الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بطولات نسائية فى مقاومة السرطان

بطولات  نسائية  فى مقاومة السرطان
بطولات نسائية فى مقاومة السرطان


منذ أيام غيب الموت واحدة من أكثر الفنانات اللائى جسدن معانى الشجاعة والمقاومة، واحدة من اللائى كن مصدرًا كبيرًا للإلهام ليس فقط لرفيقاتها من حاملات المرض اللعين «السرطان»؛ ولكن لكل فتاة وامرأة وحتى للرجال ممن يقف اليأس فى كثير من الأحيان حائلًا بينهم وبين الاستمرار فى حياتهم.
حفلت حياة «ريم بنا» بكل أشكال المقاومة بداية من مقاومة العدو الصهيونى وصولًا للصمود أمام المحتل الكبير وهو مرض «السرطان» الذى سيطر على خلايا جسدها فانتزع ضفائرها، ثم تمكن من أوتار صوتها الشامخ، قبل أن ينهى قصتها مع الحياة بعد رحلة طويلة من المقاومة.
تعتبر ريم بنا من أشهر المطربات الفلسطينيات اللاتى غنّين للمقاومة والانتفاضة، وهى من عائلة فنية معروفة، أمها الشاعرة زهيرة الصباغ، وقد شهد العام الماضى توقفها عن الغناء بعد إصابتها بشلل بالوتر الصوتى الأيسر، وقالت فى رسالة لمتابعيها على مواقع التواصل الاجتماعى إنها لا تستطيع الغناء، لكنها سوف تجاهد المرض للرجوع «لسلاحها الوحيد» الذى أحبته، لكن يبدو أن القدر كان له رأى آخر.

رحلت «ريم» بعد أن جسدت ملحمة فى المقاومة بكل أنواعها وأصبحت مصدر دعم كبيرًا لكل الفتيات اللواتى فقدن مظاهر أنوثتهن خاصة بعد نشر صورتها منزوعة الشعر على «فيس بوك»، الأمر الذى لم يفقدها على الإطلاق جمالها وقوتها.
وفاة ريم سلطت الضوء على معاناة الفتيات من مرض السرطان، وذلك بعد أن عبر الكثير منهن عن شعورهن بالحزن لوفاة واحدة من أهم النساء التى كانت وما زالت تمنحهن الحياة والأمل لتعيش وتقاوم مرض السرطان.
قد تكون أجسادهن منكسرة بفعل السرطان لكن أرواحهن فى حالة مقاومة دائمة، منهن من تمكنت من الانتصار عليه وبعضهن اختار القدر أن يعيده إليهن مرة أخرى ليحتل أجسادهن ثانية عقب التعافى، ولكن لا تكف هؤلاء الفتيات عن المعافرة على الإطلاق.
وفقًا لتقرير مستشفى بهية لسرطان الثدى عام 2017 فإن هناك 34 % من مريضات السرطان فى مصر، مصابات بسرطان ثدى، الذى يعد النوع الأول بين أنواع السرطان فى مصر بين السيدات، وأظهرت دراسة عرضتها الجمعية الدولية لأورام الثدى، مؤخرًا، أن حالة إصابة جديدة بسرطان الثدى تظهر كل ساعة فى مصر، وأضافت الدراسة أن 15.4 % من إجمالى حالات الإصابة بمرض السرطان بمصر تكون سرطان ثدي.
«آية».. قصة مقاومة بمساعدة الأسرة
«آية» واحدة من بطلات المقاومة الحقيقية للعدو الخبيث الذى يفاجئك دون سابق إنذار، اكتشفت مرضها رغم أنها فى العشرينيات من عمرها ولكنها كانت البطلة الأكثر ذكاء فى خوض الحرب حتى تعافت تمامًا من هذا المرض.
تحدثت معنا عن كيف اكتشفت المرض وكيف خططت لمقاومته والانتصار عليه قائلة: «اكتشفت الأمر صدفة فى شهر أكتوبر عام 2016، أثناء غسل وجهى وجدت ورم «كلكعة» بارزة من رقبتى، كنت حينها فى الـ28 من عمرى، اعتقدت حينها أنه شيء بسيط أشبه بالحيل لكن أسرتى رفضت أن تهمل الأمر وقرروا أن أذهب إلى أحد الجراحين على الفور، والذى طلب منى أشعة مقطعية على الرقبة والبطن والصدر والتى أظهرت أن هناك ورمًا فى الرقبة ولكنها كانت مجرد أجسام صغيرة.
