الثلاثاء 28 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خدوا «تار» أحمد قبل الصعيد ما يثور

خدوا «تار» أحمد قبل الصعيد ما يثور
خدوا «تار» أحمد قبل الصعيد ما يثور


يوم الإثنين الماضى، شيع الآلاف من أهالى قرية دشلوط وغيرها من القرى المجاورة التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، جثمان الشاب أحمد عاطف فرغلى الذى انتهت رحلة غربته فى الكويت بحادث قتل شنيع لفظ على أثره أنفاسه الأخيرة تحت عجلات سيارة يقودها كويتى، وهو ما جعل الأهالى يحذرون من أخذ ثأر ابنهم إن لم يتم القصاص من القاتل.

النائب المنتخب عن دائرة ديروط محمد عيد عبدالجواد فى الصعيد طالب الدولة بأن يكون لها موقفا واضحا حيال هذه الحادثة من خلال سفيرنا فى الكويت الذى كان يجب أن يتبنى القضية بشكل شخصى وليس من قبيل المجاملات أو المواقف الدبلوماسية.
الدولة المصرية لم تتعامل بحزم حيال مثل هذه الحوادث لكى تثبت للآخرين بالخارج أن «المصريين ليهم ضهر»، فلا يتم الاستهانة بكرامة المصرى أو حياته بالشكل الذى يحدث الآن. مضيفا أنه سيتقدم بمشروع قانون لمجلس الشعب فى دورته الأولى للدفاع عن مصالح المصريين بالخارج.
نقيب المحامين بديروط محمد كمال عباس الجاحر قال إنه سيتم تكوين جبهة دفاع من المحامين للترافع فى القضية أمام القضاء الكويتى بعد الحصول على موافقات وزارة العدل وتفويض من أسرة الشهيد المجنى عليه، وأن ما حدث يمثل جريمة قتل وقعت تحت ظروف مشددة لأنها وقعت من طرف قوى تجاه طرف ضعيف.
ولحين تشكيل هذه اللجنة والموافقة عليها من الجهات الرسمية، فإن أبناء ديروط المقيمين فى الكويت قاموا بتوكيل محامٍ كويتى للترافع فى القضية، إضافة للمحامين المصريين العاملين بالكويت، وطالب السفارة والقنصلية المصرية بالقيام بواجبها الأساسى فى هذه القضية.
محمود محمد دياب، مدير المتابعة بمجلس مدينة ديروط، حذر من ثورة الغضب العارمة بين أهالى المنطقة للجريمة البشعة التى لحقت بحق أحد أبنائهم وإصرار الكويتى دهس الشاب أحمد عدة مرات بالسيارة مما يدل على أنه حادث متعمد، وهو ما لن يتنازل عنه أبناء الصعيد.
والناس كان من الممكن أن تتغاضى لو كان موت أحمد قضاء وقدرًا، وبالتالى لن يتقبل الناس ما يقوله البعض من مراعاة مصلحة الدولة أو أننا لا يجب أن نخسر الكويت أو أنها تمولنا، فلابد من القصاص العلني، وإلا فليس من المستبعد أن يسافر عدد من أهالى القتيل للكويت للبحث عن القاتل وأخذ الثأر منه، خصوصا أنه يتوقع أن يحكم عليه بعدة سنوات ثم يدفع الدية ويخرج.
مصطفى أبوالدهب - موجه تربية وتعليم من أبناء المنطقة - طالب بتشكيل لجنة شعبية مصرية تسافر إلى الكويت للمشاركة فى التحقيقات التى تجريها السلطات الكويتية لضمان حق القتيل أحمد وزملائه. وأنه عندما سقطت طائرة روسية فى الأراضى المصرية حضر إلى مصر وفد روسى رفيع المستوى للمشاركة فى التحقيقات واستجلاء الحقيقة.
وقال أبو الدهب إن القتيل أحمد كان يدافع عن عمله وأكل عيشه بينما تصرف معه الشاب الكويتى بشكل متهور وغير إنساني، وهو ما يتطلب حفظ كرامة المواطن المصرى بعد أن تكررت حوادث الاعتداءات على المصريين فى الكويت والأردن والسعودية. مضيفا أن الرئيس السيسى مثلما رفع رأس مصر فى الخارج فيجب أن تحصل حكوماتنا على حقوق المصريين والبسطاء الذين يتغربون من أجل لقمة العيش.
 وهناك مطلب عام بين جميع أبناء القرى بأن يتم القصاص للشابين القتيلين، وأن تساعد الحكومة المعتدى عليهم لأخذ حقهم ممن اعتدوا عليهم، ومعاقبة من يتجاوز من «الخلايجة» فى حق المصريين، وتكليف جهة تحقيق مصرية بجانب جهة التحقيق الكويتية لتحرى الحقائق، حتى لا يضيع حق أحمد عاطف. بعضهم قال إنه لن يقف مكتوف الأيدي، وعلق آخرون بالقول إن المظلوم داخل بلده مظلوم من طوب الأرض خارجها.
