الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أردوغان لص المتوسط!

أردوغان لص المتوسط!
أردوغان لص المتوسط!


أينما وجدت الثروات والموارد توجد الصراعات والحروب.. فثروات الشعوب تعد محركا لأطماع بعض الدول، ومنذ اكتشاف حقل ظهر وهو أكبر حقل غاز فى مصر تم اكتشافه فى البحر الأبيض المتوسط فى عام 2015 من قبل شركة إينى الإيطالية والاحتياطى المؤكد له 30 تريليون قدم مكعب، بجانب ما تنبأت به الأبحاث، وتجارب التنقيب فى شرق البحر المتوسط، من وجود احتياطيات ضخمة من الغاز، بدأت الدول تهتم بهذه المنطقة، وسال لعاب وأطماع كثيرين فى مقدمتهم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى تحتل بلاده شمال جزيرة قبرص، بل ويحاول «شرعنة» سرقة غاز البحر المتوسط من خلال وضع غير شرعى بالأساس قائم على احتلال أجزاء من الجزيرة القبرصية.
يوم الأحد الماضى وفى خطاب ألقاه خلال مشاركته فى مراسم تسليم الفرقاطة «بورغاز أدا» إلى قيادة القوات البحرية فى مدينة إسطنبول، قال أردوغان إن بلاده لن تسمح للمحاولات الرامية للحيلولة دون أن يكون لها موطئ قدم فى البحار. وأضاف قائلاً: من ظنّوا أنهم سيقدمون على خطوات فى شرق المتوسط وبحر إيجه بمعزل عن تركيا بدأوا يدركون خطأهم الكبير. ولفت إلى أنّ بلاده لن تقبل أبداً بالمساعى الرامية لإقصاء تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، وسلب الموارد الطبيعية المتوفرة شرق المتوسط. مؤكدًا أنّ الأحداث الأخيرة التى وقعت فى شرق المتوسط وبحر إيجة، أظهرت الحاجة الماسة لزيادة قوة القوات البحرية.
تصريحات أردوغان تعتبر أول تعليق بعد واقعة مهمة حدثت الشهر الماضى، حيث زعمت تركيا أن فرقاطة يونانية ضايقت سفينة استكشاف تركية غربى قبرص، ونفت اليونان الاتهام كما اتهمت تركيا بإثارة التوتر.
إحياء التوترات بين تركيا واليونان بسبب غاز المتوسط ليس بالأمر الجديد، لكن الجديد هى اللغة التى تحدث بها أردوغان، حيث إنها تتسق مع خطوات جدية تتخذها تركيا بشأن تدعيم قواتها البحرية على وجه الخصوص، حيث تتخذ أنقرة خطوات حثيثة حاليا للتصعيد، من خلال محاولة امتلاك حاملتى طائرات، من إسبانيا، على غرار حاملة الطائرات الإسبانية «كارلوس»، وتم الاتفاق بالفعل بين البلدين على تصنيع الحاملتين، على أن تتسلمهما تركيا نهاية عام 2020 كما تخطط لامتلاك أكثر من 50 قطعة بحرية متطورة، وذات قوة نيرانية غير مسبوقة.
 فى الوقت نفسه ثمة معاهدة للدفاع المشترك بين اليونان وحكومة قبرص اليونانية المعترف بها دوليا، بينما تقيم أنقرة علاقات دبلوماسية فقط مع دولة قبرصية تركية انفصالية فى شمال الجزيرة غير معترف بها من قبل الدول الأخرى.
فى هذا السياق يجب الإشارة إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص طبقا للقانون الدولى، لبحث استغلال حقول الغاز بعيدا عن الصراع فى شرق المتوسط والمنطقة ككل والذى تم فور اعلانه اكتشاف حقل ظهر مباشرة. حتى أن وزير الخارجية التركى، مولود جاويش أوغلو، صرح حينها بأن بلاده تخطط لبدء التنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة فى المستقبل القريب، بما يخالف الحدود المدرجة فى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قبرص ومصر، مدعيا أنها لا تحمل أى صفة قانونية، وهو ما ردت عليه مصر وقتها باستيراد حاملتى الطائرات من طراز «ميسترال» وتقوية وتطوير قواتها البحرية بشكل غير مسبوق.