سيطر الارتباك على الأسرة بأكملها وأصروا على أن يتم تحليل عينة للورم أدت إلى دخولى جراحة وتم أخذ عينة من الرقبة، وأرسلت العينة إلى أحد المعامل إلا أنه أظهر النتيجة سليمة مئة فى المئة، كلما أتذكر ماذا لو اعتمدت نتيجتهم!، لكن الطبيب لم يقتنع بالنتيجة وتم إرسالها إلى معامل أخرى والتى أظهرت وجود ورم خبيث فى المرحلة الثانية وبدأت رحلة العلاج الكيماوى، وكل هذا الأمر بين ليلة وضحاها.
هنا أتى دور آية فى تقبل الأمر وكيفية التعامل معه، والمفاجأة هى الهدوء التام فى الاستقبال للخبر الصاعق، وتوصف إحساسها بأنها لم تتملكها أى مشاعر نهائيًا وكان الجميع يسألها متى ستنهارين؟ إلا أنها صمدت طوال فترة العلاج.
تسعة أشهر من العلاج المستمر تتحمل فيها «آية» آلام الكيماوى، مادة كاوية داخل العروق، بمعدل جلسة كل 14 يومًا، تستمر ساعتين تظل الفتاة بين التحاليل التحضيرية والكورتيزون حتى تصل إلى مرحلة الوحش كما وصفتها، وهو المحلول الكيماوى ذاته، والذى شبهته آية بـ«المادة كانت كاوية مثل مياه النار تسير فى عروقي»، تغيرت بعض معالمها فقدت شعر حواجبها ورموشها، شعر رأسها أصبح أخف بكثير عن قبل، ورغم ذلك قررت أن تكمل وتتحايل على الأمر فتواصل، ذهبت إلى بيوتى سنتر وقصرت شعرى لأننى علمت أنه كلما قصر الشعر خف تساقطه وكان شكلى جميلًا للغاية بالتسريحة الجديدة.
«لم أخفِ الأمر نهائيًا عن أحد وكنت أتعامل مع الأمر بالضحك والهزار وعمرى ما تقبلت الأمر بحساسية، أرجَعَت سبب هذه القوة إلى أصدقائها، وأسرتها الداعم الأكبر لها فى الأمر، فوجودهم بجانبى والقرب منى كان المساعدة الحقيقية، ولكن الدور الذى لا يمكن إغفاله هو عملى، فأنا أعمل فى مجال تنمية أطفال الأماكن العشوائية، لم أترك عملى وكانوا دائمًا متعاونين معى وربما يكون هذا السبب الحقيقى وراء شفائى لأننى كنت مرتبطة بعملى جدًا».
أرسلت آية دون أن تشعر رسائل دعم وأمل لكل مصابات السرطان اللاتى ما زلن يحاربن، وربما تكون أثرت فى كل المحيطين ولكن هذه التجربة أثارت بداخلها تحولات جذرية عبرت عنها قائلة: «أصبحت أقوى، مهتمة جدًا بمشاعرى، غير مستهلكة لذاتى، يمكن القول: أصبحت أكثر أنانية بشكل ناضج، لأننى شعرت بالوحدة تمامًا ورأيت الدنيا صح، ورغم الدعم والناس إلا أنه لا يوجد من يشعر بما أشعر، مهما وصل القرب، وأصبحت لا أخجل من التجربة بل أشعر أنها تستحق دائمًا المشاركة والحديث عنها مع الآخرين».
«هالة» تخوض حربًا منفردة فى الصعيد
كان الدعم الأسرى من أهم وسائل الشفاء لآية، لكنه كان سببًا فى تدهور الحالة النفسية لـ«هالة» الفتاة التى دفعها القدر للعيش فى قلب الصعيد، الذى يجهل معظم سكانه مرض السرطان، وفقط تسيطر عليه المعلومات المغلوطة، تحدثنا معها عن قصة حربها كبطلة فى ساحة السرطان.
«كنت فى بداية خطوبتى فى غاية السعادة، أهتم بذاتى، وأبدأ فى تجهيز نفسى كعروس قريبًا، إلى أن كُسِرت فرحتي».. هكذا اختارت هالة أن تبدأ قصتها، وتواصل: وفى إحدى المرّات وبالصدفة وجدت ورمًا أسفل ثديى، فتحدثت مع إحدى صديقاتى، قالت إنه ربما من الشتاء وتغير الجو، ولكن بعد فترة بدأت صحتى تتدهور، وأنزف دماء من مناطق مختلفة فى جسدى، فشعرت بالخوف وأنه لا بد من الذهاب للطبيب.
