الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اليمين يخترق جيوش أوروبا وأمريكا!

اليمين يخترق جيوش أوروبا وأمريكا!
اليمين يخترق جيوش أوروبا وأمريكا!


خطر كبير بدأ منذ سنوات وازداد وتغول خلال السنوات الأخيرة دون أن يلتفت إليه صناع القرار فى أوروبا وأمريكا، وهو العنف الذى يكمن وراء أفكار اليمين المتطرف التى غذاها الإعلام بكل أشكاله هناك، وكذلك الخطاب السياسى التحريضى من جانب زعماء تيار اليمين، لكن المقلق والمثير مؤخرًا هو ظهور عدد من التقارير التى تحذر من اختراق هذا التيار لبعض الجيوش الغربية وانضمام عدد من أبناء هذه الجيوش إلى حركات اليمين المتطرف، وهو ما يمثل تطورًا خطيرًا فى تحركات اليمين  ومستقبل التسامح والتعايش الذى تفخر أوروبا وأمريكا بهما منذ عقود طويلة.


>الولايات المتحدة الأمريكية
قبل أسابيع من حادث «نيوزيلاندا» الإرهابى العنصرى شهد المجتمع الأمريكى حادثًا عنصريًا آخر وإن كانت أجهزة الاستخبارات والشرطة قد منعوا تنفيذه واكتشفوه مبكرًا، إلا أنه كان شاهداً على انتشار الفكر العنصرى واختراق التيار اليمينى لصفوف الجيش الأمريكى، حيث ألقت الشرطة القبض على الملازم «كريستوفر بول هاسون» أواخر الشهر الماضى بتهمة التخطيط لحملة إرهابية ضد سياسيين وصحفيين ينتمون إلى الحزب الديمقراطى، وبعد تفتيش منزله عثرت الشرطة على كمية كبيرة من الذخيرة والأسلحة التى تضمنت بنادق عادية وبنادق رش ومسدسات نصف آلية.
وكان من بين الديمقراطيين الذين كان «هاسون» ينوى استهدافهم كل من زعيم الديمقراطيين بمجلس الشيوخ «تشاك شومر»، ومرشحة الرئاسة الأمريكية القادمة «إليزابيث وارن» التى كانت «هيلارى كلينتون» قد اختارتها كنائبة لها فى الانتخابات الماضية ووصفها «ترامب» بـ«ابنة الهنود الحمر» فى إشارة عنصرية ليست بغريبة على الرجل المعروف بإيمانه بمبدأ «سيادة العرق الأبيض»، وعضو الكونجرس المسلمة «إلهان عمر»، إلى جانب رئيسة مجلس النواب وزعيمة الديمقراطيين بالمجلس «نانسى بيلوسى» التى نجحت فى تنفيذ الإغلاق الحكومى فى تحدٍ صارخ لإدارة الرئيس اليمينى وغيرهم.
بينما ضمت قائمة الصحفيين والإعلاميين المستهدفين «جون بودستا» المستشار السابق للرئيسين «بيل كلينتون» و«باراك أوباما» ومدير حملة «هيلارى كلينتون» الانتخابية والإعلامى «فان جونز» الذى وصف فوز «ترامب» فى الانتخابات الأمريكية بـ«الكابوس» وبأنه تراجع فى مسيرة التغيير و«دون ليمون» مذيع شبكة «سى. إن. إن» الذى وصفه «ترامب» فى إحدى تغريداته بأنه «أغبى رجل على شاشات التليفزيون» ،فرد المذيع الشهير بأن تعليق «ترامب» العنصرى ليس جديداً فطالما وصف الفاشيون المجتمع الأسود بأنه أقل ذكاءً وغيرهم من الشخصيات التى تتفق جميعها على معارضة «ترامب» ورفض أفكار اليمين العنصرية وخطاب الكراهية الذى تبثه.
وأثبتت التحقيقات  مع الضابط البالغ من العمر 49 عامًا أنه على صلة قوية بالتيارات المؤيدة لفكر «سيادة العرق الأبيض» وحركات «النازيون الجدد» - وهو تيار يمينى متطرف يرفض أى وجود لأصحاب البشرات غير البيضاء ويعتبر وجودهم فى أوروبا خطرًا على البيض ومهددًا لسيادة العرق الأبيض، بل إن وجودهم يمثل حربًا تهدف إلى إبادة العرق الأبيض، وبين أوراق «هاسون» عثرت الشرطة على أدلة أهم تشير إلى إيمانه واقتناعه التام بأفكار اليمين منها خطاب كتب فيه «لم أر يومًا نفعاً من التظاهرات فأنا رجل مواقف. لا يمكن تغيير العقول من خلال التظاهر، لكن يمكن تغييرها بقليل من العنف الموجه».
وكان أول تقرير يحذر من وجود أفراد جيش منتمين لليمين المتطرف قد صدر عام 2009 عن وزارة الأمن الداخلى، وأشار التقرير وقتها إلى محاولات اليمين لاستقطاب الجنود والضباط، لكن الإعلام رفض هذا التقرير واعتبره مبالغًا فيه وغير حقيقى،  بل اتهموه بأنه مهين للعسكرية الأمريكية، ونظراً للهجمة الإعلامية الشرسة التى تعرض لها التقرير اضطرت وزيرة الأمن الداخلى وقتها «جانيت نابوليتانو» إلى الاعتذار عن التقرير وقامت بحل الفريق المسئول عن تتبع تهديدات اليمين المتطرف، ويبدو أن هذا القرار قد سهّل مهمة اليمين الذى لم تجد الحركات المروجة لأفكاره أى رادع أمامها فاخترقت صفوف الجيش بسهولة وأصبح وجودها أمرًا واقعًا اليوم.
