الجمعة 31 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل تتآمر «بريطانيا» على دول «الناتو»؟!

هل تتآمر «بريطانيا» على دول «الناتو»؟!
هل تتآمر «بريطانيا» على دول «الناتو»؟!


على الرغم من كون المبادرة «بريطانية» فى الأساس، إلا أنها استهدفت دولًا أوروبية صديقة وحليفة وأعضاء بحلف «الناتو». فالمبادرة ليست مجرد مؤسسة فكرية بل هى بمثابة مركز أبحاث وتجنيد تابع للاستخبارات البريطانية ولذلك فالعمل يتم على كل المستويات السياسية والأكاديمية والعسكرية ويشمل جميع الدول التى تؤثر أوضاعها وسياساتها على مستقبل أوروبا وأمريكا.

 والتحركات السرية لهذا الكيان، أو بالأحرى التى كانت سرية قبل فضحها، مخطط لها ومدروسة بمنتهى الدقة كما يظهر جليًا من الوثائق التى كشفت مخططات «لندن» و«واشنطن» للتأثير على الرأى العام الأوروبى فى الكثير من الأمور.. ونحاول هنا إلقاء الضوء على جزء صغير من هذه الوثائق التى تخص عددًا من دول أوروبا بما فيها «بريطانيا» نفسها.
>بريطانيا
لم يسلم السياسى اليسارى البريطانى «جيرمى كوربن» من مخططات «المبادرة» التى سعت إلى تشويه صورته بهدف إضعاف شعبيته التى زادت فى السنوات الأخيرة واقتربت من تهديد صعود اليمين فى بريطانيا. و«كوربن» هو زعيم حزب العمال الاشتراكى فى بريطانيا وقد جذبت تكتيكاته وتحركاته مؤخرًا انتباه الأحزاب المشابهة فى أوروبا وخاصة «هولندا»، «ألمانيا»، «إيطاليا» و«فرنسا». ساعد فى نجاح كوربن دعم حركة اشتراكية بريطانية باسم «مومنتم» التى تأسست عام 2015 على يد «جون لانسمان»، «أما ريز» و«جيمز شتيدر» وذلك بعد أربعة أسابيع من إعلان فوز «كوربن» برئاسة «حزب العمال» وهى حركة تصف نفسها بأنها شعبية وتسعى لدعم حزب العمال اليسارى وزعيمه الحالى «جيرمى كوربن».
وكان عدد من أعضاء البرلمان البريطانى قد حذروا من احتمال انضمام الحركات البريطانية الصغيرة التى تحمل نفس الأفكار إلى «مومنتم» ومنها «الائتلاف الاتحادى الاشتراكى»، «اتحاد اليسار»، «حزب العمال الاشتراكى SWP»، «الحزب الاشتراكى» و«تحالف تحرير العمال».. وهو ما قد يجعل «حزب العمال» فى الصدارة بلا منافس. والحقيقة أن عددًا من هذه الحركات تفكر فى الانضمام إلى «مومنتم» بعد ظهور «كوربن» مؤكدين على اتفاقهم معه فكريًا إلى أبعد الحدود. وقد أصدرت الحركة فى يناير 2017 لائحة جديدة لها اشترطت فيها أن يكون جميع أعضائها منتمين لحزب العمال بشكل رسمى. والحركة تتمتع بعلاقات قوية مع الحركات المشابهة فى أوروبا وأمريكا الشمالية ومنها حركة «ليب» الكندية، «الحزب الديمقراطى الاشتراكى» الألمانى، «الديمقراطيين الاشتراكيين فى أمريكا» وعدد من المنظمات اليونانية.
والسؤال هنا هل تم استهداف «كوربن»، الذى ارتفع عدد أعضاء حزبه اليسارى بشكل مذهل منذ توليه رئاسته، فى إطار حملة لكسر شوكة اليسار فى أوروبا وخوفًا من مساعى الرجل لتوحيد اليسار الأوروبى على غرار ما يفعله مستشار «ترامب» السابق «ستيف بانون» الذى يسعى لتوحيد اليمين الأوروبى؟ هل تقف «مومنتم» اليسارية فى مواجهة «الحركة» اليمينية التى أسسها «بانون»؟.. أسئلة ستجيب عنها الشهور القادمة.. لكن المؤكد اليوم هو أن اليمين الأمريكى والأوروبى قد اتحدا بالفعل واليسار أيضًا يسعى لتحقيق الهدف نفسه بزعامة «كوربن» والخوف من المواجهة بين الطرفين المتطرفين اللذين إذا وصل أحدهما للحكم فلن يكون هناك مكان للآخر وستظل لعبة القط والفأر بينهما حتى يسيطر أحدهما.
وباختصار نشير إلى بعض ما كشفت عنه وثائق القراصنة من أسرار «مبادرة النزاهة» حول كوربن إذ نجد بين الأوراق وثيقة تشبه الدراسة حول «كوربن» لكن لا يوجد ما يشير إلى أن هناك تحركًا أو خطة لتشويهه.
