السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

5 ألغاز حول وفاة زينون المقارى

5 ألغاز حول وفاة زينون المقارى
5 ألغاز حول وفاة زينون المقارى


جاءت وفاة الراهب زينون المقارى، وهو أحد الرهبان الذين تم نقلهم مؤخرًا بعد أحداث مقتل الأنبا إبيفانيوس رئيس الدير إلى دير السيدة العذراء بالمحرق، لتضفى مزيدًا من القتامة على المشهد الكنسى، خاصة فى ظل حالة التربص التى تمارسها بعض المواقع المسيحية تجاه البابا تواضروس وتسعى لإظهاره بشكل سيئ مهما كان الثمن.
«مشهد عبثى» هذا هو التوصيف الذى يتسق مع الأحداث المتلاحقة التى تمر بها الكنيسة الأرثوذكسية نتيجة إصرار بعض القيادات الكنسية على رفع حدة الصراع ووتيرة العنف داخل أروقتها.
انتشر خبر وفاة الراهب زينون على أنها حالة انتحار، الأمر الذى أشعل صفحات التواصل الاجتماعى ما بين الهجوم على البابا تواضروس الثانى - بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية - والدفاع عن الرهبنة.
مهاجمو البابا المتواجد حاليًا فى زيارة رعوية بالولايات المتحدة الأمريكية تمتد حتى الأسبوع الثانى من أكتوبر القادم اتهموه بظلم رهبان أبومقار وتسليمهم للأمن ومحاكمتهم، والمدافعون عن الرهبنة يؤكدون أنه إذا كان الراهب زينون انتحر لأنه لم يتحمل قرار نقله فهو فى الأساس لم يكن يستحق أن يكون راهبًا وهى المهمة التى تعتمد فى الأساس على مبدأ التحمل والطاعة.
ورغم كل التخمينات التى تم تداولها عن انتحار الراهب زينون والتى وصلت لتحديد نوع السم الذى استخدمه فى الانتحار، جاء تقرير الطب الشرعى ليؤكد أن الراهب توفى نتيجة ذبحة صدرية وهبوط حاد فى الدورة الدموية وهو الأمر الذى جعل العديد من المواقع ترفع خبر انتحاره من على صفحاتها.
بين هذا وذلك طرحت المعلومات المتوافرة حول وفاة الراهب الثلاثينى أسئلة أكثر ما قدمت إجابات، ليجد المراقب للمشهد نفسه أمام عدة ألغاز تبحث عن حلول، فالراهب زينون انتدب للخدمة فى فرنسا إلا أنه لم يستطع أن يمكث أكثر من شهرين وعاد إلى مصر دون الرجوع لأحد وقرر البقاء فى ديره مرة أخرى.
الراهب زينون الذى كان أحد الرهبان المتواجدين بمزرعة دير أبو مقار وكان ممن يرفضون الخضوع لنظام الدير وبالتالى كان قرار اللجنة المجمعية لشئون الأديرة والرهبنة بنقله إلى المحرق ضمن المجموعة الأخيرة إلا أنه لم يمكث هناك كثيرًا حيث كان يتردد على مزرعة الأنبا كاراس التى يمكث فيها الراهب المشلوح يعقوب المقارى.
أول الألغاز فى رحيل زينون يتعلق بحقيقة كونه أب اعتراف الراهب فلتاؤس وأشعياء المتهمين بقتل الأنبا إبيفانيوس ولذلك كان سيدلى بشهادته صباح يوم الوفاة أم أنه كان متهمًا ومشكوكًا فى ضلوعه بمقتل رئيس الدير، وهل كان واقعًا تحت ضغط الإدلاء بشهادة تعد كشف اعتراف أحد المعترفين له مما يعد كسرًا وانتهاكًا لسر من أسرار الكنيسة مما أدى إلى إصابته بذبحة صدرية فعلًا؟
اللغز الثانى يدور حول قبوله للنقل إلى دير المحرق حيث نشر أحد الأقباط المقيمين فى فرنسا رثاء له والذى أكد فيه أنه كان على اتصال به حتى ليلة وفاته وكتب يقول «أبانا الحبيب زينون المقارى، لم أكن أتخيل يومًا أنا ومحبيك فى مصر وفى فرنسا وفى العالم كله أنك ستنتقل بهذه السرعة وتتركنا، لقد كنت شمعة مضيئة أنارت حياتنا منذ قرابة عام تعلقت بك قلوبنا كنت مرشدًا لنا ومعزيًا أيضًا لم نتخيل أنه سيأتى يوم لنعزى أنفسنا البعض برحيلك.. نحن أولادك لم ولن نصدق أى شائعات، إبليس الذى بدأ يعمل ويشير إلى انتحارك أو قتلك لقد كان انتقالك بشهادة رهبان أبو مقار إلى دير المحرق بمثابة ترقية وليس العكس وكنت تتبع سيدك أينما يطلبك والانتحار يسبقه الانعزال والاكتئاب وهى ليست من صفاتك».
