الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كتيبة «تنويرية» فى مرصد الفتاوى التكفيرية: 35 باحثًا يحاربون التطرف بـ 11 لغة!

كتيبة «تنويرية» فى مرصد الفتاوى التكفيرية: 35 باحثًا  يحاربون التطرف بـ 11 لغة!
كتيبة «تنويرية» فى مرصد الفتاوى التكفيرية: 35 باحثًا يحاربون التطرف بـ 11 لغة!


مواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر أيضًا، والإرهاب أساسه فكر متطرف انتهج العنف، لذلك لدينا «مرصد الفتاوى التكفيرية» بدار الإفتاء المكون من 35 باحثًا ويخاطب المتطرفين بـ11 لغة لمواجهة عنفهم فى كل مكان بالعالم.
المرصد يعمل 24 ساعة مثل خلية النحل منذ 4 سنوات، وحقق إنجازات ونجاحات فى اتجاهات كثيرة.
«روزاليوسف» التقت بفريق المرصد ليروى لنا كيفية عمله وكيف يوجه أفكار المتطرفين بلغات مختلفة.
نهى تحاربهم بالفن
نهى رستم فتاة عشرينية تواجه داعش بتصميماتها، فهى مسئولة عن تصميمات مجلة «Insight» التى تصدر بالإنجليزية عن المرصد، منذ عام، للرد على مجلة «رومية»، التى يصدرها تنظيم «داعش» الإرهابى باللغة الإنجليزية.
«نهي» التى تجلس على مكتبها الصغير وتحارب بالألوان والصور قالت لنا وهى تتابع آخر تصميم لها عن خلافة داعش: بعد موت «أبى بكر البغدادي»: «قصتى طويلة مع التنظيم والفكر المتطرف، والبداية كانت منذ تخرجى فى كلية الفنون التطبيقية ولقبى مهندسة التصميمات الفنية والجرافيك، وكانت أحلامى تنفيذ مشروع كرتون متحرك للفتاوى الدينية والمواعظ، وشاركت بالفكرة فى إحدى الشركات الشهيرة ولم أوفق، وتواصلت مع دار الإفتاء فى البداية بالمشاركة فى مؤتمرات دينية بتصميماتى ورُشحت منذ 4 سنوات للمشاركة فى أعمال المرصد ضد الفكر المتطرف، وكنت سعيدة بتلك الخطوة لأنها جزء أساسى لأحلامي».
وأضافت: جلس معى الدكتور إبراهيم نجم المشرف على المرصد وطلب منى أن أكون مسئولة بشكل كامل عن تصميمات المجلة التى ترد على داعش على الإنترنت، وسعيدة وفخورة بذلك الدور، وكان تحديًا بالنسبة لى، فالتنظيم يمتلك أكفأ المصورين والتصميمات الفنية لديهم على أعلى مستوى، لكن رغم أنهم فريق بالعشرات فإننى واحدة فقط ونجحت فى مواجهتهم.
أمسكت نهى تصميمًا للمجلة وقالت: تصميماتى هزت عرش داعش، منذ وجودى فى المكان نفذت 8 تصميمات ترد على داعش وأفكاره، وعدد المجلة لا يزيد على 11 ورقة، لكن مهمتى هى الأصعب لأن التنظيم المتطرف يخيف الناس بالصورة ويبث بهم الرعب ولا بد من الرد عليه أيضا بالصورة.
وتابعت: خطتى فى تنفيذ أى عدد قمت به ضد الفكر المتطرف تبدأ من الفكرة، والأحداث، فأنا متابعة جيدة لكل تفاصيل داعش وتفجيراتهم وعملياتهم الإرهابية، وكل شهر أجلس مع الدكتور إبراهيم نجم لنختار الفكرة التى نصدرها وأجلس بعدها يومًا كاملاً لتصميم الصور التى ترد على تنظيم داعش، وأصعب مرحلة أقوم بها هى مرحلة الغلاف لأن داعش يتابعنا بدقة ويتابع أعمالنا والغلاف عنوان الرد الرئيس.
أضافت نهى: تنظيم داعش يُحضر أكبر مخرجين ومصممين  ومصورين للتنفيذ ويستخدمون اللونين الأحمر والأسود فى المقدمة، ويحرصون على إظهار فكرهم فى الصورة والمحتوى كمكملين لبعضهم البعض.
