الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى عهد الزعيم «ناصر» الأجانب أكلوا الشهد

فى عهد الزعيم «ناصر» الأجانب أكلوا الشهد
فى عهد الزعيم «ناصر» الأجانب أكلوا الشهد


وطنيته كانت تدفعه دائماً للانحياز للبسطاء والمحتاجين، وعامة الشعب الذين من أجلهم لم يكن يألو جهداً فى تلبية مطالبهم. هذا هو الزعيم جمال عبدالناصر، ناصر الغلابة الذى لم يكن يفرق بين مصرى وأجنبى، فالكل داخل حدود الوطن سواء، فى عهده كان الأجنبى - أى غير المصرى سواء كان عربياً أو أوروبياً - يحتل فى قائمة اهتماماته نفس القدر من التفكير والرعاية التى يحتلها المواطن المصرى.
فقد شهد الأجنبى فى عهده رعاية كاملة بدءاً من أداء الرسالة التعليمية وتوفير مكان له فى المدارس والجامعات، وخاصة أهل (فلسطين) الذين كانوا يعانون مرارة الاحتلال الصهيونى البغيض فكانت أوامره للمسئولين أن يتعاملوا تماماً نفس معاملة المصريين، وكنا نرى كثيرًا منهم ومن الطلبة الأجانب يدرسون فى كليات الطب والهندسة والحقوق والعلوم والزراعة فى جامعات (فؤاد الأول) التى تغير اسمها إلى جامعة (القاهرة) أو جامعة (فاروق) التى تغير اسمها إلى جامعة (الإسكندرية). السوريون وتحديداً فى الفترة التى أقيمت فيها الوحدة بين مصر وسوريا فى (22 فبراير عام 1958) كان يتاح لهم فتح دفاتر توفير داخل (مصر) التى كان يطلق عليها - أيام الوحدة -  الإقليم المصرى . هكذا كان يكتب على (دفتر التوفير) - (الجمهورية العربية المتحدة - الإقليم المصرى - وزارة الاقتصاد - هيئة صندوق توفير البريد)، هذا بخلاف إيجاد فرص العمل التى كانت متوفرة للجميع بفضل وجود وزارة (القوى العاملة) التى كانت تقوم بمهامها (بجد)، لذلك لم يكن حينها مكان للبطالة بين صفوف المصريين، ولم يكن هناك غضاضة أو موانع من تصعيد الأجانب لوظائف قيادية كمديرين ورؤساء تحرير بعض الصحف، ومن ثم كان الاهتمام بالتأمينات والمعاشات لهم جميعاً كنوع من التأمين عليهم ضد أية تعسفات وظيفية كجزء من عملية الإصلاح الوظيفى التى كانت تشغل بال (عبدالناصر) دائماً، وكان يدون داخل البطاقات البيانات الكاملة لأسرة المؤمن عليه، وبيان الأموال المستحقة فى تأمين الشيخوخة على اعتبار أن إقامتهم فى مصر لم تكن مشروطة وغير محددة المدة مهما طال بهم المقام، ولأن تلك الفترة كانت بداية الثورة الحقيقية فى إعادة بناء كيانات الدولة كدولة مؤسسات فكان يطلق على جهاز التأمينات اسم (مؤسسة التأمينات الاجتماعية)، كذلك كان يحق لكل الأجانب استخراج بطاقات تموين كحق لكل مواطن يعيش على أرض مصر، وكانت تصرف لهم مخصصاتهم كاملة من (الأرز) و(السكر) و(الزيت) و(الشاى) و(الكيروسين). وكانت بطاقاتهم التموينية تتميز فقط عن المصريين بأن يكتب عليها (بطاقة تموين أجنبى) هذا هو الفارق الوحيد، أما التعامل التموينى فالكل سواء. الرعاية الصحية كانت جزءًا أصيلاً من اهتمام (عبدالناصر) بالرعايا الأجانب، فكانت تستخرج لهم البطاقات العلاجية لمتابعة حالتهم الصحية فى مستشفيات مصر ووحدات الإسعاف العلاجية التى كانت منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية، كذلك البطاقات الصفراء الخاصة بالتطعيمات الدورية لأبنائهم، وكانت التطعيمات ضد (الجدرى) و(الحمى الصفراء) و(الكوليرا)، هذه البطاقة كانت تلازمهم فى كل سفرياتهم للتعرف على جدية التطعيم حماية لهم ولأبناء الدول التى يتنقلون إليها. رعاية المشروعات الخيرية للأجانب كانت أيضاً من ضمن أولويات واهتمامات الزعيم (جمال عبدالناصر) من منطلق الدعم المعنوى والتشجيع الذى يعود على تلك المشروعات الخيرية بالنفع من أجل مصلحة الكيانات الخيرية الأجنبية. رعاية (عبدالناصر) للأجانب لم تقف عند الأمور التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية فقط، بل وصلت إلى حد فتح أبواب الاستثمار لهم وإتاحة الفرص بإقامة مشروعات استثمارية وفتح محلات تجارية، وذلك كله بتسهيل تام فى جميع الإجراءات حتى لا تكون المعوقات الإدارية حجر عثرة أمامهم، سواء داخل العاصمة (القاهرة) أو خارجها. أغلب الأجانب كانوا يفضلون إقامة مشاريعهم التجارية فى (الإسكندرية) كنوع من الراحة النفسية كمكان أقرب فى طبيعته للأجواء الأوروبية، فتجد (اليوغسلافى) الذى يفتتح محلاً بباب شرق للساعات و(اليونانى) الذى يفتتح محلاً بالمنشية للخمور و(الفلسطينى) الذى يفتتح محلاً للأقمشة و(السودانى) الذى يفتتح محلاً بالعطارين للعطور و(الألبانى) الذى يفتتح محلاً للبقالة.