الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المرأة نبي!

المرأة نبي!
المرأة نبي!


محاولات تشويه عدة، شنها المتطرفون على المرأة فى الإسلام، فتارة يبدلون الأحكام، وتارة يحرفون تأويلات النص ليجعلوا حواء جارية فى معبدهم.
شهادتها نصف شهادة الرجل ..ناقصة عقل ودين ..الطعن  فى القوامة ..صوتها عورة ..لا تصلح  للرئاسة ..كلها كانت محاولات لأخذ المرأة إلى الدرك الأسفل من الإنسانية  لتكون قطعةٍ من صلصالٍ يتشكل على النحو الذى يريده مُستعبدوها.

«ما أكرمهن إلا كريم»، لم تكن إلا إقرارًا بأنها لا تستحق إلا أعلى عليين فى الإنسانية، ومن ثم يُصبح بديهيًا أن يكون هذا الإقرار طعنًا وكشفًا لادعاءات طرفين، الأول يؤمن بهذه المزاعم ليُبقى المرأة فى وضع الخضوع، والثانى يأخذ منها ذريعة للهجوم على الإسلام.
وفى الذكرى الـ155 لميلاد قاسم أمين مُحرر المرأة تفند «روزاليوسف» هذه الادعاءات.
 نصف شهادة الرجل
يتقول البعض بأن الإسلام جعل من المرأة نصف شهادة الرجل، وأنه بذلك يجعلها «نصف إنسان»، مستدلين فى ذلك بآية سورة البقرة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى».
ومصدر الشبهة هنا فى قوله: «فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان»، وهنا خلط بين الشهادة والإشهاد، فالشهادة فى القضاء لا يفرق فيها معيار الذكورة والأنوثة، وإنما تتوقف على اطمئنان القاضى لها، بغض النظر عن من يُدلى بها ذكرًا كان أو أنثى، والنص القرآني: «واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى»، والأمر هنا له علاقة بالإشهاد وليس بالشهادة، والآية لم يأت نصها بالتعميم على الجميع، لكنها وجهت النصح والإرشاد لحالات خاصة من الديون، ومنها دين إلى أجل مسمى، ولا بد من كتابته، ولا بد من عدالة الكاتب، ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة، ولا بد من إملاء الذى عليه الحق وإن لم يستطع فليملل وله بالحق ولا بد أن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة، وهذه الشروط ليست مطلوبة فى التجارة الحاضرة ولا المبيعات.
وممن فسروا الآية، وأزالوا اللبس عن الفهم الخاطئ فيها الإمام محمد عبده، والشيخ محمود شلتوت الذى يقول: إن قوله تعالى «فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان»، وليس معنى ذلك أن شهادة المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل لا يثبت بها الحق، ولا يحكم بها القاضي، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو البينة، واعتبار المرأتين فى الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعف عقلها، وهنا ينقل «شلتوت» عن الإمام محمد عبده قوله: «المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعارضات، ومن هنا تكون ذاكرتها ضعيفة ومن طبع البشر عامة أن يقوى تذكيرهم للأمور التى تهمهم ويُمارسونها ويكثر اشتغالهم بها».
أما فى الشهادة فقد حرص الفقهاء التنويريون على التذكير بأنه هناك قضايا لا يصلح فيها إلا شهادة المرأة وحدها كـ«الولادة والبكارة» وعيوب النساء وغيرها.
يُضاف إلى هذا أن هناك نصًا صريحًا فى القرآن على تساوى المرأة والرجل فى الشهادة فى سورة النور: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ»، والنص هنا صريح 4 شهادات من الرجل يقابلها ويُبطل عملها 4 شهادات من المرأة، وإذا كانت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فكيف يكون هناك راويات لأحاديث النبى وهى شهادة أيضًا.
وعلى هذا يكون الإشهاد خاصًا بالديون أما الشهادة التى يطلبها القاضى فى المحكمة فليس شرطًا فيها الذكورة.
 القوامة
البعض يتخذ من مسألة القوامة حيلةً لاستغلال المرأة، وأخذ حقها خاصة فى المناصب، باعتبار أن للرجل القوامة عليها، وهو سلوك معتاد عند أصحاب النزعة الذكورية الذين يتسلطون على زوجاتهم، ويستندون فيه إلى نص الآية: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ».
