الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زمـن الـغـنـاء العشـوائـى!

زمـن الـغـنـاء العشـوائـى!
زمـن الـغـنـاء العشـوائـى!


 آفة العشوائيات التى هاجمتنا فى بداية السبعينيات بشكل ملحوظ وأتت بها الريح المحملة بسموم عصر الانفتاح الذى عكس الأوضاع المجتمعية فيما أطلق عليه الهرم المقلوب لم تصب فقط الشوارع والبيوت، بل امتدت وتخطت حاجز الحجر إلى البشر لتصيبهم فى عقولهم وأذواقهم وسلوكياتهم التى انهارت جميعها تحت مظلة الفن الاستهلاكى وتحديداً الغناء الذى انتشر بشكل عشوائى وبلغة أكثر عشوائية وسوقية أصابت المجتمع فى مقتل لم ينج منها بعد أن زادت الأمور تعقيداً والأنظمة فساداً فحققت الثلاثون عاماً الماضية أعلى معدلات العشوائية الغنائية.
 
 

مؤشرات الغناء العشوائى كانت تصعد على استحياء بين الحين والآخر منذ بداية القرن العشرين وتحديداً فى عشرينيات القرن الماضى عندما أصابت أذن المستمع المصرى كلمات كانت غريبة عليه من نوعية «ارخى الستارة اللى فى ريحنا.. لحسن جيرانا تجرحنا» وهى أغنية بها تورية جنسية غنتها «منيرة المهدية» فى نفس الفترة ظهرت أيضاً أغنية «هات الإزازة واقعد لاعبنى.. دى المزة طازة والحال عاجبنى» لـ«نعيمة المصرى»، وإذا كانت عشوائية أغنية «منيرة المهدية» فى المعنى، فإن عشوائية أغنية «نعيمة المصرى» فى المعنى واللفظ وقد تكون المرة الأولى التى تظهر فيها ألفاظ غنائية بهذه الفجاجة والتى صدمت جمهور المستمعين، وهى تقريباً نفس الصدمة التى صدمتهم بها أغنية «عبدالعزيز محمود».. «ياشبشب الهنا.. ياريتنى كنت أنا» فى مطلع الخمسينيات ضمن فيلم «منديل الحلو» مع «تحية كاريوكا»، إلا أن ما يشفع لهذه الأغنية فى فجاجة ألفاظها أنها جاءت لضرورة درامية ضمن سياق أحداث الفيلم. الأغنية انتشرت بشكل كبير فيما بعد كأغنية فردية ومع تكرار إذاعتها وصلت لأن تكون من أشهر أغانى «عبدالعزيز محمود» الأغانى العشوائية القليلة هذه لم تشكل أبداً ظاهرة حتى بداية السبعينيات ويبدو أن المجتمع كلما ازداد عشوائية ازدادت أيضاً عشوائية فنونه والتى تتماشى مع تراجع المجتمع، ففى السبعينيات زحفت علينا كلمات جديدة فى الأسلوب، سوقية فى اللفظ، غريبة فى المعنى، مثل نوعية «السح إدح إمبو» و«سلامتها أم حسن» إلا أن الصوت الذى يؤديها شهد له كبار الموسيقيين والمطربين من أمثال «محمد عبدالوهاب» و«عبدالحليم حافظ» و«فريد الأطرش» بحلاوته ولكن «أحمد عدوية» استغل هذه الحلاوة فى الغناء العشوائى وقد يكون له عذره فى ذلك بعد أن وجد من الصعوبة اختراق الوسط الغنائى فى وجود أسماء بحجم «أم كلثوم» و«عبدالحليم» و«وردة» و«شادية» و«فريد الأطرش» و«نجاة» و«صباح» وغيرهم فراح يبحث عن الشىء الغريب غير المألوف للفت الانتباه كما ساعده فى ذلك بداية عصر الانفتاح الذى قلب الأوضاع المجتمعية وحول المعقول إلى اللامعقول وأصبح أستاذ الجامعة فى قاع المجتمع والسباك والزبال من علية القوم وأصبحت لغة المال هى المتحكمة فى مجريات الأمور وعلى رأسها أذواق الناس، عشوائية غناء «عدوية» استقبلها الناس فى البداية بنفور وفتور ورقص، إلا أنهم مع سياسة الإلحاح من خلال تشغيل أغانيه فى الشوارع عبر أجهزة الكاسيت والاسطوانات وترديدها فى كل مكان اضطر للاستجابة لها كلون جديد عليهم، خاصة بعد أن أحدث ثورة فى سوق