الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رسائل التكفير فى مبادرات المصالحة الإخوانية

رسائل التكفير فى مبادرات المصالحة الإخوانية
رسائل التكفير فى مبادرات المصالحة الإخوانية


وكأننا أمام شخصية عبثية فى أحد الأعمال المسرحية، تغط فى سُبات عميق ثم تستفيق فجأة لتطلق نفس العبارة غير المفهومة وغير المنطقية، قبل أن تعاود استسلامها لما يشبه الموت مرة أخرى، هكذا هو الحال مع مبادرات جماعة الإخوان الإرهابية التى تنطلق بين الحين والآخر بدعوى الخروج من «النفق المظلم».
فى الذكرى الخامسة لفض اعتصام ميدانى رابعة والنهضة أعلنت جماعة الإخوان مبادرة تتضمَّن إجراء انتخابات رئاسية جديدة يدعو لها الرئيس المعزول، محمد مرسى، عبر عنها بيان الجماعة الذى جاء تحت عنوان: «تعالوا إلى كلمة سواء، وطن واحد لشعب واحد».
تضمنت المبادرة 10 بنود لما أسمته «دعوة للحوار الوطنى»، وهى تتضمن الكثير من الفخاخ والمغالطات السياسية واللغوية والتاريخية، فتأكيد الجماعة على الاحتفاء بثورة يناير 2011 وأن الجماعة فصيل وطنى يعنى إسقاطا لكل ما حققه الشعب فى 30 يونيو عندما قام ليسقط حكم الإخوان بلا رجعة.
اعتبار الجماعة أن السلميَّة خيار التنظيم فى التغيير والحفاظ على مؤسَّسات الدولة، يتناقض تماما مع كل ما قامت به الجماعة على مدار خمس سنوات من محاولات هدم وتخريب لكل مرافق الدولة واستهداف لمؤسساتها الأمنية والعسكرية وتنصل من كل تنظيمات العنف المنبثقة عن الجماعة كحركة حسم ولواء الثورة ومولوتوف وأجناد مصر وغيرها.
نص الجماعة على أن الشعب هو المصدر الوحيد للشرعية يوحى كذبا بأن قطاعا كبيرا من الشعب لم يزل يقف خلف الجماعة ويؤيدها وهو أمر غير حقيقى بالمرة، كما أن الحديث عن رفض مناخ الاستقطاب يوحى بأن الكفتين متساويتان بين السلطة والجماعة وهو أمر لا يحتاج لتأكيد.
تتحدث الجماعة فى مبادرتها عن «حقوق الضحايا» وأهمية تحقيق العدالة الناجزة، وكأنها تنظر إلى من سقطوا فى مواجهة مسلحة مع الدولة باعتبارهم ضحايا وتريد أن تساوى بينهم وبين الأبرياء الذين سقطوا سواء من المواطنين أو من المنتمين للمؤسسات الأمنية الذين سقطوا دفاعا عن الوطن فى مواجهة من يستهدفونه.
عنوان البيان نفسه يتضمن قدرا من الاستعلاء ورفض وتكفير الآخر، فالآية التى اقتبست منها عنوان البيان تقول: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا.. فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون» وفى اختيار الآية إسقاط واضح.
ليست هذه أولى المبادرات الإخوانية ولن تكون آخرها، فقد سبق أن طرحت الجماعة على مدار السنوات الخمس الماضية ما يقرب من 15 دعوة للمصالحة لم يلتفت إليها أحد فى المجتمع كونها جميعا تنطلق من أرضية تجاوزها الزمن ودهستها الأحداث، فأغلب المبادرات يبدأ من اعتبار محمد مرسى رئيسا شرعيا للبلاد، أو يتجاوز هذه النقطة باعتبارها أكبر التنازلات الممكنة.
تباين الأشخاص الذين اعتمدت عليهم الجماعة فى الترويج لفكرة المصالحة فى درجة القرب التنظيمى، لكنهم جميعا يدورون فى فلك الجماعة بدرجة أو أخرى، فقبل مبادرة الإخوان بأيام طرح السفير السابق معصوم مرزوق مبادرة مقاربة، وقبله كان كل من الدكتور أحمد كمال أبوالمجد والدكتور حسن نافعة طرحا مبادرات مشابهة، علاوة على مبادرات كمال الهلباوى وإبراهيم منير ويوسف ندا وغيرهم.
تنطلق جميع المبادرات التى أطلقتها الجماعة من فرضية غير واقعية بالمرة وهى أن البلد يعانى أزمة شديدة اختارت الجماعة أن تسميها «النفق المظلم» غير أن هذا المصطلح لا ينطبق إلا على حال الجماعة التى تعانى فى غياب قيادة موحدة للتنظيم وتشتت أعضائه بين بلدان العالم وانهيار شعبيته المتواصل فى كل بلدان المنطقة.
القاسم المشترك بين هذه المبادرات هو أنها تعكس أن قيادة الجماعة وعناصرها خارج الزمن، فمحاور مبادرة الإخوان التى أطلقتها قبل أيام هى نفس مطالبهم التى عرضوها قبل خمس سنوات فى الاجتماع الذى حضره محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد السابق، ومحمد البرادعى مساعد رئيس الجمهورية السابق مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى وقت أن كان وزيرا للدفاع، وكاترين آشتون مفوضة الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبى، والتى رفضها السيسى وغضبت آشتون بشدة لرفضه.
مبادرات الإخوان تماما كالمسرح العبثى الذي تتسم أفكاره بعدم المنطقية، والحوار فيه ليس محكمًا، وأحداثه بلا حبكة، اللغة فيه ليس لها معنى محدد ومن ثم تفتقد دورها كأداة اتصال. 