18 مليون طالب × 400 جنيه = بيزنس الزى المدرسى !

رحمة سامي
صفقة ثلاثية الأبعاد.. يستفيد منها مدير المدرسة وصاحب المحلات التى يتعاقد معها وبينهما حلقة ممتدة من الموظفين والمنفذين للصفقة المستفيدين أيضا.. الخاسر الوحيد من بيزنس (اليونيفورم) هو جيب المواطن.. ولى الأمر المغلوب على أمره!
أسعار الزى المدرسى تختلف بحسب نوع المدرسة وبحسب المقاس فكلما زاد المقاس زاد السعر ليصل أحيانا إلى 450 جنيهًا ووفقا للملخص الإحصائى الذى أعدته وزارة التربية والتعليم لعام 2017 بلغ عدد مدارس التعليم الحكومى 45 ألفًا و279 مدرسة، يدرس بها 18 مليونًا و608 آلاف و730 طالبًا وطالبة، وبالنسبة لعدد المدارس الخاصة فبلغ عددها 7 آلاف و385 مدرسة، ويدرس بها أكثر من مليونى طالب وطالبة.. وعن المدارس الرسمية للغات، فيبلغ عددها حاليًا 2397 مدرسة، يدرس بها 749 ألفًا و275 طالبًا وطالبة.. كل هذه الأرقام تشير إلى أن اقتصاد (اليونيفورم) يتخطى فكرة البيزنس أو السبوبة!
\(روزاليوسف) تجولت داخل عدد من المدارس الحكومية والخاصة لنقل تفاصيل هذه التجارة المربحة عن قرب.
مدرسة الأندلس الخاصة بمنطقة المعادى تضم ثلاث مراحل تعليمية (الروضة، الابتدائية، الإعدادية)، أعلنت هذا العام عن عدم رغبتها فى تغيير الزى المدرسى للمراحل التعليمية الثلاث وفقا للقرار الوزارى رقم 420 لعام 2014 الذى تفرضه المدرسة وهو تغيير الزى كل ثلاث سنوات، - بحسب الأستاذ رؤوف - مدير المدرسة - الذى أكد أن الزى المدرسى للثلاث مراحل سوف يتغير العام القادم، والذى يتم اختياره وفقا لعدد من (الكتالوجات) التى تعرض عليه، وعلى هذا الأساس يتم اختيار الألوان.
العاملون فى المدرسة أكدوا أن الزى موجود فى منفذ بيع واحد فقط وعند إعلام أولياء الأمور بالزى يتم إرشادهم أيضا لنفس المحل، فقط عليك أن تذهب إليه وتطالب بزى المدرسة.
مدرسة الشهيد الحكومية، وتَجْمع البنات صباحًا، والبنين مساء، فى المرحلة الإعدادية فقط، أكد مدير مدرسة البنين محمود مرعي، أن المدرسة قررت هذا العام أن تغير الزي المدرسى الخاص بطلاب الصف الأول الإعدادى بنين وبنات، وتحويله من قميص مدرسى إلى «تى شيرت» للسيطرة على سلوك الطلاب فى نزع الزى خلال فترة الخروج من المدرسة.
بحيث يكون الزى عبارة عن (تى شيرت) صيفى نصف كم أحمر وبنطلون جينز، وتى شيرت شتوى بكم نفس اللون، ملحق به شارة مكتوب عليها مدرسة الشهيد عبدالخالق نبيل الإعدادية)
وبسؤال إحدى الأمهات أكدت أن الزى موجود فى محل بمنطقة أحمد زكي، ولكنه يباع بسعر مضاعف، مما دفع الأهالى لتصوير الزى وتفصيله عند الحاج علي، وبعد نجاح الفكرة أصبح يفصل بكميات لجميع المراحل التابعة للمدرسة وأصبح البنطلون والقميص أو التى شيرت لا تتجاوز تكلفتهما على ولى الأمر 120 جنيها بعد أن وصلت إلى 400 جنيه فى المحلات المحتكرة للزي، وهذا فقط دون حذاء.