 التحالف الأقوى
ووفقًا لعدد من الخبراء فى مجال الغاز، فإن التحالف المصرى القبرصى اليونانى هو الأقوى بالمنطقة، والاتحاد الأوروبى يريد تأمين احتياجاته من الغاز بعيداً عن الهيمنة الروسية على الغاز الطبيعى فى العالم، ولذلك فإن الاتفاق بينهم يعد صفعة صادمة لتركيا بعد سرقتها الغاز القبرصى على مدار 10 سنوات ماضية، لعدم اعترافها بأنها دولة وتتعامل معها على أنها جزيرة ليس لديها أى حقوق إقليمية فى غاز البحر المتوسط.
 كما إن الصفقة التى تم توقيعها بين شركات خاصة مصرية وإسرائيل كان لها أثر كبير على المعادلة وتصرفات أردوغان المرتبكة حاليًا، حيث تستأجر بمقتى تلك الصفقة إسرائيل البنية التحتية المصرية، مقابل رسوم، لتسييل الغاز الذى تمتلكة ليتم نقله عبر الخطوط المصرية لتصديره لعملائها فى دول شرق آسيا وأوروبا، لأن مصر هى الدولة الوحيدة بمنطقة شرق المتوسط التى تمتلك بنية تحتية لتسييل الغاز تتكون من محطتين فى إدكو ودمياط، وهذه الصفقة ستجعل تركيا تخسر معركة السيطرة على مكامن الغاز فى حوض شرق المتوسط لصالح مصر، التى تقوم بتقوية تحالفها مع دول شرق المتوسط، من خلال التحالف القوى مع اليونان وقبرص، كما أن صفقة إسالة الغاز الإسرائيلى ستقضى على كل مخططات أردوغان، للسيطرة على الغاز المملوك لدول شرق البحر المتوسط، ويمنع تركيا من سرقة الغاز القبرصى، ومن الطبيعى أن تستفز هذه الاتفاقية قطر وتركيا، لأن الأمر لم يصبح مجرد خلافات سياسية، وإنما هو انتقاص من مكانتهما وحصصهما فى سوق الغاز الدولى.
 لصوص نفط الشعوب
ليس غاز المتوسط فقط هو الشاهد على «لصوصية» أردوغان وعائلته.. حيث يسيل لعاب اللصوص على النفط أينما وُجد، فمع اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات فى سوريا دعمت تركيا الفصائل المسلحة وفتحت مكاتب للمعارضة السورية ودشنت ما يعرف بـ«الائتلاف الوطنى السورى» للسيطرة والتحكم فى قرار المعارضة السورية التى تسترت على سرقة تركيا لآثار ونفط الدولة السورية ونقلها إلى إزمير ومرسين وأنطاليا بتركيا.
التحرك التركى لسرق النفط السورى بدأت من سوق «معرة مصرين» فى ريف إدلب، والذى يعد أهم أسواق تهريب النفط المسروق، حيث يشكل المنطلق الرئيسى لصهاريج النفط إلى تركيا، عابرة طريق معرة مصرين، حارم، سلقين، دركوش، الأراضى التركية، ومستخدمة أنابيب ممدودة فى نهر العاصى، بالاتفاق مع تجار أتراك على الطرف الآخر، والرحلة التى يقطعها النفط ليصل الحدود التركية يمر عبر مناطق تسيطر عليها مجموعات «داعش» فى الرقة أو دير الزور، حيث تبيع «داعش» النفط للمجموعات المسلحة، بشرط يفرضه المشترى وهو أن تخرج قافلات النفط من مناطق «داعش» آمنة دون أن يمسسها سوء، حيث كان يخرج ما بين 20 و30 صهريج مازوت يومياً من مناطق «داعش» ويتم تهريبها إلى تركيا وسط صمت تام من الأجهزة الأمنية التركية باعتبارها شريكة فى الصفقات.
