الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أستراليا مسرح لجواسيس الصين وروسيا

أستراليا مسرح لجواسيس الصين وروسيا
أستراليا مسرح لجواسيس الصين وروسيا


حذر «دانكن لويس» رئيس منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية ASIO من مستويات غير مسبوقة من أنشطة التجسس والتدخل السياسى التى تقوم بها قوى أجنبية فى أستراليا، مما قد يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن.
فى شهر مايو الماضى كشف «لويس» أمام مجلس الشيوخ أن هناك محاولات للتأثير على الشخصيات العامة والخاصة فى أستراليا إلى جانب النشاط السرى للتأثير على وجهات نظر أعضاء بلجنة الخدمة العامة الأسترالية ووسائل الإعلام ومسئولين فى الحكومة.
واعتبر «لويس» «الاستخبارات المعادية تمثل تهديدًا قويًا وحقيقيًا على الأمن والسيادة الأسترالية»، مشيرًا إلى أن الضرر الناتج من هذه التهديدات قد لا يتضح لسنوات عديدة، يمكن أن تصل إلى عقود.
وكان «سام داستارى» السيناتور السابق بحزب العمل قد تورط فى فضيحتين تتعلقان بعقد صفقات مع رجل أعمال صينى على صلة بالحزب الشيوعى، مما أدى إلى  إجباره على تقديم استقالته، وترك منصبه فى عام 2016 بعد أن تأكدت الحكومة أن المليونير الصينى «هوانج زيانجمو» قام بتسديد بعض فواتير السياسى الأسترالى، فضلًا عن دعمه لحملته الانتخابية. وفى عام 2017 اعتزل «سام» العمل السياسى بعد كان أعلن أنه على الأغلب تتم مراقبته من عدة أجهزة استخبارات ومن بينها «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية» CIA، لكن فى المقابل أنكر «سام» قيامه بأى خطأ متعمد.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تتحدث تقارير عديدة عن النقد الصينى الذى يتم إنفاقه فى منطقة المحيط الهادئ، بالإضافة إلى عدد كبير من مشاريع البنية التحتية التى يخشى البعض أن يكون الهدف من ورائها هو ضمان تأثير طويل المدى على البلدان الحليفة لأستراليا.
وكانت الحكومة الصينية قد أعلنت هذا العام عن إرسال حزمة مساعدات أجنبية، تعد الأكبر على الإطلاق، إلى دول المحيط الهادئ، وهو ما سبق وعلق عليه قائد الجيش الأمريكى الجنرال «روبرت براون» مؤكدًا أن هناك سلسلة من الهدايا من الصين التى يجب أن تقلق الغرب.
وفى سبتمبر الماضى كشفت أستراليا عن خططتها لإنشاء قاعدة بحرية مشتركة فى جزيرة مانوس فى دولة بابوا غينيا الجديدة، وذلك ردًا على اهتمام الصين بعمليات إعادة تطوير ميناء عبر بابوا غينيا الجديدة.
ومن ضمن الاستراتيجيات الأخرى الرئيسية للصين، نجد الاستثمار فى مشاريع البنية التحتية فى مناطق تتميز بموقع استراتيجى مثل أستراليا، حيث كانت الشركات الصينية تمضى فى إنفاقها فى جميع أنحاء البلاد، وتستثمر فى كل المجالات بدءًا من الإسكان إلى الصناعة مرورًا بالموانئ الرئيسية فى ملبورن، كما أنفقت بكين مليار دولار لشراء الأصول الزراعية الأسترالية فى عام 2017.
ومن ناحية  أخرى منعت شركة الاتصالات «هواوى» من تقديم عروض لتطوير شبكة محمول الجيل الخامس 5G فى أستراليا بسبب مخاوف أمنية من إمكانية أن تعترض «هواوى» اتصالاتهم سرا وتخترق أجهزة الكمبيوتر والهواتف، وأى شىء يتعامل بالإشارة بهدف التجسس.
وفى نفس السياق ذكر «روى ميدكالف» رئيس كلية الأمن القومى فى الجامعة الوطنية الأسترالية، أن طبيعة أنشطة التجسس قد تغيّرت بشكل سريع، ولكن فى السنوات الأخيرة قامت كل من الصين وروسيا بزيادة أنشطتهما التجسسية بشكل لافت.
«ميدكالف» أشار إلى قيام عدد من الدول بضم ضباط من الاستخبارات إلى سفاراتهم وقنصلياتهم فى أستراليا، معتبرًا ذلك ليس بالأمر الجديد فيما يخص أنشطة التجسس التى دائمًا ما تجرى هكذا.
وبذلك سيكون من المعقول أن يفترض أن للصين دورًا فعالاً فى هذا المنطلق وتليها روسيا، وذكر «ميدكالف» أن التركيز الشديد من جانب الصين على التأثير والسيطرة على الخيارات السياسية لمتخذى القرارات فى الغرب أصبحت نقطة تحول للأنشطة التجسس.
ومن جانبه أوضح الدكتور «جون كوين» رئيس برنامج أمن الحدود فى معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية ASPI أن هناك بعض الأنظمة قد اكتسبت جرأة نظرًا لتقاعس الغرب، مدللاً على ذلك بحادثتى قتل 2 من مواطنى روسيا على الأراضى البريطانية بيد الاستخبارات التركية، حيث قتل أحدهما بواسطة العنصر الكيميائى، بينما تم التخلص من الآخر عن طريق استخدام عامل مشع، وهو ما لم يكن موجودًا فى الماضى سوى فى أفلام «جيمس بوند».
وهو ما ينطبق أيضًا على ما حدث من كوريا الجنوبية التى قامت بتسميم أحد مواطنيها فى مطار رئيسى مستخدمة فى ذلك العنصر الكيميائى. كما قامت سلطات الحزب الشيوعى شهر أكتوبر الماضى باحتجاز رئيس الإنتربول «مينج هونجوى» خلال زيارته لبكين، لكن حتى الآن لم يسمع عنه خبر، وتخشى زوجته حاليًا من أن يكون قد مات.
يلقى «كوين» باللوم على بطء الاستجابة الدولية للحوادث الكبرى رفيعة المستوى التى تتم عن ثقة متزايدة من جانب بعض الأنظمة مشيرًا إلى أن «الحدود القصوى قد تراجعت بشكل كبير، ونحن نواجه بيئة تهديد مختلفة تمامًا».
أشار «كوين» إلى أنه رغم أن هناك دولًا مثل روسيا تميل إلى تفضيل الأعمال قصيرة الأجل وشديدة التدمير، فإن الصين كانت شديدة الحذر واتجهت إلى ممارسة لعبة طويلة الأمد الكثير منها يتعلق بزرع الأفراد من أجل دعم مصالح الصين على مدى طويل، وليس الاستفادة منهم بشكل مباشر، لكن فى المقابل يعد من الصعب اكتشاف ذلك أو التصدى له لأن تلك الأحداث تجرى فى الخفاء على مدار فترة زمنية طويلة. 