وأشارت نهى إلى أن تصميماتها كان لها صدى جيد وأثرت على التنظيم، ففى العدد السادس للمجلة صممت غلافًا يعبر عن تفاصيل تفجير الكنيسة البطرسية والمأساة الإنسانية التى تسبب فيها التنظيم، وكان رد داعش أنها أخذت نفس الصورة وغيرت المحتوى الكتابى للرد علينا فى الأحداث، وكان المقصود من تلك الصورة التى وجهتها لهم فى التصميم انعدام الإنسانية، كما صممت غلافًا للشباب المغيب واستغلاله بوضع شارة حمراء تعبر عن الدم على عيون الشباب، وغلاف آخر للمرأة خلف القضبان باللون الأحمر لأنهم يعتبرون المرأة كائنًا للإنجاب والمعاشرة فقط، وأظهرته من خلال البنات الأطفال والإيزيديات ومعاناتهن الجسدية والنفسية داخل معسكرات داعش، كما صممنا غلافًا عن الرحمة واستغلالهم لكل حرف فى تلك الكلمة بتحويلها إلى إرهاب.
وأكدت نهى أن داعش يعرف اسمها جيدًا لأنه على غلاف مجلة الدار، وأسرتى تشعر بالخوف عليّ، وليس لدىَّ إلا شقيقتى الوحيدة ووالدتى ربة منزل ووالدى متوفى، لكن رغم خوفهم فإنهم فخورون بما أقوم به، فهى مهمة صعبة، وتنصحنى والدتى كل يوم بأن أحافظ على نفسى وتدعو لى، وقريبًا ستكون المجلة مطبوعة وليست فقط على صفحات الإنترنت، وسوف تتوسع محاربة داعش بالصورة والألوان.
واختتمت حديثها قائلة: أعشق مهمتى فى كتيبة محاربة الفكر المتطرف وأقضى فى مكتبى ما يقرب من 13 ساعة يوميًا، ورغم انتهاء توقيتات عملى فإننى لا أرحل فى التوقيت المحدد حرصًا على دعم عملى أكثر وحتى بعد عودتى للمنزل أعمل أيضًا.
11 لغة
فى غرفة مجاورة لغرفة نهى رستم استقبلتنا نهى أحمد طلعت رئيسة فريق قسم الترجمة، وهى فتاة ثلاثينية العمر، وقالت لنا إنها تقود فريق الترجمة المكون من 5 أفراد بينهم أمريكيان، والمرصد يعمل بـ11 لغة لمواجهة الفكر المتطرف حول العالم، منها «العربية والروسية والإنجليزية والألمانية، والأردية، والسواحلى، والإندونيسية، والتركية، والإسبانية».
وأضافت: «أعمل فى دار الإفتاء مترجمة من 2008، ومهتمى داخل المرصد هى الأصعب، ورغم أننى لديَّ أسرة مكونة من ثلاثة أبناء فإننى نجحت فى المهمتين محاربة داعش باللغة ورعاية أبنائى، وأقضى معظم وقتى فى العمل، حب المهمة يسيطر على جميع أفراد الفريق فى غرفة الترجمة، وأواجه دموية داعش بكل قوة رغم أننى امرأة، وأحرص على الاطلاع على جميع عناصر التنظيم من أطفال ونساء ورجال وكبار فى السن، وأرصد كل شيء عنهم بشكل دورى، وما يزيدنى إصرارًا على إتمام مهمتى هى أسرتى التى تدعمنى بقوة.
وقدمت «طلعت» قائد فريق الترجمة، آرثر ريتشارد - أمريكى الجنسية- أحد الباحثين الأجانب بالمرصد  ومن خريجى الأزهر الشريف.
قال ريتشارد الشاب الثلاثينى: سعيد بمهمتى لمحاربة الفكر المتطرف من مصر، وتبدأ مهمتى بتقديم مواد مصورة ومقاطع فيديو لغير الناطقين باللغة العربية من المسلمين وغير المسلمين للتعريف بصحيح الدين الإسلامى وقيمه السامية وإزالة اللبس الذى ترسخ لدى البعض عن الإسلام جراء الأعمال الإرهابية التى تحدث هنا وهناك.
