الأفغان فى مصر!
ابتسام عبد الفتاح
180 عاما مرت على ميلاد جمال الدين الأفغانى أحد الأسماء البارزة فى الفكر الإسلامى، والذى أطلق صيحاته من مصر التى كانت ومازالت منبرا لكل صوت يصدح بالتنوير.
السفارة الأفغانية بالقاهرة أهدت مصر تمثالا للأفغانى، تم وضعه فى حديقة الحرية بالجزيرة وسط القاهرة وذلك الأسبوع الماضى فى الذكرى التسعين لاتفاقية الصداقة الموقعة بين البلدين.
700 أفغانى يعيشون بمصر معظمهم طلاب بجامعة الأزهر، ويقيمون بالمدينة الجامعية.
أما العائلات فمعظمهم يقيم فى الحى السابع بمدينة نصر، ويتوزعون ما بين 20 عائلة.
الأفغان يعشقون الأكل المصرى، وتؤكد أشكيلا خازال زوجة السفير الأفغانى بالقاهرة، أنها تفضل الوجبات المصرية خاصة البابا غنوج وأكلات السمك.
السفير الأفغانى فضل الرحمن قال إن وضع التمثال بالقاهرة يتوافق مع حلول الذكرى الـ150 لحضور جمال الدين الأفغانى لمصر لأول مرة، والذكرى الثالثة لافتتاح قناة السويس الجديدة، التى شاركنا المصريين افتتاحها، واليوم المصريون يحتفلون معنا بإزاحة الستار عن تمثال هذا العالم الذى استقبلته مصر بكل حفاوة، اعترافا وتقديرا لعلمه ونبوغه، وأن إقامة التمثال فى القاهرة تعكس عمق روابط الأخوة والصداقة المتجذرة بين مصر وأفغانستان.
وعن الجالية الأفغانية بمصر أكد أنها متواجدة للدراسة فقط بالجامعات المصرية خاصة جامعة الأزهر ويرجع سبب قلة عدد الوافدين من الشعب الأفغانى لمصر للبعد الجغرافى بين البلدين بالإضافة للعدد المحدود الذى تحدده الجامعات المصرية لقبول الوافدين من الدول الأخرى لها.
وفى السياق نفسه يقول عثمان نورستانى رئيس اتحاد الطلاب الأفغانيين بجامعة الأزهر، إن الشعبين الأفغانى والمصرى شعب ووطن واحد، لذلك الأفغانيون بمصر يشعرون وكأنهم بوطنهم أفغانستان، وأضاف أن افتتاح تمثال جمال الدين الأفغانى، أعطى للشعب الأفغانى تأكيدًا على مشاعرهم تجاه إخوانهم المصريين، وهو ثانى تمثال للعالم الجليل جمال الدين الأفغانى، الذى أتى لمصر وترعرع بها والشعب المصرى احتضنه وتعامل معه كأنه أحد المصريين، فالأول تمت صناعته بأفغانستان ويوضع بإحدى حدائقها.
وأكدت الجالية الأفغانية بمصر أنهم يستشعرون نفس مشاعر جمال الدين الأفغانى تجاه مصر، ويزيد الأمر فخرا بوضع تمثال له.
وعن قلة عدد الجالية بمصر قال إنه فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر كان هناك تواجد كبير للشعب الأفغانى هنا، لأن الأوضاع السياسية بأفغانستان كانت تسمح بذلك، ولكن الآن هناك 700 أفغانى فقط بمصر، كما أن منح الجامعات المصرية قليلة للطلاب الأفغان ونأمل زيادة عدد المنح الدراسية والتى يصل عددها لـ600 منحة فقط، وهناك وعود بذلك من شيخ الأزهر، وعن الوضع السياسى لأفغانستان قال: هو الأفضل فى بعض الحالات، فرغم اختلاف الآراء إلا أن الشعب الأفغانى يتوحد لبناء البلد، نحن نأمل فى تقدم أفغانستان فى مختلف المجالات سواء الاقتصادية والسياسية، وذلك بمساعدة أبناء أفغانستان من خريجى الأزهر الشريف لاستكمال مسيرة العالم الجليل جمال الدين الأفغانى، فقد خسرت أفغانستان كثيرا عندما توقفت مسيرته فى الوسطية الدينية.