أوضح المسئول عن أحد المحلات الذى يعرض أكبر منافذ البيع لكبرى المدارس الخاصة فى منطقة البساتين ودار السلام، أنه كل عام يتم عرض الموديلات على إدارة المدرسة ويتم اختيار الموديل واللون بين كتالوج محدد، ومن ثم يبدأ المصنع فى التنفيذ بعد الاتفاق على النسبة المتعارف عليها بين المدرسة والمصنع والتى تصل إلى 25% للمدرسة.
أسعار الزى المدرسى (اليونيفورم) بحسب المقاس كلما زاد المقاس درجة زاد السعر، ليصل أحيانا إلى 450 جنيهًا من دون الحذاء وحقيبة المدرسة.
هذه طريقة تربح بها بعض المدارس كمدرسة (خ. ر) وهى من بين المدارس الإخوانية التى أصبحت تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، والتى بمجرد دخولها رفضت مسئولة الزى فى المدرسة الإفصاح عن أى معلومة تخص الزي، وبعد سؤالها عن المحل الذى يمكن شراء (اليونيفورم) منه ادعت أنه مغلق الآن، فى حين أكد أحد أولياء الأمور أن المدرسة ذاتها تبيع الزى فى أحد الطوابق الخاصة بها، بجانب منفذ البيع المحدد.
وأكد الأهالى أنهم عندما حاولوا التحايل على هذا الأمر بالاتجاه إلى التفصيل وقفت شارة المدرسة (العلامة الخاصة) عائقًا أمامهم لأنه يصعب الحصول عليها فاضطروا إلى شراء الزي، إما من داخل المدرسة أو من منفذ البيع الوحيد.
وهذا ما أكده صاحب المحل الذى تتعامل معه المدرسة، بأن المدرسة لديها نسبة مقابل احتكار المحل للزي، مبررا أن لديه جودة أفضل من حيث الخامات والألوان ولا تعلم باقى المحلات المحيطة شيئاً عن ألوان الزي، حيث تتفق المدرسة مع المصنع بطرح ألوان الزى قبل بدء العام الدراسى بأيام قليلة، فلا يلحق أحد من المصانع المجاورة معرفة ألوان الزى وتفصيله.
إحدى المدارس الإعدادية بنات الحكومية، قررت أن تستغل حركة البيع بأسلوب مختلف، وهو طرح الزى المدرسى من دون شارات (بادج) مع تغيير اليونيفورم للصف الأول الإعدادى بنات (التى شيرت فقط) ومن بين العروض التى تم عرضها على المدرسة أن يأخذ المدير 15 ألف جنيه مقابل أن يتغير الزى ويتواجد عند منفذ بيع واحد فقط، اتفقت إدارة المدرسة مع أحد منافذ البيع أن ترشد المدرسة الطالبات على هذا المحل بعينه مقابل أن تمنح الطالبات اليتيمات الزى مجانا بعد أن تختم شئون الطلاب على شهادة الوفاة، بجانب أن تحصل الطالبات غير القادرات على الزى بنصف الثمن، فضلا عن أن الزى متاح فى جميع المحال.. مع ملاحظة أن الصف الأول فقط يضم ما يقرب من 3500 طالبة.
مدير المدرسة (م. د) أكد أن لون الزى يختاره مدرسو التربية الفنية (الرسم)، ونموذج الزى يطرح عليه ويُختار بين عدد من النماذج وهو (جيب رمادى لثلاثة صفوف ويتغير لون التى شيرت فقط للصف الأول وهو البمبي، والزيتى للصف الثاني، واللبنى للصف الثالث).
