الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أسرار معركة اليونسكو

أسرار معركة اليونسكو
أسرار معركة اليونسكو


من الواضح إذن.. أن أمريكا مثل الفريك لا تحب الشريك.. ومع أنها ترفع شعار الديمقراطية.. إلا أنها لا تطيق تعدد الآراء.. وهى تعانى الحول السياسى فلا تفرق بين الدول الاشتراكية والدول الشيوعية ودول العالم الثالث.. أمريكا تضعهم كلهم فى سلة واحدة وتشن الحرب عليهم!!

تؤمن أمريكا بأنها كبيرة العائلة الدولية.. ولهذا تدفع لمنظمات الأمم المتحدة أكثر مما تدفع باقى الدول.. أمريكا تحديدا تساهم بحوالى  22 فى المائة من ميزانية جميع المنظمات الدولية.. فى حين تساهم اليابان بحوالى 12 % ثم عدة دول من الأغنياء تساهم بثمانية وخمسة فى المائة من الميزانيات الدولية.
أمريكا تساهم بالقدر الأكبر إذن.. ولهذا تطالب بأن تكون لها اليد العليا فى سياسات المنظمات الدولية.. وأن يكون اختيار أمناء تلك المنظمات على هواها.. وإلا تهدد بالانسحاب والمقاطعة!!
فعلتها أمريكا مرة عندما انسحبت من منظمة اليونسكو وأوقفت عنها الدعم المالى فى 1984.. وتبعتها بريطانيا فى 1985.. وقد وجدت أمريكا أن المنظمة الدولية للعلوم والثقافة تسير فى ركاب دول العالم الثالث وتنفذ مطالبها ضد رغبة الأمريكيين ولهذا انسحبت تماما وأوقفت الدعم المادى ولم تعد للمنظمة سوى عام 2003.
سكرتير عام الأمم المتحدة فى ذلك الوقت بطرس بطرس غالى أدرك خطورة الدور الأمريكانى.. فاقترح أن تستغنى المنظمات الدولية عن الدعم المالى للدول الكبرى.. واقترح أن تفرض ضريبة عالمية قدرها دولار واحد على كل تذكرة سفر فى جميع دول العالم.. وبهذا يمكن تمويل نشاط الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها ومنها منظمة اليونسكو.
المشكلة أن أمريكا رفضت التخلى عن دور كبير العائلة.. وغضبت من بطرس غالى وساهمت فى إسقاطه بعد دورة واحدة فى موقعه كسكرتير للأمم المتحدة مع أن العرف والعادة والأصول أن يعمل سكرتير الأمم المتحدة لدورتين كاملتين.
وجدت أمريكا أن استقلالية المنظمات الدولية تهدد نفوذها.. وقد انسحبت مرة من اليونسكو فلم تتأثر المنظمة الدولية بالانسحاب.. ولهذا عدلت من سياسة الغضب المكتوم وتحولت للغضب العاصف.. وعندما رشح فاروق حسنى نفسه أمينا عاما لليونسكو اعترضت أمريكا بوضوح.. ومارست سياسة الضغط بدلا من سياسة الانسحاب!
فاروق حسنى أدرك وقتها ملامح اللعبة الأمريكية ضد الديمقراطية التى تتشدق بها.. ويوم زيارة أوباما لجامعة القاهرة.. جلس فاروق حسنى بجوار هيلارى كلينتون.. وقد رأت الدبلوماسية المصرية أن فاروق حسنى هو الأقرب لوزيرة الخارجية الأمريكية.. خصوصا أن بينهما دعوات ولقاءات كثيرة واهتمامات بالآثار الفرعونية.. وهى فرصة للحديث عن ترشح حسنى لليونسكو.. لكن وزيرة الخارجية الأمريكية أشاحت بوجهها ولم تتبادل كلمة واحدة مع فاروق حسني!!
تصرف هيلارى كلينتون الغريب والجلياط.. تولت تفسيره السفيرة الأمريكية مارجريت سكوبى عندما طلبت من مصر صراحة استبعاد فاروق حسنى وترشيح أى شخصية أخرى وسوف تدعمها أمريكا!
عندما طلبت سفيرة أمريكا باليونسكو من سفيرة مصر شادية قناوى سحب ترشيح فاروق حسنى.. اعترضت الدكتورة شادية.. وقالت إن مصر دولة عريقة ولا يمكن أن تسمح بهذا.. فردت السفيرة الأمريكية.. وأمريكا دولة قوية تحب أن تأمر فتطاع!
مارست أمريكا ضغوطا قوية فى تحالف صريح مع الصهيونية العالمية من أجل إسقاط فاروق حسنى.. وكانت  المعركة حامية من أجل استقطاب أكثر من نصف أصوات أعضاء اليونسكو البالغ عددهم 58 دولة.. وينجح من يحصل على 29 صوتا زائد صوت إضافى.
ونجحت أمريكا فى اللحظات الأخيرة.. وعبر ضغوط مالية ودبلوماسية فى خطف دول كانت فى معسكر فاروق حسنى مثل فرنسا وإيطاليا وبعض الدول الأفريقية... بل وخطفت صوت دولة خليجية صديقة فوق العادة!
حصل فاروق حسنى على نصف أصوات العالم.. وخسر فى الجولة الأخيرة بفارق صوتين.. «فاروق حسنى وأسرار معركة اليونسكو».. كتاب مهم صدر منذ أسابيع قليلة.. ولم أقرأه سوى بالأمس.. ويحكى أسرارا مهمة وتفاصيل دقيقة حكتها بامتياز فتحية الدخاخنى التى انتزعت من فاروق حسنى أسرار الأسرار فى الكتاب الممتع الصادر مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية.>