الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

12 أثرًا إسلاميًا آيلا للسقوط

12 أثرًا إسلاميًا آيلا للسقوط
12 أثرًا إسلاميًا آيلا للسقوط


منّ لا يُحافظ على تاريخه لا يستحق أن يكون له مستقبل واعد، وأولى خطوات الحفاظ على التاريخ هي حماية الآثار التى كانت شاهدًا ومؤرخًا للأحداث التاريخية فى العصور كافة. يوسف أسامة باحث بالآثار الإسلامية، أخذ على عاتقه تعريف الناس بتاريخ الحضارة الإسلامية بعدما تخرج فى كلية الآثار، وكل أسبوع ينظم دعوة عامة على «فيس بوك» لزيارة أثر إسلامى مع عرض تاريخه وحكايته، وذلك بمقابل رمزى.

أثناء الجولات اكتشف «يوسف» أن إهمال هذه الآثار لعقود جعلها فى حالة سيئة فبعضها أصبح آيلًا للسقوط والبعض الآخر يحتاج إلى عملية ترميم عاجلة، وقال «يوسف» لـ«روزاليوسف»: «هناك آثار إسلامية سقطت منها أجزاء حتى إن بعضها أصبح على وشك الانهيار التام».
 قناطر ابن طولون تنهار
بداية ما اكتشفه «يوسف» كان انهيار أجزاء من قناطر مياه أحمد بن طولون بالبساتين، إذ تم إزالة أجزاء من سورها، وبعضها تحول مكانًا للأشجار، وهى ثانى أقدم أثر فى عمارة مصر الإسلامية، وهى أقدم قناطر  متخصصة فى نقل المياه فى مصر والعالم الإسلامى،  وتُعرف أيضًا بـ«سقاية بن طولون وسور بن طولون » وهى مجرى عيون تبدأ من منطقة بئر أم السلطان فى حى البساتين وتنتهى عند جامع سيدى عقبة. أنشأها ابن طولون فى القرن التاسع الميلادى لإيصال المياه من بركة الحبش إلى سكان المدافن، وهى ضمن 5 آثار باقية من العصر الطولونى وهي «جامع ابن طولون، الفسقية الطولونية، الساقية الطولونية، قناطر ابن طولون، وبقايا البيت الطولونى».
  إهمال حمام الشرايبى
أكد «يوسف» أن حمام الشرايبى الموجود بشارع الفحامين فى الغورية، يُعانى من الإهمال منذ عشرات السنين، مما أدى لدمار زخارف الحمام من الداخل وتساقط وتهدم أجزاء منه، وتحاصره تلال القمامة من كل مكان حتى محت معظم معالمه الأثرية والتاريخية، رغم أن الحمام مسجل عام 1985 فى عداد الآثار الإسلامية برقم« 628».
وأكد يوسف أن الخواجة محمد الدادة الشرايبى المنسوب إليه هذا الحمام رجل مغربى الأصل مصرى النشأة والوفاة اختار منطقة الغورية أكبر سوق تجارى فى ذلك الزمان وأقام بها وكالته الشهيرة «وكالة الشرايبى» آثر رقم 460 والتى تخصصت فى تجارة الأقمشة القطنية الهندية والخزفيات الصينية إلى جانب الأقمشة المحلية.
 الأمير صرغتمش فى الصرف الصحى
«مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش»، يبدو الوضع فيها أكثر سوأ، فهما يعانيان من الإهمال الشديد، إذ تتجمع تحته مياه الصرف الصحى من المساكن التى تشغل المنطقة المجاورة للمسجد، والرخام الذى يزين حوائطه أوشك بعضه أن يسقط على الأرض، كما أن هناك تشققات فى الرخام، رغم حداثة الإصلاحات التى تمت فى المسجد، وقال خادم المسجد إنه يوجد فراغ وراء قطع الرخام، بما يعنى أنها عرضة للسقوط فى أى وقت.
