الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حار نار صيفا..!

حار نار صيفا..!
حار نار صيفا..!


ارتفعت درجة الحرارة فى أوروبا.. فطلع الناس من هدومهم.. ومشوا زلط ملط فى الشارع يكلمون أنفسهم.. وخلعت البنات ملابسهن.. وهن يعانين الحر والعرق والنار القايدة.. والبنت عندهم تمشى عريانة نعم.. لكنها لا تمشى على حل شعرها.. هى عريانة لكن بمزاجها.. وليس من حق حضرتك البحلقة.. لأن العرى ليس دليل مسخرة وقلة أدب.. لكنه برهان بالصوت والصورة على الحرية الشخصية التى يتمتع بها إنسان العالم الأول.. هو حر فى أن يفعل ما يريد..
 يلبس مقطع أو اسموكن.. يتغطى بلحاف أو يمشى بلبوص.. هو حر وأنت لا تستطيع التدخل وفرض ذوقك وآراءك ومزاجك الشخصى.. هو حر مادام لا يؤذى أحدا.. وأنت تلتزم حدودك ولا تتدخل.. فهكذا تسير الأحوال فى بلاد الخواجات.
والحمد لله أننا نعيش فى مصر المحروسة.. حيث الطقس المستقر والثابت منذ ألوف السنين.. حار نار صيفا.. دافئ موحل شتاء.. لا مفاجآت غير عادية.. وقد اعتدنا وتعودنا.. واكتسبنا خبرة المواجهة بالمراوح والدفايات.. ورش المياه عصرا أمام البيوت والمحلات فى شهور الصيف الحارة.. والسهر تحت اللحاف فى شهور البرد والزمهرير.. فلا نشكو ولا نعترض.. ولا نصبح فرجة للعالم مثل إخواننا خواجات أوروبا.. الذين صاروا ملطشة للأحوال الجوية.. وقد تعرضوا لموجة حارة.. فخرج الناس عن وقارهم وهدوئهم.. وتخلوا عن طبيعتهم الباردة.. وظهرت عليهم أعراض التوتر والنرفزة.. واتسمت أفعالهم بالعصبية الزائدة.. وعرفت الأعمال والأشغال ظاهرة التزويغ من الشغل.. وشهدت الشوارع الخناقات الحامية.. بسبب الشمس التى تصب لهيبها بلا توقف أو انقطاع.
الخيبة أن البعض عندنا يبالغ كثيرا فى الإشادة بالإنجاز الحضارى الغربي.. ويقارنه بالتردى الحضارى فى بعض بلادنا.. مع أنها مجرد فروق فى الطقس هم يتمتعون بطقس لطيف يساعد على الشغل والإنتاج.. فلما تعرضوا لموجة حارة كالتى نعرفها فى بلادنا.. ظهرت حالات التذمر والزهق.
أقصد أن البنى آدم الخواجة ليس سوبر مان.. هو متفان فى عمله نعم.. بشرط أن تكون ظروف العمل مشجعة ومواتية.. ولا يستطيع العامل فى الغرب العمل فى ظروف قاسية كالتى يعمل بها إخوتنا من أهل الصعيد.. ولا يستطيع العامل هناك حمل قصعة الأسمنت فى حر أغسطس فوق رأسه.. يصعد بها السقالة فى الدور العاشر.. وهناك يستبدلون الماكينات والأوناش والمصاعد بالعامل والسقالة.. والماكينة تعمل أفضل من العامل الذى يكتفى بالتحريك والإشراف.
صحيح أن الأوناش والموتورات من إنجاز الغرب.. لكن الإنسان المحتمل والصبور والقادر على العمل الشاق من إنجازات الشرق.. ويصبح من العيب أن نردد وراء الغرب مقولات سخيفة من قبيل أن المواطن فى بلادنا كسول غير محب للعمل.
والفارق بين العامل الخواجة والعامل المصري، هو أنهم يعرفون اختراعا اسمه نقابات العمال.. والنقابة هى أعظم الظواهر الاجتماعية والسياسية فى بلاد الغرب الرأسمالي.. هى تملك من القوة التفاوضية والنفوذ بين جموع العمال وأصحاب الأعمال.. ما يمكنها من فرض شروطها.. دون تقاعس أو لكاعة.. أو خيانة لمصالح جموع العمال.
نقابات العمال حرة مستقلة.. لا تتبع سيادة الوزير.. ولا تنتمى لحزب من أحزاب السياسة على العكس تمامًا.. هى تنظيمات موازية للأحزاب السياسية.. وموازية للسلطة التنفيذية فى نفس الوقت.. هى نقابات ليست صفراء أو خضراء أو حمراء.
وعندما شعرت النقابات أن درجة الحرارة المرتفعة لا تساعد العمال على العمل المناسب.. فطالبت بزيادات مباشرة فى الأجور.. كما طالبت بتخفيض ساعات العمل.
الحمد لله أننا نعيش فى مصر المحروسة.. حيث الطقس المستقر الذى تعودنا عليه.. حار نار صيفا.. دافئ موحل شتاء.!!>