الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى أصول السلام الوطنى

فى أصول السلام الوطنى
فى أصول السلام الوطنى


من وحى الأحداث كتبت فيلما مليودراميا سوف يكسر الدنيا.. وفيه تقرر الوزيرة التخلص من الجراح الماهر والمتفوق مهنيا.. فتكلف العصابة بإذاعة النشيد الوطنى أثناء إجراء الجراح الكبير عملية جراحية حساسة.. فيترك الجراح كل شىء ويخرج لطابور الصباح تعبيرا عن الانتماء الوطنى.. وعندما يعود يكتشف أن المريض قد توكل على الله.. فتحيل النقابة الطبيب للمحاكمة.. وفى نهاية الفيلم ترى الطبيب يكسر حجارة فى أبوزعبل.. بينما تضطر زوجته للعمل خدامة عند الست الوزيرة.. ويسرح ابنه الصغير بكلينكس فى إشارات المرور.. وتعمل ابنته رقاصة فى الكباريه الذى يملكه رئيس العصابة الذى يتلذذ بإذاعة النشيد الوطنى عند كل جريمة يقوم بها!

ولا تعرف يا أخى كيف يختارون الوزراء والمسئولين.. إنهم يأتون من الدار للنار دون فترة تدريب وإعداد.. والطبيعى أن يحصل المرشحون لتولى مواقع قيادية.. أن يحصلوا على دورات تدريبية فى أصول الحكم.. وفى بلاد الخواجة لا يختارون المسئول بطريقة عشوائية.. ولابد حتما أن يلتحق بمعهد خصوصى لإعداد القادة.. يدربونه على وظيفته الجديدة.. يعلمونه فن إدارة الأزمات.. وحل المشاكل.
لا يصح أن يأتى الوزير أو الوزيرة من منازلهم.. لم يمارس العمل الجماهيرى.. لم يشارك فى ندوة سياسية اقتصادية ثقافية.. لم يعرف عنه الشغب السياسى.. وزير أو وزيرة مؤدب.. من البيت للكلية ومن الكلية للبيت.. لم يمش فى مظاهرة.. لم يكتب فى مجلة حائط.. لم ينفعل مع الناس بما فيه الكفاية.. ولهذا يحكم من فوق.. من برج عالٍ.. لم يختلط بالناس وهموم الناس..!
والعيب يبدأ من المدرسة.. ولا أعرف العبقرى الذى أفتى ذات يوم بأن اشتغال الطلاب بالسياسة ممنوع.. على اعتبار أن وظيفة الطالب هى التحصيل فقط.. مع أن المجتمع الذي لا يسمح بالحركة الطلابية النشطة هو مجتمع عجوز مترهل.. والجامعة التى لا تسمح بتعاطى السياسة هى جامعة عاجزة.. ومن غير المعقول أبدا ونحن نسعى للتقدم.. والمجتمع يموج بالمتغيرات أن يبدأ المواطن نشاطه السياسى بعد أن يتخرج فى الجامعة.. يعنى بعد أن يكون قد فقد لياقته وحيويته.
 ودور الجامعة الحقيقى.. ليس مجرد تخريج المحاسب والطبيب.. لكن دورها خلق الكوادر والقادة الذين يقودون المجتمع فى مشوار بكره.. الذى هو فى حاجة للطبيب والعالم الفاهم للعلم والمدرك للسياسة والظروف المحيطة بالمجتمع.
فى فرنسا يلتحق الوزراء وأعضاء البرلمان بكلية سان إتيان لتدريبهم على أصول الشغل ومبادئ التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعلوم السياسية.. بل يدربون الدارسين على فن التعامل مع الجماهير والارتجال بدون ورقة وقلم.
أقصد أن القيادة فن ودراسة وإعداد وتدريب.. وليس شرطا أن تكون متمرسا فى شغل السياسة.. المهم أن تجيد التعامل الهادئ مع المشكلات والأزمات.. وفى بلاد الخواجات يختارون المرشح للوزارة والبرلمان على هذا الأساس.. وهو ما يفسر تولى الوزير المدنى لوزارة الدفاع مثلا.
لا يساهم الأمن فى البلاد الديمقراطية فى اختيار الكوادر وتنصيبهم.. لأن الأمن لا يهمه سوى الضبط والربط وخلو الصحيفة الجنائية من المخالفات.. الأمن يهمه ولاء المرشح وسماعه للكلام وتنفيذ الأوامر.
اختيار وزيرة الصحة للسلام الوطنى.. مبالغة واضحة فى التعامل مع المستشفيات والأطباء فى وزارتها.. وقد كانت ردود الفعل رافضة.. وعلى الوزيرة أن تراجع نفسها.. قبل أن تتحول المسألة إلى فيلم كوميدى أو ميلودرامى فاقع. 