الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كريستوفر ستون: السجن سبب إبداع «إمام»!

كريستوفر ستون: السجن سبب إبداع «إمام»!
كريستوفر ستون: السجن سبب إبداع «إمام»!


سنوات طويلة قضاها البروفيسور الأمريكى «كريستوفر ستون» رئيس قِسم اللغة العربية فى كلية «هانتر» بجامعة مدينة نيويورك، فى شوارع مصر، يبحث ويقرأ ويتابع ويحاول إجراء الدراسات عن أكثر ما لفت نظره فى الحياة الثقافية المصرية.. الشيخ إمام جعل «ستون» يشعر بالذنب والذهول؛ لأنه لم يسمع عنه طوال إقامته فى مصر فى التسعينيات، ومن هنا قرر أن يبحث عن أسباب خُفوت شُهرة وشعبية «إمام» فى مصر.. تواصلنا معه وأجرينا حوارًا حول كتابه الجديد الذى يقوم بالعمل عليه حاليًا.

• لماذا اخترت هذه الشخصيات بالتحديد ــ «الشيخ إمام، أحمد فؤاد نجم، أحمد زكى»؛ ليكونوا أبطال كتابك المقبل؟
- ربما تكون كلمة «أبطال» ليست فى محلها هنا، فهدفى ليس المدح أو التمجيد، بقدر التحليل لمكانهم ومكانتهم فى المجتمع المصرى والعربى، بالطبع هناك اهتمام شخصى من جانبى بهذا المشروع بسبب النقص الكبير فى الكتابة باللغات الإنجليزية والأوروبية وأعتقد حتى فى اللغة العربية عن الثقافة الجماهيرية.. هناك بعض الاستثناءات مثل الدراسات التى يقوم بها «والتر أرمبروست» المتخصص فى عِلم الإنسان و«جو جوردن» المؤرخ الذى يكتب عن السينما المصرية والعربية، وهناك من كتبوا عن «أحمد فؤاد نجم» و«الشيخ إمام» مثل «مارلين بوث»، ومع ذلك فما كُتِبَ كان ضئيلًا جدّا لما يمكن أن يقال عن هذه الشخصيات.. الذين من الممكن أن يضاف إليهم أيضًا «عبدالحليم حافظ» الذى سيظهر كطيف فى كتابى، سواء من ناحية هوس «أحمد زكى» به، أو كيف اختلفت الدروب بين «حليم» و«أحمد فؤاد نجم» وقد عاشا وهما صغيران فى الملجأ نفسه، ولكنهما سلكا طرُقا مختلفة.. أيضًا الفارق بين «حليم» و«الشيخ إمام».. وفى الكتاب سنجد أن شهرة «أحمد زكى» - مثلاً - كانت الأوسع لأنه كان جزءًا من الثقافة الرسمية، وهو ما لم يتحقق بالنسبة لـ«إمام» و«نجم».
• كيف ترى تأثير «الشيخ إمام» على الثقافة الجماهيرية؟
- لقد عشت فى مصر فى عامىّ 1994 و1995، ولم أسمع عن «الشيخ إمام» ولا مرّة. وعندما عدت لأمريكا قابلت أستاذًا مصريّا قال لى: إن هناك مطربًا شعبيّا شديد الأهمية قد مات مؤخرًا، فذهلت كيف يكون هناك مطرب مشهور وشعبى ولم أسمع عنه طوال فترة إقامتى، كما أتذكر ما انتشر حول ما قاله «حسنى مبارك» عقب معرفته بالجنازة الهائلة التى نالها «الشيخ إمام»، فسأل «مين الراجل ده؟». فمنذ وفاة «إمام» وأنا متعلق ومنشغل به وبدأت أتعرّف على أعماله. وهناك واقعة ثانية حدثت أثناء وعقب ثورة يناير 2011؛ حيث قرأت ما كتبه أساتذة كبار مثل: «تيد سويدنبرج»، «إليوت كوللا» و«روبن كريسويل» عن الحضور الطاغى للشيخ «إمام» و«نجم»- الحضور المعنوى بالطبع- فى ميدان التحرير.. وعندما جئت إلى مصر فى صيف 2011 ثم فى 2012 ثم فى 2013 وأقمتُ فى هذه الفترة لمدة طويلة فى مصر؛ بدأت أبحث عن حقيقة ما كتبوه ووجدت أن هناك مبالغة إلى حدّ كبير، فلا يوجد برهان عن الوجود الفعَّال للشيخ «إمام» أو «نجم» فى أيام الثورة.. هذه المبالغة أعادتنى لما كان يُكتب عن «إمام» و«نجم» منذ التسعينيات وتفسيرهما كظاهرة لها شعبية وجماهيرية كبيرة، وهذا ليس صحيحًا؛ لأننى اكتشفتُ العكس بأن هذا المشروع «إمام – نجم» كان نخبويّا أو شبه