الكاسيت والاسطوانات وحقق رقماً قياسياً عالمياً فى عالم المبيعات لم يصل إليه من قبل إلا موسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب» وهو رقم المليون نسخة مما جعل كبار المطربين يحاولون الاستفادة من جماهيريته بعد أن أثنوا على حلاوة صوته وتحديداً «عبدالحليم حافظ» الذى ذهب إليه فى الملهى الليلى الذى يغنى فيه - كنوع من الدعاية لنفسه - ليتبادل معه غناء أغانيه، فغنى له «السح الدح إمبو» فى الوقت الذى غنى له «عدوية» «خسارة».. «عدوية»، رغم وجود مطربين شعبيين كبيرين قبله بحجم «محمد عبدالمطلب» و«محمد رشدى» يعتبر هو المطرب الشعبى الذى يحصل على هذه الصفة خالصة ليحتل نفس المكانة من بعده وبنفس الدرجة التى بدأ بها «عدوية» مشواره إن لم يزد قليلاً «شعبان عبدالرحيم» وإلى هنا والغناء الشعبى يحافظ على ثوب الحياء- الذى يرتديه- إلى حد ما دون أن يدخل مرحلة الفجور ولا الفجاجة أو الوقاحة والكارثية التى وصل إليها الآن، وتحول من غناء شعبى إلى غناء عشوائى صريح بعيدا عن الشعبية وعن الغناء من أصله، والذى انهارت قواعده مع مجىء «سعد الصغير» وأعوانه مثل «ريكو»، فهذه النوعية من الأغانى يجب أن تقدم أصحابها إلى ساحات المحاكم ليس لكون معظمهم سوابق ومسجلين خطر، وإنما بتهمة خدش الحياء والذوق العام، هذه النوعية من الأغانى وأصحابها يسيئون إلى الغناء، لأنهم سواء رضينا أم أبينا أصبحوا محسوبين على المنظومة الغنائية فى المجتمع، بصرف النظر عن أشكالهم ونوعية أغانيهم، التى ابتعدت عن القيم والأخلاقيات والعادات والتقاليد وحتى الأعراف الغنائية التى تعودنا عليها من قبل فى أغانى «عبدالمطلب» مثل «ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين»، وأغانى «محمد رشدى» مثل «تحت الشجر يا وهيبة» و«كعب الغزال» و«عدوية»، أما أغانى هذه الأيام والتى طفحت علينا فى غفلة من الزمن فأصبحت تتغزل فى الحشيش والبانجو والبيرة والنسوان مثل «أنا شارب سيجارة بنى.. حاسس دماغى بتاكلنى.. قاعد فى الحارة باسقط والغسيل عمال بينقط والشارع اللى ورايا قدامى.. والكلام على طرف لسانى.. باجى أتكلم باتخبط.. يا عم ولع.. يا سيدى ولع» لـ«محمود الحسينى»، ويبدو أن الشرب وقع عقدا مع «الحسينى» فبعد أن غنى لشرب الحشيش غنى لشرب البيرة «أنا شارب تلاتة ستلا.. أنا راجل قوى مش قلة»، الغريب أن هذه الأغانى لم يتفاعل معها أبناء المناطق العشوائية والذين تجدهم يتسابقون فى تقديمها فى أفراحهم عبر الـ«دى جى» ولا مانع من التعاقد مع مطربيها إذا كان صاحب الفرح مقتدرا ماديًا أو تاجر خردة أو مخدرات وما شابه، بل الأغرب أن هناك من الصغار ومن الشباب سواء من الطبقات الراقية أو المتوسطة، أصبحوا يتفاعلون معها أيضا مما يشكل خطورة عليهم والخوف من تسميم عقولهم بعد أن راحت هذه النوعية تغزو المجتمع بشكل واضح وتتطاير مع الهواء الذى نتنفسه وتطاردنا فى وسائل الإعلام المرئية وتحديدًا الخاصة وبشكل ملح مما جعل لها تأثيرها السلبى المباشر علينا.. الخطورة الأكبر أن هذه الأغانى أصبحت تميمة للأعمال الدرامية سواء السينمائية أو التليفزيونية وهو ما يسمح لها بالدخول إلى كل بيت، فرأينا الكثير من الأفلام والمسلسلات تستعين بهذه النوعية للاستفادة من جماهيريتها للتأثير الإيجابى سواء فى الترويج أو الإيرادات خاصة السينمائية