الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«بونابرت» يواجه «كاريوكا».. و«الغزالى» يطاردهما و«بيرم» يلعب فى الوقت الضائع

«بونابرت» يواجه «كاريوكا».. و«الغزالى» يطاردهما و«بيرم» يلعب فى الوقت الضائع
«بونابرت» يواجه «كاريوكا».. و«الغزالى» يطاردهما و«بيرم» يلعب فى الوقت الضائع


 
 يختلف كثيرا مسلسلات السير الذاتية عن مسلسلات الخيال التى يكتبها المؤلف من بنات أفكاره، فالأولى تكون «دم ولحم» يتقيد الكاتب بنقلها تفصيليا وحرفيا من واقع مشوار عاشه صاحب الشخصية التى تتناولها السيرة على الورق دون تدخل منه، خاصة إذا كان التدخل من أجل الزيادة، لأنه لايستطيع أن يضيف أحداثًا لصاحب السيرة لم يفعلها، وإن كان من الممكن أن يتدخل بالنقصان من خلال حذف أحداث قد لايراها مناسبة أو لا تضيف ولا تعلى من قيمة العمل، أما الثانية فالكاتب فيها حر فيما يكتبه لأنه لا يتقيد بأحداث معينة ولا تفاصيل خاصة ولا ورثة يلاحقونه أو يطاردونه إذا أخطأ فى حق من يعنيهم من أصحاب السير الذاتية، وهنا- أى المؤلف- عليه تحويل الشخصية التى أبدعها على الورق إلى دم ولحم يتفاعل معها المشاهد.
 

 
ويبقى السؤال هنا: هل مسلسلات السير الذاتية رصدت بحق حياة المشاهير، كما يجب أن تكون بما لها وماعليها؟ أم تاجرت بسمعتهم؟ هناك مسلسلات كثيرة شوهت الصورة سواء من خلال رصد الأحداث التى كان فيها الكثير من المغالطات ونقص المعلومات أو من خلال الأداء التمثيلى المشوه للذين جسدوا هذه الشخصيات، مما جعل ورثة الكثير من المشاهير يخشون على تقديم سيرة أقربائهم بشكل مشوه وهو ماجعل كثيرًا منهم يلجأون إلى ساحات المحاكم للمنع ولو بقوة القانون، وإن كان هذا لايمنع أن آخرين كانوا يلجأون إلى المحاكم من أجل المنع بسبب رغبتهم فى الحصول على مقابل مادى كنوع من الابتزاز للموافقة على العمل، وهو مايجرنا لسؤال آخر؟ هل الشخصية العامة ملك لأسرتها فقط تتحكم فيها دون أن يتجرأ أحد من الاقتراب منها إبداعا؟ ام ملك لكل الشعب؟ الذى من حقه التعرف على تفاصيل حياتها، وأنا أقول إنها ملك الشعب الذى من حقه أن يتعرف عليها بشرط أن يتم تناولها دون الإساءة لها والتجريح فيها.
 

 
مسلسلات السير الذاتية لها حساباتها الخاصة التى يجب أن يراعى فيها الكاتب الحيادية دون الوقوع فى فخ الانحياز سواء بالإيجاب أو السلب، فليس معنى أن يحب الكاتب شخصية ما أن يمجد فيها ويجمل صورتها ويظهرها على مكانة التقديس وكأنها منزهة عن الأخطاء كالملائكة، أو لأنه يكرهها فيظهر فيها كل العيوب والسلبيات وكأنها شخصية شيطانية ليست آدمية، كما أن الأداء التمثيلى للشخصية يجب أن يراعى فيها أولا نقل روحها للمشاهد لتصل إلى قلبه وتسكن بداخله ويحس بها وهو ما افتقده الكثيرون الذين جسدوا سيرا ذاتية، والتى أدركها الجمهور بوعيه الفطرى فى بعض المسلسلات التى انصرف عن متابعتها لإحساسه بافتقادها للمصداقية مثل مسلسلات «الملك فاروق» بطولة تيم الحسن و«السندريللا» عن حياة «سعاد حسنى» بطولة «منى زكى» و«الملكة نازلى» بطولة «نادية الجندى» و«محمود درويش» بطولة «فراس إبراهيم» و«العندليب» بطولة «شادى شامل» و«إسماعيل يس» بطولة «أشرف عبدالباقى» و«ليلى مراد- قلبى دليلى» بطولة «صفاء سلطان» و«كليوباترا» بطولة «سولاف فواخرجى» و«صباح-الشحرورة» بطولة «رولا سعد»، فمسلسلات السير الذاتية سلاح ذو حدين من يتهاون فيها أو يستسهل فى التعامل معها يكون مصيرها الفشل، أما من يتقنها ويجيد صياغتها ويحرص على التدقيق فى تفاصيلها والبعد عن شبهة الانحياز فيها كتب لها المجد مثل أعمال كثيرة مازالت محفورة فى الذاكرة لم تفارقها رغم مرور سنين على تقديمها منها«الأيام» لـ«أحمد زكى» و«أم كلثوم» لـ«صابرين» و«متولى الشعراوى- إمام الدعاة» لـ«حسن يوسف» و«عمر بن عبد العزيز» و«هارون الرشيد» لـ«نور الشريف» «عبد الله النديم» لـ«عزت العلايلى» و«حسن البنا-الجماعة» لـ«إياد نصار» و«الريان» لـ«خالد صالح» و«أسمهان» لـ«سولاف فواخرجى» و«ناصر» لـ«مجدى كامل» و«قاسم أمين» لـ«كمال أبو رية»، وإن كانت هناك مسلسلات جيدة لكنها تم إقصاؤها عمدا وعرضت فى أوقات ميتة بعيدة عن نسبة المشاهدة المتميزة فلم يشعر بها أحد مثل «هدى شعراوى» بطولة «فردوس عبد الحميد» و«يوسف السباعى - فارس الرومانسية» بطولة «محمد رياض».
 
