الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يسرى الجندى لـ«روزاليوسف»: نحتاج حكومة حرب

يسرى الجندى لـ«روزاليوسف»: نحتاج حكومة حرب
يسرى الجندى لـ«روزاليوسف»: نحتاج حكومة حرب


مصر فى شدة.. هكذا بدأ الكاتب الكبير يسرى الجندى حديثه لـ«روزاليوسف»، فى حوار أقرب للفضفضة عن أحوال مصر وأوضاعها وأزمتها الاقتصادية التى تعيشها الآن. الجندى يرى أننا نعيش الآن خللاً هيكليًا، وأن العلة فى الحكومة التى لا تصلح لإدارة البلاد فى مرحلة الشدة التى نحن فيها، فنحن (حسب رأيه) نحتاج إلى حكومة قوية، ومسئولين قادرين على اتخاذ القرار بناءً على رؤية سياسية واضحة وخيال يسهم فى بلورة هذه الرؤية. أما المسئولون (من وجهة نظره)، فهم عبارة عن بوسطجية أو سكرتارية لا تملك إلا أن تقول حاضر ونعم!!. قضايا كثيرة تحدث فيها الكاتب الكبير  فاتحًا قلبه ووجدانه ورؤاه السياسية والاجتماعية لنا. وإلى نص الحوار:

