السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عندما أنقذ الله مكتبة الإسكندرية!!

عندما أنقذ الله مكتبة الإسكندرية!!
عندما أنقذ الله مكتبة الإسكندرية!!


أمام باب المكتبة.. اصطفت طوابير التلاميذ استعدادا للدخول لمشاهدة فيلم سينمائى وثائقى أمريكى عن حوار الأديان.. وبصرف النظر عن مستوى الفيلم الذى أثار حالة من الجدل بالداخل.. كان مشهد التلاميذ أمام الباب الرئيسى للمكتبة مفرحا بالفعل.. يذكرك بما كان يحدث أيام زمان من تفاعل مجتمعى مع المراكز الثقافية المتعددة.. وما زادنى فرحا داخل قاعة العرض هو أن هناك من قام بالحوار والترجمة والمناقشة مع تلاميذ المدارس.

التلاميذ بالمناسبة كانوا فى قاعة عرض فرعية بعيدا عن القاعة الرئيسية التى حضرها الجمهور والمدعوون من الضيوف المتخصصين الذين أداروا حوارا مع مخرج الفيلم بأمريكا بنظام الفيديو كونفرانس.. أجاب فيه المخرج الأمريكى عن ملاحظات جمهور العرض..
ما وصفته حالا ليس مشهدا فى دولة أوروبية.. وإنما حدث الأسبوع الماضى فى مكتبة الإسكندرية.. وفور انتهاء عرض الفيلم والمناقشة الموضوعية من بعض المتخصصين.. غادرت المكتبة لاكتشف أن هناك خلايا نحل بالخارج.. والعشرات من المترددين من الشباب والشابات يقفون فى ساحة المكتبة.. يطالعون برامجها الثقافية والأجندات اليومية للنشاط.. والمهم هو حالة الانضباط والنظافة.. وكأنك يا أخى فى كرنفال ثقافى نفتقده فى هذه الأيام تحديدا!!
ما رأيته أفرحنى والله.. وهو دليل بالصوت والصورة على حالة التفاعل بين المكتبة والوسط المحيط.. صورة لم أشاهدها فى بلادنا المحروسة منذ سنوات طويلة.. صورة رأيتها كثيرا فى المتاحف الأوروبية.. حيث يصطف تلاميذ المدارس مع المدرسين أمام ساحات المتاحف يسترجعون ما سوف يشاهدونه بالداخل.. أو يتناقشون فيما بينهم حول ما شاهدوه بالفعل..
ولأنها المرة الأولى التى أزور فيها مكتبة الإسكندرية.. لا أعرف من المسئول عن تلك الحالة الثقافية الحميمة للمكتبة.. فهل وجودها بجوار مبنى الجامعة ساهم فى ذلك النشاط الملحوظ.. وهل الدكتور إسماعيل سراج الدين أول رئيس للمكتبة هو من خلق تلك الحالة الثقافية.. أم أن المسئول عنها هو الدكتور مصطفى الفقى رئيسها الجديد والناشط والمفكر الثقافى المرموق.. وفى تقديرى أن إدارة المكتبة هى إدارة واعية فعلا.. هى إدارة تعى دورها المأمول.. وتعد نفسها مسئولة عن حالة الحراك الثقافى فى محيطها السكندرى.. وتحية تقدير للدكتور مصطفى الفقى ومعه مجموعة الكوادر الثقافية الواعية.. وهم كثيرون بالمناسبة.. لكنى لجهلى لا أعرف منهم سوى الدكتورين خالد عزب وسامح فوزى ونشاطهما ملحوظ ولا تخطئه العين العابرة.. وأعترف أننى قصرت فى حق نفسى عندما لم أسع للتعرف على مكتبة الإسكندرية من قبل.. وسوف أعوض ذلك فى قادم الأيام..
المثير فى المسألة.. أن مكتبة الإسكندرية تعمل بعيدا عن هيمنة وزارة الثقافة التى تحولت إلى وزارة للمنتفعين.. وقد أسلم الوزير حلمى النمنم ذقنه إلى خلايا أمنية نائمة وصاحية.. وبعضها يمت بصلة القربى والمصالح مع خلايا إخوانية واضحة.. مع أن المفترض أن تكون الوزارة منبرا للتنوير.. لكن عروضها الثقافية المحدودة تخضع لرغبات الأمن الذى يملك وقف عروضها لأسباب لا تتعلق بالثقافة.. لكنها تتعلق بالمحاذير الأمنية الكثيرة فى هذه الأيام!
وزارة الثقافة تمتلك العديد من المصانع الثقافية التى كانت تمارس دورها فى التنوير أيام زمان.. وفى أيام فاروق حسنى بعد ذلك.. والوزارة تمتلك ألفين من قصور الثقافة معظمها معطل تماما.. مع أن المفترض أن تكون مراكز إشعاعية تحارب وتقاوم موجات التطرف الفكرى والدينى الذى نتعرض له جهارا نهارا.. لكن المشكلة أن الوزير يسمع الكلام وينفذ المطلوب.. وكيف السبيل ومستشارو الوزير من جهات أمنية متعددة.. وقد توارت الكوادر الثقافية واختفت لصالح شلة المنتفعين!!
زمان.. وعند افتتاح مكتبة الإسكندرية.. تعجبت كثيرا من أنها لا تتبع وزير الثقافة النشيط فاروق حسنى.. وأحمد الله الآن.. أنها لا تتبع وزير الثقافة حلمى النمنم.. وإلا فقدت دورها الحضارى الثقافى تماما.. وتحولت إلى إدارة تابعة للأمن العام!
تعظيم سلام لمكتبة الإسكندرية التى أراها بؤرة تنويرية حقيقية.. أتمنى أن تقلدها قصور الثقافة النائمة فى العسل!! 