السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد المحامى والضابط.. الدور على الطبيب النفسى

بعد المحامى والضابط.. الدور على الطبيب النفسى
بعد المحامى والضابط.. الدور على الطبيب النفسى


فى بلاد الخواجات.. التلميذ الذى يحصل على 70 فى المائة من درجات المدرسة.. يعد من العباقرة المتفوقين.. الذين يعاملون استثنائيًا.. فتجد لهم الأماكن المخصصة فى الثانوى والجامعة.. على اعتبار أن المتفوق سوف يشد وراءه المزيد من المتفوقين!

عندنا الأحوال تختلف.. والتلميذ الذى يحصل على 90 فى المائة.. لن يتمكن من الالتحاق بالطب والهندسة.. ويعد خائبا بليدا.. لأن التلميذ الشاطر يحصل على 103 فى المائة لكى يتمكن من الالتحاق بالكلية التى يفضلها.. بما يعنى وعلى بلاطة أن أغلب التلاميذ فى مدارسنا يشعرون مبكرا بالعجز والخيبة.. وقد اجتهدوا كثيرا.. دون أن يحققوا أهدافهم.. ودون أن يتمكنوا فى نفس الوقت من ممارسة حياتهم بشكل طبيعى ودون أن يمارسوا اللعب والرياضة!!
الرياضة الوحيدة التى يمارسها التلميذ فى مصر.. هى رفع الأثقال.. أو  الشنط المدرسية.. والشنطة تربو على 15 كيلو.. يحملها يوميًا من البيت للمدرسة وبالعكس.. والمدرسة فخورة فرحانة.. أن تلاميذها لايجدون الوقت للعب والشقاوة.. بما يعنى أنها مدرسة ناجحة بمقاييس العصر السعيد، وقد وضع أمامه البيه المدير هدفا واحدا، وهو كسر أنف تلاميذ نصف الحاضر وكل المستقبل!
 وفى محاولة من الآباء لمساعدة أبنائهم فى الحصول على مجموع مرتفع.. لا يمانع بابا المحترم في مساعدة المحروس على الغش فى الامتحان.. وشراء الإجابات النموذجية.. من العصابات المتخصصة التى تبيع إنتاجها إلى نصف التلاميذ فى مصر.
التلميذ فى بلادنا المحروسة لابد أن يشعر مبكرا بالعجز والخيبة.. والوالد ولى الأمر المحترم.. يشعر بالضعف والمهانة وهو يرى أبناء الآخرين يشترون الامتحانات عينى عينك.. فلا يجد أمامه وسيلة لإنصاف ابنه سوى الاشتراك فى اللعبة.. وشراء الامتحان للمحروس!
وهكذا يشعر جميع تلاميذ مصر.. وبلا استثناء.. أن الغش هو البوابة الملكية للنجاح والتفوق.. بما يترتب عليه إدراكه أن كل شىء قابل للبيع والشراء.. وأن عالم الكبار يدار بشكل خاطئ.. وأن القيم والأخلاقيات تأتى فى المرحلة الثانية.. وأن الغاية بصريح العبارة تبرر الوسيلة.. ولهذا يقع التلميذ مبكرا فى فخ العقد والكلاكيع والأمراض النفسية.. ثم الاكتئاب بعد ذلك.. وأحدث الدراسات العلمية تؤكد أن 33 فى المائة من تلاميذ المدارس فى مصر.. يعانون العقد والكلاكيع النفسية.. وهو رقم قياسى مرعب.. ولم تنس جمعية الطب النفسى أن تذكرنا أن مصر بها طبيب نفسى واحد لكل 100 ألف مواطن.  يعنى نحن فى حاجة إلى خمسة أضعاف الأطباء النفسيين الحاليين.. وهى دعوة مستترة من الجمعية النفسية للتلاميذ بالاجتهاد والمذاكرة والتفوق والحصول على مائة فى المائة من المجموع.. بغرض الالتحاق بكلية الطب.. ودراسة الطب النفسى.. حتى يتبوأ التلميذ مكانة محترمة فى المجتمع.. لن يحققها سوى بالدروس الخصوصية أو بالغش على أقل تقدير!
وزمان زمان.. كان المحامى هو نجم المرحلة.. والعمل بالمحاماة هو حلم الشباب وكلية الحقوق كانت منارة حقيقية.. يتخرج فيها نجوم السياسة ووزراء المستقبل.. بعدها جاء الدور على المهندس.. ثم الطبيب.. وفى وقت من الأوقات كان الضابط هو الفارس المتوج.. بحكم أن المجتمع يخوض الحروب ضد أعداء الخارج.. أو حتى أعداء الداخل.. والضابط حتما هو القائد الحقيقى لتلك الحروب!
الآن.. جاء الدور على الطبيب النفسى.. ليحتل المكانة العليا.. هو النجم الحقيقى الآن.. الذى يكسب ذهبا.. والذى هو مطمح ومطمع الفتيات وزوجات المستقبل.. اللهم لا قَّر.. اللهم لا حسد!!>