السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

4 مناطق تدق طبول الحرب!

4 مناطق تدق طبول الحرب!
4 مناطق تدق طبول الحرب!


الزخم السياسى، أهم ما مَيَز المسرح الدولى فى العام 2018، نتيجة للأحداث المتتالية، التى اختلفت من دقيقة لأخرى، وعصفت بكثير من القرارات، مغيرهً العديد من التحركات الاستراتيجية الدولية..واليوم، ومع ازدياد قوة «الصين»، ورفض «روسيا» للنظام الدولى، الذى تفرضه «الولايات المتحدة» وحلفاؤها، تصدّرَ صراع القوى العظمى قائمة النزاعات.
بشكل عام؛ لانزال فى عملية انتقال إلى نظام عالمى متعدد الأقطاب، بين «النسر الأمريكى، والدب الروسى، والتنين الصينى»، ومن بعدهم يأتى الاتحاد الأوروبى، وصعود قوة «اليابان»، اللتان تعدان من أقوى الأطراف الفاعلة فى الوقت الحالى، يليهما دول «الهند، والبرازيل، وتركيا»، التى تستعد لمستقبل أقوى، من أجل إثبات جدارتها على الساحة الدولية قريبًا، لذلك يرى عدد من المحللين، والخبراء الاستراتيجيين العالميين، أن التوترات ستهيمن على عالم السياسة فى العام 2019، وعلى رأسها النزاع «الأمريكى- الصينى»، بجانب التغييرات فى الاتحاد الأوروبى، ويليهما مستقبل البرامج النووية لدولتَى «إيران»، و«كوريا الشمالية»، بالإضافة إلى التوترات بين (روسيا، والغرب). ناهيك عن زيادة النفوذ داخل منطقة «الشرق الأوسط»، والقارة الإفريقية الغنية.
وبناء على شواهد 2018م، تنبأ العديد من الخبراء بأن النزاع المقبل، سوف يندلع فى واحدة من أربع مناطق مختلفة، يتوقف اشتعال كل واحدة منها، حسب الاستعدادات اللازمة، وتغيرات سير الأحداث، والجدول الزمنى الاستراتيجى لكل دولة، ولكن المثير، هو أن (الولايات المتحدة) هى الطرف الثانى فى جميع هذه النزاعات، وهى نتيجة طبيعية، لتدخلها فى معظم القضايا الدولية، بحجة «إفشاء السلام». ورُغم أن (واشنطن) لن تفتح - بالطبع - عدة جبهات نزاع فى آن واحد؛ فإنه من السهل على أعدائها، أن يورطوا الإدارة الأمريكية فى تلك الجبهات لاستنزافها سياسيّا، وإنهاكها عسكريّا..وهو أكثر ما يخشاه صناع القرار الأمريكى.
>بحر الصين الجنوبى
أصبح «بحر الصين الجنوبى» منطقة صِدام تجارى متزايد بين (الولايات المتحدة والصين). يقتصر الصراع فى الوقت الحالى على تبادل الطرفين الخطابات الساخنة، ومشاكل التعريفات الجمركية، والعقوبات التجارية، وغيرها من التحركات المعادية، أمّا التصعيد الأخير فقد جاء من كندا والولايات المتحدة معًا، بعد إلقاء القبض على مسئول تنفيذى فى شركة «هواوى» الصينية، بحجة انتهاكه العقوبات المفروضة على (إيران).وردت الصين باتخاذ خطوات مضادة تجاه المواطنين الكنديين، والشركات الأمريكية، كما حثت الشركات الصينية موظفيها على مقاطعة شركة «أبل» الأمريكية. هذا إلى جانب تصريحات الرئيس الصينى «شى جين بينج» فى خطاب ألقاه منذ أيام، بأنه: «لا يوجد أحد فى وضع يملى على الشعب الصينى ما ينبغى، وما لا ينبغى القيام به».
جاءت تلك التصعيدات، رُغم توصُّل الطرفين إلى تسوية متواضعة، بشأن التجارة على هامش قمة مجموعة العشرين G20، التى عقدت فى (الأرجنتين) فى ديسمبر الجارى. وعليه، يتوقع الخبراء الاستراتيجيون، أن العلاقة بين الحكومتين ستصبح عدائية، وستتعقد الأمور أكثر على المستويين الاقتصادى والسياسى.
كما أكد تقرير أصدرته «الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية»، أن النزاع الحالى يعوق النمو الاقتصادى فى كلا البلدين، ويمكن أن يكون له تأثير أكبر على (الصين) من (الولايات المتحدة)، متوقعة ثلاثة سيناريوهات محتملة، كان الأكيد فى جميعها، هو أن الحكومتين ستشهدان انخفاضًا كبيرًا فى الصادرات، والعمالة.
