الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بتلف وترجع!

بتلف وترجع!
بتلف وترجع!


ظاهرة الشتم عند المصريين من الظواهر المثيرة للاهتمام، والغالبية يعتبرون الشتيمة إما أنها «بتلف وترجع لصاحبها» أو أنها «ما بتلزقش»، ويفضل البعض ومنهم البنات استخدام الشتائم المحورة، مثل «أحححمد»، «ابن الشششعب»، «عيال خواااجات»، «بنات قراميط»، وعند سماعهم الألفاظ الأصلية تجدهم يترحمون على تدنى الأخلاق.
والبعض الآخر يشتم ويسمع الشتائم بالإنجليزى ويرفضها بالعربى مع أنهما بنفس المعنى، وغالباً لن تجد من يسب الدين غيرنا ومع ذلك نعتبر أنفسنا أكثر شعب متدين فى العالم.
الشتم بين الناس يكاد يكون من مفردات التعامل اليومى، وأى خلاف ولو بسيط يتحول لشتم وسب، وقد يلجأ البعض للشتم كرد فعل، فالشتائم تنتشر بالعدوى فى الشارع، والمواصلات، والتليفزيون، وعلى شبكة الإنترنت، والنتيجة أن كل الطرق تؤدى إلى الشتائم.
لكن الفئة الأكثر استخداماً للشتم هم مشجعو الكرة الذين لا يستمتعون بمشاهدة المباريات إلا بشتم اللاعبين سواء لاعبى فريقهم أو الفريق المنافس.
وهناك من يتفق مع أصدقائه على عدم الشتم بالأم والأب، والشتم بين الأصدقاء يأخذ عادة طابع التهريج، مثلاً واحد يقابل صاحبه بعد فترة من الغياب ويقول له: «فينك يا خـ..»، وصاحبه يحضنه ويقول له: «أنت اللى فينك يا عـ..»، ويستعيدا الذكريات بينهما، ثم يأتى أحدهما بفعل يستفز الآخر فيقول له: «أنت حمار»، وبسبب الشتيمة الأخيرة فقط تحدث القطيعة بينهما.
والملفت للنظر وجود بعض التعبيرات التى تستخدم للإهانة ويستخدم المقابل لها للقسم، مثل تعبير «وحياة أمك» ومقابله «وحياة أبوك»، الأول يستخدم للإهانة «وحياة أمك»، ويستخدم فى التهديد «وحياة أمك هاوريك»، والثانى يستخدم للقسم به للتصديق «وحياة أبوك بجد».
ووصل الشتم للشعر، فالشاعر نجيب سرور بعد اتهامه بالجنون وحجزه فى مستشفى الأمراض العقلية، كتب ديواناً كاملاً مستخدماً فيه أقبح الألفاظ، وبعنوان مشتق من «الأميات»، يروى فيه معاناته فى الفترة من 1971 إلى 1974، وتحولت الأشعار التى كتبها نجيب سرور إلى ملحمة هجائية يحفظها الكثيرون، بالرغم من عدم طبعها.
والشتائم كانت تنحصر فى فترات سابقة على بعض فئات المجتمع، والآن انتشرت بين كل الفئات، وقد يرجع ذلك إلى الإحساس بالقهر والظلم بسبب سيطرة الاستبداد على حياة الناس.
ويبقى أن انتشار الشتائم فى المجتمع هو مؤشر على خلل فى منظومة التربية لدى الأسرة والمدرسة، كما أنه دليل على المستوى المتدنى لأخلاق وثقافة المجتمع صاحب العادات والتقاليد والحضارة والدين.>