الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العجز لدى العرب لا في العربية

العجز لدى العرب لا في العربية
العجز لدى العرب لا في العربية


يحظى أحمد بيضون، مفكّرًا وشاعرًا ولغويًّا، فى موطنه لبنان، بتقدير عالٍ من الزملاء والتلاميذ والأدباء والمهتمّين بحقل اللغة. وهذه الأخيرة أولاها بيضون اهتمامًا مُحبًّا ومتبحّرًا فى أكثر من مؤلّف.
فى الإصدار الأخير له بعنوان «فى صحبة العربية.. منافذ إلى لغة وأساليب» عن دار الجديد، يصحبنا بيضون فى أسلوب هادئ ومفصّل وممتع وبفصحى بليغة وبسيطة فى نفس الوقت فى نزهة تجمع مقالات ومباحث سابقة له، نُشرت فى مجلّات ومناسبات لغوية وثقافية بارزة، على مدار تاريخه الحافل. نكون بانتهاء النزهة غير الطويلة أو المملّة تلك؛ على معرفة بالتحوّلات التى طالت اللغة العربية، ويدرجها هذا الكتاب فيما شبّهه المختصّون بـ«الوصف الزمنى لتطوّرات العربية».
يهتم بيضون بما يسمّيه «السلطة اللغوية» وحدودها بوصفها «ضمير جمعى» لا ينحصر فقط فى أعمال علماء ومُصحّحى اللغة أو جدران المجامع اللغوية العربية. هذه السلطة تسمح بـ«التوليد المعجمى» لمفردات تواكب الحديث دائمًا. ومن هذا الحديث تولّد لغة خاصة بوسائل التواصل الاجتماعى،لغة اخترع لها الكاتب اللبنانى تعبير «الفسبكة».
صاحب «كلمن: من مفردات اللغة إلى مركّبات الثقافة» يرى أن المشكلة فيما يطرأ على اللغة العربية من تحديثات ومستجدّات، ليست فى العربية ذاتها، بل لدى العرب أنفسهم، وهم القائمة منجزات أغلبهم الأعمّ على «الاستهلاك» «والاشتقاق»، أو كما يكتب: «تلقف العاميات الأسماء الأجنبية وتبتلعها» بلا أى مراعاة لفروق وخلفيات تاريخية للغة. ويرصد كتاب «فى صحبة العربية» أسباب تخلّى الخطاب الدينى والسياسى والأدبى عن الفصحى لصالح العامية، بينما هو لا يرى تنافرًا أو تنافسًا بين العامية والفصحى، وأن بإمكانهما أن يمتزجا ويستفيدا من روافدهما، لأن اللهجات أحد تطوّرات «كلام العرب» كما يأتى بيضون فى نظريته فى اللغة والثقافة.
الكتاب مرتّب، مقسّم إلى أبحاث ممكن اعتبارها مدخلاً، يختتمها بدراسة عن مصطلح «الطائفية» ودلالاتها، ثم قسم وسط قبل الخاتمة، يقدّم فيه دراستين لافتتين واحدة عن الشاعر غسان توينى وأسلوبه، والثانية عن غناء فيروز لكلمات زياد ثم انفصاله عنها، عن صوت فيروز الذى اكتسب لونه من الأخوين رحبانى ثم تحليل لكلمات الأغانى ودلالاتها.>