الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القيصر الروسى..«كابوس» هوليوود المستمر

القيصر الروسى..«كابوس» هوليوود المستمر
القيصر الروسى..«كابوس» هوليوود المستمر


أكثر من 25 عامًا مرت على انهيار الاتحاد السوفيتى ومعه الفكر الماركسى اللينينى ونهاية الحرب الباردة، ولا تزال السينما الأمريكية  تخوض «حربها الباردة» مع روسيا وتصور نفسها على أنها منقذة ومخلصة العالم من الأشرار.
وقد يكون الأمر منطقيًا عندما تقوم هوليوود، فى ظل احتدام الصراع مع الاتحاد السوفيتى بإنتاج مئات الأفلام التى تتناول الحرب الباردة. إذ إنه   وفى خمسينيات القرن  الماضى  ظهرت أيديولوجية مناهضة للشيوعية داخل الولايات المتحدة تدعى «المكارثية»، فأنتجت هوليوود فى الفترة ما بين 1946 حتى 1991  أفلامًا تعتبر بمثابة سلاح ثقافى ضد الفكر الماركسى والاتحاد السوفيتى.
حيث اعتمدت واشنطن على هذا السلاح لاستخدامه فى تكريس هيمنتها السياسية على باقى دول العالم، وقامت وكالة الاستخبارات الأمريكية بتشكيل «اتحاد»  يهدف إلى تحصين العالم من وباء «الشيوعية»، ووظفت آلافًا من مخرجى السينما والمسرحيين والكُتّاب والصحفيين والإعلاميين والمطربين والرسامين لإعادة هيكلة البنية الثقافية فى العالم بما يؤدى إلى كراهية الشيوعية والسعى وراء «الحلم الأمريكى»، وهو الأمر الذى يؤكد سرعة الثقافة فى التأثير على الوعى والوجدان.
وهكذا عندما سقط حكم الأحزاب الشيوعية فى أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفيتى، لم يجد هذا السقوط مقاومة من الجماهير التى كانت تتغذى على مدار عقود طولية للثقافة المناهضة للشيوعية، وظلت هوليوود بعد 1991 مستمرة فى إنتاج الأفلام التى تتحدث عن الحرب الباردة وتمجد «الحلم الأمريكى» وتصور الجانب الروسى على أنه شر محض، لتظهر مئات الأفلام التى تؤكد على تلك الأفكار، ويأتى عام 2011 بفيلم «مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح» لنشاهد للمرة الأولى فى تاريخ هوليوود مشهدًا كاملًا لانفجار البرلمان الروسى «الكرملين».
أما الآن، فيبدو أن الأوضاع أصبحت أكثر ارتباكًا، وأصبح القيصر الروسى يخيف هوليوود أكثر مما سبق، حيث نشرت مجلة «فانيتى فير» الأمريكية تقريرًا، بعنوان «هل ترتعب هوليوود من بوتين؟»، قالت فيه إن شخصية «بوتين»  تم حذفها من الفيلم الجديد «Red Sparrow - العصفور الأحمر»  بطولة النجمة «جينفير لورانس» والذى بدأ عرضه منذ أيام فى دور السينما الأمريكية، والمقتبس عن رواية بنفس الاسم للكاتب وضابط المخابرات الأمريكى السابق «جيسون ماثيوز»، وتدور أحداثه حول راقصة باليه تدعى «دومينيكا إيجوروفا»، تنتهى حياتها الفنية بسبب حادث يجبرها على العمل لصالح المخابرات الروسية ويتم إقحامها فى صفوف صنف معين من الجواسيس يستخدم الجنس للحصول على المعلومات.
وقالت المجلة الأمريكية إن أحداث الفيلم كانت ستجرى إبان الحرب الباردة وإن «بوتين» كان إحدى الشخصيات الرئيسية فى الفيلم، إذ كان سيؤدى دور ضابط استخبارات روسيًا، إلا أن شركة «فوكس» المنتجة للفيلم والمخرج «فرانسيس لورانس» قاما بحذف الشخصية وذلك خشية التعرض لاختراق من قبل «قراصنة روس» كما حدث مع شركة «سونى» عندما طرحت فيلم «The Interview»، وخوفًا من إثارة أى أزمات مع الحكومة الأمريكية، وذلك فى ظل التحقيق الذى يجريه الكونجرس الأمريكى حول تورط حملة «ترامب» الانتخابية مع روسيا، على الرغم من أن مجلس النواب الأمريكى أكد، الأسبوع الماضى، أنه لا أدلة على وجود تدخل روسى فى الانتخابات الأمريكية.