وأضاف: «المرصد استعان بى من ضمن عدد من الكوادر الأجنبية، ويعكس إيمان القائمين على المرصد بضرورة أن تكون رسالة المرصد عالمية ولا تقتصر على المصريين أو العرب أو المسلمين فقط، وإنما تتخطاها لتصل لكل المهتمين والمتابعين والباحثين عن المعرفة الصحيحة والفهم السليم للإسلام والتعاليم الإسلامية.
لباقة تشاب
«تشاب» شاب أمريكى يعمل ضمن فريق المرصد ويتميز بالحيوية واللباقة فى الحديث، قال إنه يوظف مهاراته وخبرته فى مجال التواصل الاجتماعى وإدارة الحملات وتوصيل الرسائل إلى الجمهور المستهدف ومكافحة الفكر المتطرف. مشيرًا إلى أن المرصد استعان به لتوصيل رسائله وأفكاره ومفاهيمه إلى الجمهور الغربى وغير الناطقين باللغة العربية؛ خصوصًا فى ظل ندرة المنصات الإسلامية الوسطية التى تخاطب الغرب بلغته وبمنطقه وتصل إلى الشارع الغربى وتلقى قبولا لدى العقل الغربى.
دور المرصد
حسن محمد، مدير المرصد شاب عشرينى قال: بجانب عملى البحثى كأحد الباحثين والمتخصصين فى الحركات الإسلامية وجماعات العنف، أقوم بدور المتابعة والتشبيك بين المرصد والجهات البحثية المتنوعة، وأعرف بالمرصد وأنشطته على مستوى وسائل الإعلام ومراكز الفكر المهتمة بالفكر المتطرف والتكفيرى.
ولا ينتهى دورى فقط عند تلك النقاط، بل أنسق وأتابع الباحثين فى المرصد، وإدارة الأنشطة الفكرية والتوعوية التى يطلقها على شبكات التواصل الاجتماعى.
على جانب آخر كانت هناك غرفة يتردد عليها جميع أفراد الفريق بشكل دورى، وهى غرفة مشرف المرصد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية، الذى قال: إن المرصد يقوم بمهمة متميزة على مستوى العالم الإسلامى، ودار الإفتاء تؤمن بالتخصص وتسعى دائمًا وراء الكوادر الماهرة والمتخصصة والتى تشكل إضافة للدار والعاملين بها، كما أنها تؤمن أن الخطاب الخارجى يتطلب أدوات وإمكانات تختلف تمامًا عن الخطاب الداخلى، وبالتالى تسعى دائما لتوفير تلك الأدوات وتوفير الإمكانات للتأكد من قيام الدار بدورها على أكمل وجه، وتحقيق رسالتها التى تحملها على عاتقها فى بيان صحيح الإسلام ونشر المعرفة الصحيحة عنه.
أكد «نجم» أن إنشاء المرصد كان لمواجهة الأفكار المتطرفة؛ خصوصًا بعد تفاقم ظواهر التكفير والتشدد والتمسك بالرأى حتى إن كان خطأ، وكان لا بد من قناة للتصدى لها، فهى من الظواهر الخطيرة التى واجهتها مصر بشكل عنيف وليست مصر وحدها، بل جميع المسلمين فى العالم، وساهمت تلك الظاهرة فى تفتت المجتمع الإسلامى وتغير قنوات التعاون المعروفة إلى قنوات نزاع بارزة على الساحة، ومن هنا كان لا بد من التصدى لها ومعرفة الأسباب والعوامل التى أدت إلى وجودها، بالإضافة إلى وضع رؤية واضحة لكيفية العلاج الصحيح ووضع خطة كاملة، فالتطرف ظاهرة لها جذور والتخلص منه يحتاج مجهودًا والعلاج يتطلب العودة للتفاصيل والأسباب وتحديد نوعية العلاج.
الخطة
وعن خطة المرصد فى العمل قال «نجم»: تبدأ خطتنا برصد ومتابعة كل ما يصدر عن الجماعات والتيارات المتشددة والتكفيرية داخل مصر وخارجها على مدار الساعة لحظة بلحظة، وبمختلف اللغات فى مقدمتها العربية والإنجليزية، ونرد على أباطيلها؛ خصوصًا ما يتعلق  بالأمور الشرعية والفتاوى الدينية التى استخدموها بشكل خاطئ للغاية واستغلوا من خلالها شرائح كبيرة من المجتمع الإسلامى.