 هذه الكلمات تؤكد أن الراهب زينون كان يرى ويتعامل مع قرار نقله على أنه ترقية وليس منفى وسجنًا كما نقلت بعض الوسائل الإعلامية المسيحية، فى إشارة منها إلى أنه حبس داخل قلايته وكان يعامل معاملة سيئة.
أحد محبى زينون كتب نقلًا عن أحد رهبان دير أبو مقار والذى بالتأكيد سيكون من رهبان المزرعة يقول: «وداعًا أخى المحبوب زينون.. عرضوا عليك الخدمة بإلحاح فى فرنسا، وتحت ضغط إلحاحهم سافرت، قعدت أقل من شهرين ورجعت إلى ديرك، لم تحتمل البعد عن الدير والقلاية كالسمك الذى لا يحتمل الخروج من الماء . أرثيك يا ولدى بدموع عينى، فهموك غلط وأبعدوك عن ديرك فلم تحتمل. كنت كالعصفور الطليق تأبى النفاق والتطبيل لم تجعل أحدًا سيدًا على حياتك سوى يسوع. الله يرحمك يا ابنى ويغفر بدمه خطاياك».
ومن هنا نجد لغزًا ثالثًا يدور حول شخصه وطبيعته، هل هو فعلًا ذلك الراهب المحبوب والذى انتشرت جروبات تحمل اسم «محبى أبونا زينون المقارى مفرح القلوب» والذى تجمع فيه حوالى 500 شخص يذكرون المواقف التى جمعتهم به، أم هو الراهب الذى يحمل ميولًا عدوانية وكان كارهًا للأنبا أبيفانيوس وكما وصفه البعض بأنه شخصية غير سوية ومضطرب نفسيًا.
واللغز الرابع أمامنا يدور حول طبيعة علاقته بيعقوب المقارى المشلوح والذى يشاع أنه كان يتواجد عنده كثيرًا بالمزرعة خاصة قبل وفاته والذى قد يكون جائزًا بنسبة كبيرة قد حصل على السم الذى أشيع عن استخدامه من هناك وهو الذى يستخدم فى الزراعة.
أما اللغز الأخير فى هذه القصة تحديدًا فيدور حول إصرار بعض المواقع المسيحية للترويج عن سوء أخلاق رهبان دير أبو مقار بالتحديد، والإسراع باتهامهم بالقتل والانتحار والتناحر فيما بينهم، إذ تقوم هذه المواقع بتصدير صورة ذهنية تشير إلى سوء أخلاق رهبان دير الأب متى المسكين ونسب هذه المجموعة إليهم ونسب رهبان وادى الريان لهم أيضًا وهو أمر به تدليس كبير وطمس لحقائق يعرفها الكثيرون.
فى يوم 13 سبتمبر قام أحد المواقع بنشر خبر عن قتل أحد رهبان دير وادى الريان ووصفه بأنه مقارى ذاكرًا أن رهبان وادى الريان منهم من فقأ عين الآخر ومنهم من تشاجر مع راهب آخر بالسلاح الأبيض، الأغرب أنه عندما قام الأنبا مكاريوس بنفى الخبر مؤكدًا أن الجثة التى وجدت لم تكن لأحد الرهبان بل لشخص علماني، رفض الموقع تصديق ذلك وروج لفكرة أن الأسقف يراوغ ولم يذكر الحقيقة.
الأهم أن الموقع ربط بين فكرة انتحار الراهب زينون وبين ظلم البابا الحالى له بنقله من ديره إلى دير آخر ومعاملته معاملة سيئة، كما يحاول البعض نشر فكرة أن البابا يقف وراء مجموعة من المهرطقين ويساندهم فى محاولة منهم لترسيخ مبدأ عزل البطريرك.
وبذلك وعلى الرغم من كل الألغاز التى تتواجد حول وفاة الراهب زينون سنجد أنه ما هو إلا حلقة فى الصراع الدائر بين بعض أساقفة المجمع والبابا الـ118.
لقد أصبح المشهد أكثر قتامة وعنفًا مما يؤكد أن الصراع لن يقف الآن وأن كل الأطراف تسير على نفس نهجها دون تراجع وأن احتمالية سقوط آخرين قائمة وبقوة ولكن من سينتصر فى النهاية؟.