السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خريف الأستاذ فى جامعة القاهرة!

خريف الأستاذ فى جامعة القاهرة!
خريف الأستاذ فى جامعة القاهرة!


شهدت قاعة الدرس بقسم التاريخ بكليّة الآداب جامعة القاهرة، منذ أيّام، عصفا فى الآراء والأحكام، أثناء  مناقشة الباحث يحيى حسن حسنى، لرسالته للماجستير، عن «تاريخ مصر فى كتابات محمد حسنين هيكل». المناقشة التى جمعت أطيافا من أساتذة التاريخ، وافقت نقد الباحث فى دراسته لكتابات هيكل التاريخية، ورصده لمُغالطات، قال فى حواره لروزاليوسف أنها بلغت مائة مُغالطة. والنتيجة التى وصل إليها الباحث أن كتابات هيكل “لا تُعد تأريخا، . ولا تُعدّ شهادة تاريخية يُعتدّ بها؛ لكنها مهمّة فى كونها «المرجع الأشهر للقراءة السياسية الناصرية للتاريخ».
 
تُحلّل الدراسة، فى أربعة فصول، كتابات هيكل التاريخية باعتبارها «كتابات فى منطقة شائكة»؛ حيث يتقاطع التاريخ مع السياسة. وتُناقشها فى إطارها الذى تُنسب إليه وهو «المدرسة الصحفية فى الكتابة التاريخية». تتناول الدراسة، كتابات محمد حسنين هيكل، منذ بدأ حياته الصحفية فى صحيفة «الإجيبشيان جازيت» عام 1942 حتى كتابه «استئذان فى الانصراف» الصادر عام 2003. ما يعنى التعرّف على بانوراما للتاريخ المصريّ فى حقبه المختلفة. مع مرورٍ سريع فى النهاية على مرحلة «ما بعد الانصراف»، وحتى رحيله فى 17 فبراير 2016.
عبر مصطلح مُلفت «خوارم الموضوعية»؛ يرصد صاحب الدراسة، 100 مُغالطة تاريخية ومنهجيّة فى كتابات محمد حسنين هيكل التاريخية، وهى جميع كتبه، وأكثر من ألف مقالة، ومئات الكتب التى تناولت حياته وكتاباته. وتلفت الدراسة، إلى أوّل مقالة نُشرت لهيكل بتوقيعه بعنوان «كنت أتمنى أن أكون معهم»، نُشرت فى روزاليوسف بتاريخ 19/8/1943 وهى المرّة الأولى التى تتمّ الإشارة فيها إلى هذه المقالة، ومُلحق بالرسالة صورة منها. فى الفصل الرابع والأخير، يُناقش الباحث اختلاف الترجمات، التى قام بها هيكل أو أشرف عليها، للكتب التى أصدرها باللغة الإنجليزية، عن الأصل.
ومّما تكشفه تلك الدراسة، كتاب بالإنجليزية لهيكل صدر فى ملاحق لصحيفة الصن داى تليجراف اللندنية فى أكتوبر 1973 بعنوان (The 1967 Arab-Israeli War) ولكنه لم ينشر ككتاب مستقلّ. ويفسّر الباحث ذلك بتزامن نشره مع حرب أكتوبر، وربما تتجاوزه الأحداث. والأكثر لفتا، أن هيكل نفسه، لم يُشر إلى هذا الكتاب، إلا إشارات نادرة فى بعض أحاديثه الصحفية.
فى حقبة الستينيات، يرصد الباحث، «مُنعطفات» أثّرت على كتابات هيكل ورُؤاه للتاريخ المصرى. أشهرها انتقاله من روزاليوسف إلى آخر ساعة، مما نقله من مرحلة مديح الحاكم، التى حاول السعى إليها فى البداية، إلى مرحلة أكثر مُثابرة وابتعادًا عن اتخاذ لون سياسى. ثم ثورةُ يوليو، منعطف ثان، قرّبه مرّة أخرى من دائرة الحُكم، ولكن كشخص لصيق وثيق الصِّلة وليس مُجاملًا من بعيد. أمّا التحوّل الأكبر، فى نظر الباحث، فكان هزيمة يونيو. حدثت نقلات نوعيّة فى كتابات هيكل. أصبحت “أكثر رصانة وأبعد عن التهكّم المُشخصن واللغة المباشرة فى الهجاء». استبدل مثلا مقولة «الأنظمة التقليدية» بـ«الأنظمة الرجعية».
يُطلق الباحث حُكمه، بأن كتابات هيكل التاريخية تُخالف ما نادى به مرّات من أن «الشعوب هى صانعة التاريخ». يكتب فى الدراسة: «التاريخ عند هيكل هو التاريخ من أعلي». جسّد صورة البطل فى جمال عبد الناصر، ورآه «نموذجيًّا فى كل شيء، ومثاليًّا فى كل شيء».
كان من نتائج ذلك بحسب الباحث أن «الكتابة التاريخية عند الأستاذ هيكل لا تسير على وتيرة واحدة»؛ مرّة يُفصّل، ومرّات يُعمّم، فى مقولات مثل «الحضارة الفرعونية حضارة أموات»، و«أن قصة (مذهب) السُنّة بصفة عامة هى قصة الدولة فى الإسلام، وقصة (مذهب) الشيعة بصفة عامة هى قصة الثورة فى الإسلام»، و«أن عهد السادات كله كان خطأ تاريخيّا».