الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«خان» يا بيه

«خان» يا بيه
«خان» يا بيه


فى حوار أجريته عام 2004 مع المخرج الكبير «محمد خان»، (1942 – 2016)، قال إنه اكتشف أن علاقته بفن الدراما بدأت عندما كان صبيًا فى المدرسة، خاصة فى حصة الإنشاء الشفهى، حيث كان يسأل المدرس التلاميذ من منهم سوف يقوم بالكلام، فيهتف الجميع مطالبين بالأفضل (خان يا بيه).. ملكة الحكى التى ميزت «خان» فى فترة صباه نمت وتزايدت مع مرور السنين، ليكون من أفضل المخرجين المتمتعين بهذه السمة. فأيًا كان نوع الفيلم الذى يقوم بإخراجه، وقد قدم تقريبًا جميع النوعيات.. كان الحكى عنده هو الأصل والأساس.. كان بحق يحترم ويعتنى ويقدس الحكاية.
لا يعتبر «محمد خان» من المخرجين الذين مروا بمراحل فى حياتهم، فنقطة البداية عنده تشبه نقطة النهاية، لذلك لا يمكن اعتبار أنه فى مرحلة ما تميز عن الأخرى، وطوال سنوات عمله التى وصلت إلى 35 عامًا، من «ضربة شمس» فى 1980 وحتى «قبل زحمة الصيف» فى 2015، سوف نجد أن الظروف كانت تتغير، سواء فى نوعية المنتجين، شكل التقنيات، طبيعة المؤلفين، أو تجدد أجيال الممثلين.. إلا أسلوب «خان» يظل كما هو ثابتًا وواحدًا، لذلك فمن الصعب مثلاً تعريف أى فيلم قام بإخراجه على أنه فيلم «عادل إمام» أو «أحمد زكى»، بقدر ما تُعرف هذه الأفلام بأنها أفلام «محمد خان».
ربما تكون براعته فى الحكى هى ما جعلت أفلامه قريبة من الناس، فهدف أى متفرج عادى هو التمتع بالقصة التى يشاهدها فى الفيلم، لذلك كان «خان» هو أكثر من تمتع من أبناء جيله بشعبية وحضور وسط الناس العادية. وقد كنت أندهش دوما من أن أسرتى مثلا، والتى لا يعمل أى منها فى المجال الفنى أو الثقافى، يعرفون وينتظرون أفلام «محمد خان» بالتحديد! لم أكن أدرى لماذا، ولكنى عرفت فيما بعد أن حكايات أفلامه كانت أحد الأسباب، والسبب الأهم أنه كان من أقل المخرجين «تفزلكًا»، فالبساطة والسلاسة كانت الإطار الأساسى لأفلامه حتى وإن كانت تحمل فى مضمونها أفكارًا كبيرة ودراما ثقيلة.. إلا أنه أبدًا لم يضع ممثليه أمام الكاميرا ليقدموا وصلات من النحيب والولولة، فالممثل عنده يكون حقيقيًا وطبيعيًا فى أدائه دون أى افتعال أو انفعال زائد.. وإذا حاولنا أن نعرف سر واقعية «خان»، وهى «التهمة» التى لاصقته وأبناء جيله، سنجد أنها تجاوزت الفكرة والموضوع وكانت تكمن فى التفاصيل خاصة اختيار الأماكن التى تجرى فيها الأحداث، فالأماكن كانت واقعية بالفعل من المطابخ وغرف المعيشة وطرقات المنازل إلى أسواق الخضار والحوارى والشوارع الواسعة.
الذكرى الثانية لرحيل «خان» فى 26 يوليو القادم.. وحتى ولو كانت هى الذكرى الثانية بعد الألف فلا يمكن أبدا أن ننساه أو ننسى أفلامه.. لأنه ببساطة «خان يا بيه».>