التى ترتبط بشباك التذاكر، والتى بدأها «سعد الصغير» واعتمدت عليها أفلامه اعتماداً كبيرًا، والأكثر من ذلك أنه زاد عليها حركاته الخليعة، وهى الصورة التى رأيناها فى «علىّ الطرب بالتلاتة» فى أغنيته «بحبك يا حمار» التى ضرب بها كل القواعد الغنائية والفنية والأخلاقية أغنية «هاتى أطة» فى «شارع الهرم»، ويقول فيها «أبوسها عشرة على عشرة.. هزيها يا بت كمان هزة، طريها ويا بخت الأرض اللى بتمشى عليها».. وفى فيلم «لا تراجع ولا استسلام» استعان «أحمد مكى» بأغنية «الدنيا زى المرجيحة يوم تحت وفوق»، الأغنية العشوائية تحديدا خلال العامين السابقين انتشرت انتشارًا واسعًا وشهدت الساحة ظهور أكثر من 50 مطربًا شعبيًا معظمهم سوابق ورد سجون ومسجلين خطر، هذه النماذج كانت سببًا فى نكبة الأغنية الشعبية، خاصة أنهم اعتمدوا على كلام رخيص يكتبه أرباع مؤلفين ليس لهم سعر فى سوق التأليف واللحن يجتهد فيه المغنى نفسه أو من يستعين به من نفس شاكلة المؤلفين والنتيجة أغنية بـ 3 مليم ويقوم بتسجيلها فى استوديو لا يزيد فيه سعر ساعة التسجيل على 80 جنيها فلو احتاج 5 ساعات يكون إجمالى المبلغ المصروف 400 جنيه، خلاصة ذلك أن 1000 جنيه من الممكن أن تكون لدينا أغنية عشوائية جاهزة تطاردنا فى الشوارع والميكروباصات وتلوث أسماعنا وأخلاقنا.
 

 
اللافت أيضا أن أسماء غريبة بدأت تظهر مع ظهور عالم الأغنية العشوائية فوجدنا «هوبا» و«سمسم» و«شحتة» و«شيكو» و«أوكا» و«أورتيجا» فى أغنيات أكثر غرابة مثل «تحية للمنحرفين» و«هاتى بوسة يا بت.. هاتى حتة يا بت»، الغريب أن الأغنية العشوائية تخطت حدود المغنين العشوائيين سواء بأغانيهم الفردية أو أغانيهم التى يتم إقحامها فى الأفلام والمسلسلات إلى نجوم تمثيل لهم أسماؤهم اتجهوا إلى هذه النوعية من الغناء للتخديم على أعمالهم مثلما فعلت «يسرا» فى فيلم «جيم أوفر» فى أغنية «حقى برقبتى» وتقول فيها «يا ولية يا زنانة.. ودماغك تعبانة.. على نارك خليكى.. والغيرة تاكل فيكى.. آه يا بت يا مزة.. راح أهزك هزة».
 

 
مؤشرات الغناء العشوائى كانت تصعد على استحياء بين الحين والآخر منذ بداية القرن العشرين وتحديداً فى عشرينيات القرن الماضى عندما أصابت أذن المستمع المصرى كلمات كانت غريبة عليه من نوعية «ارخى الستارة اللى فى ريحنا.. لحسن جيرانا تجرحنا» وهى أغنية بها تورية جنسية غنتها «منيرة المهدية» فى نفس الفترة ظهرت أيضاً أغنية «هات الإزازة واقعد لاعبنى.. دى المزة طازة والحال عاجبنى» لـ«نعيمة المصرى»، وإذا كانت عشوائية أغنية «منيرة المهدية» فى المعنى، فإن عشوائية أغنية «نعيمة المصرى» فى المعنى واللفظ وقد تكون المرة الأولى التى تظهر فيها ألفاظ غنائية بهذه الفجاجة والتى صدمت جمهور المستمعين، وهى تقريباً نفس الصدمة التى صدمتهم بها أغنية «عبدالعزيز محمود».. «ياشبشب الهنا.. ياريتنى كنت أنا» فى مطلع الخمسينيات ضمن فيلم «منديل الحلو» مع «تحية كاريوكا»، إلا أن ما يشفع لهذه الأغنية فى فجاجة ألفاظها أنها جاءت لضرورة درامية ضمن سياق أحداث الفيلم. الأغنية انتشرت بشكل كبير فيما بعد كأغنية فردية ومع تكرار إذاعتها وصلت لأن تكون من أشهر أغانى «عبدالعزيز محمود» الأغانى العشوائية القليلة هذه لم تشكل أبداً ظاهرة حتى بداية السبعينيات ويبدو أن المجتمع كلما ازداد عشوائية ازدادت