هذا العام تقدم الدراما المصرية خمسة أعمال من نوعية السير الذاتية هى «تحية كاريوكا» و«بيرم التونسى-أهل الهوى» و«الإمام الغزالى» و«نابليون بونابرت» و«زينب الغزالى».
 
«تحية كاريوكا» هو أول الأعمال التى كانت جاهزة من السير الذاتية نظرا للبدء فى تصويره مبكرا وقد رفضت بطلته «وفاء عامر» الارتباط بأية أعمال أخرى تشتت تفكيرها وتجعلها أقل تركيزا فيه، المسلسل تعرض فى بدايته وبمجرد الإعلان عن بدء تصويره لمشاكل من قبل الورثة وتحديدا من ابنة أختها «رجاء الجداوى» التى كانت معترضة بشدة فى البداية خوفا من أن تتعرض الشخصية للتشويه أو الإساءة إلى مسيرتها الحياتية سواء الفنية أو الشخصية أو السياسية، وهو الجانب الذى لايعرفه كثيرون عنها، إلى أن اطمأنت لسير العمل فى المسلسل بشكل يرضيها ويرضى جميع الورثة فوافقت عليه، المسلسل يسلط الضوء على الدور السياسى الذى لعبته كاريوكا فى حياتها وتحديدا أيام العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 للدرجة التى دفعتها لتعلم استخدام السلاح وأعمال الدفاع المدنى والتمريض، المسلسل الذى يتناول حياة «كاريوكا» من الطفولة حتى وفاتها انتهت بطلته «وفاء عامر» من تصوير آخر مشهد فيه داخل معهد ناصر الذى شهد آخر لحظات حياتها قبل وفاتها بعد رحلة معاناة مع المرض، يشارك فى بطولة المسلسل «عزت أبو عوف» فى دور «سليمان نجيب» و«فادية عبد الغنى» فى دور«منيرة المهدية» و«محمد رمضان» فى دور «أنور السادات»، ومن إخراج «عمر الشيخ».
 
«بيرم التونسى» أو «أهل الهوى» هو المسلسل الذى يلعب فى الوقت بدل الضائع فى محاولة لإحراز هدف اللحاق بالعرض الرمضانى، خاصة أن التصوير بدأ متأخرا بعد حدوث مشاكل إنتاجية سحب على أثرها الكاتب «محفوظ عبد الرحمن» المسلسل من مدينة الإنتاج الإعلامى ليظل فى أدراج مكتبه لأكثر من ثلاثة أشهر إلى أن بادر قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون بعد أن تحمس لإنتاجه بالاتصال بالكاتب لإبلاغه بالمبادرة التى رحب بها «عبد الرحمن».. المسلسل الذى تم فيه ترشيح «فاروق الفيشاوى» للقيام بدور «بيرم التونسى» الكثير من المحيطين بالعملية الإنتاجية أبدوا مخاوفهم بسبب هذا الترشيح لظهور «التونسى» فى المسلسل وعمره «30» سنة وهو ما تبدى عكسه ملامح «الفيشاوى» الذى ظهر عليه الكبر بشكل ملحوظ، إلا أن المخرج «عمر عبد العزيز» صديق «الفيشاوى» والذى رشحه للدور طمأن المحيطين بمن فيهم «عبد الرحمن» بأن «الفيشاوى» هو الأنسب والأقرب للشخصية وهو ما ستؤكده الشاشة والمكياج لهم، يشارك «بيرم التونسى» فى المسلسل شخصية أخرى لاتقل تأثيرا عنه فى تلك الفترة التى مر بها المجتمع وهى شخصية «سيد درويش» التى يلعبها حفيده «إيمان البحر درويش» فى عودة درامية له بعد فترة غياب منذ أن قدم آخر أعماله «الإمام الشافعى» منذ حوالى 5سنوات.. المسلسل يتناول العلاقة بين «بيرم» و«درويش» فى مدينة الإسكندرية التى كانت العاصمة الثقافية آنذاك واللذين حاولا ومن معهما من أمثال «زكريا أحمد» و«عزيز عيد» و«جورج أبيض» و«بديع خيرى» و«فاطمة رشدى» وغيرهم بناء نهضة مصرية وعربية فى تلك الفترة من عام 1917حتى عام .1923
 