ويقع المسجد فى منطقة منخفضة من جبل يشكر، ورغم عمل هيئة الآثار نظام حديث للتخلص من مياه الصرف الصحى،  والتى كانت تهدد أيضًا جامع أحمد بن طولون، فإن المياه عادت وتجمعت بعد الانتهاء من الترميمات والإصلاحات فى منطقة جامع ابن طولون، وتزداد خطورة الأمر أن الجامع كان يضم حوانيت قديمة فى طابقه الأول، وبالطبع تمتلئ الآن بتلك المياه، وأبوابها سبعة ترتفع فيها مياه الصرف لمسافة نصف متر على الأقل، لدرجة أن شجرة نخل نبتت فى الجدار الخارجى للمسجد، مما يشير إلى أن أحدًا لم يعالج تلك المياه منذ زمن، ويلاصق جامع الأمير صرغتمش جامع بن طولون، فيما تتجمع تلك المياه بالتحديد أسفل مئذنة جامع بن طولون والتى تعد أجمل وأعجب مئذنة فى القاهرة.
«يوسف» أضاف : مسجد ومدرسة الأمير «صرغتمش» هو بناء أثرى مملوكى بناه الأمير «صرغتمش الناصرى» فى القطائع بجوار مسجد أحمد بن طولون مباشرة، وموقعه حاليًا فى شارع الصليبة بحى السيدة زينب بالقاهرة، شيده الأمير سيف الدين صرغتمش الناصرى فى ربيع الآخر سنة 757 هجريا وخصصه لتدريس الحديث والفقه الحنفى،  وكان تجمعًا للفقهاء الحنفية فى القرنين الثامن والتاسع.
 الترميم مُحرم على «الماردانى»
الإهمال لم يترك مسجد الماردانى، الذى يعد من أقدم مساجد القاهرة التاريخية، حيث ملأت الشروخ أركانه وتآكلت حوائطه من الرطوبة، وكأن يد الترميم لم تقترب منه منذ إنشائه، والعواميد التى تحمل المسجد متهالكة، والرسومات والزخارف الرخامية على الحوائط تكاد تتساقط، والمحراب الذى يصلى فيه الإمام مكسور من الجانب الأيمن ويحتاج إلى إعادة تأهيل من جديد، ويتجلى ذلك بوضوح بتصدعات جدرانه وتهالك أركانه.
وأنشأ المسجد عام 740هـ، الموافق 1340م، على يد الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبدالله الماردانى،  الساقى المعروف بالطنبغا الماردانى،  أحد مماليك السلطان  الناصر محمد بن قلاوون، ترقى فى القصر السلطانى،  وعينه السلطان فى وظيفة الساقى،  وهو المسئول عن مدّ السماط “المائدة” وتقطيع اللحم وتقديم الشراب للسلطان.
 الحمام الفاطمى وعلى بك يتآكلان
الحمام الفاطمى يعانى من إهمال كبير ولم يعرف الترميم لدرجة جعلته ملاذًا آمنًا للحيوانات، وأيضا حالة من الإهمال الشديد يعانى منها حمام على بك «الأثرى»، الذى يعد مثالًا نادرًا على التطور العمرانى فى العصرين المملوكى والعثمانى،  في حين تنذر بانهياره هيئة الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، وفرعها بسوهاج، فقد ظهرت به شروخ وتصدعات شديدة فى جميع جدرانه، التى تهدد بنيانه بالانهيار فى أى لحظة، فضلًا عن تهالك أعمدته الخشبية وسقفه.
وأنشأ الحمام فى نهاية القرن الـ15 الميلادى،  الـ9 الهجرى،  بمنطقة القيسارية بمدينة جرجا جنوب سوهاج، الأمير محمد بن عمر بن عبدالعزيز، المعروف باسم محمد أبو السنون، وجدده  الأمير على بك الفقارى،  وله ثلاثة مداخل، وبه مسلخ، وبيت يستخدم للتطهير قبل أن يذهب المستحم إلى بيت الحرارة، إضافة إلى مغطسين.
 قبة أم الصالح مقلب قمامة
قبة أم الصالح أثر مسجل برقم مملوكى 274، سقطت أجزاء منها وهى على وشك الانهيار كاملة، بجانب نتيجة الإهمال وأصبح مكانا للقمامة ويسكنه  مسجلون خطر، فأصبح تاريخًا مغطى بالنفايات، وتقع قبة ومدرسة الملك الصالح فى شارع الإشراف وسط مجموعة من الآثار الإسلامية المهملة، والتى تحولت إلى مقالب للقمامة وأخرى ورش للسمكرة والنجارة وغيرها من المهن لأشخاص سيطروا على الأثر الإسلامى المهمل داخل قاهرة المعز بدون محاسب أو رقيب لأهالى المنطقة مثل قبة الأشرف.
