السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مستندات إهدار «ذهب مصر»!

مستندات إهدار «ذهب مصر»!
مستندات إهدار «ذهب مصر»!


بمقاييس «متنوعة»، لا يمكن أن نعتبر مصر «دولة فقيرة» بالمعنى المعروف.. لكن تبقى الأزمة «الدائمة» فى سوء استغلال ما تمتلكه الدولة نفسها من موارد.
وتحت بند «سوء الاستغلال» يمكننا أن نضع ألف خط وخط.. إذ يظل بعض «موارد الدولة» مجمدا بلا طائل أو نتيجة!
ولسنوات خلت.. ظل يراود المصريين حلم التنقيب عن الذهب، وما يمكن أن يحققه هذا التنقيب من استقرار كبير لموازنة الدولة.. إلا أن السنوات مرت.. ولحظات الأمل ولّت.. وظل «الحلم» حبيس  «المناجم» وجدرانها الصماء!

عمليًا.. يعد «خام الذهب» أحد مصادر القوة فى «احتياطات الدول».. لا فرق هنا بين الكبرى  منها أو الصغرى.. إذ يمثل المعدن الثمين - يقينًا - أحد الأرقام  الصعبة فى المعادلات الكلية للاقتصاد.. يتساوى فى ذلك تنزانيا والسنغال مع كل من: أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية.. الجميع استطاع استغلال ثرواته والاستفادة منها.. وفضوا بكارة ما فى باطن الأرض من أجل الصالح العام لمن يعيشون فوق الأرض!
لكن.. فى مصر كانت الصورة (بفعل تراكم سنوات الفساد بالأنظمة السابقة) مختلفة إلى حد بعيد!.. أما لماذا حدث هذا؟!.. ولمصلحة مَنْ؟!.. فتلك هى بداية قصتنا.
> > >
بطريقة «الفلاش باك» تبدأ قصتنا منذ العام الماضى، عندما طرحت «هيئة الثروة المعدنية» «بوزارة البترول» مزايدة جديدة للبحث والتنقيب عن الذهب.. وهى المزايدة التى فازت بها 4 شركات جديدة.
ورغم أن الهيئة تمتلك فى الوقت الحالى قيادة جديدة.. إلا أنها - إلى اللحظة - لم تلتفت إلى المخالفات المتراكمة  منذ سنوات، بفعل شركات «متعددة» تحصلت على حقوق التنقيب (فى مزايدات مماثلة) خلال الأعوام: 1999م، و2006، و2007، و2008م.. إلا أنها «أى تلك الشركات» لم تقدم حتى وقتنا هذا «جرامًا واحدًا» من الذهب!.. إذ لم يصرف أى من تلك الشركات مليمًا واحدًا على «أعمال التنقيب» منذ أن رست عليها المزايدات السابقة.. وظلت تلك المساحات رهينة للتعاقدات السابقة مع الحكومة (وفى وضع التجميد تمامًا) لغرض فى نفس أصحاب الشركات!
> > >
ورغم أن جميع الاتفاقيات التى وقعتها الحكومة مع هذه الشركات (وهى اتفاقيات مشفوعة بقرارات بقوانين من رئيس الجمهورية الأسبق «حسنى مبارك») تعطى «هيئة الثروة المعدنية» الحق فى إلغاء تلك الاتفاقيات إذا لم تعلن الشركات عن بدء «الكشف التجارى» خلال 4 أو 5 سنوات فقط من التوقيع.. إلا أن أحدا لم يتحرك.. سواء من الشركات (رغم أن بعضها حصل على حق التنقيب منذ أكثر من 18 عامًا)، ولا من الحكومة؛ للحفاظ على ثروات الشعب، ووضع مصر «فعليًا» على خريطة الدول المنتجة للذهب.
ويأتى على رأس الشركات المخالفة، شركة (كريسيت إنترناشيونال ليمتد) التى وقعت فى 8 فبراير عام 1999 اتفاقية بحث واستغلال صدر بها قانون رقم 2 لسنة 1999؛ للبحث فى مناطق: «غرب البدعة» و«أم حجاب» و«أم سميوكى» بالصحراء الشرقية (جنوب مرسى علم).. وحتى الآن لم تعلن الشركة عن أى كشف تجارى، ولم تقم وزارة البترول وهيئة الثروة المعدنية بإلغاء الاتفاقية مع الشركة!
وفى عام 2006 طرحت الحكومة مزايدة جديدة للبحث والاستكشاف فازت بها شركة (إس إم دبليو).. وبالفعل وقعت الشركة اتفاقية الاستغلال فى 2007 على مساحة 900 كيلو متر مربع بمنطقة «أم بلد» بالصحراء الشرقية، وحصلت أيضا هذه الشركة فى نفس العام على 950 كيلومترا مربعا أخرى فى منطقة «الفواخير»، ولم تقم حتى الآن بأية أعمال جدية فى الموقع.. والشركة متوقفة تمامًا، ولم تعلن عن أى كشف تجارى؛ لأنها ببساطة لا يوجد لها أى عمال أو فنيين.. ولا حتى مقر للشركة داخل مصر.. وكل ما قامت به هو  وضع لافتة وخفير!
أما الشركة الثانية فهى شركة كندية تدعى (ألكسندر نوبيا).. وقد حصلت عام 2007 على 1745 كم مربع فى منطقة «فطيرة» إلى جانب منطقة قريبة منها تدعى أبومروات (بمساحة 1370 كم مربع).. وعلى الرغم من سمعة الشركات الكندية الطيبة، والرائدة فى مجال استخراج الذهب إلا أن عدوى عدم الجدية قد انتقلت إلى هذه الشركة، حيث قامت بأعمال بسيطة لا تذكر، ثم توقفت عن العمل كسابقتها الروسية!