وفى تفسير القوامة تقول الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر إن قوامة الرجل على المرأة لا تعطى أفضلية للرجل، وإنما تحمله مسئولية الأسرة، وهو تكريم للمرأة وليس انتقاصًا من شأنها، رافضة أن تكون القوامة مبررًا للتحكم أو التسلط على المرأة، وإنما تفرض على الزوج أن يستشير زوجته فيما يتعلق بأمر الأسرة، وأن يحسن عشرتها، وليس معناه الأفضلية، وهناك حالات تنتقل فيها القوامة للمرأة، كأن يكون الزوج مريضًا غير قادر على العمل والإدارة أو فقد عقله.
وأضافت «نصير» أن القوامة فى الإسلام تعنى قيادة الأسرة، فسلطة القرار لا تعنى التحكم أو التسلط، وقد يكون هناك رجل يفوق الكثير من النساء، وقد تكون هناك امرأة تفوق عشرات الرجال، فالقوامة هى حق شرعى للمرأة وليست أفضلية للرجل.
 النبوة
من يريدون التقليل من شأن المرأة يرون أنها نصف إنسان، استنادًا إلى ادعاء أنها حُرمت من النبوة، وبالتالى لو كانت لها أفضلية أو مساواة مع الرجل، لكن حقيقة الأمر أن المرأة خرجت من الرسالة ولم تخرج من النبوة، والقائلون بخروجها من النبوة يستندون إلى قول الله: «وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا نوحى إليهم».
ويقول ابن حزم الظاهرى إن المقصود فى الآية هى الرسالة وليست النبوة، والنبوة أدنى من الرسالة، والنبوة أصلها من الإنباء أى الإعلام، والرسالة تكون لمن يُرسله الله برسالة إلى قومه لتأسيس دين جديد.
والمرأة حظيت بالنبوة، ويقول ابن حزم الظاهري: «حواء وسارة وهاجر وزوجة فرعون نبيات، أما القرطبى فلم ير النبوة إلا فى مريم ابنة عمران، ويُدلل ابن حزم على نبوة مريم بقول القرآن: «فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرًا سويًا ..قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ..قال إنما أنا رسول ربكِ لأهب لكِ غلامًا زكيًا، فيما دلل على نبوة سارة بقوله تعالى: «وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلنا أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشيء عجيب».
 شبهة ناقصة العقل والدين
يحاول البعض الافتراء على المرأة بحجة أنها ناقصة العقل والدين، ومن ثم ينزع منها حقوقها، استنادًا إلى أنها نص الحديث: «وما رأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذى لبٍّ مِنْكُن»، ونقص الدين أنها فى أوقاتٍ يُرفع عنها التكليف فى الصلاة والصيام لأعذارٍ شرعية قد خصها الله بها أى أنه نقص فى الكم والعدد وليس الكيف، والمعنى أن النبى لم ير مثلهن يستطيع اللعب بعقول الرجال الحازمين، أى أنه سياق مدح وليس ذم، أما مجيئه فى سياق ذم فهو حالة لغوية كقول أحدهم هذا الضعيف فعله أفضل مما أتى الجميع، والقصد يكون التنبيه.
 صوت المرأة ثورة
يحاول البعض إسكات المرأة عن المطالبة بحقها، فيقطع عليها الطريق من أوله، بأن يقول: «صوت المرأة عورة»، ويستند أصحاب هذا الادعاء إلى آية: «يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفًا» والآية خاصة بنساء النبى فقط، أى أنه محدد الاختصاص، ويقول الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق: «لا يوجد حديث ينص على أن صوت المرأة عورة، وهى مقولة رددها بعض الفقهاء لأنهم كانوا يغارون على نسائهم كثيرًا، وكانوا يرون أن المرأة كلها عورة بما فيه صوتها».
وهناك رأى آخر أورده بعض الفقهاء منه أن القرآن يقول: « قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ»، والآية واضحة هل استمع النبى إلى عورة، وبعيدًا عن النص القرآنى إذا كان النبى قد سمع شعرًا من الخنساء الشاعرة المُخضرمة –أى التى أدركت الإسلام وما قبله- وأثنى عليها يكون قد استمع لصوت امرأة وهو عورة، ومن يقولون إن صوت المرأة يفترون عليها.
 صلاحيتها للرئاسة
«لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» ..يستند البعض فى هذا الحديث إلى أن المرأة لا تصلح للرئاسة فى أى وظيفة، والحقيقة أن الحديث ينص على الولاية، وهناك فرق بين الولاية والرئاسة، فالمقصود بالولاية هو ولاية أمر المسلمين، ومنها إمامة الصلاة والتى لا تقوم بها المرأة، أما الرئاسة فهى شأن آخر قائم على القوانين، ولا دور فيها للأمور الشرعية، ومن ثم يصبح حقًا لها».