فنانون وأدباء ومفكرون: كل النجوم مروا من هنا

هاجر عثمان
تمرد وثورة وحرية، روزاليوسف هذه المؤسسة التى أسست ثقافة الاختلاف ساهمت بدور كبير فى تشكيل الحركة الثقافية والوعى المصرى، وكانت وما زالت قبلة الإبداع وذاكرة هذا الوطن الكبير ومازالت.. كيف يراها المبدعون؟!
وحيد حامد: «ضد طيور الظلام»
قبل اشتغالى بالكتابة بشكل عام هى بمثابة الكيان الذى ساهم فى نشأتى ثقافيا، وكان لها تأثير كبير فى تكوينى السياسى والأدبى والفني، فمنذ البداية وأشهد لسنوات سابقة قبل تعرفى على المجلة والكتابة بها كانت تلعب دورًا نضاليًا فى الحياة السياسية المصرية.
إن الظروف شاءت أن أشتغل بمهنة الكتابة وأكون أحد كتاب المجلة العريقة، وكنت أكتب فى الصفحة الأخيرة باستمرار، وكان لهذه الفترة تأثير كبير فى المجتمع المصرى سياسياً واجتماعياً وإنسانياً، وأنا شخصيا استفدت من الكتابة بها كما أنها لعبت دورا فى تعريف الجمهور بى ككاتب مقال سياسي، بعد أن كانوا يظنوننى كاتب سيناريو فقط.
عندما أسترجع مشوار حياتى أدين بالفضل لمؤسستين الأولى الإذاعة المصرية التى تخرجت منها ككاتب درامي، الثانية مجلة روزاليوسف التى قدمتنى ككاتب سياسى وصاحب رأى للجمهور، معربا عن أنه يذكر بالخير عادل حمودة الذى كان له دور كبير فى دعمه خلال هذه الفترة بالمجلة.
روزاليوسف مدرسة تخرج فيها نجوم الإعلام الذين يسيطرون على الخريطة الإعلامية الآن، وكانوا بمثابة أصدقاء له فى المجلة رغم صغر سنهم آنذاك، ولكن الجميع كان يعزف لحنا واحدا، متذكرا إبراهيم عيسي، عمرو خفاجي، وائل الإبراشي، محمد هاني، ومحمود سعد.
روزاليوسف خاضت وخضت معها معارك كثيرة عبر صفحاتها وكانت أبرزها محاربته للداعية السلفى «عمر عبدالكافي» وكشفه أنه لا يحمل لشهادة دكتوراه، ولا شهادة أزهرية، وأنه أفاق وكاذب، وكانت حملة قوية آنذاك أثرت فى الرأى العام، وهى كانت إحدى معارك المجلة فى محاربة التيارات الظلامية المتطرفة منذ السبعينات
وأذكر أن أحد الأسباب التى دفعتنى للكتابة بالمجلة هو اغتيال فرج فودة، وكان عليه أن يكتب مقالا سياسيا وكان الأول وقد رحبت به المجلة جيداً، مدرسة روزاليوسف كانت سببًا مباشرًا فى تشكيل وعيى ككاتب يتمسك برأية وينحاز للحق دائماً ويكون صامداً ومؤثراً فى مواقفه، أدين بالفضل لها بعدما ساهمت فى تشكيل حياتى المهنية حتى الآن.
شاكر عبدالحميد: إبداع أكاديمى
مؤسسة ثقافية قدمت أهم كتاب ومفكرين ورسامين وتشكيليين عبر سنواتها الـ90 تمثل علامة مهمة فى تاريخ مصر والحركة الوطنية والثقافية،، فهى التى قدمت صلاح جاهين ويوسف إدريس وصلاح حافظ والشاعر عبدالمعطى حجازي، وهى لا تعتبر مؤسسة إعلامية وصحفية فقط بل أكاديمية للفن والثقافة والإبداع، ولا يمكن مقارنتها بالمستوى الذى انحضر إليه الإعلام المصرى الآن، فالمقارنة تكون ظالمة.
محفوظ عبدالرحمن: «أول مجلة»
كانت أول مجلة اشتريتها وأقرأها فى حياتى وهذا منذ سنوات عديدة منذ أن كنت تلميذًا فى المدرسة، وكنت أراسل عبر بريد القراء للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، والذى كان يمثل لتكوينى أستاذا ومعلما كبيراً، وعندما جئت إلى القاهرة كانت أول مكان أقوم بزيارته، لألتقى بالعمالقة الكبار، وأصبحت منذ ذلك الوقت الملاذ الذى لا يمر يومان بدون زيارته.
علاقتى بالمجلة أكدت صداقتى مع الراحل حسن فؤاد الذى جمعتنى به علاقة طويلة المدي، والشاعر صلاح جاهين وكانا يترجلان سوياً إلى الهرم فكان يرغب فى إنقاص وزنه ويتركه حيث محل سكنه بالدقي.
رائدة وقائدة لحركة تنويرية وتثقيفية كبيرة، وامتلك أعدادًا قديمة منذ صدورها فكانت تتميز بالجسارة والشجاعة عن غيرها من الصحف والمجلات وساهمت فى تأصيل الحس الثورى لدى جيل كبير، وكانت الملهمة الكبيرة لأفكاره وثقافته.
مجدى أحمد على: «صوت اليسار»
تربى جيلنا كله على مجلة روزاليوسف، كانت أهم مجلة أقوم بقراءتها، كان توزيعها فى عصور ذهبية كثيرة أكبر من الأهرام ليصل إلى 700 آلف نسخة، وأحياناً كثيرة كنت أبحث عنها بعد نزولها ولا أجدها فى الأسواق، فهناك قامات صحفية كبيرة أمثال صلاح حافظ، وأحمد حمروش، وعبدالرحمن الشرقاوي.