وفى عام 2012 وقع أكثر من حادث ربط بين اليمين والجيش الأمريكى منها القبض على ضابط بتهمة إدارة معسكر تدريب شبه عسكرى تابع للنازيين الجدد بولاية فلوريدا وتزويده بالسلاح، بينما قام ضابطان آخران بقتل ضابط سابق وصديقته بعد اكتشافه خططتهما لاغتيال الرئيس الأمريكى السابق «باراك أوباما»، وفى العام نفسه نشر فريق قناصة تابع للمارينز فى أفغانستان صورًا لأنفسهم رافعين علم النازية!
وفى تقرير لمركز بحثى أمريكى باسم «نيو أمريكا» أشارت إحصائيات الجرائم إلى أن الإرهاب الداخلى الذى قامت به تيارات اليمين المتطرف فى الولايات المتحدة ما بين عامى 2001 و2013 يمثل ضعف عدد هجمات الجهاديين الإرهابية خلال الفترة نفسها، لكن الإعلام ظل يركز على أن الإرهاب هو هجمات الجهاديين المسلمين ولم يلتفت إلى هجمات اليمين وتحريضهم المتصاعد!
>بريطانيا
كانت زيارة الزعيم المتطرف اليمينى الشاب «تومى روبنسون» لإحدى وحدات الجيش البريطانى والتقاط عدد من الجنود لصور معه بمثابة إعلان رسمى عن وجود مؤيدين لفكر اليمين فى صفوف الجيش، بعدها نشر روبنسون فيديو لعدد من الجنود أثناء غنائهم باسم «روبنسون» كما يغنى مؤيدوه فى الفعاليات التى ينظمها معتبراً أن هذا هو يوم مشرف بالنسبة له أن يسمع اسمه يترد على لسان أبناء الجيش. وبالفعل عزل الجيش بعض الجنود لمخالفتهم قواعد العسكرية البريطانية وأعلنت المتحدثة باسم الجيش أن «عقيدة اليمين المتطرف مخالفة تماماً لمبادئ القوات المسلحة وأخلاقياتها» مؤكدة أن الجيش لديه إجراءات صارمة لضمان معاقبة أى فرد يعبر عن آراء متطرفة، حيث لا يتسامح الجيش معه ولا يسمح باستمراره فى الخدمة العسكرية، وعلى الرغم من هذه التصريحات القوية فإن الحقيقة التى ظهرت من خلال الصور ومقاطع الفيديو هى أن التيار اليمينى لديه مؤيدون داخل الجيش.
وكان الجيش البريطانى قد شهد العام الماضى حادثًا شغل الصحافة والمحللين السياسيين بشكل بالغ عندما ألقت الشرطة البريطانية القبض على ضابطين بالجيش البريطانى بتهمة جمع السلاح استعداداً لحرب عرقية قادمة ضد غير البيض، وعثرت الشرطة على عدد من الخناجر والسواطير إلى جانب تذكارات وشعارات تخص النازيين الجدد وصور لهما مع الشعارات نفسها. أحد الضابطين ويدعى «ميكو فهفيلاينن» كتب فى أوراقه: «كونوا مستعدين للمواجهة والموت من أجل عرقكم فى المحاولة الأخيرة الممكنة من أجل البقاء».
>كندا
الوضع نفسه فى الجيش الكندى الذى أعلن أواخر العام الماضى عن وقف أربعة جنود لقيامهم بإدارة موقع إلكترونى يروج لأفكار اليمين ويبيع الملابس والأعلام وغيرها من السلع التى تمجد لسيادة العرق الأبيض.وتعتبر هذه الحادثة هى الأخيرة فى سلسلة من الحوادث المشابهة فى الجيش الكندى والتى تشير إلى توغل اليار اليمينى فى صفوف الجيش.
>ألمانيا
يواجه الجيش الألمانى نفس الخطر حالياً بعد القبض على ضابطين العام الماضى بتهمة تزوير هوية باسم لاجئ سورى والتخطيط لقتل سياسى مؤيد لبقاء المهاجرين بهدف اعتبارها عملاً إرهابيًا من جانب المسلمين، ومن ثم تأجيج مشاعر الكراهية ضد المهاجرين، كما شملت التحقيقات عددًا من الطلبة  فى الكليات العسكرية الألمانية، وأكدت وزيرة الدفاع الألمانية «أورسولا فون دير لين» أن قادة الضابط كانوا على علم بأفكاره العنصرية المتطرفة، لكنهم غضوا الطرف عنها واعتبروها مجرد قناعات شخصية لا تستدعى القلق، وكان تقرير خطير قد صدر عام 2017 ليؤكد أن الجيش الألمانى يحقق فى انتماء 2500 من أفراده إلى التيار اليمينى المتطرف. الغريب أن المشتبه بانتمائهم إلى اليمين من داخل الجيش الألمانى كانوا فقط 227 عام 2016، ولكن الأمر تضاعف فى العام التالى مع صعود تيار اليمين وزيادة حجم التأييد لأفكاره تزامناً مع تضاعف حجم المهاجرين من دول الشرق الأوسط التى دمرتها الحروب والإرهاب.>