لا يفل «الحديد والصلب» إلا الفساد

هاجر عثمان
ادعم صناعة بلدك الجيدة، شعار لا يمكن أن تراه إلا فى الخطب الرنانة أو الدعاية، إذا كان الاستيراد لبضاعة أفضل وأقل سعرا فذاك يغتفر أما لو كان العكس فما العمل؟! شركة الحديد والصلب المصرية استوردت شحنة فحم فى 22 يوليو 2015 من الصين بسعر2000 جنيه للطن رغم أن الشركة القابضة ألزمت شركة الكوك «المصرية» أن تبيع الفحم لشركة الحديد والصلب بسعر 1600 جنيه للطن والآراء داخل شركة الحديد والصلب تؤكد أن الفحم المصرى أجود.
«روزاليوسف» حصلت علي وثائق ومستندات رسمية من قلب ميناء الإسكندرية، تفيد باستيراد شركة الحديد والصلب لشحنة فحم بتاريخ 22 يوليو 2015 وسعر الطن 221 دولارا، أى 1768 جنيها مصريا، بالإضافة إلى رسوم خدمات الشحن والنقل ليصبح سعر طن الفحم حتى يصل إلى باب شركة الحديد والصلب بقيمة 2000 جنيه، بالرغم من أن الشركة القابضة ألزمت سعر 1600 جنيه على شركة الكوك فى بيعها الفحم للحديد والصلب ؟!
وعلمت روزاليوسف من أحد القيادات العمالية أن الفحم المستورد غير مطابق للمواصفات وهو ما تسبب من قبل فى تعطيل أفران الحديد والصلب وخرابها، عكس فحم شركة الكوك، ورغم أن الأخيرة تسلم أطنان الفحم رغم السعر بـ 1600 جنيه إلى باب شركة الحديد والصلب دون أى خدمات إضافية أو رسوم للنقل ومجهود العمال فى توصيله للشركة.
بكل تأكيد نتساءل هنا عن هذا الإهدار للمال العام والفساد الواضح، وعن توجه الدولة الحقيقى الذى تتبناه.
من الواضح أن زكى بسيونى والشركة القابضة للصناعات المعدنية يصدرون العملة الصعبة للصين ويدفعون ثمنا إضافيا أكثر ارتفاعا لاستيراد فحم الكوك لصالح شركة الحديد والصلب، ويحرمون صناعة وطنية هى مصنع الكوك من نفس الثمن رغم أن الاقتصاد المصرى الوطنى يقوم بتلاحم كلا الصناعتين والمصنعين معا.
فلا يعقل أن تضيع دولة أموالها وتستورد طن الفحم بـ2000 جنيه تقريبا من الصين رغم توافره محليا بسعر أقل وهو 1600 جنيه من شركة الكوك.
وعلى جانب آخر شركة النصر للكوك التى تعانى من الإهمال وفى الوقت الذى (بح) صوت العمال للحصول على مستحقاتهم الأساسية به، يتلاعب المسئولون بها بأموال الشركة بل يعتبر ما حدث فى العقد الألمانى بتاريخ يونيو 2014 الذى وقعته الشركة مع وفد ألمانى من خبراء للصيانة لإصلاح البطارية الرابعة وزيادة كفاءة أفرانها والتى من المفترض أن تعمل بها 65 فرنا، إلا أن مسئولى شركة الكوك أهدروا حوالى 8 ملايين جنيه لعدم ترجمة الشرط الجزائى المكتوب بالعقد والذى اشترطت فيه الشركة الألمانية على شركة الكوك أنها لن تقوم بأعمال الصيانة للبطارية فى حال وجود مواد كيميائية ضارة بصحة الإنسان.
وبالفعل جاء الألمان ليقوموا بمهمة الصيانة إلا أن حوائط البطارية الرابعة احتوت على مادة (الأسبتسوس) وهى مغطاة بها، وهذه المادة تصيب بالسرطان، وعندما وجد الألمان ذلك الأمر رفضوا العمل ورغم استمرار المفاوضات معهم لمدة أسبوع إلا أنهم غادروا ودفعت الشركة الشرط الجزائى 450 ألف يورو ما يعادل 4 ملايين جنيه مصرى، وكان هناك شرط جزائى بالعقد يقتضى دفعه من أحد الطرفين حال إخلال أحد الأطراف بأحد بنود العقد المتفق عليه.
