الجمعة 31 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السينما عندما تصبح وسيلة للسيطرة

السينما عندما تصبح وسيلة للسيطرة
السينما عندما تصبح وسيلة للسيطرة


فى ليلة الكريسماس عام 1997 عرضت قاعات السينما الأمريكية فيلمًا بعنوان «Wag The Dog»، من بطولة «روبرت دى نيرو» الذى شارك فى الإنتاج مع المخرج «بارى ليفنسون».. الفيلم مأخوذ عن رواية صدرت فى عام 1993 بعنوان «بطل أمريكى» ثم أعيد نشرها عام 2003 لتحمل نفس عنوان الفيلم، الرواية من تأليف «لارى بينهارت»، والتى استلهمها من واقعة حرب الخليج الثانية وتحديدًا عملية «عاصفة الصحراء» وما تم بعدها من إعادة انتخاب «جورج بوش» الأب، الرواية قدمت تلك العملية على أنها كانت «مفبركة» من أجل بقاء «بوش» فى السلطة لولاية جديدة.

أما الفيلم فقد تناول نفس الفكرة، ولكن من خلال أحداث أخرى، حيث قدم الرئيس الأمريكى، المرغوب فى إعادة انتخابه من قبل جهات عليا،  فى صورة رجل متحرش بفتاة شابة تعمل معه، فيتم اختيار خبير فى صناعة «البروباجندا»، وإعادة تدوير المشاكل لإنقاذ الموقف أمام الشعب، وبالفعل يأتى هذا الخبير ليتفق مع منتج هوليوودى ليلفقا حربًا وهمية لاستعادة شعبية الرئيس مرة أخرى فتتم إعادة انتخابه.
الغريب أنه على أرض الواقع وبعد شهر وثلاثة أيام فقط من عرض الفيلم، تحديداً، فى 28 يناير 1998 تنكشف قصة تحرش الرئيس الأمريكى الأسبق «بيل كلينتون» بموظفته «مونيكا بولينسكى».. وبعدها بشهور قليلة فى 20 أغسطس 1998 قامت القوات الأمريكية بقصف صواريخها على مصنع الشفاء للأدوية فى السودان، بحجة أنه يصنع الأسلحة الكيماوية لـ «أسامة بن لادن»، والتى ادعت الإدارة الأمريكية وقتها أن تنظيم القاعدة استخدمها فى تفجير السفارتين الأمريكيتين فى كينيا وتنزانيا.
فى نهاية العام الماضى، تم إجراء حوار مع مخرج الفيلم حول إعادة نفس السيناريو الذى قدمه منذ عشرين عامًا، على أرض الواقع الآن، ولكن مع الرئيس الحالى «دونالد ترامب» الذى يبدو أنه قام بقصف المطارات السورية فى أبريل عام 2017 لإلهاء الشعب الأمريكى عن التقرير الاستخباراتى الذى صدر فى يناير من نفس العام، والذى أكد تدخل روسيا فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة لصالح «ترامب».. مخرج الفيلم علق قائلا: «عندما كنت صغيرًا كنت أعتقد أن ما يقال هو الحقيقة، الآن لسنا متأكدين ما هى الحقيقة لأننا لعبنا اللعبة كثيراً، نحن نعيش فى عبث».
الجهات التى كان يشير إليها الفيلم يبدو أنها كانت تمثل، «مجلس العلاقات الخارجية»، الذى يحاول تنفيذ سياساته وقراراته، باستخدام القوة الأكثر تأثيرًا على الناس، وهى الإعلام والسينما. وإذا اقتربنا أكثر لتحديد علاقة السينما بالمجلس، سوف نجد أن كبار القائمين على صناعتها هم أعضاء بالمجلس، فالشركات الست المتحكمة فى الإعلام والثقافة بشكل عام ومنها، بل أهمها بالتأكيد، الثقافة السينمائية، ينتمى أصحابها ورؤساء مجالس إدارتها وبعض مديريها إلى «مجلس العلاقات الخارجية».
الكيان الأضخم – رأس مالاً وسلطة – فى الكيانات الستة؛ هو شركة «Comcast - كومكاست» والتى تتبعها «استوديوهات يونيفرسال» الشهيرة التى أسست عام 1912 وتعد واحدة من أقدم أربع استوديوهات السينما فى العالم، وقد تم بيعها  عام 2011 لشركة «كومكاست» التى أدرجتها ضمن شبكة NBC لتكون تابعة لها، كما تضم «كومكاست» شركة «دريم وركس» والمعروف أن مؤسسها هو المخرج «ستيفن سبيلبرج» الذى يؤكد كل من «كريستوفر هوداب» و«أليس فون كانون» فى كتابهما «نظريات المؤامرة والمجتمع السرى للأغبياء»، أنه حضر اجتماعات Bilderberg والتى يحضرها الصفوة من كل المجالات.