يعود تاريخ مدرسة وقبة الملك الصالح إلى 687 هجرية و1288 ميلادية تم إنشاؤها بأمر من الأشرف خليل بن سلطان قلاوون وولى عهده وذلك قبل عامين من وفاة السلطان.
وشيد الأمير علم الدين سنجر الشجاعى العمائر وهذا هو السبب وراء تماثل قبة الأشرف بقبة أم الصالح فى التصميم وكان منشىء العمائر المسئول عن العمارة السلطانية الأمير علم الدين سنجر الشجاعى، والذى تميزت أعماله بعناصر معمارية لم يكن لها سابقة من نوعها قبل عصره.
 سبيل شيخو يضيع
يعانى سبيل الأمير شيخو بالحطابة، والذى يتبع منطقة القلعة من تدهور الحالة المعمارية والإنشائية كما أنه تحول إلى مقلب للقمامة حيث يلقى الأهالى القمامة فيه، وأنه لو تم إهماله أكثر مما هو عليه سيصبح أطلالا ونفقد واحدا من الآثار المهمة بالقاهرة.
«يوسف» أوضح أن هذا السبيل مسجل فى عداد الآثار الإسلامية برقم 144، وأثناء وجود الحملة الفرنسية فى مصر، أساء جنودها استعمال السبيل حتى إنهم حولوه إلى إسطبل للخيول مما ساهم فى تدهور حالة السبيل، ليس هذا فقط بل إنه تحول أثناء الاحتلال البريطانى لمصر إلى مربط للخيل، ليستمر على تلك الحالة المتدهورة حتى الآن.
 المياه تنخر جامع الصالح طلائع
جامع الصالح طلائع أثر فاطمى مسجل بوزارة الأثار برقم 116، يعانى من مياه قد تؤدى إلى انهياره، وهو آخر الجوامع التى بنيت فى العصر الفاطمى،  ورغم أن الجامع فرغ من بنائه سنة 555 هـ «1160م» إلا أنه لم يصبح مسجداً جامعًا إلا بعد بنائه بحوالى مائة سنة حين أقيمت فيه أول صلاة للجمعة أيام السلطان المملوكى عز الدين أيبك 1250 1257م.
 وعن تاريخ الجامع قال «يوسف»: أمر بإنشاء الجامع الوزير الصالح طلائع بن رزيك سنة 555هـ «1160م»، وكان وزيراً للخليفة الفاطمى الفائز ثم للخليفة العاضد من بعده، ليدفن فيه رأس الإمام الحسين ولكن الخليفة الفاطمى الفائز لم يمكنه من ذلك حيث أشار عليه خواصه بأن رأس الإمام الشهيد جد الفاطميين يجب أن تكون فى القصر، فأعد له الفائز مشهدا خاصا داخل باب الديلم أحد أبواب القصر الفاطمى،  وهو المشهد القائم حاليًا.
وكان يعرف أيضا بأنه «المسجد المعلق» حيث يقع أعلى من مستوى الشارع، ويعتبر أحدث مسجد فاطمى فى القاهرة. ويوجد بالقرب من باب زويلة ويضم نقوشًا قرآنية بالخط الكوفى الجميل على الجدران والأعمدة. وأسفل المسجد توجد متاجر تدفع المتطلبات المالية للمسجد. ولقد تم تزيين جدار القبلة «المواجهة للكعبة» بنوافذ زجاجية مزخرفة جميلة وتوجد بعيدًا عن المتاجر.
 انهيارات بضريح «خوند طوغاى»
أثر ضريح وخانقاه الأميرة «خوند طوغاى»، يتعرض للإهمال وعدم ترميم مما سبب انهيار أجزاء من الجزء العلوى وبه شروخ ضخمة، رغم أنه مسجل كأثر برقم 81، وتحيط به القمامة من كل مكان بل وصلت القاذورات إلى داخل محرابه، والذى يقترب عمره من السبعة قرون، ويقع أثر الخانقاه بشارع السلطان أحمد فى حى منشأة ناصر بالقاهرة والخانقاة هى مكان للصوفية المنقطعة للعبادة.
