السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روسيا».. عدو المملكة!

«روسيا».. عدو المملكة!
«روسيا».. عدو المملكة!


تعمل «مبادرة النزاهة»، وفقاً للوثائق المسربة حتى اليوم، فى عدد من الدول الأوروبية تحت ستار العمل الخيرى ونشر الديمقراطية والشفافية وغيرها من الشعارات البراقة التى تغطى الأنشطة الحقيقية للمبادرة التى تمول حملات إعلانية ومؤسسات صحفية وشخصيات مؤثرة فى المجتمعات الأوروبية. وتأتى «روسيا» على رأس الدول التى تستهدفها المبادرة أو على الأقل هى من أكثر الدول التى أظهرت الوثائق حجم النشاط السرى لهذا الكيان هناك سواء داخل روسيا أو فى الدول المجاورة لها.و نرصد هنا عدد ًامن القضايا التى كشفتها الوثائق:

>أزمة «شبه جزيرة القرم»
تكشف إحدى  الوثائق عن قيام «كريستوفر دونلى» مدير «مؤسسة ستيتكرافت» والمستشار الخاص للجنة الدفاع بمجلس العموم البريطانى بوضع عدد من النصائح أو الاقتراحات أمام السلطات البريطانية قبل أيام من «استفتاء القرم» على ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا والذى عقد فى 16 مارس 2014 وصوت الأغلبية لصالح الانضمام وبعدها تم توقيع معاهدة بين الجانبين وطردت القوات الأوكرانية من القرم التى كانت تسيطر عليها. وعلى إثر هذه الأحداث علقت مجموعة الثمانى G8 عضوية روسيا وفرضت عقوبات دولية على موسكو منذ ذلك الحين.
وبالعودة إلى «الوثيقة»،المؤرخة 1 مارس 2014، يؤكد «دونلى» أنه فى اللحظة الراهنة، وهو هنا يشير إلى الأيام التى سبقت الاستفتاء الذى قلب الأوضاع فى تلك المنطقة، فإن حكومة «كييف» غير قادرة على التفكير فى الواقع العسكرى مضيفاً أنهم لا يفهمون القوة العسكرية وما يمكن أن تفعله تلك القوة وما تعجز عن تحقيقه. وأوضح أيضا أن مسئولى هذه الحكومة لا يعرفون إذا كانت القوات العسكرية  الأوكرانية ستنفذ أى أوامر يصدرونها إليهم أم سيرفضون التنفيذ. وشبه الارتباك الشديد لحكومة «كييف» فى ذلك الوقت بـ«بأرنب يواجه ضوء السيارة الأمامى القوى». ووضع «دونلى» 6 اقتراحات قيد تصرف السلطات البريطانية وهى:
1 - وضع سياج من القوات العسكرية والألغام حول شبه جزيرة القرم والشاطىء الشمالى للقرم.
2 - زرع ألغام فى خليج/ميناء «سفاستوبل» وهو ما يمكن القيام به بسهولة باستخدام سفن نقل السيارات إذا لم يكن لديهم طبقات ألغام. والأمر لا يحتاج إلى الكثير من الألغام ليكون مؤثراً.
3 - يجب أن تحلق القوات الجوية بكامل طاقتها فوق شبه جزيرة القرم مع تفعيل الدفاعات الجوية. الروس سيقلقون إذا ما شعروا أن الأوكرانيين يمتلكون قدرات إلكترونية مماثلة لقدراتهم.
4 - «أوكرانيا» تمتلك  أسلحة مهمة للغاية مثل سلاح الموجات المضادة للأقمار الصناعية وعليهم استخدام تلك الأسلحة إذا كانوا ما زالوا يمتلكونها.
5 - تحتاج الحكومة إلى حملة معلومات  استراتيجية، فالجانب الروسى فقط هو من يصدر كل البيانات والمعلومات. يجب أن يضعوا رؤية واضحة طويلة – الأمد تلهم الشعب كى يستطيع الاستمرار فى مواجهة روسيا.
6 - يجب على «كييف» اليوم البدء فى مطالبة الغرب بتزويدهم بالنفط والغاز.
مقترحات لحصار روسيا فى كل المجالات
جاءت المقترحات فى وثيقة يعود تاريخها إلى بداية عام 2015  يلخص «فيكتور ماديرا»، الخبير فى شئون استخبارات روسيا والاتحاد السوفيتى  الذى ينتمى إلى «مؤسسة إدارة الدولة والحكم» IFS، عددًا من المقترحات  لعقوبات يمكن فرضها على روسيا فى مختلف المجالات. ففى مجال الاقتصاد اقترح تعليق  عضوية روسيا فى كل من «مجموعة الثمانية»  G8، منظمة التجارة العالمية» WTO،«منظمة التجارة الدولية»ITO وغيرها من المنظمات المشابهة، ومنع الوفود الروسية من حضور المؤتمرات التجارية والاقتصادية فى الخارج.و فى المجال الدبلوماسى، اقترح«ماديرا» حظر منح تأشيرات السفر لأهم  100 شخصية فى الحكومة الروسية وعائلاتهم مع تجميد أرصدتهم والإعلان عن حساباتهم السرية، واقترح أيضا أن تشمل العقوبات المجال الثقافى من خلال تعليق العمل بـ «المجلس الثقافى البريطانى» فى روسيا وتعليق النشاط الثقافى وكذلك الفنى الروسى من خلال منع زيارات فرق «البولشوى» و«باليه كيروف» وغيرهما إلى جانب منع أبناء أهم 100 شخصية بالحكومة الروسية من الدراسة فى الخارج.
