بعقدة نفسية بسبب إعاقته: «قالولى حتى لو هيقدر يتعامل فى العلاقة الخاصة ممكن يكون معقد ويطلع عقده عليكى عشان معاق، بس أنا لما شوفته لقيته شخص ناجح وقادر يتعامل مع إعاقته ومشهور والناس بتحبه، وليه أنشطة كتيرة وبيلعب رياضة».
لم تكن الأيام الأولى فى زواجهم سعيدة، حيث أصيبت «س» بنزيف شديد لأنها مصابة بمرض السكر: «السكر كان عالى عليا يوم الدخلة ومكنتش أعرف وأى جرح مع السكر بيقلب بنزيف، فضلت 15 يوم تعبانة، وعلاقتنا فى الأول كان فيها مشاكل بس مشاكل ممكن تحصل بين أى زوجين ملهاش علاقة بالإعاقة، وأنا عشان وزنى زايد قعدنا مع الدكتور وقالنا طريقة العلاقة اللى تناسبنا عشان منحسش باجهاد، مر أول شهرين وحصل حمل فى تالت شهر الحمد لله».
لم تكن تجربة «ع.أ» موفقة فى الزواج، حيث تزوجت من رجل مصاب بشلل نصفي، كانت العلاقة الحميمية بينهما شبه مستحيلة لإنه فقد الإحساس بالنص الأسفل من جسده: «أول يوم لينا مكنش عنده القدرة على أى حاجة، وروحت لدكتورة عشان تخلص الموضوع، حاول كتير فى العلاقة بس مكنش بيقدر لإنه دايمًا عنده ألم فى ضهره طول الوقت وبيتحرك بصعوبة، ولما رحنا للدكتور عشان الخلفة، قالنا لازم حقن مجهري، وده مكلف جدًا وإحنا ظروفنا صعبة وعلى قدنا، استحملت معاه كتير، أكتر من 7 سنين بس مقدرتش أكمل، وقررت أنفصل عنه وماشيين فى إجراءات الطلاق».>