بدأت الصدمات تواجه هالة مبكرًا قبل حتى أن تذهب إلى الطبيب، فعندما طلبت من والدتها أن تذهب إلى الطبيب تفاجأت برفض شديد، لكونها فتاة، كيف لرجل أن يرى جسدها؟ وبعد محاولات طويلة قررت أن تذهب معها، وهنا كانت الصدمة الثانية عندما شخص الطبيب الحالة خطأ أنه مجرد كيس دهنى، وأعطاها دواءً خاصًا بالهرمونات، وبعد شهر من تناول العلاج ساء الأمر أكثر، فقررت أن تذهب مرة أخرى للطبيب، متحملة أحاديث والدتها الجانبية المشيرة إلى أنها أعجبت بكشف الدكتور عليها، لكنها تجاوزت كل ذلك، وعندما أثبتت الأشعة أن هناك ورمًا طلب الطبيب على الفور أن يسترد الروشتة ليرفع المسئولية عن نفسه».
الفتاة التى لم تكن تبلغ 25 عامًا حينها كان عليها أن تذهب إلى معهد الأورام لتحليل عينات ورم فى الثدى، لتتحمل سحب العينة دون مخدر، لكن ورغم كل هذا الألم إلا أن هناك ألمًا أكبر بكثير وهو جهل أسرتها بالمرض الذى جعلهم يعتقدون أنه «مُعدي»، فانقطع الجميع فى التعامل معها وأصبحت تأكل وتشرب وتمارس حياتها بمفردها.
بعد أيام من التأكد من أن الورم خبيث بدأت هالة مرحلة جديدة فى حياتها، قائلة: بدأت فى الخضوع للعملية الجراحية وتحدثت مع خطيبى فى الأمر، لكنه تخلّى عنى، كنت أعتقد أن الأمر انتهى عند هذا الحد، إلا أن العملية هى خطوة أولى فقط، لم أنس حتى الآن عندما شاهدنى استشارى المرض بعد الجراحة فضحك وقالى لي: أخيرًا فتاة صغيرة! أى أنه سعد لوجود شابة مصابة تطل عليه بدلًا من العواجيز الذين يترددون عليه يوميًا، كتب لى 6 جرعات كيماوى، وعندما سألته عن سقوط شعرى قال لي: سيتساقط بشكل بسيط، إلا أنه من أول جرعة تساقط كله تمامًا.
ورغم كل هذا لم أفقد الأمل، لكن أحيانًا الأحاديث الخارجية قد تدفعنا إلى تمنى الموت، كنت فى إحدى الجلسات مع صديقاتى فى عزاء وكان المتوفى مصابًا بالسرطان، ظللن ندعو لكل مريض سرطان بالموت حتى يرحم من ألم الكيماوى، ولم يعرف أحد أننى مصابة سرطان أيضًا، حينها استمررت فى البكاء يومين.
فى النهاية لم أفقد الأمل، وتعافيت من السرطان بعد سنة من تناول العلاج والجراحة، إلّا أننى سأستمر فى تناول العلاج لمدة ما بين 5 إلى 10 سنوات قادمة، للتعافى وعدم رجوعه، البعض أكد لى أننى لن أنجب نتيجة أدوية توقف الدورة الشهرية كل هذا الوقت وحتى سن 35، إلا أننى لن أفقد الأمل فى الحياة والخلفة وأصبحت قادرة على إسعاد نفسى بأقل الأشياء، كتناول الطعام مع أصدقائى صباحًا، فلا أحد يعلم بمرضى والاهتمام بنفسى وجمالى طوال الوقت، وعندما أفقد الأمل أنظر لحالات قاومت لسنوات من حولى وجسدن بطولة حقيقية مع المرض.
«كونى محاربة» مبادرة أطلقتها واحدة من النساء اللائى عشن صراعًا مستمرًا منذ ثمانى سنوات مع سرطان خبيث بدأ بجزء منها حتى تفشى فى كل جسدها، لتقرر أن تكون هى السند والدعم الحقيقى لكل الفتيات المصابات المتخوفات اللاتى تملك العجز منهن.
«دعاء» هزمت المرض مرتين.. ولم تزل تقاوم
دعاء بطلة من بطلات المقاومة الحقيقية فى مصر مع السرطان، حاربته بكل أنواعه، فربما أعجب بقوتها وقرر أن يقاتلها، أُصيبت بالسرطان فى الثدى فى العشرينيات، وبكل تفاؤل وأمل خضعت لجلسات الكيماوى والعمليات الجراحية لتنتزع عضلة من كتفها تزرع فى جسدها حتى تعيد شكله الطبيعى، ومن ثم وبعد عام من المحاربة تعافت بالفعل ليعود لها المرض اللعين مرة أخرى ولكن بشكل مختلف.