أما فى مجال المعلومات، فجاءت اقتراحات «ماديرا» لتشير إلى مدى القلق الذى تشعر به الدوائر السياسية والإعلامية والاستخباراتية الغربية من التفوق الروسى فى مجال الإعلام، حيث اقترح رجل « مؤسسة إدارة الدولة والحكم»  أن يركز الإعلام الغربى على المتلقى الروسى وتزيد شبكة «بى.بى.سى.» من تغطيتها لأحداث روسيا وكل أخبارها بشكل مكثف فى مقابل فتح خدمات المواقع الإلكترونية لعدد من أهم الصحف العالمية مثل «نيويورك تايمز» ،«التايمز»،«كييف بوست» وغيرها من المواقع الإخبارية ،أى توقف أسلوب دفع اشتراك شهرى أو سنوى للاطلاع عليها وذلك بهدف مواجهة المواقع الإخبارية الروسية الناطقة بالإنجليزية والمنتشرة والمفتوحة مجانًا وأصبحت تجذب أعداداً متزايدة من المتابعين حول العالم.
بينما اقترح «ماديرا» القيام بدعاية سلبية ضد إقامة أى مسابقات رياضية داخل روسيا والتركيز إعلاميًا على إهدار «موسكو» لحقوق العمالة التى تبنى الملاعب  وإقامة التجهيزات المطلوبة لتلك  الأحداث الرياضية. ويبدو أن هذا الاقتراح تحديدًا قد تم تنفيذه بالفعل إذ رصدت «روزاليوسف» العديد من المقالات على مدار عام 2017 تركز على انتهاكات حقوق العمال القائمين على بناء الملاعب والتجهيز لبطولة كأس العالم التى أقيمت فى روسيا العام الماضى وهى صحف بريطانية وأمريكية ونرويجية.وبالطبع قد تكون هناك انتهاكات ،لكن المثير أن  هذه الصحف اهتمت بإبراز الانتهاكات على صفحات الرياضة أكثر من اهتمامها برصد التجهيزات الكبرى التى تمت بالفعل استعدادًا للحدث الرياضى الأهم على مستوى العالم والذى حققت روسيا من خلاله نجاحًا ومكاسب اقتصادية فاقت التوقعات. 
>محاولة اغتيال «سيرجى سكريبال» ولقاء مع قادة «الخوذ البيضاء»
لكن لم تكن  أزمة «شبه جزيرة القرم» ومحاولة العمل لإفشال المخططات الروسية وحدهما هو ما كشفت عنه الوثائق ،فهناك أيضا قضية محاولة اغتيال الجاسوس البريطانى «سيرجى سكريبال» الذى جندته بريطانيا أثناء عمله فى جهاز الاستخبارات الروسى وعندما كشفته «موسكو» تم تسليمه إلى «لندن» فى صفقة تبادل للجواسيس مع الولايات المتحدة الأمريكية». وكانت الاتهامات قد وجهت لـ«الكرملين»  بمحاولة الانتقام من «سكريبال» واغتياله وابنته . لكن الأوراق والوثائق التى تم تسريبها بخصوص هذه القضية تشير إلى أن الاستخبارات البريطانية نفسها دبرت حادث الاغتيال وروجت للاتهامات فى وسائل الإعلام بهدف تغيير السياسة الخارجية لبريطانيا تجاه «روسيا» .
