الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عاوزين الزكاة.. بالدولار!

عاوزين الزكاة.. بالدولار!
عاوزين الزكاة.. بالدولار!


 لو أننى مسئول بالدولة.. لجمعت جميع المشايخ فى استاد القاهرة.. وسألتهم سؤالا محددا عن قيمة زكاة الفطر.. وسوف يفشل جميع المشايخ من الأزهريين على السلفيين على الإخوان فى الإجابة.. وساعتها  نفعل فيهم ما فعله محمد على بالمماليك!!
 المشايخ عندنا يميلون للتخفيف عن الأغنياء والموسرين.. وعندما تسألهم عن قيمة الزكاة.. سوف تكون الإجابة الجماعية «اتناشر جنيه».. يعنى نص دولار.. بما يعنى أنهم راسبون يستحقون الإبادة على طريقة مماليك محمد على..!
 الدولة تحاسبك يا أخى على أسعار السلع والخدمات منسوبة للدولار.. لكن الزكاة عندهم محسوبة بالجنيه.. وعندما طرحت الدولة على لسان الرئيس فكرة تجديد الخطاب الدينى.. قامت بعض المؤسسات الدينية بطلاء حوائطها وتجديد مكتب المدير ومندوب الأمن وخلاص.. هكذا التجديد عندهم.. مع أن التجديد وبمناسبة زكاة الفطر هو التوسعة على الفقراء!
 الأصل فى زكاة الفطر أنها طهارة للصائم.. والغرض منها التوسعة على الفقراء والمحتاجين قبل العيد.. ونصف الدولار  يصلح الآن بقشيشا ولا يصلح أبدا لإصلاح حال الفقير.. ولو لجأنا لروح العصر ونظرية الحد الأدنى والحد الأقصى.. فإن للفقير اثنى عشر جنيها نعم.. لكن يدفع الغنى مائة جنيه.. على اعتبار أنه يكسب عشرة أضعاف  الحد الأدنى الذى يكسبه محدود الدخل..!
 وزمان.. وفى العصور الأولى للإسلام.. أخرج جدى صاعا من التمر.. أو صاعا من الشعير كانت كافية لجاره الفقير فى مجتمع ملموم.. وكان صاع التمر يصلح لمقايضته بفخدة خروف.. والآن صاع التمر لا يكفى لمقايضته بساندويتش هامبورجر!
 أقصد أن الحسبة اختلفت الآن.. وكنت أحسب أن المفتى الشجاع سوف ينحاز إلى الفقراء فيفسر النصوص لصالحهم كما فعلها أبو ذر الغفارى زمان.. وكان المفتى سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو أنه أمر الأغنياء بدفع «اثنين كيلو لحمة» لبواب البيت.. أو للشحاذ الواقف بالباب..!
 تجديد الخطاب  الدينى  ليس فى النصوص أو فى تفسيرها..  وإنما فى استلهام روح الإسلام السمحة فى التعامل بين  الناس.. ومنذ سنوات أفتى عالم دينى جليل.. بأن الموظف  وحتى درجة وكيل الوزارة يستحق الزكاة.. بشرط أن يكون شريفا لا يمد يده!..
 والله العظيم إن الفرصة سانحة بالفعل لتجديد الخطاب الدينى.. كما هى روح العصر.. لكن المشكلة فى جمود العقل عند النصوص الثابتة.. دون النظر إلى روح الدين وفلسفة النص!
إننى أحمل رجال الدين المسئولية عن الحال المائل الذى نعيشه والمجتمع..
وانظر حولك.. فهناك من يعيش حياة القصور..  من يتفرج.. والفقر ليس عيبا.. لكن العيب أن ينحاز العلماء إلى معسكر القادرين.. فيحددوا قيمة الزكاة بما يوازى النصف دولار.. وهكذا يستغل القادرون فتوى المشايخ.. فيدفعون قيمة الزكاة يغسلون  بها ضمائرهم... فعلوا ما عليهم واشتروا مفاتيح الجنة.. بفضل حضرات المشايخ العظام!
 تجديد الخطاب الدينى ومراعاة البعد  الاجتماعى يعنى أن تصبح مصر وطنا للجميع .. القادر وغير القادر.. يراعى فيه الغنى مشاعر الفقير.. ولا تنسى أن الغلاء صار فوق المحتمل.. صارت الناس تكلم نفسها فى الطرقات وكثرت وتضخمت أعداد المتسولين الذين يمدون أيديهم يطلبون الحسنة القليلة التى  تمنع  بلاوى كثيرة..!
لا بأس والله.. نستطيع دائما أن نبدأ من أول السطر.. وخذ عندك زكاة الفطر مثالا.. وسوف ندفع عن طيب خاطر الثلاثة عشر جنيها التى حددها فضيلة المفتى.. لكننا سوف ندفع معها صدقة إضافية.. كيلو أو اثنين لحم للفقراء.. نساهم  بها فى رفع معاناة إخوة لنا فى الوطن.. سقطوا من قعر القفة!!