الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكايات الألم فى عيد الأم!

حكايات الألم فى عيد الأم!
حكايات الألم فى عيد الأم!


إذا لم تجرب وجع الاشتياق لأمك المتوفاة فى عيد الأم فأنت لم تذق من هموم الدنيا شيئًا.. فما أصعب شعور الفقد والفراق لأم متوفاة فى يوم الأم.. فبينما يحتفل الكثيرون بأجمل النعم يجلس البعض منا يقلب فى ذكرياته ويتحسس بعض الأشياء ويقلبها لأنها من ريحة ست الحبايب التى ذهبت بحضنها الدافئ وجنتها الجميلة إلى السماء.. لكن الحنين إلى تلك الروح المضيئة كالقمر فى الليالى المظلمة لا يدرك معناه الكثيرون.
ميرفت حسن، سيدة بالـ62 من عمرها، فقدت أمها قبل 6 سنوات، رغم كبر عمر أمها فإنها لم تستطع تحمل فكرة موتها لفترة طويلة.
«صورة أمى جنبى فى كل مكان دى محطوطة جنبى على السرير» كانت أمها لم تفارقها نفسيًا مثلما فارقتها جسديًا، فكانت يوميًا تستيقظ لتبدأ بالتحدث معها «صباح الخير يا ماما عاملة إيه النهاردة» وتبدأ بقراءة قرآن لها.
لم تكن صورتها بجانبها على السرير هى الصورة الوحيدة فى الغرفة، فكلما كانت تنظر لمرآة الغرفة كانت تجد أمها تنظر لها أيضًا لتتحدث معها، «أنا لحد دلوقت بقعد أتكلم معاها وأشتكى لها ولما حد من ولادى يزعلنى بقعد أحكيلها وأعيط».
كان واحدًا من الذكريات التى لم تستطع نسيانها، يوم وفاة والدتها، عندما أخبرها الطبيب بأن أمها قد توفيت، وأنها لم تستطع تصديقه وظلت ترجوه لكى يخبرها بأن كلامه كان خاطئًا وأنها مجرد غيبوبة سكر، فقد أشارت إلى أن والدتها توفيت وهى تقطن عندها بالمنزل، وآخر 44 يومًا كانت تلازم «ميرفت» بشكل مستمر ولم تفارقها حتى بعدما توفيت.
رغم دموعها التى لم تفارقها أثناء الحديث، فإنها أشارت إلى أن كل عيد أم طوال الست أعوام السابقة كان الأسوأ، دائمًا ما كانت تحاول إخفاء مشاعرها ودموعها أمام أبنائها، لكن أغنية «ست الحبايب» كانت كفيلة بأن تعيد فتح جروحها التى لم تلتئم بعد.
كانت رائحة ملابسها ورائحة منديل شعرها الذى دائمًا ما كانت ترتديه ورائحة عطر والدتها ما كان يصبر ميرفت.
لم يكن عيد الأم فقط للأم، بل كان للجدة أيضًا، محمد حاتم صاحب الـ24 عامًا يحكى عن جدته التى عاش معها 22 عامًا.
بينما كان الجميع يخشى أن يظهر ضعفه ودموعه وخاصة الرجال، إلا أنه بمجرد التذكر والبدء فى الحكى عنها بدأت دموعه تنزف ألمًا وحزنًا على فراقها، فلم تكن مجرد فقط جدته التى يزورها مرة كل أسبوع أو شهر، فقد عاش معها طوال حياته، رغم وجود أمه فإنه لم يكن مفارقًا لجدته.
أوضح حاتم أن جدته توفيت قبل عامين، وفى اليوم الذى توفيت فيه كانت المرة الوحيدة التى لم يتوقع وفاتها، رغم مرضها وحالتها الصحية غير المستقرة فى الأعوام الأخيرة قبل وفاتها، فقد كان يراوده الكثير من الوقت أنها ستكون آخر مرة يراها، ولكن يوم وفاتها كانت الصدمة الكبيرة، فعندما دخل المنزل وجد أصوات القرآن وأقاربهم حاضرين يرتدون ملابس سوداء ويبكون، إلا أنه ظل فى صدمة لفترة لم تكن قصيرة.
لم توجد ذكرى معينة له مع جدته، فكان دائمًا ما يراها ويقضى أوقاته معها، ولكن مرتبط فى ذهنه حب جدته لمحمد منير، فكلما كان يسمع محمد منير يتذكرها.
بعد ما فارقت جدته الحياة، لم يستطع إلى الآن دخول منزلها، كان المرور من أمام شقته كفيلًا بأن يبدأ فى بث الحزن فى نفسه.
كانت طقوس يوم عيد الأم مختلفة تمامًا بعدما توفيت، فقد أشار  إلى أنهم لم يعودوا يجتمعون مع عائلتهم مثلما كانت موجودة.
لا توجد صورة تجمعهم سويًا «الناس بتتصور عشان تفتكر، أنا مش محتاج صور عشان أفتكرها عشان أنا مش بنساها، عشان هى لسه جوايا وذكرياتها حاضرة حتى لو هى غايبة».