الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأنوثة من «وسط» مارلين مونرو إلى «......» كيم كاردشيان

الأنوثة من «وسط» مارلين مونرو إلى «......» كيم كاردشيان
الأنوثة من «وسط» مارلين مونرو إلى «......» كيم كاردشيان


كيف تغيرت مواصفات ومقاييس القوام المثالى فى المائة عام الماضية؟
من خصر ضيق فى العشرينيات، إلى  قوام مسطح  فى الثلاثينيات ومنحنيات بسيطة ثم قوام صحى قوى وخصر بمقاييس عادية فى الأربعينيات   ثم تعاريج وأقواس الخمسينيات مرورا بجنون الهيبز فى السبعينيات وانتهاء بالمؤخرات العريضة بسخاء  والتى كانت دائما من الديفوهات الجسمانية التى تثير خجل بنات حواء خاصة فى بلدان الشرق الأوسط. الموضة إذن.. موضة جسد.. والملابس تصنع حسب المواصفات التى يبتكرها صناع الموضة كل حسب هواه.. أو ما يهوى من النساء!
تدفع نساء العالم ثمن ذوق مصمم أزياء هوى امرأة بمواصفات جسمانية محددة يتعذبن باسم الموضة كى يصرن مثلها فإذا كانت شديدة النحافة فإلى الحرمان والريجيم القاسى! أو بأرداف أو صدر سخى فيلجأن إلى الأطعمة الدسمة والوصفات!! وإذا كانت معتدلة القوام فيصبن بالاكتئاب والحيرة!!
عاشت النساء أغلب القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين   محشورات داخل الكورسيهات لتظهر أردافهن كبيرة يرتدين مشدات الصدر ليبدو عريضا بسخاء ومجبورات عليه يبدين فى الصور متألمات منمقات الشعر بدون ماكياج  من أجل إرضاء أهواء مصممى الموضة وميولهم الجنسية فى حين كانت تحلم كل امرأة بثوب بسيط حريرى ناعم واسع بوسط ساقط.
ومع اندلاع الحرب فى عام 1914 أدى الحرمان وأزمات الأقمشة والملابس إلى تغيير فى المقاييس وارتدت النساء السراويل والتنانير الطويلة المشبوكة فى كورسيهات خفيفة وعلى الرءوس قبعات عريضة تخفى الوجه!
وفى يوم الهدنة 11 نوفمبر 1918 صارت الموضة هى الجيبات القصيرة والبنطلونات الضيقة وقصات الشعر القصيرة والروج الأحمر كإعلان عن التحرر والتخلص من الحرب وهى قطع الملابس التى ابتكرتها كوكو شانيل ومثلت عالما جديدا شجاعا وخطا تاريخيا فى طريق حرية النساء.
 فى العشرينيات من القرن الماضى حصلت النساء على حق التصويت وبعض الحرية فتحررن من أزياء عرائس المولد ذات الطبقات  وظهرن مسطحات الصدر والأرداف وشكلهن يميل إلى الصبيانية أكثر من المواصفات الأنثوية.. وتعكس مواصفات الجسد والأزياء المرأة الجديدة التى تتمتع بحريات جديدة وواثقة من نفسها ولا تهتم بإثارة الرجال مكتفية بذاتها ،وتصدرت هذه الأزياء القصيرة المتحررة المشهد فى العشرينيات من القرن الماضى، بنطلونات وفساتين بخصر منخفض وواسعة، وصارت الموضة هى الصدور الصغيرة والجسد مسطحا بلا منحنيات ومن مواصفات الجمال أن تكون الرقبة طويلة ونحيفة كذلك الساقين طويلتين ونحيفتين.
لكن هذه الموضة وإن كانت مريحة للنساء إلا أنها لم تعجب الرجال ولم تستمر طويلا فمع بداية فترة الكساد الكبير عام 1929 عادت موضة الخصر النحيف والمنحنيات حيث بدت مقاييس الجمال الأنثوى أن تشبه المرأة بشكل الساعة الرملية وظهرت موضة فتحة الصدر على شكل V  وظهرت الفساتين الضيقة بلا أكمام وقصة الشعر الجارسون بالشعر المجعد إضافة إلى ألوان الروج غير اللامعة.
وجاء التغيير مرة أخرى مع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 مع الحرمان والأزمات الاقتصادية تغيرت مقاييس جسد المرأة وبالتالى  شكل الأزياء أيضا.
 قوية بأكتاف عريضة
 فى الأربعينيات من القرن الماضى صار الميل الأكبر هو الإقلال من تناول الطعام الذى صار شحيحا وغاليا وصارت غالبية النساء تعانين من الأنيميا والنحافة الزائدة، لذلك صار مقياس الجمال المرأة القوية متوردة الوجه ذات الأكتاف العريضة والخصر غير النحيف ورفع الشعر مثل ذيل الحصان والماكياج كان خفيفا، وصار النظام الغذائى الذى يساعد على الطعام واكتساب  الوزن  هو أحدث صيحة لموضة النساء وصار شعار عارضات الأزياء «أن الرجال لن ينظروا إلى إذا كنت نحيفة مليئة بالعظام»!