هى أم لطفلين هما مصدر قوتها الأساسى طوال الوقت .. فحسب دعاء  «انهارت فى بداية معرفتى بأمر السرطان ولكنى تملكت نفسى بعد أن سمعت ابنى يدعو لى بعدم الموت»، وبعد الشفاء بعام عاد إلى السرطان مرة أخرى ولكن فى العظام، بدأ برجلى وكنت أخضع لجلسات الإشعاع والكيماوى، فلم أيأس «وكل ما السرطان يحب يروح فى حتة من جسدى أذهب وراه»، حتى أصبحت عاجزة عن السير، وبدأت «أعرج» فقد تآكلت العظمة تمامًا، فركبت شرائح ومسامير ومن ثم ذهب إلى العمود الفقرى والضلوع.
عندما تتحدث مع دعاء لا تشعر للحظة واحدة خلال الحديث بنبرة حزن أو أسى، بل دائمًا تشعر بالخجل من كم التفاؤل والبهجة والابتسامة التى لا تفارق وجهها، ورغم أنها تحدثنا من على سرير فى أحد المستشفيات لتدهور حالتها إلا أن حديثها دائمًا مقرون بأن السرطان ليس آخر الحياة وسوف أخرج من هنا قريبًا، وما زلت أكافح وعايشة.
انفصلت وزوجها فى إحدى الفترات، ولكنه عاد مرة أخرى لها ولكنها لم تعد وظلت فى مشفاها، قدمت الدعم لكل المصابات وكانت تضرب بنفسها المثل فى طول فترة الصراع لتهون على الفتيات الحديثات فى المرض.
سحر شعبان، واحدة من النساء الملهمات فى صراعهن مع المرض، أسست مبادرة «كونى الأقوي» لدعم السيدات المصابات بسرطان الثدى، بعد أن عانت من المرض ذاته بشكل غير متوقع فهى العاملة فى مجال التنمية للنساء بكافة أشكاله، عندما أُُصيبت بالسرطان شعرت أنها إشارة للنظر إلى هذه الشريحة الكبيرة من النساء البطلات كما تصفهن دائمًا.
تحكى سحر شعبان، قصتها مع هذا المرض قائلة «اكتشفت إصابتى بسرطان الثدى، وجاء اكتشافى متأخرًا، وهى المرحلة الأصعب فى العلاج لكن تجربتى مع المرض منحتنى قوة وإرادة ليس فقط فى القضاء على السرطان ولكن أصبحت أرغب فى مساعدة كل سيدة لتقضى عليه.
وقررت أن أجرى بحثًا حول الآثار النفسية والاجتماعية على مريضات السرطان، لرصد أبرز المشاكل التى تعانى منها مريضات السرطان، وتأهيل ذويهن لكيفية التعامل معهن.
مضيفة، أنها ما زالت تتناول العلاج الهرمونى لمواجهة المرض، والذى يستمر من 5 إلى 10 سنوات، وساعدنى فى العلاج أننى قررت العلاج النفسى لدعمى مع العلاج الكيماوى، بعد أن علمت أن هذه المرحلة تسبب اكتئابًا، وهذا كان سببًا قويًا فى منح الدعم النفسى لبطلات السرطان من خلال المبادرة، ودعم الأسر لبعضها البعض وليس فقط المتعافيات من المرض، لذلك بعد اكتشاف عدد حالات الانفصال بسبب المرض بين الأزواج كوَنّا برنامج إعادة تأهيل الأزواج لكيفية التعامل مع زوجاتهن أثناء المرض والعلاج.
مؤكدة، أن الفتيات غير المتزوجات اللاتى يصبهن المرض يكن أشد الحالات حرجًا من الناحية النفسية فهى تفقد معالم أنوثتها وبعضهن غير قادرات على إجراء عملية بناء ثدى، وبالتالى لا بد أن يخرج هذا الجزء من العمليات على نفقة الدولة من مظلة التجميل، لأنه ناتج عن الإصابة بالمرض، فهن يفقدن أثداءهن وشعرهن ويتناولن حقن الهرمونات التى تعمل بنسبة كبيرة على عدم القدرة على الإنجاب وبالتالى فدعم المصابات إلزام وواجب.