الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تأميم حقوق الإنسان

تأميم حقوق الإنسان
تأميم حقوق الإنسان


من الواضح إذن أن الدولة تعانى الشيزوفرينيا الفاقعة.. لأنها وهى تتحدث ليل نهار عن حقوق الإنسان.. فإنها تصادر هذه الحقوق من المنبع.. والدليل أن وفدا رسميا من المجلس القومى لحقوق الإنسان.. ولاحظ أنه مجلس حكومي.. وعندما زار سجن العقرب للتحقيق فى شكاوى النزلاء والتعرف على أحوالهم.. رفضت إدارة السجن الزيارة للمرة المليون.. يعنى فى كل مرة تزور إحدى منظمات حقوق الإنسان سجن العقرب بالذات يكون المنع هو العنوان..!

والحكاية إذن ليست حكاية انتخاب ضابط شرطة لرئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.. فى سابقة ميلودرامية فاقعة.. وإنما المسألة تتعلق بنظرة الدولة لحقوق الإنسان أصلا.!
إن الدفاع عن حقوق الإنسان هو أشرف ظاهرة فى القرن العشرين.. حتى لو حاول البعض استغلالها وتشويهها وركوب موجتها.. لكنها تظل تستحق الاحترام.. والحكومة تتحجج بأن هناك من انحرف وعلى الحكومة ليس مصادرة حقوق الإنسان كلها.. ولكن عليها كشف الحقائق حتى تنجلى الأمور واضحة..
إننى أخشى أن يكون انتخاب ضابط شرطة لرئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.. بمثابة صب الزيت على النيران المشتعلة حولنا.. وأخشى أن يستغلها التيار المتربص بنا فى الخارج لمواصلة الحملات ضد مصر..
بل إننى أخشى تحديدا أن تستفيد إسرائيل شخصيا على اعتبار أنها تصور للعالم أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان فى المنطقة عكس الأصول والمنطق والحقيقة..!
الخيبة أن البعض يشير بالاتهامات للمنظمات الحقوقية والمدنية على اعتبار أنها تتلقى تمويلا من المؤسسات والشركات العالمية الكبرى مع أنه تقليد فى جميع بلدان العالم.. أن تتلقى التمويل والدعم والمساندة.. من مؤسسات وشركات شهيرة كوسيلة للتمويل المؤقت إلى أن تستطيع هذه المنظمات الحقوقية.. فى مجال البيئة وحقوق الإنسان.. الوقوف على قدميها والاعتماد على تبرعات أو اشتراكات الأعضاء.. وفى جميع دول العالم توسعت كثيرا منظمات المجتمع المدنى وبعضها جاد يستحق الاحترام والتعاطف.. هى منظمات تسبح ضد التيار.. هى تكشف وتعرى وتفضح ممارسات الحكام ضد شعوبهم. وبعضها الآخر للأسف الشديد استغل اليافطة للتربح والاستغلال.. ولن يفيد أبدا وقد اختلط العامل بالعاطل التعامل معها بالمنطق الأمني.. والتعامل الصحيح هو المراجعة والحساب.. أقصد أن من حق أجهزة المحاسبة والرقابة المحايدة مراجعة مصادر تمويل هذه المنظمات وأوجه الصرف والإنفاق، لأن أموالها ترتقى لمرتبة الأموال العامة.. والمخطئ حاسبوه والمنحرف يواجه العقاب الرادع بعد التحقيق والتدقيق والمراجعة المتأنية.. لا المراجعة العصبية أو المتربصة..
ويعنى إيه أن الدولة تلاحق الآن فكر وفلسفة حقوق الإنسان وتصادر حقها فى التحرك الحر والرقابى داخل المجتمع.. فى حين أن نفس الدولة أدارت وجهها عن منظمات المجتمع المدنى ذات الصبغة الدينية.. والتى تلقت أموالا فاحشة طوال السنوات الماضية.. مارست فيها التخريب وتقسيم المجتمع إلى تيارات وفصائل متناحرة.
إن الدولة التى تختار ضابطا للشرطة لرئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.. إنما تعلن عن انحيازها السافر ضد فكرة حقوق الإنسان أصلا.. وقد لجأت إلى التأميم بدلا من الحوار والمناقشة..!