ويعود هذا جزئيا للدور الكبير الذى كانت تلعبه النساء كقوة عاملة خلال وبعد الحرب العالمية الثانية،لذلك كان من المفضل أن تكون المرأة بصحة جيدة كى تعمل بكفاءة لذلك كان من المفضل أن تبدو قوية بأكتاف عريضة مثل الرجال وخصر عادى كانت الملابس تشبه الصندوق والبراميل والسيقان ممتلئة وقوية فنرى ممثلة مثل «بيتى جريبل»، معروفة بلقب «الفتاة ذات السيقان بمليون دولار»!!
وصارت الكورسيهات المحشية ومشدات الصدر المنجدة الكبيرة الحجم هى حيلة النساء لمسايرة الموضة الجديدة.
 أنــوثــة
وانتهى عصر الحروب وفى الخمسينيات عادت النساء إلى بيوتهن مرة أخرى ومجدت الموضة الأنوثة الرقيقة بتعاريجها الأنثوية والخصر النحيل والمقاييس المثالية من خلال تصميمات كريستيان ديور الذى وجد ضالته فى أجساد أليزابيث تايلور ومارلين مونرو وصوفيا لورين وصارت المقاييس التى حاولن النساء تقليدها فى غاية الصعوبة الخصر 23 بوصة والأرداف 35 بوصة فى حين مقاس الصدر D36.
كانت تصاميم ديور بخصور نحيلة وأرداف مستديرة بسخاء وهى الموضة التى أجبرت النساء إلى لعب رياضة تساعد على تنحيف الخصر مثل آلة التجديف الثابتة ورقصة الهولا هوب وارتداء أحزمة ومشدات خصر يدخل فى مكوناتها صفائح حديدية.. الماكياج كان دقيقا حد الكمال والشعر مصفف بعناية ودقة والجسم نحيل وأنثوى.
هذه الموضة شجعت المنتجين  المصريين على اختيار نجمات يحملن نفس المواصفات العالمية.
 ∎ الأجناب والشوارد!
ومع الثورة الجنسية فى الستينيات تغيرت المقاييس الأنثوية للجسد بدلا من التعرجات الأنثوية كانت تبدو النساء «هيبى» ملابس مريحة وتسريحات بسيطة مثل الدمية بوجه برىء وأنوثة متفجرة وظهر البيبى دول وهى قمصان النوم الصغيرة لتبدو المرأة مثل الدمية.. دمية للحب وقد حظى البيبى دول بشعبية كبيرة وظهرت الباروكات على استحياء لتبدو المرأة كأنها دمية حقيقية حتى الماكياج المبالغ فيه كان مقصودا به أن تظهر بهذه الصورة عبارة عن تعبير فنى روج خفيف وكحل صارخ ورموش طويلة إلى حد غير مألوف.
 نحيلة وهزيلة
فى السبعينيات هيمنت ملصقات وبوسترات النجمة «فرح فاوست»، على غرف نوم الفتيان فى سن المراهقة، وأصبحت العارضات والنجمات النحيلات الرياضيات يتصدرن مشهد الموضة والسبب هو الترويج للأقمشة الصناعية والبوليستر والإسترتش التى ظهرت بها النجمة صباح وتحتاج إلى امرأة نحيلة جدا بلا شحوم فى جسدها لتبدو رائعة ومناسبة للنساء.. وبدأ الترويج للنساء الطويلات الهزيلات والسيقان الطويلة والأجساد الضامرة والمؤخرات المليئة بالعضلات وكانت مواصفات جسد فرح فاوست وأوليفيا نيوتن جون وفتيات جيمس بوند كن جميعا طويلات ونحيلات وراجت موضة الأحذية ذات الكعوب المبالغ فيها والقمصان البوليستر والبنطلونات الواسعة «أرجل الفيل»، الضيقة من الوسط.
ويرى بعض صناع الموضة أن أزياء السبعينيات كانت سيئة لكن المؤكد أنها أعطت الفرصة للنساء على إبراز أجمل ما فيهن سواء منطقة الصدر أو الوسط أو الأرداف، وكان الروج محددا بدقة والألوان فوق العين جريئة وعاد الشعر مصففا بعناية.
 رياضية وقوية
فى الثمانينيات صارت المرأة التى تمتلك قواما رياضيا هى النموذج وتجسدت هذه الموضة فى صعود العارضة كريستى برينكلى، كاثى أيرلندا وإيمان كما انتشرت ثقافة اللياقة البدنية والغذاء الصحى وممارسة الرياضة وبدأت صالات الألعاب الرياضية ومراكز اللياقة البدنية والجيم فى الظهور  بصورة محمومة وبجنون، لتصبح الصدور الضامرة والجسد المسطح والسيقان القوية والوجوه شبه الخالية من المساحيق لكن الشعر هائش والملابس مثيرة.