لكننا لم نقف هنا وبالبحث فى أسماء الصحفيين المنتمين إلى «مبادرة النزاهة»، وجدنا بعض الوثائق التى تحمل أسماءهم، لتكون المفاجأة أن هؤلاء الصحفيين لم يكتبوا مقالات ضد روسيا فقط بل اشتركوا فى أنهم كتبوا مقالات وغردوا عبر موقع «تويتر» ضد كل من «كوربن» و«جوليان أسانج» مؤسس موقع «ويكيليكس». ومن بين هؤلاء الصحفيين «ناتالى نوجايريدى» التى كتبت ضد روسيا وانتقدت نشرها لأخبار كاذبة ومغلوطة وكتبت أيضًا مقالات عدة ضد «كوربن» فى صحيفة «جارديان» حاولت فيها انتقاد تصريحاته وإظهاره كرجل ساذج لا يستطيع التفريق بين الحوار مع الآخر ودعم الجماعات المتطرفة.
كما حضر 3 صحفيين بريطانيين أحد مؤتمرات المبادرة وفقًا للوثائق.. وهم: «كارول كادوالادار»، التى اتهمت «كوربن» فى مقاله بـ«جارديان» بأنه على علاقة باليمين المتطرف وهو اتهام يبدو ساذجًا لكنه قد يطيح بمستقبل الرجل السياسى إلى جانب تغريداتها المنتقدة له على مدار العام الماضى، و«نك كوهين» الذى اتهم زعيم اليسار فى مقال فى نفس الصحيفة بأنه يؤمن بأفكار قديمة وبالية ويحاول تطبيقها، و«جيمز بال» الذى يستخدم حسابه على «تويتر» لشن هجومه على «كوربن».
>ألمانيا
حظت ألمانيا باهتمام خاص من المبادرة وهكذا بدا من الوثائق المسربة حيث إن عدد الشخصيات التى تعمل لحسابها وثقلهم فى المجتمع الألمانى مذهل. وبالطبع لن يسعنا هنا الحديث عن كل ما يخص ألمانيا من وثائق ولذلك سنتحدث باختصار عن الشخصيات والمخططات. ويأتى على رأس هؤلاء «هانز آدوميت» الخبير فى الشئون السياسية الروسية وهو كبير الباحثين بـ«مؤسسة السياسة الأمنيةIPSK»، بـ«جامعة كيل» الألمانية. ومن بين الأسماء «جوكهيم كراوز» صديق «آدوميت» المقرب وزميله السابق فى «مؤسسة الشئون الدولية والأمنية» والذى يشغل حاليًا منصب رئيس «مؤسسة السياسات الأمنية» التى يعمل بها الأول.
إحدى الوثائق تشير إلى لقاء بين «آدوميت» وكل من «ماريلويز بيك» العضو السابق بالبرلمان الألمانى ومؤسس مركز الأبحاث «مركز الليبرالية الحديثة»، «كلاوديا فون سالزن» الصحفية بجريدة «دير شبيجل» الألمانية الشهيرة والأكاديمية «سوزان سباهن». اللقاء بهدف الاطلاع على طبيعة عمل المبادرة ودور كل منهم داخل ألمانيا.
وهناك أيضًا «هارولد الستون» عميل الاستخبارات البريطانية MI6 الذى قام بعدد من العمليات الاستخباراتية فى الاتحاد السوفيتى السابق وبالتالى فاستعانة المبادرة الاستخباراتية به أمر طبيعى.
>إسبانيا
فى 19 ديسمبر 2017 اجتمعت لجنة الثقافة والإعلام والرياضة بـ«مجلس العموم» الإسبانى فى جلسة استماع للوقوف على حقيقة التدخل الروسى فى استفتاء استقلال «إقليم كاتالونيا» والذى عقد فى أكتوبر عام 2017 وذلك من خلال عميليها «جوليان أسانج» و«إدوارد سنودن» وكان من بين الحضور فى هذه الجلسة «دافيد الاندتى» الصحفى بجريدة «البايس» و«فرانشسكو دى بوراجا لاشيراس» مدير المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية و«ميرا ميلوسوفيتش» كبير الباحثين فى الشأن الروسى والأوروآسيوى بمؤسسة «الكانو».
وقد أدت الشهادات التى أدلى بها عملاء «مبادرة النزاهة» الثلاثة إلى تهديد الأكوادور بتسليم أسانج إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقطع الإنترنت عنه ومنع الزيارات له داخل سفارتها فى لندن إلى جانب تهديد «بريطانيا» بالقبض عليه فور خروجه من السفارة.
