الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«بين البينين» فيلم للعنصريين فقط

«بين البينين» فيلم للعنصريين فقط
«بين البينين» فيلم للعنصريين فقط


عرب إسرائيل توليفة غريبة لفئة يصح القول عليها إنها ليست عربية وليست إسرائيلية، وكأنها بين بين، وهو نفس المعنى الذى يصفه الفيلم الإسرائيلى «بين البينين»، وهو الترجمة الإنجليزية له، ولأن الفيلم ناطق بالعربية فإنه يحمل عنوان «بر بحر» أو بالترجمة العبرية «لا هنا ولا هناك»، وكأنها منطقة لا تعرف أن تحدد الهوية فيها، الفيلم بحسب مجلة «فاريتى» الأمريكية يظهر حياة المرأة العربية داخل المجتمع الإسرائيلى، وهى التى تنقسم لنصفين ما بين جذورها العربية وبين مجتمع تعيش داخله.

والفيلم معركة للحياة الحقيقية والتى لا تدرى فيها المرأة من هى، هل هى تلك العربية المحافظة أم تلك الإسرائيلية الماجنة؟ الفيلم يتناول قصصًا واقعية من خلال تجربة شخصية لمؤلفة ومخرجة الفيلم وهى ميلسون حمود البالغة من العمر 35 عاما والتى تنتمى لتلك الفئة وهى «عرب إسرائيل»، الفيلم يبرز حالة الشيزوفرينيا التى يعيشها عرب إسرائيل، وعلى الرغم من الجوائز العديدة فى المهرجانات السينمائية الإسبانية والكندية والإسرائيلية التى حاز عليها الفيلم، فإن الكثيرين دعوا لمقاطعة مشاهدته، بل تلقت حمود تهديدات بالقتل هى وطاقم العمل، وذلك بسبب تجسيدها لما تعيشه شخصيات الفيلم والمنتمون لعرب إسرائيل واستغراقهم فى الجنس، والمخدرات، والحفلات الماجنة والمثلية وتعرضهم للاغتصاب فى مجتمعهم.
تقول ميلسون إن قصة الفيلم مستوحاة من تجربتها الخاصة التى تعيشها فى تل أبيب على مدى العقود الماضية، فالفيلم يحكى قصة ثلاث نساء عربيات يعشن فى إسرائيل اللاتى وجدن أنفسهن عالقات بين المجتمع العربى الذى غالبا ما يرفض الأدوار غير التقليدية للمرأة، والمجتمع الإسرائيلى الأكثر انفتاحا وغربية، وفى كثير من الأحيان لا يعامل العرب بشكل مساوٍ وكامل فى الحقوق داخل الكيان العبرى، حيث إن عرب إسرائيل يعاملون بشكل أقل على الرغم من أنهم يشكلون نحو 20 % من المواطنين فى إسرائيل، لكن تلك الفئة تشترك فى العرق نفسه، ولغة وثقافة الفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحديد العديد من الفلسطينيين بدلا من إسرائيل. ونتيجة لذلك، فكثير من الإسرائيليين اليهود يرون عرب إسرائيل كطابور خامس تخريبى.
فى الفيلم، تجسد الممثلة سانا جاميلية دور سلمى وهى نادلة مثلية التوجه والتى تنحدر من عائلة مسيحية محافظة، وتجسد دور المرأة الثانية ليلى الممثلة منى حوا وهى محامية جنائية تتصف بشراهتها للشرب والتدخين وتنحدر من عائلة مسلمة، والشخصية الثالثة تجسدها الممثلة شادن كانبورا وهى نور الفتاة الخجولة المسلمة المحجبة من مدينة أم الفحم، وهى مدينة مسلمة محافظة فى شمال إسرائيل، والتى تدرس فيها علوم الكمبيوتر فى جامعة تل أبيب.
فى الفيلم تتعرف على وسام خطيب نور، وهو مسلم متدين يحاول الضغط على نور للزواج منه، وتم تصويره فى الفيلم على أنه عنيف وفاسد، ومنافق دينى، وفى النهاية يقوم باغتصابها، أيضا تترك ليلى صديقها لأنه ليس عصريا وتقدميا كما كان يدعى، وتقوم سلمى بمصارحة عائلتها المسيحية المحافظة بمثليتها الجنسية.
الممثلة منى حوا التى تلعب دور ليلى المحامية تقول فى حوارها للمجلة: إن الرسالة التى كانت تريد أن تبعثها إلى المجتمع الفلسطينى هى أن النساء قويات جدا وأنهن لسن عورة وأن لهن حقًا فى الفعل والمسئولية واتخاذ القرار.
الفيلم بأكمله تقريبا باللغة العربية مع ترجمة باللغة العبرية، وبعد عرضه فى وسط مدينة تل أبيب، تساءل المشاهد إذا كانت مشاهد من حفلات الرقص العربى الصاخب تعكس حقا الواقع؟ وكان هناك  الكثير من ردود الأفعال من العرب الغاضبين، مع التعليقات السلبية على صفحة الفيلم باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعى «الفيسبوك وتويتر» وغيرهما، وكان أحد التعليقات أن الفيلم هو بيت الدعارة، ويشوه صورة الإسلام.
وتقول ريهام محاميد للمجلة إن زيادة جرعة تلك الحفلات الماجنة التى تعيشها نساء عرب إسرائيل لا تمثل جميع النساء العربيات، الفيلم أظهر فقط أشياء سيئة عن الفتيات اللاتى يعشن خارج منازلهن ويقطن فى سكن موحد مع بعضهن.
من جانبه دعا عبد المنعم فؤاد، المتحدث باسم بلدية أم الفحم، التى تم ذكرها فى الفيلم، مدينته لمقاطعة الفيلم لأنه يعطى انطباعا عن المدينة أنها سيئة السمعة، ويشوه صورة أم الفحم ورجالها ونسائها الذين يصورهم بطريقة غير أخلاقية وغير لائقة، وأشارت المجلة إلى أن فؤاد لم يشاهد الفيلم كما قال فى تصريحاته للمجلة.
وقالت المدونة سماح ساليم: إن الفيلم أيضا يعطى انطباعا خاطئا عن المسلمين وخاصة تصويره لمشهد العنف والاغتصاب لرجل مسلم وهو خطيب نور والذى يعد من المواد المثيرة للفوبيا من الإسلام.
الفيلم يثير صدمة حقيقية فى الأيام الراهنة وحالة من الصدام الثقافى خاصة أنه لمخرجة فلسطينية من مواليد الجليل تناولت فيه تقريبا كل المحرمات فى المجتمع العربى الإسرائيلى من المخدرات والكحول والمثلية الجنسية، وكانت القصة الأكثر إثارة للجدل هى قصة نور التى تم اغتصابها من وسام الذى يسكن فى مدينة أم الفحم والتى تعد معقل الحركة الإسلامية، وهى على مقربة من فكر جماعة الإخوان، وهو ما تسبب فى أن ميلسون المخرجة تعرضت لكثير من تهديدات القتل، وقد سبق عرض الفيلم فى الولايات المتحدة، وحصل على ثلاث جوائز فى مهرجان سان سيباستيان السينمائى فى إسبانيا.
الفيلم إنتاج «إسرائيلى - فرنسى» مشترك وباللغة العربية، وكان العرض العالمى الأول له فى مهرجان «تورونتو» السينمائى الدولى، حيث منحته هيئة التحكيم جائزة NETPAC، وفاز فى مهرجان «سان سيباستيان» السينمائى، بثلاث جوائز، وحصل على جائزة ليرنر دانى فى مهرجان حيفا السينمائى الدولى.