«الإمام الغزالى» هو المسلسل الذى ظل فى أدراج مكتب مؤلفه «محمد السيد عيد» 15عاما بحثا عن جهة إنتاجية له بعد أن رفضه الكثير من الجهات التى تنتمى لدول محورية فى المنطقة خوفا من أفكار «الغزالى» المسلسل الذى وافق على إنتاجه مؤخرا قطاع الإنتاج رفضت أيضا قنوات هذه الدول شراءه وعرضه.. المسلسل الذى يقوم ببطولته «محمد رياض» يتناول حياة «الإمام الغزالى» الذى يدعى «أبو حامد الغزالى» والملقب بـ«حجة الإسلام» وهو يعد واحدا من أعظم مفكرى أهل السنة وعاش مابين عامى 450 و505 هجرية وله مؤلفاته العديدة منها «إحياء علوم الدين» و«فصل التفرقة بين الإسلام والزندقة».
 
«نابليون بونابرت» يضم أكثر من 150 ممثلا من كل دول العالم على رأسهم «جريجوار كولين» من فرنسا الذى يقوم بدور «بونابرت» و«ليلى علوى» من مصر والتى لا تتعدى مشاهدها 55مشهدا ويحكى عن الجوانب الاجتماعية والسياسية أثناء الحملة الفرنسية على مصر من عام 1698حتى عام 1801وأهم الأحداث التى مرت على المجتمع المصرى بداية من معركة «شبراخيت» بين «نابليون» و«مراد بك» حتى خروج الفرنسيين من مصر، وهو من إخراج التونسى«شوقى الماجرى». المسلسل يعانى من ضعف معدل التصوير خاصة أن أبطاله من عدة دول فى العالم يصعب تجميعهم فى وقت واحد مما يجعل موقف المسلسل من العرض الرمضانى فى مهب الريح.
 
«أم الصابرين» هو اللقب الذى عرفت به الداعية الإسلامية «زينب الغزالى» والذى منح إلى «رانيا محمود ياسين» مؤقتا على سبيل الإعارة حتى تنتهى من تجسيد قصة حياتها من خلال المسلسل الذى تعرض للكثير من المشاكل والمواقف منذ الإعلان عن بدء تصويره، أولى المشاكل كانت رفض ورثة «زينب الغزالى» منح الجهة الإنتاجية الموافقة إلا بعد الحصول على مقابل مادى وصل إلى 2 مليون جنيه وهددوا باللجوء إلى القضاء للفصل فى الأمر، مما ترتب عليه قيام د.«سيد خطاب» رئيس الرقابة على المصنفات الفنية بإيقاف التصوير لعدم وجود تصريح بالموافقة ولحين حل المشاكل بين الجهة المنتجة والورثة، إلى أن وافقت الأسرة بشرط مراقبة كل تفاصيل العمل لحظة بلحظة حتى يخرج بشكل يليق بمكانتها ودورها الدعوى وبتاريخ أسرتها وطلبوا الاطلاع على السيناريو الذى لم يبدوا عليه أى اعتراض رغم أن المسلسل يتناول قصة حياتها بايجابياتها وسلبياتها، كما وافق الورثة على التصوير فى منزلها.. المسلسل كان قد توقف أيضا بسبب بعض المشاكل الإنتاجية ومطالبة الممثلين والعاملين بمستحقاتهم المتأخرة التى تدخلت فيها نقابة الممثلين لحماية حقوق أعضائها، كما تمت إعادة تفصيل كل ملابس شخصية «الغزالى» بعد أن اعترضت عليها أسرتها لعدم ملاءمتها لداعية بحجمها.. المسلسل يتناول قصة «الغزالى» منذ ولادتها حتى وفاتها عن عمر 88 سنة، مع تسليط الضوء بشكل أكبر على مرحلة العشرينيات من عمرها والتى لعبت فيها دورا كبيرا مع «هدى شعراوى» فى تأسيس «الاتحاد النسائى» ودورها فى جماعة الإخوان المسلمين التى كانت تتولى فيها منصب رئيسة الأخوات.