وثيقة أخرى أوضحت تفاصيل عملية قادتها المبادرة فى يونيو الماضى ضد ترشيح الكولونيل «بدرو بانوس» لوزارة الأمن الداخلى الإسبانية بعد أن شعرت المبادرة أن الرجل قد يقف فى طريق تنفيذ مخططاتهم ضد روسيا. تشبه هذه العملية إلى حد كبير ما حدث مع زعيم اليسار البريطانى «جيرمى كوربن».اعتمد المخطط على تشويه صورة «بانوس» من خلال عدة مقالات نشرتها صحيفتا «الموندو» و«الباييس» الإسبانيتان تتهمان الرجل بالتعاطف مع «روسيا» وكان الدليل الذى ساقته الصحيفتان هو أن الكولونيل يظهر باستمرار فى قناتى «روسيا اليوم» و«سبوتنك» الروسيتين وادعت الصحيفتان أن هذا الظهور المستمر ممول من حكومة «بوتين»، بالإضافة إلى تعليقه على خبر عبر موقع «تويتر» عن استفتاء على شعبية بوتين حصل فيه الرئيس الروسى على نسبة 74%، فتساءل «بانوس» تعليقًا على الخبر «ألا نحب أن يكون لدينا زعيم سياسى يتمتع بنصف شعبية بوتين داخل الاتحاد الأوروبى؟». نجحت المبادرة التابعة للحكومة البريطانية بالفعل فى مخططها فى إسبانيا التى تعتبر دولة أوروبية وحليفًا فى «الناتو».
 وهناك أيضًا عدد من الوثائق التى تخص إسبانيا وتكشف إحداها عن دراسة وافية، محددة وشديدة الاختصار بعنوان «لماذا يصعب التعامل مع مسألة روسيا فى إسبانيا وما الخطوات التى يجب اتخاذها فى هذا الشأن؟». توضح الوثيقة أن السفارة الروسية فى «إسبانيا» تعمل بنشاط ولها علاقات بالعديد من الشخصيات الهامة والمؤثرة خاصة داخل الحكومة الإسبانية، «وزارة الدفاع»، «وزارة الخارجية» وقطاع الأعمال. كما أنهم، وفقًا للوثيقة ينظرون إلى «بوتين» بوصفه منقذًا للجالية المسيحية فى «سوريا».
أما الخطوات أو خطة العمل التى تقترحها الوثيقة لتشويه صورة «موسكو» فى إسبانيا فهى تجنيد العديد من الأصوات فى مختلف المجالات بدءًا من «وزارة الدفاع» وأعضاء البرلمان والسياسيين وصولًا إلى الحسابات المهمة والواسعة الانتشار على موقع «تويتر» والتى تعارض التقارب الإسبانى - الروسى إلى جانب نشر الوعى بأجندة «روسيا» الخطيرة. ومن بين النقاط التى نصحت الوثيقة بالتركيز عليها سواء فى تقارير شبكة «بى.بى.سى.» أو الإعلام والصحافة الإسبانية اضطهاد حكومة «بوتين» للمثليين خاصة أن إسبانيا تعد من أكثر المجتمعات الأوروبية التى ترفض اضطهاد الأقليات.
>فرنسا
تضم وثائق «باريس» فاتورة بمبلغ 800 جنيه استرلينى باسم «فرانسواز توم» مقابل كتابة مقال «الحزب الروسى فى فرنسا» والذى سينشر فى يونيو 2016. الفاتورة مؤرخة بتاريخ 8 مايو 2016. و«فرانسواز» ليست مجرد كاتبة مقال بل أستاذة بواحدة من أعرق جامعات العالم وهى جامعة «السوربون» حيث تدرس للطلبة هناك تاريخ العلاقات الدولية والحرب الباردة.
> اليونان
إحدى الوثائق المهمة التى تخص «أثينا» وتتكون من 8 صفحات تتحدث عن عدد من الشخصيات التى ترى «مبادرة النزاهة» أنها ممولة من روسيا فى إطار حرب المعلومات الروسية فى أوروبا. وعلى رأس هذه الشخصيات نجد المليونير اليونانى ذا الأصول الروسية «إيفان سافيدس» والذى قامت مؤسسته الخيرية «مؤسسة سافيديس الخيرية» فى عام 2016 بمبادرة للتعاون مع جامعة أثينا، التى تعد من أعرق وأهم جامعات اليونان إذ تأسست عام 1821. الاتفاق شمل تمويل المؤسسة للجامعة بمبلغ 60 ألف يورو سنويًا لمدة 4 سنوات لتغطية مرتبات وتكاليف المحاضرين والأساتذة ذوي الخبرة فى اللغة والثقافة الروسية. وعقد سافيديس اتفاقًا مشابهًا مع جامعة أريستوتاليان اليونانية. وفى الوقت نفسه،يسيطر يافيدس، وفقًا، لما جاء بالوثيقة، على قطاعى الإعلام والرياضة أيضًا فى اليونان حتى إنه اشترى نادى «باوك» الرياضى والذى يعد من أشهر فرق كرة القدم فى اليونان.. وهو النادى الذى احترف فيه اللاعب المصرى عمرو وردة لفترة قبل انتقاله إلى فريق آخر. جدير بالذكر أن «سافيديس» يتمتع بالفعل بعلاقات قوية مع الرئيس «بوتين».>