نخبوى، والسبب أن الوسائل الإعلامية الرسمية التى لم يكن هناك بديل لها، لم تكن تهتم إطلاقًا بهذا الثنائى، وبالتالى تم تحديد انتشار مشروعهما فى مصر بسبب الرقابة والمنع اللذين منعهما من الشهرة الحقيقية.. وهذا أدى فيما بعد لمفارقات بأن أغانى «الشيخ إمام» كانت تتردد فى شارع الحبيب بورقيبة فى تونس أثناء الثورة التونسية أكثر من ترددها فى ميدان التحرير أثناء الثورة المصرية، فشهرتهما كانت أكبر وأوسع فى العالم العربى.. طبعًا حدث تجاهل إعلامى للشيخ «إمام» طوال حياته، حتى وسائل التسجيل كانت باهظة الثمن، فلم يكن معروفًا إلا فى وسط المثقفين. لكن لا يوجد دليل على شهرته و«نجم» فى أوساط الفلاحين والعمال مثلًا.
• «الشيخ إمام» يُعتبر حالة خاصة فى الفن المصرى.. كيف تفسر هذه الحالة على جميع مستوياتها؟
- أنا لستُ متخصصًا فى الموسيقى حتى أقيِّم حالة «الشيخ إمام» الفنية، لكن أستطيع التأكيد أن هناك اختلافًا كبيرًا جدّا مثلًا بينه وبين «عبدالحليم» حتى على مستوى التفاعل الجماهيرى الذى كان له طبيعة خاصة عند «إمام»، فحفلاته معظمها محدود وجلسات خاصة.
• تمّت كتابة عدة مؤلفات من كتب ودراسات عن «الشيخ إمام».. هل تعتبرها وافية، وهل أفادتك؟
- طبعًا كان الكثير منها مفيدًا؛ خصوصًا ما كتبه «سيد عنبة» الذى يُعد من أهم المؤرخين عن «الشيخ إمام»، كتاب «صلاح عيسى» عن «الشيخ إمام»، ما كتبته «مارلين بوث» من دراسات نشرت فى الثمانينيات، لكن للأسف لم تجمعها فى كتاب.. وللأسف أيضًا هناك نقص كبير كما ذكرت فى توافر مصادر المعلومات عنه، ربما «نجم» تتوافر عنه مادة كبيرة نتيجة ما صدر له من كُتب سيرة أو دواوين أشعار أو حتى مقالات ولقاءات أجراها فى الفضائيات. وربما يكون هذا سبب إهمال «الشيخ إمام».
• نحتفل فى 2 يوليو بمئوية ميلاد «الشيخ إمام».. هل تعتقد أنه نال تقديرًَا يلائم إنتاجه الفنى؟
- لا طبعًا، ولستُ الوحيد الذى يعتقد ذلك، فكثيرون من الوسط الثقافى المصرى لديهم نفس الاعتقاد؛ خصوصًا الأجيال التى عاصرت «الشيخ إمام» فى السبعينيات.
• فى كتابك عن «فيروز» توصلت لنتيجة جديدة تخص استخدام صوتها فى فترة الحرب الأهلية.. ما الجديد الذى من الممكن أن تقدمه عن «الشيخ إمام»؟
- توصلتُ لنتيجة أن صوتها كان يُستخدم فى خدمة فئة معينة فى المجتمع اللبنانى، وهى الفئة المسيحية الجبلية، وقد كان كتابى عن «فيروز» هو الكتاب الأكاديمى الأول عنها باللغة الإنجليزية. والشىء نفسه سوف يتحقق بالنسبة لـ«الشيخ إمام». وهدفى فى الكتاب توضيح أسباب عدم اعتباره ظاهرة جماهيرية، والسبب بالطبع كان يعود للإعلام الرسمى.
• «أحمد فؤاد نجم» عاش سنوات طويلة بعد وفاة «الشيخ إمام» وكانت له إنتاجات فنية بأصوات أخرى.. هل تعتقد أن «الشيخ إمام» كان من الممكن أن يواصل العمل دون أحمد فؤاد نجم؟
- لقد غنّى بالفعل لشعراء آخرين، ولكن سنوات ارتباطهما وإنتاجهما الفنى معًا كانت الأفضل بالنسبة للاثنين، والسبب أن السجن جمعهما، وأخرج أفضل ما فى كل منهما من إبداع.. أعمال «نجم» بعد «الشيخ إمام» ليس لها القوة نفسها. و«الشيخ إمام» منذ خروجه من السجن وطوال فترة الثمانينيات لم يقدم أفضل ما عنده. أعتقد أن العامل الرئيسى لنجاحهما كان تجربة السجن.
• ما رأيك كـ«مواطن أمريكى» فى أغنية «شرّفت يا نيكسون بابا»؟
- أغنيتى المفضلة، فنسبة السخرية فى هذه الأغنية عالية جدّا، ومَن يستحق السخرية أكثر مِن نيكسون؟>