وتابع السفير عبدالفتاح الزينى رئيس جمعية الصداقة المصرية الأفغانية، أن العديد من المثقفين وقادة الفكر فى مصر تتلمذوا على يد الأفغانى على رأسهم سعد زغلول وإبراهيم اللقانى وجرجى زيدان والإمام محمد عبده ويعقوب صنوع.
وأشار إلى جهود العالم الأفغانى فى مكافحة الاستعمار وتجديد الفكر الإسلامى فى ربوع الوطن الإسلامى، فقد كان مفكرا دينيا وقائدا سياسيا جمع بين الزعامة الدينية والسياسية، وقد أشاد به الرئيس جمال عبدالناصر، حيث قال إن جمال الدين الأفغانى مفكر دينى وقائد سياسى جمع بين الزعامات الفكرية والدينية والسياسية.
المرأة الأفغانية
أشكيلا خازال - زوجة السفير الأفغانى بالقاهرة - والتى تعيش بمصر منذ 5 سنوات ولديها بنتان طبيبتان و3 أولاد اثنان منهم بكلية التجارة وواحد بكلية صيدلة بجامعة القاهرة قالت: المرأتان الأفغانية والمصرية متشابهتان جدا حيث تتمتعان بروح خفيفة الظل، ومتعاونتان وتستطيعان التعامل مع أى شخص، ولديهما نفس العادات والتقاليد الخاصة بالزواج، فأنا زوجة أخى مصرية وجعلتنى أقترب للمصريات ككل وأحبهن بشكل كبير، لذلك أحرص على تنظيم جلسات بين سيدات مصريات وأفغانيات بهدف اكتساب صداقات بينهن ولقد حدثت زيجات بين عائلات أفغانية ومصرية.
وأضافت: أفضل ما يعجبنى بالمرأة المصرية تمسكها بالحجاب الشرعى، وأفضل الأكلات المصرية التى أعشقها هى البسبوسة والكشرى، ولقد تعلمت العديد من الوجبات المصرية من زوجة أخى كالسمك والبابا غنوج، والاختلاف الجوهرى فى تقاليد الطعام بين الأفغانية والمصرية هو أن الأفغان يحبون أن يأكلوا الزبادى بجوار أكلاتهم.
وعن طبيعة يومها قالت زوجة السفير الأفغانى: فى الصباح أعد الإفطار لزوجى السفير ثم أقوم ببعض التمارين الرياضية بالمنزل ثم أجهز الغداء، وبالمساء أخرج لحضور بعض الحفلات أو الجلوس ببعض المقاهى بحضور صديقاتى المصريات وزيارة الأماكن السياحية بمصر.
لقد شاهدت جمال مصر كما تمنيت أن أرى المزيد منها، فمصر حالة خاصة من الجمال، وأنا أستمتع بشروق الشمس بأبوسمبل حينما أكون بالأقصر.
700 أفغانى.. 20 عائلة
محمد شعراوى، مسئول القسم الثقافى بسفارة أفغانستان أكد أن السفارة تحرص على تقديم الصالون الثقافى الشهرى، والذى يحضر به أبناء الجالية الأفغانية ويهدف الصالون لتقديم كل أنواع الثقافة والمعرفة لأبناء الجالية، ويحضر أيضا من خارج الجالية كمصريين، ومن الجاليات الأخرى يأتى آخرون من ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وإيران، ودور القسم الثقافى تقديم كتب باللغتين العربية والفارسية، إلى من يدرسون اللغة الفارسية بجامعة القاهرة وعين شمس سواء أفغانيين أو مصريين.