ومن بين أهم الوثائق التى تم تسريبها هى تلك التى كشفت عن محتوى المناقشات التى دارت فى اجتماع سرى جمع السير «ريتشارد بارونز» الجنرال بالجيش البريطانى و«كريستوفر دونلى» المنتمى إلى  «مبادرة النزاهة»   التابعة لـ «مؤسسة إدارة الدولة والحكم» IFS وعدد من المنتمين للمبادرة أو الممولين لها. ووصف مجموعة القراصنة هذه الوثيقة بأنها تضم أسماء الحضور فى اجتماع مع قادة مجموعة «الخوذ البيضاء» ..و هى مجموعة أطلقت على نفسها هذا الاسم وتدعى أنها تتولى عمليات إنقاذ الضحايا خلال عمليات القصف الدائرة فى سوريا وأصبحت هذه المجموعة هى الشاهد الوحيد على تلك العمليات ،و تنقل وكالات الأنباء العالمية رواياتهم دون توثيق وساعد على ذلك وجودهم فى مناطق القصف والمواقع الخطيرة فى «سوريا» والتى يصعب على مراسلى وكالات الأنباء التواجد بها نظرًا لخطورتها من جهة ولوجود عناصر تنظيمى «داعش» و«القاعدة» هناك وهو ما يضاعف من خطورة تواجد الإعلام. وقد شككت العديد من التقارير الصحفية فى هذه المجموعة وأشارت إلى أنهم جزء من «جيش النصرة» ورصدت عدد من المقاطع المصورة احتفالهم مع العناصر الإرهابية بمقتل أفراد من الجيش السورى رغم ادعائهم الدائم بأنهم يقفون على الحياد.
وقد أشارت بعض التقارير الصحفية إلى احتمال أن يكون هذا الاجتماع الذى سبق محاولة اغتيال «سكريبال» وابنته قد ناقش أيضًا تفاصيل العملية. أما السبب وراء هذا الاعتقاد فهو أن من  بين الأسماء التى حضرت الاجتماع  «دانكان آلان» محلل الأبحاث فى « وزارة الخارجية وشئون الكومنولث» البريطانى، والذى يشغل اليوم منصب نائب مدير محللى الأبحاث بالوزارة لكن الأهم من كل ذلك  أن «آلان» يعد أهم باحثى الوزارة المتخصصين فى شئون روسيا والاتحاد السوفيتى السابق إلى جانب «بابلو ميلر» ضابط «الاستخبارات الخارجية البريطانية» MI6 الذى تولى لسنوات طويلة ملف «سكريبال»،بل إنه يسكن بجانبه فى ساليسبرى. والأكثر أن السلطات البريطانية «ميلر» أمرت بمنع ذكر اسم الرجل فى الإعلام بعد حادث «سكريبال». وهنا يبدأ الشك فى حقيقة ما دار فى هذا الاجتماع وهو ما لم تذكره الوثيقة تفصيلياً، لكن مناقشة أمور «الخوذ البيضاء» بالتأكيد لم يكن هو فقط الهدف من الاجتماع الذى جمع أشخاصًا على صلة بجهاز الاستخبارات وقريبين من «سكريبال» فى الوقت نفسه. ومما يؤكد هذه الشكوك وجود اسم آخر هو «هاوارد بودى» مساعد رئيس الدعم العلمى بمعمل أبحاث الأسلحة الكيماوية  فى «بورتون داون» القريبة من «ساليسبرى» أيضاَ!! الأغرب هنا أن «بودى» ليس لديه أى مؤهل علمى يجعله يستحق هذا المنصب فهو مساعد مدير التحليل الاستراتيجى بـ«وزارة الدفاع» البريطانية.
الاجتماع الذى تمت عنونته بـ «قائمة  سى.ان.دى.العامة 2» او “CND Gen list 2”  يأتى على رأسها بالطبع صاحب هذه الحروف الأولى وهو «كريستوفر نيجل دونلى» وهو مدير «مؤسسة إدارة الدولة والحكم» و«مبادرة النزاهة»  ضابط كبير بالاستخبارات العسكرية البريطانية . القائمة تضم 6 شخصيات تعمل بـ«وزارة الدفاع البريطانية» MOD سواء فى أجهزة الاستخبارات أو جهات أخرى إلى جانب «زاتشارى هاركنرايدر» المستشار السياسى للسفارة الأمريكية بـ»لندن». وأخيرًا هناك «هيلين بودن» المديرة السابقة لقسم «الأخبار والشئون الجارية» بشبكة «بى،بى،سى» .كل هذه الشخصيات ما بين إعلام واستخبارات ومحللين سياسيين اجتمعوا مع مجموعة «الخوذ البيضاء» ،كما يقول القراصنة لكن لا تزال هناك المزيد من التسريبات لديهم وقد تكشف قريبًا عما دار داخل هذا الاجتماع وأن كان قد تمت مناقشة محاولة اغتيال «سكريبال».
الوثائق لم تنته بعد والقراصنة لم يعلنوا انتهاءهم من التسريبات حتى اليوم ،لكن حملات الإعلام الروسى ضد المبادرة والحكومة البريطانية تزداد وفى المقابل لا يوجد نفى من المبادرة، لكن هناك دفاع عن أهداف الحملة فى الصحافة حيث يرى البعض أنها تهدف إلى مواجهة الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة التى تنشرها «موسكو» وتروج لها من خلال قنواتها ومواقعها وغير ذلك من القنوات ،وفى الوقت نفسه يرى نفس الصحفيين أن التسريبات تعد فى حد ذاتها جزءًا من المعلومات المغلوطة التى تروج لها روسيا رغم اعترافهم بصحة محتوى التسريبات!>