فعلى سبيل المثال، فى أسوأ السيناريوهات، التى تفرض بموجبها الدولتان تعريفة جمركية، بنسبة 25 % على صادرات كل منهما؛ فإن صادرات (الصين) قد تنخفض بمقدار 9.7 %، بينما ستنخفض الصادرات الأمريكية بنسبة 10.9 %. وفيما يتعلق بالعمالة، إذا حافظ البلدان على التعريفات الحالية لسلع بعضهما البعض؛ فإن الحكومة الصينية ستخسر 8.6 مليون وظيفة، بينما تخسر الحكومة الأمريكية 1.25 مليون وظيفة، ولكن يذكر أن (الصين) أضافت 13.51 مليون موظف فى العام 2017م، فى حين أضافت (الولايات المتحدة) 2 مليون فقط.
الأسوأ فى النزاع القائم والتعريفات الجمركية، وحركة التجارة هو محاولة (بكين) فرض سيطرتها على بحر الصين الجنوبى نفسه، نتيجة لحجم «النفط، والغاز» فى تلك المنطقة، وهو ما يثير غضب الإدارة الأمريكية، التى تحاول فى المقابل دعم جميع الدول المحيطة بالصين سياسيا وعسكريّا من أجل مصالحها الشخصية.
ولكن يبدو أن (بكين) مستعدة تمامًا لجميع تحركات (واشنطن)، إذ تتعامل بكين مع جيرانها بجنوب شرق آسيا بحنكة شديدة، فتعرض عليهم تكاليف الدعم الفنى، ورأس المال، واستثمارات عمليات التنقيب عن النفط، والغاز المشترك فى بحر الصين الجنوبى. وفى الوقت نفسه؛ تعاقب الدول التى تبذل جهودًا استكشافية أحادية الجانب مثل (فيتنام) التى تم تهديدها عسكريّا. ومن جانب (الصين) فيعد الغاز ضرورة مُلحة فى حربها ضد (الولايات المتحدة) لتقلل من مخاطر تهديد استيراد الغاز، حتى لا تكون ورقة ضغط عليها. ناهيك أن بحر الصين الجنوبى يُعد طريق عبور لشحنات «النفط، والغاز»، وغيرهما من (الشرق الأوسط وإفريقيا)ِ، فتساعد الأهمية الاستراتيجية لهذه المياه فى تفسير سبب قيام (بكين) بعسكرة المناطق البحرية المتنازع عليها هناك، وهو ما يعتبره الخبراء الأمنيون الأمريكيون ضربة قوية للقيادة الأمريكية فى المنطقة، وأنه لايزال يتعين على (واشنطن) صياغة استراتيجية متماسكة تجاهها.
>أوكرانيا
أمّا المنطقة الثانية المرشحة؛ فهى دولة (أوكرانيا)، نتيجة للتوترات الأخيرة، التى حدثت بينها وبين (روسيا) فى نوفمبر الماضى، بعدما أطلقت قوات روسية النار على طواقم السفن الأوكرانية، واحتجزت ثلاث سُفن حربية منها، عند مضيق «كيرتش» (وهو الطريق البحرى الوحيد بين «البحر الأسود، وبحر آزوف». ويعتبر محورًا استراتيجيّا ذا أهمية قصوى لكلتا الدولتين). وقد أوضحت (موسكو) حينها، أن السفن الأوكرانية، قد تعدت حدود (روسيا) فى مياهها الإقليمية، دون أن تُبلغ السُّلطات، بينما نفت (كييف) تلك الاتهامات تمامًا. ومن وقتها، صارت الدولتان تلقى باللوم على الأخرى بشأن الحادث، وغير معروف-  حتى الآن- مَنْ المتسبب فى الأزمة!
لاتزال التوترات بين الدولتين تتأجج، نتيجة للدعم الذى توفره (واشنطن) للحكومة الأوكرانية؛ حيث كان آخر تحرُّك أمريكى تجاهها، هو تصريح الخارجية الأمريكية فى 21ديسمبر الماضى، بأنهم سيقدمون مساعدات إضافية بقيمة 10ملايين دولار، من أجل تعزيز قدرات البحرية الأوكرانية، ردّا على التصعيد الروسى.
يذكر أن «الكرملن» كان على عِلْم مسبق بتخطيطات «البيت الأبيض»، وهو ما اعتبره الخبراء الأمريكىون صفعة روسية. فرأت (روسيا) من اليوم الأول، أن هدف (أوكرانيا) من تفجير هذا الصدام مع جارتها هو الحصول على دعم اقتصادى من الغرب، وهو ما يخدم مصالح الطرفين بالطبع؛ لأن عدوهما صار واحدًا، وهو (روسيا).