وفى ليبيا دعت تركيا الميليشيات المسلحة وتحديدا الميليشيات التى يقودها براهيم الجضران لسرقة النفط والغاز فى ليبيا، وقدمت تركيا على مدار عام كامل كافة سبل الدعم لإبراهيم الجضران الذى كان يشرف على تجارة النفط الليبى فى السوق السوداء ويسدد ضريبة الدعم التركى له ببيع النفط الليبى بأسعار زهيدة لتركيا، وعندما نجحت قوات الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر فى السيطرة على الموانئ النفطية عبر عملية «البرق الخاطف» التى بددت أحلام وطموحات تركيا فى الهيمنة على النفط الليبى وسرقة مقدرات الدولة الليبية بدأت تركيا حملة شرسة على الجيش الليبى عبر ميليشيات مسلحة تدعمها أنقرة.
فيما وصفت صحف تركية معارضة نجل أردوغان «بلال» بأنه «وزير نفط داعش» لدوره الكبير مع بيرات آلبيراق زوج أخته فى تسهيل تهريب نفط داعش وتسويقه والتربح منه. حيث استفاد بلال كثيرا من نفط داعش وتضخمت قيمة أصول شركته البحرية التى يمتلكها بالشراكة مع عمه مصطفى أردوغان وصهره ضياء إلجان، إلى 18 مليون دولار، وانتقل بمقر الشركة إلى منطقة بيليربيى على مضيق البوسفور، ووصل قيمة المقر الجديد إلى 150 مليون دولار.
كما أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاة السابق إبراهيم أكور أن أردوغان طلب منه التدخل لإبعاد اسم بلال من قضايا الفساد التى أجريت بشأنها تحقيقات موسعة عام 2013، وإلغاء اتهامات المدعى العام فى إسطنبول زكريا أوز، وأشار إلى نجاح الأمر، حيث جرى التنسيق مع المدعى العام السابق توران تشولاكادى الذى أمر بإيقاف تنفيذ أى مرسوم من شأنه توقيف نجل أردوغان.
وفى محاولة لطمس الحقائق، اعتقل إردوغان كل من علم بفساد نجله أو أى من أفراد عائلته، وكان أبرز المعتقلين إبراهيم أكور الذى اتهمه لاحقا بالانتماء إلى حركة الخدمة التى يتزعمها رجل الدين المعارض فتح الله جولن، وهى الحركة التى يتهمها أردوغان بالوقوف وراء مسرحية الانقلاب، وانتقل بلال حينها إلى إيطاليا مصطحبا أسرته بدعوى استكمال دراسته والحصول على شهادة الدكتوراه فى الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكينز فى بولونيا الإيطالية، وأشارت تقارير إخبارية إلى أن اختيار إيطاليا جاء من أجل الهروب من الملاحقات القضائية فى تركيا والتى تتهمه بالفساد، فقبل توجهه إلى روما، اتهم بلال بغسيل أموال لصالح إيران بقيمة 87 مليار يورو، أثناء تواجده فى إيطاليا، قدم المليونير التركى هاكان أوزان المتواجد فى منفاه بفرنسا، طلبا إلى النيابة العامة فى مدينة بولونيا الإيطالية من أجل التحقيق مع بلال أردوغان بتهمة «غسيل الأموال»، وقدم وثائق تؤكد تورطه، وهو ما دفع أردوغان للتصريح بأن هناك من يرغب فى تشويه سمعة نجله داعيا إلى ترك نجله وشأنه وبالفعل عاد بلال إلى تركيا ليمارس الفساد والسرقة العلنية بجوار اللصوص الكبار فى تركيا.