وأكد الدكتور إبراهيم نجم أن المرصد أنشأ صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى تحت إشراف دار الإفتاء، تواجه ما يقرب من 59 موقعًا متطرفًا إلكترونيًا وهدفها فى المقام الأول استهداف شريحة الشباب للتواصل معهم؛ خصوصًا أن فئة الشباب كانت الهدف الرئيس للجماعات الإرهابية لبث سمومها فى الفكر، واستخدمتهم كدعاية للفكر الإرهابى.
وحققت الصفحة نجاحًا كبيرًا وجذبت الملايين من الشباب من داخل مصر وخارجها، وتخطت 6 ملايين مشترك، وبذلك يعد المرصد ودار الإفتاء الأول عربيًا وإسلاميًا من بين المؤسسات الإسلامية الرسمية فى مواجهة الفكر المتطرف.
وعن إنجازات المرصد أوضح نجم: حقق المرصد عدة نجاحات على عدد من الأصعدة، منها إصدار ثمانية أعداد من مجلة  أطلقتها دار الإفتاء منذ عام للرد على مجلة «رومية»، التى يصدرها تنظيم «داعش» الإرهابى بالإنجليزية، والتى تتناول ردودًا علمية وتفنيدًا شرعيًا لكل الشبهات الواردة فى إصدارات تنظيم «داعش».
بالإضافة إلى إعداد مكتبة إلكترونية ضخمة عن التطرف والإرهاب بالعربية والإنجليزية، تضم أحدث الإصدارات والكتب والدوريات وتقارير مراكز البحث الأجنبى والمختصة بمعالجة التطرف والإرهاب، كما تضم المكتبة جميع الإصدارات والكتب والمقالات والمواد الصوتية والفيديوهات الصادرة عن الجماعات المتطرفة والإرهابية فى مصر وخارجها لخدمة الباحثين فى ملفات التطرف الفكرى.
كما تم إنشاء وحدة تكنولوجية متخصصة لإنتاج أفلام رسوم متحركة وقصيرة لبلورة الخطاب الدينى فى قوالب تكنولوجية حديثة تمكنها من الوصول إلى الشرائح المتعددة؛ خصوصًا فئات الشباب، وترد على الدعاية المضادة والمضللة من جانب الجماعات المتطرفة التى تنشط فى مجالات التكنولوجيا والتصوير، بالإضافة إلى التعاون الفعال مع وزارة الخارجية فى إطار التكامل وتوزيع الأدوار بين مؤسسات الدولة المصرية، بحيث تصدر دار الإفتاء المصرية نشرة شهرية تتناول القضايا المهمة، وترد على المسائل والإشكاليات الدينية الأجدر بالتناول لتوزعها الخارجية على كل السفارات الأجنبية، وإعداد ملف مفصل ومتكامل حول رؤية المؤسسة الدينية لمواجهة التطرف والجماعات الإرهابية باللغة الإنجليزية ليوزع على الوفود الأجنبية والدولية aالتى يلتقيها ممثلو الدار فى مصر  وخارجها.
وأضاف نجم: إن هناك نوعين آخرين من الفكر المتطرف يتابعهما المرصد أيضًا، جماعة بوكوحرام التى تتبع نفس منهج داعش، وأعلنت مبايعتها للتنظيم ثم حدثت بعض الخلافات بسبب زعامة التنظيم ومحاولة الدواعش تنصيب زعيم جديد للحركة، وتعمل بوكوحرام على استغلال ضعف المعرفة الدينية لأهالى القرى النيجيرية لتنشر معتقداتها الخاطئة وأفكارها المشوهة عن الإسلام والمسلمين، وتحرم التعليم الغربى والتعامل مع الغرب أو غير المسلمين، وتشن بين الحين والآخر هجمات على بعض المدارس ودور العبادة، وتشتهر الجماعة باعتبارها الأكثر استخداما للانتحاريات، وتنشط الحركة فى المنطقة الحدودية بين نيجيريا وتشاد والكاميرون، وتشن بعض الهجمات على مناطق فى الكاميرون.
الإخوان فى المرصد
أما عن جماعة الإخوان، فأكد «نجم»، أن المرصد خصص فريقًا من باحثيه لمتابعة أنشطة تلك التنظيمات وتحليل خطابها وعملياتها النوعية وكشف العلاقة بينها وبين الكيانات الإرهابية، وإصدار التقارير والدراسات التى تكشف هذه العلاقة وتفضحها أمام الرأى العام الداخلى والخارجى.>