عدد من المحللين الروس، أوضح أن الجانب الأوكرانى يسعى لاستمرار حكومته بدعم من الغرب؛ حيث ألقوا الضوء على هبوط الاقتصاد الأوكرانى، وأشاروا إلى الناتج المحلى الإجمالى لـ(أوكرانيا) قبل الإطاحة بالرئيس الأوكرانى «فيكتور يانوكوفيتش» فى العام 2014م، وصل إلى 183مليار دولار، مقارنة بـ112مليار دولار فقط فى 2017م، وصارت الحكومة الأوكرانية تعتمد على المعونات، وقروض النقد الدولى، وهى أوضاع يخشاها الرئيس الأوكرانى الحالى «بيوتر بوروشينكو»؛ لأن الانتخابات الأوكرانية صارت على الأبواب، إذ إنه من المقرر عقدها فى 31مارس 2019م.
وأضاف المحللون إن السبب الثانى للصِّدام، هو توقف المدفوعات الروسية للحكومة الأوكرانية، مقابل عبور الغاز الروسى عَبر أراضيها؛ حيث تحاول (موسكو) تغيير خط نقل الغاز، الذى يمر عَبر (أوكرانيا) لدول الاتحاد الأوروبى، بعد أن وجدت أن (واشنطن) متأكدة تمامًا أن (أوكرانيا) هى الطريق الوحيد، ولذلك حاولت الإدارة الأمريكية، بل نجحت، إلى حد ما، فى استغلال تلك الثغرة. ولم تجد الحكومة الروسية مخرجًا سوى إنشاء خط أنابيب «السيل التركى»، الذى أصبح البديل المفضل عن الطريق الأوكرانى؛ حيث سيمر الغاز عبر دول (بلغاريا، وصربيا) بدءًا من العام 2020م، ثم (المجر) فى العام 2021م، فى النصف الثانى من العام 2022م يصل الغاز إلى (سلوفاكيا)، وقد تنضم (اليونان) إليهم فى المستقبل.
وإلى جانب هذا الطريق البديل يوجد خط غاز آخر، وهو خط «الشمالى - 2»، الذى يزعج الإدارة الأمريكية بشدة؛ لأنه يهدف لنقل الغاز الروسى إلى أوروبا الغربية (سوق استيراد الغاز المسال الأمريكى)، ومن المقرر أن ينتهى بناؤه فى العام 2019م، وفقًا لموقع «روسيا اليوم». لذلك تسعى (واشنطن) لإفشال هذا المشروع، أو تعطيله بكل الوسائل. فبعيدًا عن الثورات الأوروبية الأخيرة، التى تُتهم (الولايات المتحدة) بإشعالها، طلبت الخارجية الأمريكية، من الدول الأوروبية، فى 27نوفمبر الماضى، تشديد العقوبات على (روسيا)، وكذلك فرض عقوبات على مشروع «السيل الشمالD-2»، بحجة التصعيد الروسى ضد (أوكرانيا). وبعدها بأسبوعين اعتمد مجلس النواب الأمريكى قرارًا يعارض مد خط الأنابيب الروسى لأوروبا الغربية.
ولكن فى المقابل لم تقف (روسيا) مكتوفة الأيدى، أمام محاولات (واشنطن، وكييف) تعطيل خططتها، فقد طلبت من الاتحاد الأوروبى- مرارًا- عدم إقحام المصالح السياسية فى هذا المشروع الاقتصادى، وعدم الأخذ بحُجة كونه خطرًا على الأمن الأوروبى، مثلما تدعى (واشنطن)، من أجل إنهاء المنافسة الاقتصادية، والتحول لإحلال الغاز الأمريكى المسال ذى السِّعر المرتفع، عوضًا عن الغاز الروسى، الذى غطى-منذ عقود- أكثر من 35 % من حاجات الدول الأوروبية.
وعليه؛ يرى الخبراء الاستراتيجيون، أن الأحداث فى العام المقبل، وفى ظل التوترات المستمرة بين (روسيا، والولايات المتحدة)؛ فإن حتى تحولًا صغيرًا فى قضية (أوكرانيا)، يمكن أن يهدد التوازن، الذى كان سائدًا طيلة السنوات الماضية، مما قد يخلق الفوضى فى أوروبا الشرقية.
>منطقة الخليج
بشكل عام، لاتزال الأزمات السياسية والعسكرية قائمة فى (الشرق الأوسط). وقد تستمر لفترة من الزمن، نتيجة للنزاعات بين الفصائل، والأعراق المختلفة من «الأكراد، والأتراك، والسوريين، والعراقيين»، إلى «السُّنَّة، والشعية»..وبالطبع، ونظرًا للأهمية الاستراتيجية للمنطقة، يمكن أن يؤدى أى عدم استقرار إلى صراع بين أقطاب العالم، نظرًا لطمعهم فى المنطقة.
