الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الحل عند الولد الشقى..!

الحل عند الولد الشقى..!
الحل عند الولد الشقى..!


زمان.. وفى العهد الناصرى.. حدثت أزمة فى الفول المدمس.. اختفى تماما من الأسواق.. ارتفع سعره فى السوق السوداء لأرقام فلكية.. تهددت كثيرا حياة المصريين.. على اعتبار أن الفول هو مصدر الحياة منذ قدماء المصريين وحتى عهدنا الراهن.. واختفاء الفول يعنى ارتفاع فاتورة غذاء الناس فى البيوت..!

وللأمانة اجتهدت الحكومة وحاولت.. قدمت البدائل واجتمع الخبراء وأساتذة الاقتصاد والتسويق فى محاولة لإيجاد مخرج للأزمة الخانقة.. كانت الأزمة تتمثل فى أسلوب توزيع الفول المدمس على المطاعم بعد خروجه من الحقول.. وقتها لم تكن الدولة تستورد غذاءها.. وما عدا كمية محدودة من القمح لم تكن الدولة تعرف استيراد الغذاء من الخارج.. كانت تأكل من عرق جبينها.. وكان الخبراء يجتهدون من أجل زيادة الرقعة الزراعية والصعود بإنتاجية الفدان لحدود قصوي.. أو كان ما يطلق عليه وقتها التوسع الرأسى والتوسع الأفقي.. لكن الفول المدمس فجأة استعصى على الحل والدليل هو اختفاؤه تدريجيا من الأسواق..!
ذات يوم وفى مصطبة الولد الشقى محمود السعدنى فى الجيزة.. وهى المصطبة التى تضم وتجمع جميع ألوان وأطياف الناس.. جلس المعلم سيد مخيمر جار السعدنى وتاجر الحبوب المشهور بالجيزة.. جلس ولخص للسعدنى أصول حل الأزمة.. قال له إن الحكومة غلطت فى كيت وكيت.. والغلطة ليست غلطة التجار كما حاولت الصحافة أن تصور.. والأصول لتجاوز الأزمة أن تفعل الحكومة  كذا وكذا.. وأن تتوقف عن اتهام التجار بافتعال الأزمة.
استأذن السعدنى ضيوفه للغياب لدقائق.. ذهب إلى التليفون وتحدث مع شعراوى جمعة وزير الداخلية العتيد وأمين تنظيم الاتحاد الاشتراكى ورجل الحكومة القوي.. قال له السعدنى لو أردت حل أزمة الفول المدمس فعليك بالاستماع إلى الخبير الاستراتيجى سيد مخيمر.. واستغرب شعراوى جمعة لأنه لم يسمع الاسم من قبل وكان قد جلس مع كل الخبراء ولم يذكر أحدهم اسم سيد مخيمر أبدا..
دعا شعراوى جمعة السعدنى ومعه الخبير الاستراتيجى للذهاب إلى مكتبه.. لكن السعدنى أكد له أن الخبير لن يتحدث فى المكاتب وعلى شعراوى جمعة الحضور فورا قبل انصراف الخبير.
ذهب شعراوى جمعة إلى مصطبة السعدنى محاطا بكل الخبراء الأمنيين.. فانزعج الحاج سيد مخيمر وصمت عن الكلام المباح.. وقد تصور أن السعدنى وشى به عند الداخلية التى حضرت بقيادة الوزير شخصيا للقبض عليه..!
احتاج الأمر لدقائق ليطمئن فيها الحاج سيد مخيمر الذى شرح للوزير جذور الأزمة وأسلوب حلها.. واقتنع شعراوى جمعة بخطة الحاج سيد مخيمر ونفذها على الفور.
المفاجأة أن الخطة نجحت مائة فى المائة وإذا بالفول المدمس يتوافر بالأسواق خلال يومين.. وإذا بالأزمة السياسية المحرجة تتلاشى تماما.. ومن يومها صار الحاج سيد مخيمر مستشارا لدى الدولة فى شئون التموين.. وصار حضوره اجتماع الخبراء أمرا ضروريا لمواجهة المشاكل والأزمات.
الدرس المستفاد أن الحكومة لا يمكن لها حل أزمة السكر والأرز ومواد التموين فى مكاتبها المغلقة.. ولابد لها من البحث عن سيد مخيمر جديد والنزول للأسواق لحل الأزمات على الطبيعة.
نسيت أن أقول إن الحاج سيد مخيمر لم يغفر للسعدنى أبدا.. فكان يؤكد لأصدقائه أن السعدنى وشى به عند الوزير.. لولا أن الحاج سيد أقنع الوزير ببراءته..!