أيضاً عشوائية فنونه والتى تتماشى مع تراجع المجتمع، ففى السبعينيات زحفت علينا كلمات جديدة فى الأسلوب، سوقية فى اللفظ، غريبة فى المعنى، مثل نوعية «السح إدح إمبو» و«سلامتها أم حسن» إلا أن الصوت الذى يؤديها شهد له كبار الموسيقيين والمطربين من أمثال «محمد عبدالوهاب» و«عبدالحليم حافظ» و«فريد الأطرش» بحلاوته ولكن «أحمد عدوية» استغل هذه الحلاوة فى الغناء العشوائى وقد يكون له عذره فى ذلك بعد أن وجد من الصعوبة اختراق الوسط الغنائى فى وجود أسماء بحجم «أم كلثوم» و«عبدالحليم» و«وردة» و«شادية» و«فريد الأطرش» و«نجاة» و«صباح» وغيرهم فراح يبحث عن الشىء الغريب غير المألوف للفت الانتباه كما ساعده فى ذلك بداية عصر الانفتاح الذى قلب الأوضاع المجتمعية وحول المعقول إلى اللامعقول وأصبح أستاذ الجامعة فى قاع المجتمع والسباك والزبال من علية القوم وأصبحت لغة المال هى المتحكمة فى مجريات الأمور وعلى رأسها أذواق الناس، عشوائية غناء «عدوية» استقبلها الناس فى البداية بنفور وفتور ورقص، إلا أنهم مع سياسة الإلحاح من خلال تشغيل أغانيه فى الشوارع عبر أجهزة الكاسيت والاسطوانات وترديدها فى كل مكان اضطر للاستجابة لها كلون جديد عليهم، خاصة بعد أن أحدث ثورة فى سوق الكاسيت والاسطوانات وحقق رقماً قياسياً عالمياً فى عالم المبيعات لم يصل إليه من قبل إلا موسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب» وهو رقم المليون نسخة مما جعل كبار المطربين يحاولون الاستفادة من جماهيريته بعد أن أثنوا على حلاوة صوته وتحديداً «عبدالحليم حافظ» الذى ذهب إليه فى الملهى الليلى الذى يغنى فيه - كنوع من الدعاية لنفسه - ليتبادل معه غناء أغانيه، فغنى له «السح الدح إمبو» فى الوقت الذى غنى له «عدوية» «خسارة».. «عدوية»، رغم وجود مطربين شعبيين كبيرين قبله بحجم «محمد عبدالمطلب» و«محمد رشدى» يعتبر هو المطرب الشعبى الذى يحصل على هذه الصفة خالصة ليحتل نفس المكانة من بعده وبنفس الدرجة التى بدأ بها «عدوية» مشواره إن لم يزد قليلاً «شعبان عبدالرحيم» وإلى هنا والغناء الشعبى يحافظ على ثوب الحياء- الذى يرتديه- إلى حد ما دون أن يدخل مرحلة الفجور ولا الفجاجة أو الوقاحة والكارثية التى وصل إليها الآن، وتحول من غناء شعبى إلى غناء عشوائى صريح بعيدا عن الشعبية وعن الغناء من أصله، والذى انهارت قواعده مع مجىء «سعد الصغير» وأعوانه مثل «ريكو»، فهذه النوعية من الأغانى يجب أن تقدم أصحابها إلى ساحات المحاكم ليس لكون معظمهم سوابق ومسجلين خطر، وإنما بتهمة خدش الحياء والذوق العام، هذه النوعية من الأغانى وأصحابها يسيئون إلى الغناء، لأنهم سواء رضينا أم أبينا أصبحوا محسوبين على المنظومة الغنائية فى المجتمع، بصرف النظر عن أشكالهم ونوعية أغانيهم، التى ابتعدت عن القيم والأخلاقيات والعادات والتقاليد وحتى الأعراف الغنائية التى تعودنا عليها من قبل فى أغانى «عبدالمطلب» مثل «ساكن فى حى السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين»، وأغانى «محمد رشدى» مثل «تحت الشجر يا وهيبة» و«كعب الغزال» و«عدوية»، أما أغانى هذه الأيام والتى طفحت علينا فى غفلة من الزمن فأصبحت تتغزل فى الحشيش والبانجو والبيرة والنسوان مثل «أنا شارب سيجارة بنى.. حاسس دماغى بتاكلنى.. قاعد فى الحارة باسقط والغسيل عمال