الملك وليفربول فى مفترق طـــرق
العبث يضرب الرباط المقدس بينهما
أحمد جلال
لم يكن أحد يتخيّل أن قصة الحب الأطول والأجمل فى تاريخ ليفربول الحديث ستصل إلى هذا المنعطف الخطير.
محمد صلاح، الرجل الذى أعاد هيبة النادى، تحوّل فجأة إلى «المتهم الأول» فى موسم مرتبك، بعد أن عبثت أيادى المدير الفنى آرنى سلوت ومن يلتفون حوله بالرباط المقدس بين الأسطورة والجماهير.
وفى ديسمبر الحالى، وصل الصدام إلى ذروته: تجميد صلاح، استبعاده من المباريات، تحميله مسئولية التراجع… واتهامه بأنه «لم يعد جزءًا من المشروع».
وهنا بدأت الحرب المفتوحة،شرارة سلوت… كيف اشتعلت الأزمة؟
منذ اليوم الأول، بدا أن العلاقة بين آرنى سلوت وصلاح، لا تسير فى الاتجاه الصحيح.، الرجل جاء بعقلية مختلفة عن يورجن كلوب، وبتوجه هجومى يرى أن «المنظومة أهم من النجم».
قرارات صغيرة- دقائق أقل، تحركات جديدة، ثم استبعادات غير مفهومة- فتحت الباب لشرخ نفسى ونفور متبادل.
لكن الشرارة الحقيقية جاءت حين قرر سلوت استبعاد محمد صلاح من ثلاث مباريات متتالية، ثم تفجرت الأزمة عندما تم استبعاده رسميًا من مواجهة إنتر ميلان فى دورى الأبطال- قرار وصفته الصحافة الإنجليزية بأنه «Turning point».
تصريح يهزّ الأرجاء- صلاح يتهم ليفربول بالخيانة
فى مقابلة صريحة، قال صلاح الجملة التى زلزلت أنفيلد: «يبدو أن النادى ألقانى تحت عجلات الحافلة».
ثم أضاف جملة أشعلت وسائل الإعلام العالمية: «لا أعتقد أننى أنا المشكلة… لقد قدّمت الكثير لهذا النادى، وبالمقابل أريد الاحترام الذى أستحقه».. وأكد أن العلاقة بينه ومدربه انتهت فعليًا:
عندها فقط فهم الجميع أن الصدام وصل إلى نقطة اللاعودة.
رد سلوت… محاولة تهدئة أم صبّ للزيت على النار؟
لم يخفِ آرنى سلوت ضيقه من تصريحات النجم المصرى، فبعد استبعاد صلاح من موقعة الإنتر، قال سلوت:
«كنا بحاجة إلى لاعبين مختلفين… دائمًا هناك فرصة للعودة، لكن عندما يتحدث لاعب بهذا الشكل، فعليك اتخاذ قرارات».
تصريح بدا وكأنه محاولة لإظهار الحزم، لكنه زاد الأزمة اشتعالًا.
غرفة الملابس… انقسام صامت
قبل لقاء الإنتر، خرج الحارس البرازيلى أليسون بيكر ليقول:
«استبعاد صلاح نتيجة طبيعية لتصرفاته».
ورغم محاولة أليسون التخفيف بقوله «نحن أصدقاء ونأمل أن يعود»، إلا أن الرسالة كانت واضحة:
هناك انقسام داخل غرفة الملابس.
أما قائد الفريق فيرجيل فان دايك فقال «لا أحد يمتلك رصيدًا غير محدود».
جملة فسّرها الإعلام البريطانى بأنها انتقاد مبطّن لصلاح.
لكن فى المقابل، تسربت تقارير تؤكد أن مجموعة كبيرة من اللاعبين- خاصة الشباب- كانت تتعاطف بشدة مع صلاح، وترى أن “التجميد عقوبة مبالغ فيها”.
الإعلام الإنجليزي… من الهجوم الضارى إلى الدفاع الصريح
جيمى كاراجر- العدو الأول للنجم المصرى، وصف تصريحات صلاح بأنها: «فضيحة».. واتهمه بأنه «يهدم استقرار الفريق».
إيميل هيسكى مهاجم ليفربول السابق أدلى بتصريحات تبدو أقرب إلى الكوميديا السوداء.. قال: «صلاح خدع الجميع لمدة ثمانى سنوات بأهدافه وأرقامه ليخفى مستواه الحقيقى». تصريح أثار موجة سخرية عبر السوشيال ميديا.
رونى وسكولز- العداء التاريخى لنجوم اليونايتد- هاجما صلاح باعتباره «لم يعد بنفس الخطورة»، فى تصريحات رأى كثيرون أنها تأتى من خلفية التنافس القديم.
ماذا تقول الأرقام؟.. هل صلاح هو المشكلة..أم كبش الفداء؟
فى الموسم الماضى (2024–2025):
سجل محمد صلاح 34 هدفًا، وصنع 18 تمريرة حاسمة فى 52 مباراة، وهى أعلى مساهمة هجومية له منذ 2018.. بينما فى هذا الموسم قبل التجميد (2025-2026):سجل 5 أهداف، وصنع 3 فى 19 مباراة ليست أرقامه المثالية، لكنها أفضل من كل أجنحة ليفربول مجتمعين خلال الفترة نفسها.. والأهم: نتائج ليفربول فى غياب صلاح لم تكن أفضل إطلاقًا.. بل على العكس، خسر الفريق نقاطًا أكثر، وسجل أهدافًا أقل، وانخفض معدّل الفرص المتوقعة (بنسبة 22%.
هذا جعل فئة واسعة من المحللين الإنجليز تدعم صلاح، منهم ريو فرديناند الذى قال: «ما يفعله النادى مع صلاح لا يحدث مع أساطير.. ويورجن كلينسمان: «صلاح ليس المشكلة… المشكلة هى المنظومة الجديدة».. وأليكس كروفورد (سكاى سبورتس): «صلاح ضحية إدارة لا تعرف قيمة ما تملك».
«الكان» طوق النجاة
صلاح يدخل كأس أمم إفريقيا 2026- المقامة فى المغرب- وهو فى حالة غضب مكبوت.. بطولة استعصت عليه فى أربع نسخ، خسر فيها نهائيين: 2017 أمام الكاميرون.. و2021 أمام السنغال.
اليوم، كل الأنظار عليه.. فأداؤه فى البطولة قد يحدد مصيره…هل يجبر ليفربول على التراجع؟.. أم يفتح الباب رسميًا لخروجه؟
إلى أين يذهب الملك؟.. السيناريوهات الأربعة المطروحة:
1. البقاء وإجبار سلوت على التراجع
لو تألق فى «كان»، ستكون كلمة الجماهير لصالحه.
2. الانتقال إلى نادٍ إنجليزى آخر
محتمل… لكن حساس جدًا سياسيًا وجماهيريًا.
3. الرحيل إلى أحد الدوريات الكبرى
إيطاليا- إسبانيا- فرنسا- ألمانيا
عروض جاهزة تنتظر قرار صلاح.
4. الدورى السعودى- خيار مفتوح
بعد مانى، محرز، بونو، ميندي…
إغراء مالى، بخلاف مشروع تنافسى يتطور بسرعة.
ويبقى السؤال حائرًا: هل ينتهى عهد صلاح فى ليفربول؟… أم يستعيد الملك عرشه رغم أنف الجميع.