روزاليوسف كانت صوت اليسار المصري، وصاحبة تجربة صحفية متميزة أثارت غيرة السادات حتى قام بإجهاض حسها الثورى المعارض، لرغبته فى ضرب اليسار وتصعيد اليمين المتطرف الذى قاد الدولة إلى «داهية» منذ عهده حتى الآن، وهو الذى تسبب فى إخراج هذا المارد «الإخوان والجماعات الإسلامية» من القمقم والذى لم يرجع حتى الآن.
المجلة خاضت معارك قوية وجريئة ضد التيارات الإسلامية المتطرفة، ومايكتبه فؤاد حداد «على الحضرة الذكية» بمساعدة رسام الكاريكاتير حجى، فضلاً عن مساحة الحرية ونقاش جميع القضايا بدون أى خطوط حمراء، وقد كنت أنتظر ما يكتبه سعيد العشماوى وسيد القمني، وآخرون، كانوا يمثلون أصوات الحرية، التى تناقض كل ماهو مسكوت عنه.
أحمد عبدالمعطى حجازى: يا لها من أيام
التحقت بمدرسة روزاليوسف قبل أن تصبح مؤسسة عام 1956 ولكن كانت دار نشر خاصة مثل الأهرام والهلال، وتركتها قبل 10 سنوات وكانت دارا شابة ومتفردة وإلى الآن تتمتع بهذا التفرد لأن الأجيال الجديدة التى تتوالى عليها وتتحمل مسئولية الكتابة لها تكون لديها القدرة على المحافظة على تقاليدها.
الدور الذى تؤديه ليس فقط للصحافة والسياسة ولكن فى كل مجالات الحياة، وأستطيع القول إن آخر مقال لى كان عن التطرف الدينى من أصحاب الديانات السماوية الثلاثة اليهود والمسيحيين والمسلمين، وهذه المجموعة من المقالات التى نشرتها فى رمضان قبل عشرة أعوام، بدعوة من محمد عبدالمنعم، اتخذها أحد المتاجرين بالدين- لن أذكر اسمه لاحتقارى له- سببا ليرفع على المؤسسة وعلى شخصى قضية، وهذه طبيعته فهو شخص تاجر متطرف متكسب بتطرفه، وكان يتكسب من هذه القضايا.
هذا الشخص كان واحدًا من هؤلاء الذين انتهى أمرهم ووصلوا إلى السلطة وأصبح منهم رئيس جمهورية، وحكومة وبرلمان ودستور مزيف، والآن هم فى السجون، وحكمت المحكمة بتغريمى 20 ألف جنيه، وفوجئت بمن يهاجم بيتى ويريد الحجز على أثاث المنزل لأننى لا أمتلك هذا المبلغ، وحتى ولو امتلكته لن أدفعه لهذا المتطرف، حتى أننى وقتها أتذكر حجزهم على التليفزيون وأثاث المنزل وكانت معركة كبيرة آنذاك وتحدثت عنها الصحافة العربية كافة.
مجلة روزاليوسف مؤسسة فريدة بذاتها لأن طبيعة ما تصدره يتطلب دائمًا مواهب خاصة ليست متوافرة فى كل صحفي، فهى تعتمد على الكاتب والرسام، لذا كان معظم العاملين بالمجلة كتاب وشعراء وروائيين ورسامين، منهم آدم حنين أشهر نحات فى مصر الآن، بهجت عثمان، جمال كامل، حسن فؤاد، عبدالغنى أبوالعينين، ومن نجوم الكاريكاتير عبدالسميع والليثى وصلاح جاهين، زكي، حجازي، جورج البهجوري، ومن الشعراء كامل الشناوي، صلاح عبدالصبور، محمود أمين العالم وكان ناقدًا فنيًا كبيرًا، والصحفى الكبير كامل زهيرى وأنا وآخرين.
على الجانب السياسى والثورى كانت فى طليعة المؤسسات الداعية للتجديد والتغيير والثورة والانتقال إلى العصور الحديثة فى مبادئها وأفكارها، ومن هنا كان إحسان عبدالقدوس فى طليعة الذين حاسبوا نظام الملكية بسلسلة مقالات عن الأسلحة الفاسدة، وكانت كتابته مقدمة لما حدث فى ثورة يوليو 1952 ومثلما فتح الباب لتغيير النظام، تصدى لنظام ثورة يوليو وكتب «العصابة التى تحكم مصر».
جابر عصفور: إقـــــرار
أدين لروزاليوسف بتأسيس تكوينى الفكرى والثقافى ولا أنسى دورها على المستوى الوطنى فى المحيط السياسى والاجتماعى منذ تأسيسها وكل هذه المقومات والدلالات تؤكد أن فاطمة اليوسف سيدة عظيمة ومؤثرة.
عزت العلايلي: فى أول زيارة
لعبت دورًا سياسيًا وفنيًا واجتماعيًا، وحملت كثيرًا من معانى الحياة الثقافية ودورا نضالياً وطنياً كبيراً فى الخمسينيات والستينيات حيث الصوت المعارض الثوري، وكانت مرجعًا دائمًا للسياسيين والثوريين وطلبة الجامعة، وكانت هدفًا بالنسبة لنا.
أول مره زرت المجلة كانت فى الخمسينيات وكونت بعدها صداقات كبيرة مع حجازى وجمال حمدي، حسن فؤاد، محمد تبارك، صلاح جاهين، لويس جريس، وظلت منذ هذا الوقت العقل الراجع
المعبر عن نبض الشارع المصرى والعربي، والمرجع الفنى والأدبى والسياسى لمراحل تاريخية مهمة من عمر مصر والوطن العربي، وذاكرة نابضة بالحماس والثورة.