وأكد أن عدد الطلاب الأفغانيين بمصر 633 طالبا وطالبة، 600 منهم بجامعة الأزهر و30 بجامعة القاهرة و3 طلاب فقط بجامعة عين شمس، وأضاف هناك من يحضرون دراسات الماجستير فى جامعة الدول العربية وجامعة القاهرة وهؤلاء عددهم يصل 50 باحثًا وباحثة، وأغلبهم يلتحقون بكليات الشريعة والقانون والهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية والتجارة، مشيرا إلى أن الطلاب يدرسون فى أفغانستان ويستكملون تعليمهم الجامعى فى الجامعات المصرية.
وعن عدد الجالية الأفغانية بمصر أكد: يصل عددهم إلى 700 أفغانى ما بين طلاب وإعلاميين بالإذاعة الفارسية وتجار، ويوجد طلاب يحضرون لمصر مع عائلاتهم، وكذلك دبلوماسيون يأتون مع عائلاتهم، ولكن عدد العائلات المتواجدة بمصر لا يتعدى عددهم 20 عائلة وكلهم يحبون التنزه بحديقة الأزهر والحرية والمولات الكبيرة كمول العرب.
خريطة الجالية
يسكن عدد كبير من عائلات الطلاب الأفغان بالحى السابع بمدينة نصر بالتحديد، بعد أن اشترت السفارة الأفغانية بالقاهرة 3 عمارات سكنية وبجوارها مطعم «كابول» ومسجد وملعب كرة للطلاب الوافدين من جميع الجنسيات، وعند دخولك للحى ستكتشف أنك بين قليلين ممن يتحدثون اللهجة المصرية.
محمد طاهر 20 عاما جاء مع عائلته التى تقيم بالحى السابع بمدينة نصر، وقال: أدرس بجامعة الأزهر الشريف بكلية الشريعة والقانون وأنا عاشق لمصر فهى بلد النيل والأنبياء والشعب المصرى من أفضل شعوب العالم فهو شعب يحترم الوافدين له، ويضيفهم بكرم واسع، وأنا بمصر منذ عام ونصف العام، وجئت للأزهر لأستفيد من علم وثقافة علمائه.
مضيفا: التشابه فى العادات والتقاليد بين المصريين والأفغان جعل لى صداقات كثيرة من القاهرة وساعدنى فى تعلم اللغة العربية.
ورغم قلة الجالية الأفغانية بمصر إلا أننا لا نشعر بأى غربة نتيجة تقارب العادات مع الشعب المصرى.
أمان الله والذى جاء لمصر منذ 8 سنوات ويعمل مقدمًا ومترجمًا للبرامج الفارسية، التى تبث بالإذاعة المصرية، قال الأفغان يفضلون التجمع بالسفارة ونحرص على تنظيم رحلات للحدائق طوال السنة وبالأعياد فى جميع المحافظات وأقرب الجاليات المتواجدة بمصر من الجالية الأفغانية هى الجاليتان الهندية والباكستانية ويشاركوننا فى الرحلات.
وأضاف معظم طلابنا يسكنون بالمدينة الجامعية لجامعة الأزهر بالقاهرة، والعائلات الأفغانية بالحى السابع بمدينة نصر، وأفضل ما يحبه الأفغان بمصر روح الشعب المصرى وعلم علماء الأزهر.
وتابع لا يوجد سائحون أفغان بمصر، رغم أن الأفغانيين عاشقون للسياحة الإسلامية بمصر، وذلك نتيجة عدم وجود شركات سياحة خاصة بالأفغانيين بعد ظهور الأفكار المتشددة وهى الأفكار التى ليست لها علاقة بالشعب الأفغانى، مشيرًا إلى أن الشعب الأفغانى يحب الوسطية الإسلامية الموجودة بالشعب المصرى الذى ورثها من علماء الأزهر، ولكن بأفغانستان القائمين على الدين متشددون.
وكل الطلاب الذين يغادرون أفغانستان لأى بلد آخر، خاصة الطلاب يوقعون على إقرار بألا يتحدثوا فى السياسة.>