ولكن استمرار الضغط الاقتصادى على (إيران) تحديدًا؛ حيث صارت (الولايات المتحدة) تتخذ خطوات أكثر عدوانية للحد من تجارتها؛ خصوصًا النفط،  قد يؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة، إمّا عن طريق دفع (طهران) إلى انتهاج سلوك عدوانى، أو تحويلها- باحترافية شديدة- إلى هدف أمام أعدائها.
وبالفعل، يذكر أن الزعيم الأعلى الإيرانى «آية الله على خامنئى» حثّ الإيرانيين يوم الأربعاء الماضى، على البقاء مُتحِدين، قائلًا: «إن (الولايات المتحدة) ستستغل الانقسامات، ومن المرجح أن تطلق مؤامرات ضد (إيران) فى العام 2019م، لذلك يجب على الجميع أن يكونوا يقظين؛ لأن عدونا أمريكا خبيث وشر، ولكنه سيفشل كما فشل العام الماضى».
ومن جانبها، يُعد أكثر ما يقلق الإدارة الأمريكية تجاه (طهران) هو الحفاظ على الكيان الصهيونى، وفقًا لما أكده مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية فى معهد واشنطن «مايكل آيزنشتات»، والرائد بجيش الاحتلال «نداف بين حور»، فى تقرير نُشر تحت عنوان: «حرب الشرق الأوسط الكبرى- العام 2019م» على موقع المعهد؛ حيث أكد أن التوترات المتزايدة من جانب «حزب الله» على الحدود الشمالية للأراضى المحتلة تثير المخاوف، من نشوب حرب بين إسرائيل، و(إيران) فى (سوريا)؛ خصوصًا بعد تطوير (طهران) لصواريخ عالية الدقة داخل أراضى (لبنان، وسوريا) يمكنها أن تشل البنية التحتية الحيوية لإسرائيل.. ناهيك أنه أصبح فى مقدور (إيران)، أن تفتح حربًا فى الجو، والبحر، وفى مجال المعلومات، والنطاق الإلكترونى، مع حلفاء فى (سوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، وحتى اليمن).
>كوريا الشمالية
التوترات فى شبه الجزيرة الكورية تراجعت كثيرًا فى 2018م؛ حيث أظهر الرئيس الكورى الشمالى «كيم جونج أن» صَبْرًا، فيما يتعلق باختبارات الصواريخ النووية، والباليستية. ومن جانبه خفف الرئيس الأمريكى «ترامب» من حدة تصريحاته حول مواجهة الشمالية.
ورُغم احتمالات السلام بينهما، التى أصبحت أكثر إشراقًا منذ منتصف التسعينيات؛ فإن الواقع السياسى ينذر أن الطرفين لايزالان فى حالة اضطراب خطيرة، وذلك لأن (بيونج يانج) لم تعلق على التوصل لاتفاق مع (واشنطن)، ولم تبطئ من إنتاجها للأسلحة النووية والقذائف الباليستية، مما أغضب مستشارى الرئيس الأمريكى من هذا التناقض فى المشهد.
وعليه أكد المحللون أنه، إذا علّق أحد الرئيسين على الآخر، فإن العلاقات بينهما يمكن أن تتوتر بسرعة كبيرة. ولكن يأمل العديد من الخبراء أن يصل الطرفان إلى اتفاق فى قمتهما الثانية المفترض عَقدها فى العام الجديد، وذلك لأن تصريحات «وكالة الأنباء الكورية المركزية» فى 20ديسمبر الماضى، لم تكن مبشرة، فذكرت أن: «(كوريا الشمالية) لن تقوم بنزع السلاح النووى، حتى توافق (الولايات المتحدة) على إزالة التهديد النووى من شبه الجزيرة الكورية والمنطقة»، وهو ما يشير إلى أن العام المقبل لايزال يخبئ الكثير فى العلاقات بين الدولتين.
فى النهاية، وبشكل عام، ينذر دخول العام 2019م بتوترات سياسية حادة، ومع ذلك قد يأتى النزاع المقبل من اتجاه غير متوقع فى سبق هو مجرد عرض لما حدث هذا العام، فى محاولة لمعرفة ما الذى يخبئه العام المقبل، ومع ذلك، فقد ينشأ - مثلا - صراع فوضوى فى دول (البلطيق)، أو فى (أذربيجان)، أو (كشمير)، أو حتى فى (فنزويلا). لا أحد يعلم، ولكن يبدو أن الجميع يستعد!>