>ما تقييمك لأداء الحكومة الحالية؟
- الحكومة الموجودة الآن عاجزة،  ويجب أن ترحل بعد أدائها الهزيل الذى كشف ضعفها والذى لم يدفع بالبلد للأمام، بل عاد به للخلف. نحن فى حاجة إلى ما يسمى بـ(حكومة حرب). تكون قادرة على إحكام السيطرة على الوضع الاقتصادى الحرج الذى نمر به، ليس فقط بضخ أموال تصيبنا بحالة من التضخم ولا بنظام المساعدات والقروض والتبرعات التى أشبه ما تكون بالمسكنات، نحتاج حكومة حرب تطبق القوانين وتصحح الأوضاع، كما تجب إعادة عجلة الإنتاج إلى سيرتها الأولى وإنعاش الأسواق بالناتج المحلى وأن تهتم الحكومة بالرقعة الزراعية، فمصر طوال عمرها هى سلة غلال للعالم. ومن بعد كل هذا يجب اتباع نظام المكاشفة، حيث لا يجوز أن الشعب الذى ثار من أجل أنظمة فاشلة وفاسدة أن يظل يعيش فى حالة من التعتيم الإعلامى، وكأنه يعيش فى جزر منعزلة عن أرض الواقع، أو كأنه أجير وليس صاحب أرض، وهو دور الإعلام الذى لم يعد له دور سوى كونه «جهاز فاكس» يرسل ما يملى عليه دون تشغيل عقله ومن قبله تشغيل ضميره، وهو للأسف ما عدنا إليه كما كان الوضع الإعلامى المزرى قبل خلع مبارك.
> معنى ذلك أنك لست راضياً عن سياسة الإعلام المتبعة؟
- أكره سياسة التطبيل، وأكره الانبطاح بكل صوره ، وأنا أرى أن الإعلام - أو لنكون منصفين هناك البعض الجيد - ولكن الأكثرية ممن تناولهم وصفى، يجيدون الطبل والزمر من أجل المصالح الشخصية. هذه المصالح هى التى أعادتنا إلى الوراء عشرات السنين ما بين جهل وتخلف وفقر، فلو أن كل إنسان يعيش على أرض مصر علم ما له وما عليه سنرتاح جميعاً، خاصة عندما نشعر أنه لا أحد منا فوق القانون  وهو دور الإعلامى الذى يجب أن يكون منصفاً للحقيقة.
> وهل ما زلت ترى أننا نعيش حالة من الفوضى المجتمعية؟
- الفوضى مازالت قائمة طالما أن الدنيا (لسة مبهوأة) بمعنى أنه لا أحد منا يعلم الآن (راسه من رجليه) وكأننا سكارى وما نحن بسكاري! فمثلاً قرض صندوق النقد الدولى البالغ قيمته (12) مليار دولار ما الفائدة منه؟ ألم تضخ لنا أموال أكثر بكثير من هذا القرض الذى أعتبره كارثياً على مصر التى تعتبر على حافة خطر الإفلاس؟! ألم تأتنا المساعدات والتبرعات من الداخل والخارج بمليارات الدولارات؟! ألم يأتنا من مواطنينا من أجل تفريعة قناة السويس الجديدة (64) مليار جنيه؟! خطر القرض ليس فقط فى شروطه المجحفة التى يفرضها الغرب علينا، فلا تتصور أن الغرب تهمه مصلحتنا أو يوافق على منح القروض لنا من أجل سواد عيوننا، الغرب كل ما يهمه فقط هو مصلحته الشخصية وهو ما نغيبه عن ذهننا بمحض إرادتنا، فالغرب يرى فينا لقمة سائغة يجب أن يلتهمها كلها دون أن يترك منها شيئاً سوى العظام، وهو ما يسعى له بكل قوة، ولك أن ترى أوضاعنا وأحوالنا وحالة التخبط التى وضعونا فيها، ووصلنا إليها، نعود إلى كارثية القرض وهو ما سيستفيد منه الغرب أكثر منا، بمعنى أن القرض إلى أن تأتينا الدفعة الأولى بعد الموافقات وخلافه نكون مطالبين بسداد أول دفعة من فوائده والتى تقترب من قيمة الدفعة الأولى نفسها!! فبماذا أفادنا إذاً القرض الذى سنتكبد وتتكبد الأجيال القادمة كارثية فوائده؟!
> قلت إن مصر على حافة خطر الإفلاس.. فهل من الممكن أن نعود إلى أيام نهاية حكم الخديوى (إسماعيل) لنعلن إفلاسنا؟
- نعم نحن على حافة خطر الإفلاس، ولكن من الصعب أن يتكرر مشهد عام 1879م ونضطر لبيع أو رهن مصر، فمصر ما زالت مليئة بالخيرات ولكن ينقصنا آلية تفعيلها واستغلالها،بالضبط مثل شخص معاق ذهنياً لديه مليون جنيه موجودة فى خزينته لا يحسن التصرف فيها أو تشغيلها أو تدويرها، وبالتالى لا يدرى بقيمة ما لديه، هذا المليونير تجده لا يفعل سوى التسول أو طلب المساعدة، دون أن يفكر فى استغلال ما لديه من موارد وإمكانيات، هكذا أشبه حكومتنا الهزيلة العاجزة التى تفقد حتى مجرد الرؤية للخروج من عنق الزجاجة التى ستكلفنا الكثير فى المستقبل الضبابى الذى نجهل ملامحه لكنه ينبئ بكارثة، مصر مليئة بالعقول المستنيرة الفذة والقلوب المخلصة والضمائر الوطنية، ولكن هذه النماذج للأسف مهمشة ولا يظهر فى المشهد سوى العجزة . ومن هنا أطالب القيادة السياسية بالانتباه للأصوات التى تطالب بالتراجع عن هذا القرض الكارثى، وإعادة النظر فيه.
> أليس هذا يعتبر تشكيكًا فى قدرات المسئولين؟
- أى مسئولين وأية قدرات؟! هذه النغمة يجب أن نكف عنها، وهى نغمة التشكيك، ولنبتعد عن نظريات المؤامرة التى أصابت المجتمع كله - للأسف - صغيره وكبيره، مسئولين وغير مسئولين، وكأن المجتمع كله يناصب نفسه العداء، نحن فى اعتراضنا أو انتقادنا لا نشكك بل نستغيث من الأوضاع الكارثية التى لا تجر لنا سوى المشاكل والأزمات التى نحن فى غنى عنها خاصة أن الشعب المصرى كان يأمل أن يذوق طعم الخير بعد معاناته لسنوات طوال أذل وأهين وقمع فيها، إضافة إلى أن الذين يعترضون أو ينتقدون من القامات الكبيرة التى تكره أن ترى مصر بسوء، وتحب أن تراها دائماً كما يجب أن تكون وتستحق، خاصة أن من هؤلاء الكثيرين الذين يحملون بداخلهم جينات الوطنية أكثر من  مسئولين كثيرين!!
> كان البعض يعول على القوة الناعمة من النخبة - إذا كان مازال هناك نخبة - على المشاركة فى تحسين الأوضاع المجتمعية، ولكن للأسف جاءت النتائج عكسية.. فما تعقيبك؟
- أنا أرى أن هناك نخبة ما زالت موجودة وما زالت تلعب دورها، ولكن تقلص عددها نتيجة أشياء كثيرة كالتخلف الفكرى والمجتمعى نتيجة الأميتين «التعليمية والثقافية»، فمن يصدق أن فى الوقت الذى وصلت فيه نسبة الأمية التعليمية فى فلسطين صفراً، ازدادت نسبة الأمية التعليمية فى مصر لتزيد على   %40 والأمية الثقافية التى وصلت إلى مايقرب من %85 وهى أمور كارثية فى دولة حضارية مثل مصر صدرت حضارتها للعالم كله فى عصوره الظلامية. والأميتان التعليمية والثقافية نتيجة نظام تعليمى فاشل وإدارة ثقافية مغيبة، فلم يعد أحد يعتنى بثقافة الطفل من الصغر، وكيف يعتنون بثقافته وهم لا يعتنون أصلاً بلقمته!
كما أن تراجع عدد كبير من النخبة يعود إلى المصالح الشخصية التى غلبت على مصالح الوطن، فحتى عادل إمام الذى كنت أحبه وأقدره من خلال تاريخه الفنى الذى لاينكره أحد أيام تعامله مع قامات مثل وحيد حامد ولينين الرملى وشريف عرفة وغيرهم. الآن للأسف عادل إمام سار مع الموجة الجديدة التى تسير خلف التردى والهزل الفنى، والكل لم يعد يشغل باله سوى بتحصيل أكبر رقم يضاف إلى رصيده المادى بصرف النظر عن الرصيد الفنى أو الأدبى. وهو ما فسح مجالاً للسبكية ليعيثوا فساداً فى سوق الدراما السينمائية وأن يكون شخص مثل محمد رمضان نموذجاً للمواطن المصرى فهذه كارثة، وأن تكون معظم أفلامنا رقصاً وعرياً  وكأن الشعب المصرى كله تحول إلى بلطجة وشوارعنا تحولت إلى كباريهات  هذا كله لن يستقيم إلا إذا استقام المجتمع المصرى كله ونهضت مصر نهوضاً حقيقياً وحوكم كل من يخرج عن النص سواء فى الفن أو فى السياسة أو فى الأخلاقيات التى ساهمت تلك الأفلام فى وصولها لحالة من التردى لا مثيل لها.>