الغريب أن الشىء نفسه قامت به شركة كندية أخرى تدعى (كلومبك ستار) لم تصرف مليمًا واحدًا فى مناطق امتيازها، ولم تستخرج  جرامًا من الذهب.. وفى العام 2007 نفسه، وقعت (ماتز هوليدنج) القبرصية مع الحكومة اتفاقية استغلال واستكشاف 590 كم مربع فى «منطقة دنجاش»، ولم  تقم بأية أعمال تطوير أو إثبات حسن النية، والجدية.. على الرغم من زيادة نسب فرص اكتشاف الذهب بمعدلات اقتصادية، إلا أن عدم قدرة الشركة على توفير الموارد المالية اللازمة لعملية الإنتاج جعلها تحصل على الأرض كباقى الشركات أملا فى أن تلعب دور الوسيط والسمسار لدى الشركات العالمية الكبرى والمعروفة فى هذا المجال؛ للحصول على نسبة من الكعكة الذهبية كمقابل «خلو رجل» عن اقتناص الصفقة من الحكومة.. وكل هذا ووزارة البترول حتى الآن لا تسمع.. لا ترى.. لا  تتكلم!
تضم قائمة المخالفين أيضًا شركة (فيرتكس)، التي حصلت على «منطقة البرامية» وانضمت إلى أخواتها في قائمة الشركات (الفالصو) شكلًا ومضمونًا.. وفى عام 2008 وقعت شركة ثان دبى مع الحكومة اتفاقية بحث، واستكشاف فى منطقتين: الأولى على مساحة 835 كم مربع بوادى كمريم بالصحراء الشرقية إلى جانب 2350 كم مربع بمنطقة حوضين.. وقد عملت الشركة فى بداية الأمر، إلا أنها توقفت فجأة عن أعمال الاستكشاف من دون إبداء أية أسباب، ومن دون مساءلة أيضًا من وزارة البترول و«هيئة الثروة المعدنية» (الجهة الإدارية المشرفة على متابعة وتنفيذ هذه الاتفاقيات)!
أما المفاجأة الكبرى فتتعلق بشركة حمش التى تساهم فيها وزارة البترول بنسبة 51% مشاركة مع شركة «ماتز هولدينج»، حيث أعلنت حمش عام 2010 عن إنتاج أول سبيكة ذهبية أيام المهندس سامح فهمى وزير البترول الأسبق، وحينها تسارعت الكاميرات؛ لرصد وتغطية هذا الحدث الجلل لتعلن حكومة (عصر مبارك) عن دخول مصر عصر الذهب كنوع من الدعاية السياسية الرخيصة!
ومنذ ذلك اليوم لم نسمع حسًا ولا خبرًا عن حمش، التى توقف لعدم قدرة الشريك الأجنبى على دفع رواتب العمال!!.. والحقيقة «الغائبة» فى هذا الموضوع أن (سبائك سامح فهمى) لم تكن نتاج مصنع إنما كانت عملية بدائية للحصول على الذهب تسمى (رش الكومة)، ويتضح من مجرد اسمها مدى بدائيتها.. الأمر الذى يوفر علينا عبء الدخول فى شرح معناها!
> > >
وحتى لا تتكرر المسرحية السابقة بكل فصولها وتضيع فرص استثمارية ذهبية تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى (بدءًا من تشغيل الشباب إلى زيادة موارد الدولة) يجب أن يأخذ القانون مجراه بشأن تلك الاتفاقيات.. وعلى وزارة البترول أن تبدأ فى إعادة ترتيب البيت من الداخل، لأنه حان الوقت لأن تدخل مصر عصر إنتاج الذهب، بالتعاقد مع شركات جادة مثلما دخلت عصر الغاز بقوة.
كما يتعين على الوزارة - أيضًا - أن تبذل جهدًا كبيرًا؛ للتأكد من القدرة المالية للشركات والخبرات السابقة.. إذ إن اقتصاديات إنتاج الذهب مكلفة جدًا، وتصل إلى مليارات الدولارات، حتى لا يحدث مثلما حدث مع شركة (زد جولد) التى تراجعت فى اللحظات الأخيرة عن توقيع اتفاقيتها مع «وزارة البترول» لعدم قدرتها على الوفاء بخطاب الضمان المالى للصفقة!
وفى هذا السياق.. كان أن عرضت «روزاليوسف» جميع المخالفات السابقة للشركات على د. أيمن الساعى رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية.. وقال الساعى لنا نصًا: (هذا الموضوع خطير جدًا.. وحساس للغاية ولا أستطيع الحديث فيه من دون الحصول على إذن وتصريح من وزارة البترول، مؤكدا فى الوقت نفسه على أن هيئة الثروة المعدنية تدرس هذا الملف فى الوقت الحالى.. إلا أنه رفض الإفصاح عن طبيعة هذه الدراسة.
وحول تعثر شركة «حمش» لمناجم الذهب لدرجة التوقف عن العمل رغم امتلاك هيئة الثروة المعدنية 51% من الشركة؛ قال الساعى: إنه بحث مع الشريك الأجنبى موقفه من عدم ضخ أموال كافية للعمليات، مكتفيًا بالصمت، مرة أخرى!.>