بعض المدارس الحكومية قررت أن تغير الزى لثلاثة صفوف كمدرسة (أ. ز) بعد أن اتفقت مع منفذ بيع واحد يقوم ببيع الزى وعليه شارة المدرسة (البادج) ويصل إلى 200 جنيه من غير الحذاء والشنطة، ورغم أنه قانونا لا يجوز تغيير الزى إلا بعد ثلاث سنوات إلا أن بعض المدارس تضرب بالقانون عرض الحائط مقابل الاستفادة من سبوبة الزى المدرسي، وتغيره لثلاث مراحل سنويا بعد أن تحصل على نسبتها من منفذ البيع الذى يدعى (مكتبًا، أو مصنعًا) للملابس.. ويصبح محتكرًا للزى حتى بداية العام الدراسي.
م. د رئيس مجلس أمناء مدرسة إعدادية ثانوية بنات، أكد أن مشاكل الزى المدرسى ترجع إلى أولياء الأمور بعدم المشاركة المجتمعية، وبالتالى فإدارة المدرسة لا يمكنها تغيير الزى المدرسى من دون موافقة مجلس الأمناء، وهذا ما حدث فى مراحل وخطوات محددة فى المدرسة فيما يتعلق بالزى المدرسى هذا العام.
حيث تقوم إدارة المدرسة بالإعلان عن مواصفات الزى والمطلوب للعام الدراسى الجديد قبل بدء الدراسة بفترة كبيرة، وتأتى عروض المصانع فى أظرف يتم فتحها فى حضور الإدارة ومندوبين عن المصانع ومجلس الأمناء، والاختيار يقع على العرض المقدم الأفضل خامة والأقل سعراً ويُكتب عقد بذلك.
وتابع: بمجرد الموافقة تطلب المدرسة عدداً معيناً من التى شيرتات والجيب، وتطرح فى الوحدة المنتجة الخاصة بالمدرسة، تحصل الإدارة التعليمية على نسبة منها والباقى يوزع مكافأة رمزية للعاملين على بيع الزي، لافتا إلى أن الزى هذا العام سعره 140 جنيهًا وهو سعر مناسب على جودة خامته.
مع التأكيد طوال الوقت على الطلاب وأولياء الأمور أن من لا يرغب فى شراء الزى من المدرسة يمكن شراؤه من الخارج كما يفضل.
«إيمان علي» إحدى أولياء الأمور أكدت أن مدرسة أبنائها الخاصة تطرح زى المدرسة بالتعاون مع أحد المصانع فى الدقى ورغم ارتفاع ثمن الزى فى هذا المصنع عن الخارج فإن الخامة رديئة للغاية، مما يجعل ولى الأمر يجدد الزى كل عام لتهالك الملابس سريعا، موضحة أنها وكثيرًا من أولياء الأمور قرروا التحايل على هذا الأمر من خلال شراء الزى نفس اللون من أماكن أخرى بعيداً عن منفذ البيع الذى حددته المدرسة، لأن الجودة أفضل والسعر أقل ووجدوا أن هناك عائقًا فيما يخص شارة المدرسة التى توضع على زى الأطفال (البادج)، ولكن الأمر تم إصلاحه سريعًا من خلال اكتشاف مصنع آخر بجوار منفذ البيع المتعاون مع المدرسة، يبيع هذه الشارات منفردة وكان سهلاً على الترزى أن يلصقها على الزى بل على العكس الزى شكله وجودته أصبحت أفضل كثيرًا وأقل فى التكلفة.
والملحوظة الجديدة بالتأكيد أنه وفقا للقانون لا يحق لأى مدرسة التدخل فى مكان شراء الزي، أو إجبار ولى أمر على شرائه من مكان بعينه، بل يقتصر دورها طبقا للقانون على اختيار الزي، مع ترك المنافسة للسوق بالنسبة للخامات والسعر، ولكن ما يتم فى عدد كبير من المدارس نوع من أنواع الفساد، الذى يتم على مرأى ومسمع من الجميع.