الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عبقرية.. العقاد

عبقرية.. العقاد
عبقرية.. العقاد


كثير من المخرجين العرب قدموا أعمالًا ستظل علامات مضيئة ومشرفة فى تاريخ السينما، وكثير من المنتجين الأجانب صنعوا أفلامًا استخدمت فيما بعد كمناهج يستعين بها المحاضرون فى المعاهد المتخصصة ليعلموا معنى الإبداع للأجيال الجديدة من صناع السينما.. المخرج السورى الراحل «مصطفى العقاد» يكاد يكون هو الفنان العربى الوحيد الذى جمع بين أولئك وهؤلاء.
قدم «العقاد» كمخرج فيلمين فقط، إذا اعتبرنا فيلم «الرسالة» بنسختيه العربية والعالمية فيلما واحدًا، وفيلم «عمر المختار – أسد الصحراء» وكان يحلم بفيلمين آخرين أحدهما عن الأندلس والثانى عن «صلاح الدين الأيوبى».. أما عن الفيلمين اللذين شاهدناهما بالفعل ولم يعدا فى حاجة إلى أى أقلام تعدد محاسنهما. لأنهما كافيان بأن يضعا مخرجهما فى مقدمة صفوف أبطال الإبداع.
«الرسالة، العربى والأجنبى» يمكن القول بأنه أصبح بمثابة الكتاب المقدس للأفلام الدينية، فلم يسبقه أو يلحقه فيلم ديني متكامل عن حياة الرسول أو رسالة الإسلام. وهذه كلمة الحق والتاريخ منذ عرض الفيلم عام 1976 وحتى الآن.
أما «عمر المختار»، فمثل «الرسالة» ولكن من الناحية التاريخية، فهو الفيلم الأهم عن تاريخ ليبيا بشكل خاص وتاريخ العرب بشكل عام.. وروعة الفيلم ليست فقط فى إبداعه الفنى المتكامل تقريبًا ولكن فى هدف الفيلم من إرساء قيمة الأبطال العرب الساعين دون أغراض شخصية لتحقيق حلم الحرية لبلادهم.
الرسالة الموجهة للغرب فى الفيلمين وهما بالمناسبة هدف «العقاد»، تتلخص فى جملة واحدة وهى أن العرب لا يقلون تحضرًا فى دينهم أو تاريخهم عن أى من الأمم التى أصبحت أكثر تحضرًا منهم فى تاريخنا المعاصر.. وهنا تكمن عبقرية «العقاد».
أما فى أمريكا وبعيدًا عن الاتهامات التى طالت «العقاد» من بعض الأقلام العربية بأنه كان يغازل شباك التذاكر الأمريكى بسلسلة أفلام «الهالويين». فقد أثبت التاريخ أن هذه السلسلة كانت ذات أهمية خاصة. والدليل أن الكثير من الكتب والأبحاث التى تناولت كلاسيكيات السينما الأمريكية، وكيفية صناعة الأنواع مرورا بفن كتابة السيناريو وتتبع رحلة البطل، ذكرت «الهالويين» باعتباره واحدًا من النماذج التى يحتذى بها فى سينما الرعب أو بصفته أحد السلاسل التى تحمل مضمونا ورسائل تتجاوز مجرد بث الخوف فى النفوس وأن بها من الإسقاط والرمزية ما يدعو لقراءتها بمزيد من التأمل.
الغريب أن رحيل «العقاد» كان مشهدًا دراميًا لا يصلح أن يقحم فى أفلامه، فقد لقى مصرعه فى تفجير إرهابى وقع قبل 13 عامًا على يد تكفيريين، لم يصلوا لهمجية كفار «الرسالة» أو لوحشية غزاة «المختار» أو لقسوة سفاح «الهالويين». >