بينقط والشارع اللى ورايا قدامى.. والكلام على طرف لسانى.. باجى أتكلم باتخبط.. يا عم ولع.. يا سيدى ولع» لـ«محمود الحسينى»، ويبدو أن الشرب وقع عقدا مع «الحسينى» فبعد أن غنى لشرب الحشيش غنى لشرب البيرة «أنا شارب تلاتة ستلا.. أنا راجل قوى مش قلة»، الغريب أن هذه الأغانى لم يتفاعل معها أبناء المناطق العشوائية والذين تجدهم يتسابقون فى تقديمها فى أفراحهم عبر الـ«دى جى» ولا مانع من التعاقد مع مطربيها إذا كان صاحب الفرح مقتدرا ماديًا أو تاجر خردة أو مخدرات وما شابه، بل الأغرب أن هناك من الصغار ومن الشباب سواء من الطبقات الراقية أو المتوسطة، أصبحوا يتفاعلون معها أيضا مما يشكل خطورة عليهم والخوف من تسميم عقولهم بعد أن راحت هذه النوعية تغزو المجتمع بشكل واضح وتتطاير مع الهواء الذى نتنفسه وتطاردنا فى وسائل الإعلام المرئية وتحديدًا الخاصة وبشكل ملح مما جعل لها تأثيرها السلبى المباشر علينا.. الخطورة الأكبر أن هذه الأغانى أصبحت تميمة للأعمال الدرامية سواء السينمائية أو التليفزيونية وهو ما يسمح لها بالدخول إلى كل بيت، فرأينا الكثير من الأفلام والمسلسلات تستعين بهذه النوعية للاستفادة من جماهيريتها للتأثير الإيجابى سواء فى الترويج أو الإيرادات خاصة السينمائية التى ترتبط بشباك التذاكر، والتى بدأها «سعد الصغير» واعتمدت عليها أفلامه اعتماداً كبيرًا، والأكثر من ذلك أنه زاد عليها حركاته الخليعة، وهى الصورة التى رأيناها فى «علىّ الطرب بالتلاتة» فى أغنيته «بحبك يا حمار» التى ضرب بها كل القواعد الغنائية والفنية والأخلاقية أغنية «هاتى أطة» فى «شارع الهرم»، ويقول فيها «أبوسها عشرة على عشرة.. هزيها يا بت كمان هزة، طريها ويا بخت الأرض اللى بتمشى عليها».. وفى فيلم «لا تراجع ولا استسلام» استعان «أحمد مكى» بأغنية «الدنيا زى المرجيحة يوم تحت وفوق»، الأغنية العشوائية تحديدا خلال العامين السابقين انتشرت انتشارًا واسعًا وشهدت الساحة ظهور أكثر من 50 مطربًا شعبيًا معظمهم سوابق ورد سجون ومسجلين خطر، هذه النماذج كانت سببًا فى نكبة الأغنية الشعبية، خاصة أنهم اعتمدوا على كلام رخيص يكتبه أرباع مؤلفين ليس لهم سعر فى سوق التأليف واللحن يجتهد فيه المغنى نفسه أو من يستعين به من نفس شاكلة المؤلفين والنتيجة أغنية بـ 3 مليم ويقوم بتسجيلها فى استوديو لا يزيد فيه سعر ساعة التسجيل على 80 جنيها فلو احتاج 5 ساعات يكون إجمالى المبلغ المصروف 400 جنيه، خلاصة ذلك أن 1000 جنيه من الممكن أن تكون لدينا أغنية عشوائية جاهزة تطاردنا فى الشوارع والميكروباصات وتلوث أسماعنا وأخلاقنا.
 

 
اللافت أيضا أن أسماء غريبة بدأت تظهر مع ظهور عالم الأغنية العشوائية فوجدنا «هوبا» و«سمسم» و«شحتة» و«شيكو» و«أوكا» و«أورتيجا» فى أغنيات أكثر غرابة مثل «تحية للمنحرفين» و«هاتى بوسة يا بت.. هاتى حتة يا بت»، الغريب أن الأغنية العشوائية تخطت حدود المغنين العشوائيين سواء بأغانيهم الفردية أو أغانيهم التى يتم إقحامها فى الأفلام والمسلسلات إلى نجوم تمثيل لهم أسماؤهم اتجهوا إلى هذه النوعية من الغناء للتخديم على أعمالهم مثلما فعلت «يسرا» فى فيلم «جيم أوفر» فى أغنية «حقى برقبتى» وتقول فيها «يا ولية يا زنانة.. ودماغك تعبانة.. على نارك خليكى.. والغيرة تاكل فيكى.. آه يا بت يا مزة.. راح أهزك هزة».