«أحمد شاب مصرى زى الورد عمره 25 سنة شغال فى محل إلكترونيات - حسب زملاء له من الجالية المصرية فى الكويت - جاله شباب كويتى عاوزين يشتروا منه بلاى ستيشن ومصرين ياخدوه بسعر أقل من سعر بيعه.. أحمد رفض يبيع بالسعر ده شتموه بأقذر الشتايم وقلوا أدبهم عليه وأهانوه.. أحمد قالهم: اطلعوا برة.. قالوا له لو راجل ما تقفلش المحل، راحوا جابوا شلة صحابهم ودخلوا عليه المحل كسروا الدنيا وأصابوه بجروح هو واللى معاه وكان واحد منهم مستنيهم برة بسيارة نص نقل كبيرة عشان ياخدهم ويهربوا بعد ما يأذوه».
وتم نقل جثمان أحمد إلى المشرحة وحصل على تصريح الدفن.. ثم نقله أولاد عمامه وطلعوا على مقابر الصليبخات عشان يتغسل ويتكفن ويتحط فى صندوق ويرجع بلده شاب 25 سنة متكفن فى صندوق.
أما المسئولون فى السفارة المصرية فى الكويت فقد استخرجوا تصريح الدفن ونقل الجثة على نفقة الدولة إلى مصر..  بعدها تم نقل جثمان الشهيد أحمد عاطف إلى مسقط رأسه قرية دشلوط.
وقال خالد محمد، أحد المصابين: «السفير خايف ينزل من مكتبه علشان ميوسخش جزمته»، متسائلا: «إيه الجريمة التى ارتكبتها أنا وصديقى أحمد اللى مات من الحادث عشان يحصل لنا اللى حصل؟، ذنبه إيه يموت بهذا الشكل؟.. شاب عنده 25 سنة.. إيه الجريمة اللى ارتكبها كى يعاقب بهذا الشكل.. احنا بنى آدمين مش كلاب».
وتابع خالد أنه كان بجانب أحمد القتيل لحظة دهس الكويتى له، قائلا: «كنت مرمى جنب أحمد، ونفس العربية اللى دهسته دهستنى».
طرد المصريين
الأحداث تختلف عما جاء فى بيان الداخلية الكويتية، فلم يكن المصريون هم المعتدون بدليل أن المسحول والمقتول والمدهوس هو المصري، وإذا كان المصريون هم المتعدون، فلماذا لم يصب حتى إصبع كويتى واحد من المشتبكين.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الداخلية الكويتية قررت إبعاد كل من شارك من المصريين بشكل مباشر أو غير مباشر على المشاجرة وتفتيش منازلهم، التى ذهب ضحيتها فرغلى وزميل له فى اليوم التالي. بينما لم تتخذ إجراءات واضحة للقبض على الجناة، تماماً مثلما خلا كلام وزيرة الهجرة المصرية من أى إشارة إلى إجراءات عملية لحماية حقوق العامل المصرى القتيل، وزملائه ممن أصيبوا تحت عجلات سيارة المواطن الكويتي.
فهل تكفى الكلمات الحماسية والبوستات على الفيس أو التغريدات على تويتر، لمواجهة حوداث الاعتداء الدامية على المصريين التى تقع على أيدى خليجيين بين الحين والآخر؟
أم أن الأمر يحتاج لحلول أخرى ناجعة، واتخاذ مواقف صارمة تحول دون تعرض المصريين الذين تغربوا بحثا عن حياة كريمة للاعتداءات؟ خصوصاً أن ثمة حساسية لدى المصريين بصفة عامة من أسلوب تعامل الحكومة مع مثل هذه الأحداث.
هذه الحساسية ترتبط بأسلوب تعامل بعض الخلايجة عموماً، وبعض الكوايتة خصوصاً مع المصريين العاملين فى بلادهم. وإحساس المصريين بأن الخلايجة وأحياناً الحكومات داخل دول الخليج تتعامل مع المصريين العاملين هناك بقدر كبير من التعالي، فى مقابل الاستخفاف من جانب الحكومات المصرية فى حماية حقوقهم.
وهل يتعين علينا الاستجابة لنصيحة السفير المصرى فى الكويت ياسر عاطف الذى ساوى بين المعتدى والمعتدى عليه عندما طالب الكويتيين وأبناء الجالية المصرية بضبط النفس، تجاه أى مشكلة قد تحدث مع أحدهم، وعدم أخذ الحق باليد؟
السفير بدلا من أن يكلف نفسه بزيارة المصريين المعتدى عليهم بالمستشفي، ذهب فى اليوم التالى للحادثة إلى حفل أقامته السفارة المصرية بالجزائر، ووصف الحوادث المتتالية التى تقع مع وافدين مصريين ومقتل أحدهم فى حادث مأساوي، بـ«أن هذه الحوادث ناتجة عن نوبة غضب، ولابد من اللجوء إلى القانون».
من جانبه، يطالب المستشار القانونى محمد عبدالغنى علي، بأن تعتذر السلطات الكويتية عما بدر من الكويتيين الذين قتلوا المصريين بدم بارد، وأن تتخذ السلطات المصرية موقفا حاسما بحيث تكون عبرة للمستقبل، مع إقالة السفير المصرى بالكويت لتقاعسه عن اتخاذ موقف جاد وكذلك وزير الخارجية.
ويطالب عبدالغنى نواب ديروط بالتقدم بسؤال لوزارة الخارجية فى الدورة البرلمانية الجديدة، ومتابعة هذه القضية واتخاذ اللازم تجاه الحكومة الكويتية ومرتكبى الجريمة.