 وتبدو المرأه سوبر رقيقة ونحيفة فى التسعينيات، مثل كيت موس  الشاحبة والتى تبدو كأنها تدمن الهيروين أو ما شابه عارضات شديدات النحافة مثل أعواد الكبريت بعيون زائغة وغائرة أصابت كثير من المراهقات بالأمراض وأدى ببعضهن إلى الانتحار بسبب الإحباط والفشل فى الوصول إلى هذه الأوزان غير الطبيعية.
 مثيرة وقوية
فى عام 2000 وبدايات القرن الجديد كان شعار أجساد النساء الجديد مثيرة وقوية، بحيث  تجمع المرأة ما بين قوة العضلات والطلة الأنثوية للجسد وتكون أنيقة ورشيقة ورقيقة وذات شعر بسيط مصفف بطريقة أنثوية ولها ماكياج رقيق أقرب للطبيعى ومحدد بعناية،لكن عضلاتها متماسكة وقوية  يمكنها الدفاع عن نفسها وأن تفاجئك بضربة قوية من يديها التى تعلمت أن تحمل يوميا كيلو من الحديد كى يصبح جسدها مشدودا دائما مع التركيز على أن يكون الصدر مستديرا وكبيرا وبدأت  الاستعانة بعمليات التجميل للوجة بالبوتكس وأكياس الملح والسيليكون لصدر متماسك قوى ومستدير .
 تعاريج ، تعاريج
اليوم فى عالم الانستجرام والفيس بوك أصبحت موضة الجسد الأنثوى تتمثل فى وجود تعاريج وهضاب  واستدارات.. وصارت النساء اليوم بفضل عمليات التجميل المختلفة لديهن الفرصة فى تغيير أى شىء وإجراء تعديلات فى جميع أنحاء أجسادهن عن طريق الليزر والتبريد والتسخين التكبير والتصغير، وصار المجد لطبيب التجميل القادر على تغيير أى شىء.
لكن الشىء الغريب هو عودة موضة المرأة الممتلئة ذات المؤخرة السمينة من جديد مثل كيم كاردشيان الحاصلة على لقب أجمل مؤخرة فى العالم.
الغريب أن المؤخرات السمينة كانت موضع سخرية دائما وكانت المرأة التى لديها مؤخرة ممتلئة تعانى من شعورها بقلة جمالها وسمنتها المفرطة وأن غالبية الملابس التى ترتديها غير لائقة.
جاءت الموضة الجديدة لتعيد المجد لتعاريج الأنوثة والصدر الممتلىء بسخاء والخصر النحيف والمؤخرة المتحركة المكتنزة.
مقاييس الجمال  يحكمها إذا دائما وأبدا المال وأهواء مصممى الأزياء والأحوال السياسية والترويج لأنواع جديدة من الأقمشة أو صبغات الشعر أو لون البشرة وعمليات التجميل.. لا دخل لأحلام حواء ولا رغبتها أن تصير أيقونة جمال فى تحقيقها.. الجمال حاليا يحدد بتميزه يجب أن يكون هناك ما يميز الشخص حتى يعتبر جميلا الشعر الطويل المميز والماكياج الجميل والمحدد لكن التركيز الأكبر على جمال الملامح.
لا دخل إذن للنساء بما يحدث لهن ففى لحظة يتحولن من أيقونات للجمال بحكم الموضة الجديدة إلى موضة قديمة ومن كانت مقاييسها مثالية فى وقت ما تصبح قبيحة وبحاجة إلى التغيير.. والسبب تجارى بحت ومالى وبيزنس بمليارات.
ولا يقتصر الأمر على إنفاق المال فالآباء والأمهات وعلماء النفس يلقون باللوم على صناع الموضة فى انعدام الثقة بالنفس عند المراهقين والإصابة باضطرابات الغذاء البوليميا والأنوركسيا والريجيم القاسى الذى قد يؤدى إلى الوفاة.
أن إلقاء نظرة سريعة إلى الوراء فى المائة عام الماضية نجد أن الموضة هى  اللا موضة وأن الضحايا من النساء هن فى الحقيقة مجرد أدوات لمؤسسات جهنمية تعتبر أجساد النساء مجرد أدوات لترويج سلعهم وتحقيق مكاسب هائلة بالمليارات لا يهم من تموت أو من تتأثر نفسيا من تصدق أو من تكذب المهم أن تتماشى مع الموضة وتدفع ثمن تلك الموضة من مالها وصحتها من أجل حلم الجمال الذى يبدو كومضة ضوء سرعان ما تتسرب وتضيع مع ظهور موجة جديدة من التقاليع والاستعداد لمسايرتها من مالها وصحتها لتدور العجلة الجهنمية من جديد!
لاتلتفتوا إلى صناع الموضة.. لكل أنثى جمالها ليت الرجال يصدقون أن كل امرأة خلقت على الأرض جميلة بنفسها وأن ثقافة القطيع فى الموضة مدمرة.. ولنا فى تاريخ الجمال عبرة وحكايات.∎