وأكد «يوسف» أن أثر الخانقاه أصبح وكرًا لحقن المكس ومتعاطيها ومدمنى المخدرات، وهى من تأسيس الأميرة «خوند طوغاى» عام 749 هجرية 1348 م، بقايا خانقاه طوغاى أم أدوك وزوجة الناصر محمد بن قلاووى.
 بيبرس يغرق
الجامع الظاهر بيبرس الذى أنشأه الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى عام 665 هجريا ومسجل بالآثار برقم 1 يعانى من المياه الجوفية بداخله وكان من المفترض وجود اتفاق بين دولتى مصر وكازاخستان على ترميم الجامع من عدة سنوات بحيث تساهم دولة كازاخستان فى جزء من التمويل لكن المشروع توقف بسبب خلاف على نوع مواد الترميم، والآن تقبع المياه داخل محيط الجامع التى تحولت إلى اللون الأخضر، وكل يوم تنهش فى جدران المسجد.
 قبة بن قلاوون معرضة للهدم
قبة الأشرف خليل بن قلاوون فاتح عكا ومسجلة برقم 275 تعانى من مياه ومعرضة للهدم بشكل نهائي، وتقع القبة بجوار قبة أم الصالح، ويعود المنشأ للأمير علم الدين سنجر الشجاعى شاد العمائر تاريخ الإنشاء 687هـ/ 1288م، أما من هو الأشرف خليل هو ابن السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحى،  نشأ فى مصر فى وقت كان الاحتلال الصليبى يخيم على كثير من بلاد المسلمين، وكان والده الملك المنصور قلاوون مجاهدًا للصليبيين، فنشأ على الجهاد والعزة، ولم يرتض الذلة، تولى السلطنة فى ذى القعدة سنة 686هـ بعد موت والده المنصور قلاوون، وقتل على يد جماعة من الأمراء الذين اتفقوا على قتله، وذلك فى سنة 693.
الدكتور جمال مصطفى مدير عام الآثار الإسلامية بوزارة الآثار قال: «ليس هناك آثار إسلامية معرضة للانهيار، ولا يمكن لشخص أثرى أن يُقيم أعمالًا إنشائية، والشخص الوحيد الذى يستطيع البت فى حالة الأثر وتقييمها هو استشارى الإنشاءات أو متخصص فى الأساسات، وهناك فرق كبير بين الآثار التى تحتاج لترميم، والتى يقال إنها معرضة للانهيار، فالترميم يختلف عن التجديد، وانهيار الأثر لا يكون إلا فى حالة الكوارث مثل الزلازل والبراكين.
وأكد أن جميع الآثار الإسلامية مسجلة بوزارة الآثار، ويوجد جهتان يعملان فى الصيانة والترميم قطاع المشروعات والإدارة العامة للقاهرة التاريخية، ولديهما برنامج سنوى لأعمال الصيانة والترميم لكل الآثار من ضمنها «الإسلامية».
الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم والصيانة بالوزارة، قال: إن كل ما يُقال عن تعرض آثار للانهيار كلام غير دقيق والوزارة تضع خطة وتلتزم بها وتسابق الزمن فى مواجهة التحديات التى تواجهها خاصة فى الآثار الإسلامية، وقد تم ترميم مسجد العباسى ببورسعيد وافتتاحه يوم 3 أغسطس الجارى،  بتكلفة مليون ونصف المليون جنيه، تبرع بها أحد رجال الأعمال ببور سعيد.
وتابع هناك ترميمات بمسجد برشيد، ومسجد بالإسكندرية، ومسجد على زين العابدين بالقاهرة، والمعبد اليهودى بالإسكندرية، وقصر البارون بمصر الجديدة، وجامع عبدالعزيز رضوان بالزقازيق، وجامع البهلوان بالقاهرة والمسجد العمرى بأسوان ومسجد محمد على بالقلعة، والمتحف الحربى بالقلعة بتمويل من القوات المسلحة وسجاد مسجد محمد على، ومدافن الباشا.