الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أنا الشعب.. إلا قليلا..!

أنا الشعب.. إلا قليلا..!
أنا الشعب.. إلا قليلا..!


أهم ما يطرحه فيلم «أنا الشعب» هو سؤال منطقي.. لماذا لم تصل الثورة.. ثورة 25 يناير إلى ريف الصعيد؟! الفيلم لم يطرح السؤال بالشكل المباشر والفج.. وإنما تستشعر السؤال وتستنتج الإجابة من أحداث الفيلم التسجيلى الذى ينتمى للسينما المستقلة أو السينما البعيدة عن المؤسسات والشركات التجارية.. هى سينما يقوم بها أفراد أو مجموعات تسعى لطرح وجهة نظرها بالفن وللفن وليس للأغراض التجارية أو الدعائية المعروفة.

فيلم «أنا الشعب» فرنسى من تأليف وتصوير وإخراج «آنا روسيون» وهى مخرجة فرنسية من جذور مصرية وعرض مؤخرا فى سينما «زاوية» ويعرض بالإسكندرية خلال الأسبوع القادم.
مخرجة الفيلم لم تقصد أن تقدم لنا فيلما سياسيا.. كانت تنوى أن تقدم لنا فيلمًا اجتماعيا عن الريف فى الصعيد الجوانى ونوعية الحياة هناك بعيدا عن العاصمة التى نعرفها.. لكن الذى حدث هو أنه بعد تصوير الفكرة الأولى للفيلم.. اندلعت ثورة يناير.. فرأت المخرجة أن تعود لنفس الرقعة جنوب البلاد لتستكمل الرؤية بعد الثورة.. لنكتشف أن أحوال الناس لم تتغير بالثورة التى رفعت شعارات اجتماعية.. صحيح أن المناقشات لم تنقطع بين الأصدقاء والجيران فى القرية الصغيرة.. لكنها تظل فى إطار الحوار الذى لم يؤثر ولم يتأثر بالأحداث التى عاشتها المدن الكبري.
بطل الفيلم فراج صاحب قطعة الأرض الصغيرة يزرعها ويعيش مع عائلته الصغيرة.. هو ليس فقيرا يعيش على حد الكفاف.. هو من الطبقة الوسطى إن جاز التعبير فى قريته.. ويلجأ إلى افتتاح مطحن صغير يوفر له دخلا شهريا ثابتا.
فراج يؤمن بالتعليم.. يعلم أولاده ويتحاور معهم ويوم سقوط حسنى مبارك يحتفظ بالجورنال.. يقول لأولاده أن هذا الجورنال تاريخى وبعد عشرة أعوام يمكن أن يشكل ثروة حقيقية.
بعد ثورة يناير اختار فراج الانحياز لمحمد مرسى رئيسا للجمهورية.. هو يرى أنه رئيس مدنى ووجه مختلف عن الوجوه القديمة ولهذا رفض اختيار عمرو موسى الذى يرى أصحابه أنه واجهة دولية محترمة.
تلاحظ خلال الفيلم التسجيلى الذى امتد لساعتين وتناول الفترة منذ قيام ثورة يناير وحتى سقوط مرسي.. تلاحظ أن أحوال الأسرة والقرية لم تختلف ولم تتحسن أحوالها.. هى ذاتها الأزمات.. أنبوبة البوتاجاز وانقطاع الكهرباء ونقص المياه فى الترعة الصغيرة.. والفلاحون يتعاونون بالحيلة لمواجهة تلك الأزمات التى تتكرر باستمرار.
تدريجيا يميل الأصدقاء لانتقاد الرئيس المنتخب محمد مرسي.. أنت تلمح فى الفيلم بدايات الأمل فى التغيير.. ثم تتأكد من موت الأمل تماما.. لكن فراج بطل الفيلم يتمسك ببقاء مرسى على اعتبار أنه يمثل الأمل.. حتى تتوالى الكوارث الإخوانية وصدور الإعلان الدستورى وفشل مرسى فى حكم البلاد.. فإذا بفراج ينقلب على قناعاته ويبتهل لسقوط مرسى رغم أنه رئيس منتخب.. ويفسر ذلك لمخرجة الفيلم فى حوار معها فتحدثه عن الديمقراطية فيقول لها ديمقراطيتنا تختلف عن ديمقراطية فرنسا.. نحن فى سنة أولى ديمقراطية!
ينتهى الفيلم بالظلام.. نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي.. وكأن الفيلم يعلن عن تبخر الأمل فى التغيير فى ظلام النهاية المفاجئة لأحداث الفيلم.
المونتاج هو بطل الفيلم الحقيقي.. وقد صورت المخرجة 300 ساعة كاملة اختزلتها فى ساعتين فقط.. وأقصد أن القماشة كانت عريضة وكافية تماما لنسج سيناريو الفيلم الذى أتمنى أن يعرض تجاريا.. أو تليفزيونيا على أقل تقدير.