أما ثانى تكتل سينمائى فيأتى من خلال شركة «ديزنى» التى تأسست عام 1923 على يد الأخوين «ديزني» التى تضم حالياً بجانب شبكاتها الإعلامية أربع شركات للإنتاج السينمائى هي: «استوديوهات ديزني» و«لوكاس فيلم» التى أسسها عام 1971 مخرج سلسلة «حرب الكواكب»، «جورج لوكاس» وقد انضمت لـ«ديزنى» فى عام 2012 ومن قبلها فى عام 2006  شركة «بيكسار» التى أسست من رحم «لوكاس» عام 1979 كشركة للرسومات ذات التقنيات العالية أو التى تتم باستخدام الكمبيوتر، وقد قام «ستيف جوبز» بتمويلها لتكون شركة ذات كيان مستقل فى عام 1986، أما أحدث استوديوهات «ديزنى»، فهى «مارفيل»، الذى أسس عام 1993 وأعادت «ديزنى» تنظيمه عام 2015 ليكون شركة مختصة فقط بإنتاج الأفلام المأخوذة عن «مارفيل كوميكس»، التى تدور حول الأبطال الخارقين.
أربع شركات إنتاج سينمائى أخرى تتبع شركة «تايم وارنر» المتمثلة فى المجلس من خلال رؤسائها وهى: «وارنر بروس»، ثالث أقدم شركة إنتاج سينمائى فى هوليوود والتى تأسست عام 1923 على يد الإخوة وارنر، وشركة DC التى تأسست منذ عامين فقط، وشبكتا Cartoon Network، وHBO.
أما «روبرت مردوخ» صاحب أشهر الأسماء فى عالم الفن والسينما، فإن شركته «corporation News  «التى انقسمت عام 2012 لقسمين، أحدهما للإنتاج الإعلامى والثانى للإنتاج السينمائى والذى ضم الشركة الرئيسية «21 century fox «التى يتولى إداراتها أبناء «مردوخ»، «جيمس» و«لخلان».. وتمتلك شركة «21 century fox» واحدًا من أقدم الاستوديوهات «والذى تأسس عام 1935 وقام «مردوخ»  بشرائه عام 1985 وأصبح يتبع الشركة وهو مجموعة استوديوهات «بلو سكاى» المختصة بإنتاج أفلام التحريك.
اللافت للنظر أن معظم الشركات السينمائية التى ذكرناها هى المختصة بإنتاج أفلام التحريك التى يعد الجمهور الأكبر لها من الأطفال.. وبعيدًا عن الانسياق وراء نظريات المؤامرة،  ولكن فى الوقت نفسه هناك سؤال ملح، هل هناك نية من تلك الشركات ورؤسائها ورؤساء رؤسائها لعمل نوع من (غسيل المخ) لدى الأطفال والأجيال الصاعدة لتتبع نفس الدرب الذى يقرره هذا المجلس؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب التنويه إلى أنه كانت هناك تفسيرات متنوعة حول أفلام التحريك الشهيرة فى السنوات الأخيرة تطرح العديد من الأسئلة منها:  هل تعبر «المنيونز» عن النازى؟ هل تتجسد قصة الهولوكست فى فيلم «Toy Story»؟ ما هى الرسالة التى كان يسعى إليها فيلم « the incredible» خاصة أنه يدعم فكرة أنه من أجل القضاء على الأشرار لابد من إحداث بعض الخراب والدمار؟  هل «فولدمورد» أهم شخصيات «هارى بوتر» هو هتلر؟ ولماذا تدور كل الأفلام التى أنتجتها شركة «بيكسار» فى نفس العالم؟
 والسؤال الأهم والذى يتجدد كل فترة هو كيف انكشفت عشرات الأحداث المستقبلية فى حلقات «The Simpsons»، منها – وفيما يخص عالم السياسة تحديدًا - ماكينة الانتخابات المعطلة والتى ظهرت فى حلقة فى عام 2008 ووقع الحدث بالفعل فى عام 2012، وفى عام 2000 تظهر «ليسا» إحدى بطلات المسلسل الشهير كرئيسة لأمريكا، وتقول لمعاونيها: كما تعلمون لقد ورثنا أزمة مالية من الرئيس ترامب!!
الأمر لا يقتصر فى المجلس فقط على عضوية رؤساء الكيانات الكبرى فى الإنتاج السينمائى، ولكن أيضا ينضم عدد من مشاهير هوليوود  أهمهم: «أنجيلينا جولى»، «جورج كلونى»، «وارن بيتى»، «مايكل دوجلاس»، وكاتب السيناريو والمخرج «ستيفن جاهن» صاحب الفيلم الشهير «سيريانا».