وعلمت روزاليوسف من مصادرها داخل شركة الكوك، أن الألمان لم يغادروا مع الشرط الجزائى فقط والذى يقدر بـ 4 ملايين جنيه، بل الألمان قبل مجيئهم، تكبدت الشركة تنفيذ التجهيزات اللوجيستية التى توفر لهم إقامة مناسبة وبيئة عمل سليمة، وكان من بينها تأجير شقق فاخرة بحى المعادى، وبناء كرفانات بالشركة ومكاتب مجهزة ومكيفة لعمل الوفد الألمانى بها، فضلا عن انتقالات السفر، وبلغت تكلفة هذه التجهيزات اللوجيستية 4 ملايين جنيه أخرى.
جدير بالذكر أن هذا العقد الذى حصلت عليه روزاليوسف والذى يشهد توقيع كل من محمد موسى طنطاوى وكان وقتها رئيس مجلس إدارة شركة الكوك، وشحاتة مخيمر وكان وقتها رئيس قطاعات الكوك بالشركة، ومستشار قطاع الكوك المهندس على أبوالعينين، ورغم انسحاب الوفد الألمانى وسفره وتغريم الشركة أموالا طائلة فى واقعة تشكل إهداراً للمال العام، لعدم حرص المسئولين بالشركة على إحضار مترجمين لديهم قدرة عالية وكفاءة فى تفنيد عقد الاتفاق والتعرف على بنوده بدقة واكتشاف الشروط الجزائية بالعقد.
إلا أننا اكتشفنا انحرافا آخر يتعلق بعقد الشركة الألمانية وظهر فى التقرير السنوى لمجلس الإدارة عن نشاط الشركة ونتائج الأعمال للسنة المالية المنتهية فى 30/6/2014 وهى تلك التى تقدم للجهاز المركزى للمحاسبات، حيث ذكر فى هذا التقرير الذى يستعرض إنجازات مجلس الإدارة !! وضع أسفلها خطوطا كثيرة، أنه بدأ تشغيل البطارية الرابعة فى 1-4-1993 بطاقة تصميمية 560 ألف طن وعدد أفرانها (65) فرنا، وتعمل حاليا بطاقة إنتاجية 35% من الطاقة التصميمية للأفران بعدد 23 فرنا ومن المتوقع زيادة هذا العدد إلى (65) فرنا بعد إصلاح عدد 42 فرنا بمعرفة شركة (أودا الألمانية) ودخولها الإنتاج فى شهر سبتمبر 2015.
وهنا السؤال: متى قامت الشركة الألمانية بإصلاح الأفران والبطارية وهى فى الأصل رفضت العمل وعاد فريقها خوفا على صحتهم وتكبدت شركة الكوك لسوء إدارة المسئولين بها حوالى 8 ملايين جنيه شرطاً جزائياً وتجهيزات لوجيستية؟!!
هناك وثيقة أخرى تكشف أن رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الكوك المهندس محمد موسى طنطاوى عين نفسه وكتب إقراراً بهذا وذلك التعيين يكفل له جميع الحقوق المالية والإدارية، وذلك بعد انتهاء فترة توليه لمجلس الإدارة وذلك فى منصب مستشار (فى مجال الشئون الفنية والهندسية) وهو القرار رقم (135) لسنة 2015 صادر بتاريخ 29/3/2015.
والذى جاء فيه :
مادة (1) تعيين السيد المهندس محمد موسى طنطاوى فى وظيفة مستشار (أ) فى مجال الشئون الفنية والهندسية والمشروعات بالدرجة العالية الممتازة بشركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية اعتبارا من 1/4/2015 ويتبع رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب مع تقاضيه أعلى دخل بالدرجة الممتازة حاليا وهى درجة رئيس قطاعات إنتاج الكيماويات بالشركة.
مادة (2) منح سيادته البدلات القانونية المستحقة لتلك الوظيفة.
مادة (3) على قطاع الشئون الإدارية تنفيذ هذا القرار.
إمضاء رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب : المهندس محمد موسى الطنطاوى، بتاريخ 29/3/2015
الشركة ترفض توفير بيئة عمل صحية تشمل الأمن الصناعى، الذى يغيب تماما عن الشركة، والذى ترتب عليه أن يعانى 60% من العمال بالكوك من أمراض مزمنة وتنتشر السرطانات والفشل الكلوى وأمراض الصدر، وأن ترفض الشركة تعيين العمالة اليومية وتفقدها حقوقها، وهو نفس الفساد الذى يجعل الشركة تعلم أن هناك عجزاً بالعاملين بها وأن نحو 75% من العمال التابعين للشركة فوق 55 سنة أى سنوات قليلة والخبرات ترحل بدون تدريب كوادر شبابية جديدة على جميع القطاعات والأقسام وهو ما يعنى مزيدا من خراب وتدمير الشركة وانهيارها.