وأكدت مجلة «هوليوود ريبورتر» الأمريكية أن صناع فيلم «Kursk» والمنتظر طرحه فى دور العرض العام الجارى، من بطولة النجم البريطانى «كولين فيرث»، قد حذفوا أيضًا شخصية «بوتين» خلال المرحلة التحضيرية للفيلم، مشيرةً إلى أن «لوك بيسون» - رئيس الشركة المنتجة «يورو كورب» - أراد عدم ذكر «بوتين»، على الرغم من أنه يعتبر شخصية محورية فى الأحداث الحقيقية التى اقتبُس عنها الفيلم، حيث إن الفيلم يسلط الضوء على كارثة غواصة «كورسك» النووية الروسية التى انفجرت فى بحر بارينتس فى شمال روسيا عام 2000.
وأضاف التقرير أن «بوتين» كان سيظهر فى 5 مشاهد رئيسية بالفيلم، وإن السيناريو ركز على رد فعله الشخصى جراء هذه الكارثة، التى أودت بحياة جميع أفراد طاقم الغواصة البالغ عددهم 118 شخصًا، وهو الأمر الذى يعتبر أول امتحان صعب لـ«بوتين» فى بداية ولايته الأولى.
وكان «بوتين» قد ظهر بشخصيته الحقيقية، وفى سابقة جديدة، فى عام 2017 عندما فاجأ المخرج الأمريكى المخضرم «أوليفر ستون» العالم، وقدم فيلمًا وثائقيًا مدته أربع ساعات بعنوان «مقابلة بوتين»، يقوم فيه بإجراء سلسلة من الحوارات مع الرئيس الروسى، وذلك فى الفترة ما بين 2015 حتى 2017، أى بعد فترة قصيرة على تسلم «دونالد ترامب» رئاسة جمهورية الولايات المتحدة، وفى أعقاب الاتهامات الواسعة التى تطارده وإدارته - حتى الآن- بالتورط مع مسئولين روس لترجيح كفته فى الانتخابات أمام منافسته من الحزب الديمقراطى «هيلارى كلينتون».
وتعتبر تلك هى المرة الوحيدة التى ظهر فيها «بوتين» مباشرةً للمشاهد الغربى على شاشات السينما على الرغم من أن اسمه جاء أكثر من اسم «ترامب» فى عناوين الصحف الأمريكية، وعلى الرغم أن المحاولة «شبه» الأولى التى تطرقت لـ«بوتين»  كانت فى مسلسل «House of cards» بطولة «كيفن سبيسى»، حيث أدى الممثل الدنماركى «لارس ميكلسن» دور الرئيس الروسى فى المسلسل الذى ظهر فيه باسم «فيكتور بيتروف»، والذى أكد فى حديث مع مجالة «فالتشر» الأمريكية أن الشخصية مقتبسة بالفعل عن الرئيس الروسى.
ومن المثير للانتباه أن الصحفى الروسى «ميخائيل زيجار»، وهو مؤلف كتاب «كل رجال الكرملين»، أكد أن «بوتين» من المعجبين بالمسلسل، ونقل عن عدة مصادر من داخل الحكومة الروسية قولها إن الرئيس الروسى كان على اقتناع أن بطل المسلسل «فراند أندررود» يمثل «الشخصية السياسية الأمريكية النموذجية»، فى حين أكد مؤلف الرواية المقتبس عنها الفيلم، «مايكل دوبس»، أن «بوتين» طلب من وزير دفاعه «سيرجى شيوجو» مشاهدة المسلسل باستمرار كى يكون مطلعًا بمجريات الأمور على الساحة السياسية الأمريكية.
فى 2017 أيضا تم إنتاج 3 أفلام تحمل «تيمة» الحرب الباردة وهي «Atomic Blonde»، والفيلم الفائز بجائزة الأوسكار أحسن فيلم «The Shape of Water»، والفيلم الكوميدى «موت ستالين»، والذى أثار جدلاً واسعًا وتسبب فى موجة غضب شديدة داخل روسيا، ووصفه المتحدث الرسمى باسم الحزب الشيوعى «ألكسندر يوشينكو» بالسخيف، وأعرب عن أمله بألا تمنحه وزارة الثقافة الروسية ترخيصًا بالعرض، وهو بالفعل ما حدث بعد ذلك، حينما قررت وزارة الثقافة الروسية سحب موافقتها على عرض الفيلم بعد عرضه أمام مجموعة من أعضاء الكرملين، واعتبرته لجنة الثقافة البرلمانية بأنه «مثير للاشمئزاز».>